المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
بن غفير. (إ.ب.أ)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 35
  • وليد حباس

أعلن وزير الأمن القومي وزعيم حزب "عوتسما يهوديت" (قوة يهودية) إيتمار بن غفير، انسحابه من الائتلاف الحكومي الإسرائيلي بسبب صفقة تبادل الأسرى مع حماس. ووصف بن غفير الصفقة بأنها "خضوع لحماس"، معتبراً أنها تتضمن إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين وإنهاء العمليات العسكرية.

ومع ذلك، أعرب عن استعداده للعودة إلى الحكومة إذا ما استؤنفت الحرب بهدف حسم النزاع.

خلال عامين من عمر الائتلاف الحاكم، شارك حزب بن غفير في السلطة عبر ثلاثة وزراء، نائب وزير، ورئاسة لجنتين في الكنيست.

تسلط هذه المقالة الضوء على مسيرة الحزب الأكثر تطرفاً في المشهد السياسي الإسرائيلي خلال العامين الماضيين.

حزب "عوتسما يهوديت": بروفايل سياسي

حزب "عوتسما يهوديت" هو حزب سياسي إسرائيلي ينتمي إلى التيار اليميني المتطرف، تأسس العام 2003 على يد باروخ مارزل، الذي كان سابقاً رئيساً لحزب "كاخ" المحظور، الذي تم تصنيفه كمنظمة إرهابية في العام 1994. جاء تأسيس الحزب في إطار محاولات مارزل وأنصاره إحياءَ نهج حزب "كاخ" عبر قنوات قانونية وسياسية جديدة، وذلك لتوسيع نفوذ اليمين المتطرف داخل السياسة الإسرائيلية.

يرتكز الحزب في أيديولوجيته على القومية اليهودية المتطرفة، حيث يدعو إلى ما يلي:

  • فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة، وتحقيق ما يُعرف بمشروع "إسرائيل الكبرى".
  • دمج القوانين الدينية اليهودية في النظام القانوني الإسرائيلي، وتعزيز الطابع اليهودي للدولة من خلال سياسات تركز على الهوية الدينية والتعليم التقليدي.
  • يروج الحزب لفكرة تهجير الفلسطينيين من أراضيهم كوسيلة لتحقيق "سلام دائم"، ويطالب بفرض عقوبة الإعدام على الفلسطينيين المتهمين بتنفيذ عمليات ضد الإسرائيليين.

من الناحية السياسية، شارك الحزب في الانتخابات الإسرائيلية عدة مرات منذ تأسيسه، سواء كقائمة مستقلة أو كجزء من تحالفات مع أحزاب يمينية أخرى. وبرغم إخفاقه في تجاوز نسبة الحسم في بداياته، فإنه استطاع في السنوات الأخيرة أن يعزز حضوره السياسي من خلال التحالف مع حزب "الصهيونية الدينية"، مما أدى إلى حصوله على 6 مقاعد في الكنيست. وتحت قيادة إيتمار بن غفير، حقق الحزب إنجازات انتخابية بارزة، حيث أصبح بن غفير شخصية مثيرة للجدل داخل إسرائيل وخارجه بسبب مواقفه المتطرفة وخطابه التحريضي.

يمثل حزب "عوتسما يهوديت" وجهاً صريحاً للتيار اليميني القومي الديني المتطرف في إسرائيل، ويثير برنامجه السياسي وإجراءاته المقترحة انتقادات واسعة النطاق من قبل منظمات حقوق الإنسان والعديد من الأطراف الدولية. يعتبر الحزب في نظر منتقديه تهديداً للسلام في المنطقة بسبب سياساته التي تعزز الاستيطان والتمييز العرقي وتقوض أي فرص لحل عادل للقضية الفلسطينية. ومع ذلك، يستمر الحزب في جذب الدعم من قاعدة يمينية متشددة ترى في سياساته تعبيراً عن "حق الشعب اليهودي" في الأرض والمقدسات.

حزب "عوتسما يهوديت"/ كاخ في السلطة: من كان يتوقع ذلك؟

في 29 كانون الأول 2022، وقّع حزب "عوتسما يهوديت" (6 مقاعد) اتفاقا إئتلافيا مع حزب الليكود (33 مقعداً) لدخول الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الأكثر تطرفاً وعنصرية منذ تأسيس دولة إسرائيل (في حينها، استند إلى 64 مقعداً). منح الاتفاق "عوتسما يهوديت"، الذي يمتلك ستة مقاعد برلمانية، ثلاثة مناصب وزارية، بالإضافة إلى رئيسي لجنتين ونائب وزير، وهو ما يعادل منصباً لكل مقعد.

