المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • مقالات مترجمة
  • 904

كتب: محمد دراغمة
بعد وصول شارون إلى الحكم في ولايته الأولى عام 2001 ، شرع الجيش الإسرائيلي في سلسلة مصادرات للأراضي على امتداد القاطع الغربي لـ "لخط الأخضر" بلغت مساحتها زهاء المائة ألف دونم، منها 69 ألف دونم من أراضي قرى محافظة جنين لوحدها.

 

وما هي إلا شهور معدودة حتى تبين أن الغرض من مصادرة هذه المساحات الواسعة هو إقامة جدار أمني فاصل بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية، ليشكل فيما بدا، بداية لتطبيق مشروع شارون الاستيطاني التاريخي.

ويقوم المشروع المذكور على ضم حزام أمني غربي على طول "الخط الأخضر"، وآخر شرقي على طول الحدود مع الأردن.

ويقول خليل توفكجي الخبير في شؤون الاستيطان بأن عمق الحزام الأمني الغربي يتراوح بين 3-15 كيلومتر، أما عمق الحزام الشرقي فيمتد من السفوح الشرقية للجبال الشرقية المطلة على الغور وحتى النهر.

والمنطقة الأخيرة مغلقة عسكرياً منذ سنوات الاحتلال الأولى، ويتعرض سكانها لقيود وإجراءات عسكرية صارمة، يمنعون بموجبها من البناء ومن استخدام المراعي. وقد بلور شارون خطته هذه عندما تولى وزارتي الإسكان والدفاع في حكومات حزب الليكود.

ويقول توفكجي، بأن شارون <<هو السياسي الوحيد في إسرائيل الذي لديه خريطة للتوسع الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية>>، جازماً أن الجيش الإسرائيلي بدأ منذ العام الماضي بتطبيق هذه الخريطة على الأرض.

وقد شهدت إسرائيل جدلاً واسعاً حول هذا الجدار.

ففي حين لقي لمشروع ترحيباً في الأحزاب الرئيسية مثل "الليكود" و "العمل"، فإنه واجه اعتراضات من المستوطنين وأحزاب اليمين الفاشي والمتطرف، التي رأت فيه ترسيماً غير مقبول للحدود الإسرائيلية النهائية مع مناطق السياة الوطنية الفلسطينية.

وتنطلق بعض هذه الأحزاب في معارضتها للجدار من اعتبارها الأراضي الفلسطينية المحتلة جزءاً من ما تطلق عليه اسم <<أرض إسرائيل الكاملة>>.

وتمخض الجدال في أوساط المستوطنين ومؤسساتهم عن تقديم مشروع لجدار بديل يؤدي تطبيقه إلى نقل الحدود الإسرائيلية إلى مشارف جميع مدن الضفة دون استثناء.

ويبدي شارون حرصاً على التشاور مع مجلس المستوطنات <<يشع>> بشأن كل ما يتعلق بالجدار، وكلف خلال حكومة الوحدة الوطنية مع العمل الوزير عوزي لنداوي للتحاور معهم في ذلك.

ويبين مشروع الجدار الجديد الذي قدمه المستوطنون إلى وزير الدفاع شاؤول موفاز أن قرى وبلدات فلسطينية جديدة يقطنها حوالي 110 آلاف مواطن ستبقى خلف الجدار، حسبما ذكرت صحيفة "هآرتس" مؤخراً، علماً أن جدار شارون يحتجز خلفه تجمعات عديدة أخرى يقطنها آلاف المواطنين.

وحسب هذا المشروع المنشور فإن الجدار سيضم الكتل الاستيطانية الرئيسية الواقعة في مناطق جنوب غرب نابلس والقدس ورام الله وبيت لحم والخليل، ولا يبقي خلفه سوى مجموعات متناثرة وغير هامة من المستوطنات.

ويستغل قادة المستوطنين في خطتهم هذه ما يسمى بالإجماع الوطني الإسرائيلي بشأن إبقاء الكتل الاستيطانية مثل تحت السيادة الإسرائيلية في أي اتفاقيات سياسية قادمة.

وكانت حكومة براك عرضت على الفلسطينيين في مفاوضات كامب ديفد في تموز عام 200 تفكيك 68 مستوطنة في الضفة جميعها تقع خارج الكتل الاستيطانية المذكورة.

وقد باتت الكتل الاستيطانية في السنوات الأخيرة تشكل امتداداً لمدن إسرائيلية كبيرة مثل القدس الغربية وتل أبيب.

وتحولت بعضها إلى مناطق استثمارات صناعية ضخمة تحظى بامتيازات حكومية عديدة مثل المناطق الصناعية القائمة في "كتلة ارئيل" جنوب غرب نابلس والمناطق الصناعية في كتلة مستوطنات القدس.

وأدت القيود الصارمة المفروضة على مختلف أنواع الأنشطة العمرانية والاقتصادية للفلسطينيين في هذه المناطق، إلى ضمور وانكماش مختلف التجمعات الفلسطينية، وتوسع ونمو مختلف المستوطنات.

وتشكل منطقة جنوب غرب نابلس التي تضم لواء سلفيت ومجموعة من قرى محافظات قلقيلية ونابلس وطولكرم نموذجاً حياً لهذا المشهد الصارخ في تناقض صورتيه.

فقد توسعت مستوطنات هذا الشريط الذي يطلق عليه اسم "شريط أرئيل"، نسبة إلى كبرى مستوطناته، حتى بات عدد مستوطنيها يفوق عدد سكان القرى والبلدات العربية. وعقب اندلاع الانتفاضة عزلت السلطات جميع القرى والبلدات في هذه المنطقة وأغلقت منافذها، ليبقى فضائها مفتوحاً للمستوطنين.

وحسب معطيات وزارة الداخلية الإسرائيلية فقد ارتفع عدد المستوطنين في العام الأخير بنسبة 5.8%.

وجاء في هذه المعطيات التي نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤخراً أن معظم الزيادة كانت في مراكز استيطانية كبيرة مثل "موديعين" و "بيتار" و "كوخاف يعقوب" و "مجلس الشومرون" وغيرها.

وبينت أن المتدينين شكلوا نصف المستوطنين الجدد.

ويراهن قادة المستوطنين على أن يصبح مشروعهم حقيقة واقعة في السنوات وربما في العقود القادمة، شأنه في ذلك شأن المشروع الاستيطاني بمجمله.

ويفتح الجدار الفاصل بشكله الحالي الطريق أمام شارون لتطبيق مشروعه الشهير <<النجوم>> الذي يقضي بشطب "الخط الأخضر" عبر إغراقه بالمستوطنات.

وقد أقيمت العديد من المستوطنات على هذا الخط عندما كان شارون وزيراً للإسكان والدفاع مثل مستوطنات <<شوهام و إلعاد و ادمليد و موديعين>> وغيرها.

وكانت الحكومة الإسرائيلية شرعت في إقامة المرحلة الأولى من الجدار في حزيران الماضي.

وتشمل هذه المرحلة 110 كيلومترات تمتد من قرية سالم قرب مدينة جنين في الشمال وحتى مدينة كفر قاسم في المثلث الجنوبي.

وتشمل هذه المرحلة أيضاً إقامة سياج حول مدينة القدس.

ومن المقرر أن يستكمل إنشاء الجدار في مرحلة ثانية لاحقة بطول 260 كيلومتر.

وحسب إعلان الحكومة فإن تكلفة إقامة الكيلومتر الواحد من هذا الجدار تبلغ مليون شيكل. وباشر مجلس مستوطنات الجلبوع بإقامة جدار مماثل يمتد من الشمال باتجاه الشرق بعد أن جمع له تمويلاً من اليهود في الخارج.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات