ترددت أنباء في إسرائيل، في الآونة الأخيرة، تفيد أن حكومة بنيامين نتنياهو تعتزم القيام بحملة في الكونغرس الأميركي، وإقناع أكبر عدد ممكن من أعضائه بعدم تأييد اتفاق محتمل تتوصل إليه الدول الكبرى وإيران حول البرنامج النووي للأخيرة.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أمس الاثنين، إن إسرائيل ستعمل من أجل إحباط إقرار الكونغرس لهذا الاتفاق، وسط تقديرات إسرائيلية بأن هذا الاتفاق بات "حقيقة ناجزة".
وتأتي هذه الحملة الإسرائيلية في وقت يستمر فيه التوتر والأزمة في العلاقات بين نتنياهو والرئيس الأميركي، باراك أوباما. وقد دخل مؤخرا إلى خط التوتر هذا السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن وعضو الكنيست الحالي عن حزب "كولانو"، مايكل أورن، الذي نشر سلسلة مقالات في صحف أميركية، بادعاء تسويق كتاب من تأليفه صدر حديثا في الولايات المتحدة حول فترة توليه منصب السفير في واشنطن. لكن أورن شن في هذه المقالات هجوما شديدا ضد أوباما واعتبر أنه يعاني من عقدة لأن والده مسلم.
وفي غضون ذلك، فشل نتنياهو في تمرير خطة حكومية يرسخ من خلالها احتكار الغاز بأيدي شركتي "ديلك" الإسرائيلية و"نوبل إنرجي" الأميركية، لعدة سنوات، بعدما فشل في تجنيد أغلبية بين أعضاء الكنيست لتأييد هذه الخطة. واللافت أن نتنياهو لم يتمكن حتى من تجنيد جميع أعضاء الكنيست من الائتلاف الحاكم.
حول هذه المواضيع أجرى "المشهد الإسرائيلي" مقابلة خاصة مع المحلل السياسي في موقع "ألمونيتور" الالكتروني والخبير في العلاقات الأميركية – الإسرائيلية، عكيفا إلدار.
(*) "المشهد الإسرائيلي": ترددت أنباء عن أن إسرائيل ستحاول إحباط إقرار الاتفاق بين الدول الكبرى وإيران في الكونغرس. هل بمقدورها أن تفعل ذلك؟
إلدار: "في حال التوصل إلى اتفاق بين الدول الكبرى وإيران، فإنه يجب طرحه على الكونغرس، بموجب قانون تم سنه مؤخرا، والحصول على مصادقة الكونغرس، إذ مرر الأخير قرارا، بعد خطاب نتنياهو أمام مجلسي الشيوخ والنواب، في آذار الماضي، يقضي بأنه يجب مصادقة الكونغرس على الاتفاق مع إيران قبل توقيعه. ورغم أنه لا توجد للكونغرس صلاحيات في القضايا الخارجية، إلا أن بحوزته أدوات يتمكن من خلالها من معاقبة الرئيس باراك أوباما. والرئيس يأخذ ذلك بالحسبان. ولذلك فإن الإدارة في واشنطن تعمل طوال الوقت مقابل الإيرانيين وشركائها، وهم الدول الخمس الكبرى الأخرى، وكذلك مقابل الرأي العام الأميركي. من جهة ثانية، فإن الجميع في الولايات المتحدة يفكرون في هذه الأثناء بأمر واحد، وهو الانتخابات المقبلة. وقد صرحت مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة، هيلاري كلينتون، مؤخرا، أن إيران تشكل تهديدا وجوديا على إسرائيل حتى لو تم التوقيع على اتفاق نووي معها. وهذا يعني أنه حتى الحزب الديمقراطي مهتم بإسرائيل، وأن على الرئيس إقناع أعضاء حزبه أيضا، الذين يفكرون بالانتخابات، خاصة وأنه ستجري انتخابات للكونغرس في تشرين الثاني المقبل. لذلك ينبغي أخذ كل هذه الأمور بالحسبان".
(*) كيف تصف العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل اليوم؟
إلدار: "ثمة مستويان من العلاقات: أولاً العلاقات مع رئيس الحكومة، وهو الذي يقرر في السياسة تجاه الولايات المتحدة، ويمكن وصفها بأنها انعدام ثقة مطلق. والأمر نفسه بالنسبة لنتنياهو، الذي يرى بأوباما أنه مسلم ولا يكترث بإسرائيل، وهذا في أسوأ الأحوال، بينما في أفضلها فإن نتنياهو يعتقد أن أوباما يفتقر للخبرة وساذج ولا يفهم الشرق الأوسط، وأنه كارثة بالنسبة لدولة إسرائيل. وإذا قرأت المقالات التي نشرها مؤخرا مايكل أورن، فقد قال في أحدها أنه توجد لدى أوباما عقدة لأن والدته مسيحية ووالده مسلم. ونتنياهو رفض التنديد بما كتبه أورن، وذلك لأنه يفكر مثله تماما. من الجهة الأخرى، فإن وضع العلاقات بين المستويات المهنية في كل من الجانبين، وخاصة الأمنية، مختلف. ففي هذه المستويات يتحدثون بصورة مختلفة، وهم يتحدثون عن الفلسطينيين واحتمالات تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين، في الضفة الغربية وفي قطاع غزة أيضا، وأن هذه مصلحة أمنية لإسرائيل. وهذا يعني أنه في حال تغير الحكم في إسرائيل، وتشكلت حكومة متزنة أكثر، لن تكون هناك مشكلة لدى المستوى المهني في وزارتي الدفاع والخارجية بالعمل مع المستويات المهنية الموازية في الولايات المتحدة. أي أن العلاقات في هذا المستوى لا تتأثر بهوية الرئيس الأميركي ورئيس الحكومة الإسرائيلية. وهناك تعاون استخباري وثيق بين الجانبين حول ما يحدث في الشرق الأوسط".