إيتمار بن غفير

وزير الأمن القومي (الشرطة والسجون والميليشيات القومية)

أجرى إصلاحات مثيرة للجدل في الشرطة، خصوصاً تسهيل حيازة الأسلحة الشخصية، فرض سياسات غير مسبوقة في التعامل مع الأسرى الفلسطينيين.

إسحق فاسرلاوف

وزير النقب والجليل

دعم سياسات تهدف إلى "تهويد" المناطق ذات الأغلبية العربية من خلال تشجيع هجرة اليهود وتطوير مشاريع حصرية.

عميحاي إلياهو

وزير التراث

أعلن عن شروع حكومة إسرائيل بتسجيل حوالى 3500 موقع أثري يهودي في الضفة الغربية، ودعا إلى إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة في أثناء الحرب. 

ألموغ كوهن

عضو كنيست ونائب وزير في مكتب رئيس الحكومة

دعم سياسات الاستيطان والعقوبات الجماعية ضد الفلسطينيين، ويبادر إلى تشريعات مثيرة للجدل كقانون "طرد عائلات منفذي العمليات".

تسفيكا فوغل

رئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست

 صرّح بأن أعمال الإرهاب التي نفذها المستوطنون في حوارة، والتي شملت إحراق منازل ومركبات فلسطينية، قد "خلقت تأثيراً رادعاً". ووصف الأحداث بأنها إيجابية من وجهة نظره. دعم سياسات صارمة ضد الفلسطينيين، بما في ذلك استخدام القوة المفرطة كوسيلة للردع.

ليمور سون هار ميلخ

رئيسة اللجنة الخاصة لصندوق مواطني إسرائيل

دعمت المدان بقتل عائلة دوابشة، وقادت مشروع إلغاء قانون فك الارتباط في شمال الضفة الغربية. نشطت في تعزيز الاستيطان وتشديد العقوبات على المناضلين الفلسطينيين.

بموجب الاتفاق الائتلافي، يشغل بن غفير منصب وزير الأمن القومي، مع توسيع صلاحيات الوزارة التي ستشمل الشرطة وحرس الحدود وأجهزة أخرى، وسيكون أيضاً عضواً في المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت). كما حصل الحزب على وزارة التراث ونيابة وزارة الاقتصاد ورئاسة لجنتين برلمانيتين. شمل الاتفاق أيضاً التزامات من الليكود بتنظيم المستوطنات غير القانونية مثل "حومش" و"أفيتار"، وتوسيع "قانون درومي" الذي يسمح بإطلاق النار على سارقي الأسلحة. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تخصيص ملياري شيكل سنوياً لتطوير النقب والجليل ضمن وزارة جديدة تحمل اسم "وزارة تطوير النقب والجليل والصمود الوطني".

بين الأعوام 2022 و2025، شهد حزب "عوتسما يهوديت" بقيادة إيتمار بن غفير تطورات سياسية ملحوظة أثرت على الساحة السياسية الإسرائيلية. خلال هذه الفترة، سعى الحزب إلى تعزيز السياسات اليمينية المتطرفة، بما في ذلك تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية وتوسيع صلاحيات الشرطة. كما لعب دوراً حاسماً في تمرير تشريعات تتماشى مع أيديولوجيته، مثل قوانين تعزز الهوية اليهودية للدولة وتقلص من صلاحيات السلطة القضائية.

على الرغم من هذه الإنجازات، واجه الحزب تحديات داخل الائتلاف. في كانون الأول 2024، صوت أعضاء "عوتسما يهوديت" ضد ميزانية الدولة للعام 2025 في القراءة الأولى، احتجاجاً على عدم طرح إقالة المستشارة القانونية للحكومة. هذا الموقف أدى إلى توترات مع شركاء الائتلاف، خاصة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي وصف تصرفات بن غفير بأنها "لعب سياسي يهدد استقرار الحكومة".

في كانون الثاني 2025، أعلن بن غفير انسحابه من الائتلاف الحاكم إذا وافقت الحكومة على اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حماس، معتبراً أن هذه الخطوة "متهورة" وتضر بأمن إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، أشارت تقارير إلى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يعمل على خطة تهدف إلى تقليص نفوذ بن غفير عبر استقطاب أعضاء من حزب "عوتسما يهوديت" لدفعهم إلى الانشقاق، مما قد يؤدي إلى إضعاف تمثيل بن غفير في الكنيست لاحقاً.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات