تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 2918
  • برهوم جرايسي

*14 قانونا ومشروع قانون تستهدف القدس جغرافيا وديمغرافيا، عدا سلسلة قوانين ومشاريع قوانين عقابية، تبدو وكأنها "جنائية" إلا أن في خلفيتها استهداف أهالي القدس، الذين لا تسري عليهم الأحكام العسكرية*

من المنتظر أن يسارع الائتلاف الحاكم برئاسة بنيامين نتنياهو، إلى سن سلسلة قوانين تتعلق بالقدس جغرافيا وديمغرافيا، أو أنها تستهدف بشكل مباشر أو غير مباشر أهالي القدس، وحركة المقاومة الشعبية؛ عدا القوانين العقابية التي أقرها الكنيست في دورته الحالية التي في خلفيتها أهالي القدس. إذ يرى نتنياهو وفريقه، أن اعتراف دونالد ترامب، بالقدس عاصمة للاحتلال، بمثابة ضوء أخضر لتنفيذ مشاريع كانت رهن التجميد بسبب اعتراضات أميركية عليها. وما من شك، أن الفيتو الأميركي مساء يوم 18 كانون الأول الجاري، على مشروع قرار عربي بشأن القدس في مجلس الأمن، سيعزز توجهات حكومات نتنياهو؛ ويضاف اليه، الاستراتيجية الجديدة للإدارة الأميركية، التي تزعم أن إسرائيل ليست سببا في الصراع الشرق أوسطي.

 

وحسب مشروع رصد القوانين العنصرية والداعمة للاحتلال والاستيطان، في مركز "مدار"، فإنه في الولاية البرلمانية الـ 20 الحالية، تم ادراج 14 قانونا تستهدف القدس بشكل مباشر، من الناحية الجغرافية والديمغرافية، اضافة إلى سلسلة قوانين ومشاريع قوانين، في خلفيتها أهالي القدس والأماكن المقدسة، وحركة المقاومة الشعبية فيها، لكون أهالي القدس لا تسري عليهم الأحكام العسكرية، القائمة في باقي المناطق الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967.

ومن المفترض أن تصوت الهيئة العامة للكنيست، في الأسبوع المقبل، أو الذي يليه، بالقراءة النهائية، على قانون يقضي بأنه لا يجوز تغيير قانون القدس، الذي يشمل أيضا تحديد منطقة النفوذ، ومسألة ما يسمى "السيادة الإسرائيلية" فيها، إلا بموافقة 80 عضو كنيست على الأقل، من أصل 120 نائبا، بمعنى أغلبية عددية مستحيلة، في ظل الوضع السياسي القائم.
إلا أن الحكومة أدخلت تعديلا على مشروع القانون، ويقضي بأنه من الممكن الغاء القانون كليا، بأغلبية 61 نائبا. والقصد من هذا البند، هو أن يكون بقدرة الحكومة لاحقا، سن قانون يقضي بتغيير منطقة نفوذ المدينة، لسلخ أحياء فلسطينية ضخمة كليا عن المدينة، بما يشمل عشرات آلاف الفلسطينيين.

وفي هذا المجال، هناك 4 مشاريع قوانين؛ 3 قوانين من الائتلاف الحاكم، والرابع من كتلة "المعسكر الصهيوني" المعارضة، وهي قوانين تسعى إلى تغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي، إذ إن قانونين يقضيان بضم مستوطنات ضخمة في محيط القدس، إلى المدينة، على أن يكون لكل مستوطنة مجلس بلدي، تابع لبلدية الاحتلال. بينما ينص قانونان آخران، على فصل أحياء ضخمة خاصة في شمال المدينة وشرقها، عن مركز المدينة، وضمها للسلطة.
وقد واجهت مسألة فصل أحياء فلسطينية، في البداية، تحفظا من نواب وكتل المستوطنين، لما في هذا من انسحاب من المدينة، بموجب رؤيتهم، إلا أنه كما يبدو فإن هذا التحفظ تراجع، ولا يظهر أنه سيكون عائقا في حال صادقت الحكومة على طرحه للتصويت في الهيئة العامة.

ويجري الحديث أساسا عن ضم المستوطنات التالية: مستوطنة بيتار عيليت، الجاثمة غربي مدينة بيت لحم، وتضم أكثر من 61 ألف مستوطن، وفق تقديرات للعام 2017، مبنية على أساس تقرير دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية لنهاية العام 2014.
ومستوطنة معاليه أدوميم، الجاثمة على أراضي العيزرية وشرق مدينة القدس، وتصل أطراف منطقة نفوذها إلى مشارف البحر الميت، وتضم أكثر من 56 ألف مستوطن، استنادا لذات التقديرات.

ومستوطنة غفعات زئيف، الجاثمة في شمال القدس المحتلة، وتضم حوالي 26 ألف مستوطن، بتقديرات للعام 2017، اعتمادا على احصائيات 2014.

والتكتل الاستيطاني "غوش عتسيون"، الجاثم غربي بيت لحم، ويضم قرابة 24 ألف مستوطن، استنادا لذات التقديرات.
ومستوطنة أفرات القريبة من التكتل الاستيطاني غوش عتسيون، وتضم ما يزيد عن 2000 مستوطن، وفق التقديرات السابق ذكرها هنا.

أما الأحياء والضواحي المستهدف، بفصلها كليا عن المدينة، فهي تضم حاليا ما بين 120 ألفا إلى 140 الف مقدسي، والهدف المعلن على ألسنة قادة الحكومة، تقليص أعداد الفلسطينيين المسجلين في مدينة القدس إلى 80 ألفا، بدلا من 320 ألفا، حسب التقديرات، في هذه الأيام. ويجري الحديث عن فلسطينيين في أربع ضواح باتت خلف جدار الاحتلال في المدينة، وهي كفر عقب وقلنديا وسميراميس ومخيم شعفاط.

كذلك رصدنا في مشروع رصد القوانين العنصرية والداعمة للاحتلال والاستيطان، 5 قوانين "عقابية"، تقضي بسحب بطاقات الاقامة، التي يفرضها الاحتلال على المقدسيين، بفعل قانون الضم والاحتلال. 3 قوانين تقضي بسحب البطاقة من عائلات المقاتلين الفلسطينيين، أسرى وشهداء، نفذوا عمليات. وقانونان آخران، يسحبان بطاقة مقيم فورا من المقاتلين الأسرى من أهالي القدس. كما مُدرج مشروع قانون يوسع الأسباب التي تجيز لوزير الداخلية في الحكومة سحب الاقامة، من كل مقدسي لديه جنسية من دولة تعتبرها إسرائيل معادية.

قوانين في خلفيتها القدس وأهلها ومقدساتها
وهذا إلى جانب سلسلة من القوانين العقابية، أو مشاريع القوانين العقابية التي ما تزال مُدرجة، تظهر وكأنها جنائية عامة، إلا أن في خلفيتها كان استهداف فلسطينيي القدس على وجه التحديد، ولكنها ستشمل أيضا فلسطينيي الداخل. والسبب وراء سن هذه القوانين، هو قانون الضم الاحتلالي للمدينة منذ العام 1967. ما يعني أن الأحكام العسكرية لا تطالهم، بل أن ما يسري عليهم قوانين ما يسمى "السيادة الإسرائيلية".

ومن أبرز هذه القوانين، كانت قوانين تشديد العقوبات على القاء الحجارة، إذ إن وتيرة المواجهات مع قوات الاحتلال، أعلى بما لا يقاس عن باقي مناطق فلسطينيي 48، لذا فإن السعي لتشديد هذه القوانين، استهدف المقدسيين.

وكذا بالنسبة للقانون الذي تم اقراره كليا، ويقضي بتخفيض سن المثول أمام المحاكم الجنائية، إلى ما دون سن 14 عاما، و"منح" المحاكم صلاحية فرض عقوبة السجن على أطفال، ليبقوا ضمن ما يسمى "مؤسسات مغلقة"، إلى أن يصلوا إلى السن الذي يجيز نقلهم إلى ما يسمى "مراكز" "اصلاح"، ومن ثم إلى السجن العام، مع بلوغهم سن 18 عاما. ويضاف له قانون أقر هو أيضا بالقراءة النهائية، الذي يفرض غرامات مالية، لعائلات عن أطفالها الصغار في حال القوا الحجارة.