(*) بالنسبة لمايكل أورن، فقد قال في مقابلة معه مؤخرا، حول مقالاته التي هاجم فيها أوباما، إن الرئيس الأميركي فاجأ إسرائيل في خطاب القاهرة، العام 2009، عندما ربط بين تأسيس إسرائيل والمحرقة وليس بين تأسيس إسرائيل و"الجذور اليهودية" في البلاد. هل هذا كان سببا جعله يهاجم أوباما بهذا الشكل؟
إلدار: "هذا الإدعاء قيل في حينه، وهو ليس أمرا جديدا. وفي الوقت نفسه بالإمكان الإشارة إلى مناسبات كثيرة ربط فيها نتنياهو ذاته بين دولة إسرائيل والمحرقة. لكن مايكل أورن تجاوز كافة المعايير الدبلوماسية، خاصة وأنه كان سفيرا لإسرائيل خلال فترة إدارة أوباما. وما فعله أورن هو أمر غير مسبوق. من جهة ثانية، فإن هناك عددا كبيرا من المؤرخين الذين يعتقدون أن دولة إسرائيل ما كانت ستقوم، والأمم المتحدة ما كانت ستقر القرار 181 (قرار تقسيم فلسطين) من دون المحرقة ومن دون وجود الشعور بالذنب. وبإمكاني أن أوجهك إلى كتاب من تأليف عيديت زرطال، شريكتي في تأليف كتاب حول المستوطنين، وتطلق على العلاقة بين قيام إسرائيل والمحرقة تسمية ’الحب والموت’. وتتحدث في كتابها عن كيفية استغلال الحركة الصهيونية للمحرقة من أجل تحويل اليهود إلى أمة. لذلك فإن هناك إجماعا واسعا بين المؤرخين، الإسرائيليين واليهود، على أن الكيان الإسرائيلي في هذه البلاد مرتبط بشكل وثيق بحدوث المحرقة. وأوباما لم يخترع هذا الأمر في خطاب القاهرة".
(*) هل الأزمة في العلاقات بين نتنياهو وأوباما تؤثر على العلاقات بين إسرائيل ويهود الولايات المتحدة؟
إلدار: "بكل تأكيد. فقد صدر مؤخرا تقرير أعده (الدبلوماسي الأميركي اليهودي) دنيس روس، ويتحدث فيه عن هذا التوتر بين نتنياهو وأوباما، حول إيران وأيضا حول الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، ويستخدم عبارة أن اليهود الأميركيين موجودون جراء هذا التوتر ’بين المطرقة والسندان’، وأنهم يتخوفون من الولاء المزدوج، لأميركا وإسرائيل. وهذا الوضع كان موجودا دائما، ومثال على ذلك قضية جونثان بولارد. وفي مقابل ادعاء إسرائيل بأنها حامية اليهود وملجأ لهم، فإنه في المقابل هناك ادعاء أن العداء للسامية في أوروبا يستغل الاحتلال والمستوطنات من أجل المس باليهود. أي أن هذا الوضع ليس موجودا في الولايات المتحدة فقط، وكل هذا الأمر يبدأ من استمرار الصراع والاستيطان وانتهاك حقوق الإنسان. ويهود الولايات المتحدة ليبراليون جدا، وأكثر من 70% منهم يؤيدون الديمقراطيين، وهناك أقلية تتضامن مع إسرائيل في مواضيع أخرى".
(*) هل سيكون هناك تأثير على نتنياهو وحكمه في أعقاب فشله في إقرار الخطة الحكومية لموضوع احتكار الغاز في الكنيست وعدم تمكنه من تجنيد أغلبية مؤيدة لهذه الخطة؟
إلدار: "أعتقد أن هذا الأمر كان مؤشرا إلى أن هذه الحكومة لن تصمد لوقت طويل، مثلما قال (رئيس حزب "يسرائيل بيتينو") أفيغدور ليبرمان قبل عدة أيام. وموضوع الغاز هو لبنة هامة تسقط من هذا السور الذي يسمى الائتلاف".
المصطلحات المستخدمة:
الصهيونية, يديعوت أحرونوت, باراك, الكنيست, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو, أفيغدور ليبرمان