وتم في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، طرح أربعة مشاريع قوانين تستهدف جثامين الشهداء المقاتلين: اثنان بهدف قوننة شروط "الأجهزة الأمنية" على شكل دفن الشهداء، مثل عدم اجراء جنازات اطلاقا، والدفن مباشرة بعد التسليم بمشاركة بضعة افراد فقط. وقانونان آخران، يمنعان تسليم الجثامين كليا، ويتم دفنها فورا في "مقبرة قتلى العدو". وأيضا في هذه الحالة، فإن الهدف الأساس هم فلسطينيو القدس الذين لا تسري عليهم الأحكام العسكرية.

ويشار هنا، إلى أن الجمهور الأكثر تضررا من قانون منع لم شمل العائلات، المؤقت الذي يتم تمديده سنويا منذ العام 2003، هم المقدسيون. فهذا القانون يمنع لم شمل العائلات التي أحد الوالدين فيها من الضفة وقطاع غزة. ونسبة العائلات هذه هي أعلى بكثير بين المقدسيين، مقارنة مع عائلات فلسطينيي الداخل.

كذلك، فإن القانون الذي يهدف إلى اسكات الآذان وأجراس الكنائس، فإن المنطقة الأكثر استهدافا هي مدينة القدس. فحسب هذا القانون، الذي أقر بالقراءة التمهيدية، وما زال في مرحلة ما قبل القراءة الأولى، فإنه يحق للمجلس البلدي أن يقر قانونا بلديا، يجيز الآذان في الساعات التي يحظرها القانون، ولكن على أن لا يخرج هذا عن نطاق البلدة. وفي حالة القدس، فإنه ليس متوقعا من بلدية الاحتلال التي يسيطر عليها المستوطنون، ان تسن قانونا يلتف على القانون الذي بادر له المستوطنون أنفسهم، وكان المستهدف الاساس منه، المسجد الاقصى المبارك، ومساجد القدس عامة، لكونها في الأحياء الفلسطينية المحاصرة بالأحياء الاستيطانية.

ويضاف إلى هذا، مشروع قانون يتيح لكل شخص أن يؤدي شعائره الدينية في كل مكان، يشعر بالانتماء اليه. وهذه العبارة التي تبدو وكأنها فضفاضة، جاءت بهدف واحد ووحيد، هو فرض قاعدة "قانونية إسرائيلية"، تجيز صلاة اليهود في الحرم القدسي الشريف، تحت ذريعة "الشعور بالانتماء للمكان".

القدس المستهدفة

عمليا فإن سلسلة القوانين التي نعرضها هنا، جاءت لتستكمل السياسات على الأرض، التي تهدف إلى اطباق السيطرة على المدينة، وفي جوهر الهدف: "اقل ما يمكن من العرب، على أقل ما يمكن من الأرض". وهو ذات جوهر السياسية الإسرائيلية في التعامل مع فلسطينيي الداخل منذ النكبة وحتى يومنا هذا. ويضاف إلى هذا، أساس آخر، وبنفس القدر، وهو اختلاق هوية جديدة للقدس، بعد سنوات.

لقد علّمت تجارب السنين، أن الفكرة السياسية، أو مشروع القانون الذي يبدو وكأنه هاذيا، لدى طرحه، فإنه يصبح واقعا بعد سنوات، مع استفحال التطرف العنصري. ونموذج لهذا، هو قانون الأذان، الذي تم طرحه لأول مرة، في العام 2011، وتقريبا لم يكن من يؤيده في تلك الأيام، سوى الحزب المبادر، "يسرائيل بيتينو" وشخص رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بينما بات محط أغلبية حاسمة في الكنيست، في الولاية الـ 20 القائمة، بمعنى بعد مرور ست سنوات فقط، من يوم طرحه لأول مرّة.