المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
.. في مطار بن غوريون. (أرشيفية)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 497
  • برهوم جرايسي

انعكس عام الحرب الإسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني، على نسبة التكاثر السكاني، التي سجلت أدنى نسبة على الإطلاق، بحسب ما نشره مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، في الأيام الأخيرة، بمناسبة رأس السنة العبرية الجديدة، وبلغت النسبة 1.2%، في مقابل معدل تراوح في السنوات العشر الأخيرة بين 1.8% إلى 2%. وبحسب ما نشر، فإن هذا يعود إلى ارتفاع كبير في أعداد مغادري البلاد إلى أمد طويل مع نية الهجرة. كذلك انعكست آثار الحرب على انهيار السياح الوافدين، إلى نحو مليون شخص، وهو أدنى من عامَيّ كورونا، وغالبية الوافدين هم من اليهود، إما لزيارات عائلية أو دينية، ما أفقد الاقتصاد الإسرائيلي مداخيل تعادل 5.2 مليار دولار. 

   

وقد أعلن مكتب الإحصاء المركزي، عشية رأس السنة العبرية، الذي حلّ هذا العام في يوم 3 تشرين الأول الجاري، أن عدد السكان بلغ 9.93 مليون نسمة، إلا أن ضمن هؤلاء قرابة 375 ألف فلسطيني وسوري من حملة بطاقة مقيم، في القدس المحتلة (قرابة 357 ألفا)، وفي مرتفعات الجولان السوري المحتل (بين 18 ألفا إلى 19 ألف شخص)، علما أن في القدس والجولان هناك من يحمل الجنسية الإسرائيلية (قرابة 37 ألفا في القدس، ونحو 9 آلاف في الجولان). ما يعني أن عدد المواطنين في إسرائيل نحو 9.55 مليون نسمة، بمن فيهم المستوطنون في الضفة الغربية والجولان.

وبذلك يكون عدد المواطنين العرب، حاملي الجنسية، نحو 1.725 مليون نسمة، ويشكلون نسبة 18%، بينما حسب مكتب الإحصاء فإنهم أقرب إلى 21%، بما يشمل القدس والجولان.

وقال التقرير إن نسبة التكاثر السكاني بين رأس السنة العبرية في العام الماضي، ورأس السنة العبرية الأخير (54 أسبوعا تقريبا بفعل التقويم العبري) 1.2%، وهي أدنى نسبة تكاثر تسجلها إسرائيل، ويعزو المكتب والمحللون هذا إلى تزايد أعداد مغادري البلاد لأمد طويل في عام الحرب، وهذه الوتيرة بدأت بالتزايد أيضا في النصف الأول من العام 2023، في أعقاب الاحتجاجات الشعبية على مخطط الحكومة لتغيير جهاز القضاء وأنظمة سلطوية عديدة، أو بحسب تسمية المعارضين "الانقلاب على القضاء".

وكان المؤشر الأول لانخفاض نسبة التكاثر السكاني بفعل الحرب، في نهاية العام الماضي 2023، إذ تبين أن نسبة التكاثر في العام 2023 كله (العام الميلادي) 1.6%، مقابل معدل نحو 2% في السنوات الأخيرة، باستثناء العام 2022 الذي ارتفعت فيه النسبة إلى 2.2%، بفعل الارتفاع الحاد في أعداد المهاجرين إلى إسرائيل من أوكرانيا وروسيا بفعل الحرب هناك، وعودة آلاف كثيرة من حملة الجنسية الإسرائيلية كانوا مقيمين بشكل دائم في هذين البلدين.

وسيكون اتجاه نسبة التكاثر، التي تحمل معها وتيرة الهجرة في الاتجاهين، مع نهاية العام الجاري، 2024، بعد أقل من 3 أشهر، أكثر وضوحا. ونشير هنا إلى أن إحصائية مكتب الإحصاء المركزي تعتمد على أعداد المواطنين والسكان، في الأشهر القليلة قبل صدور التقرير الدوري، خلافا لسجل السكان الرسمي في وزارة الداخلية، الذي يعتمد على حاملي الجنسية وبطاقات مقيم، في تعداد السكان. ولا يلزم القانون الإسرائيلي المواطن، حامل الجنسية الكاملة، بالتنازل عنها، حتى وإن بقي عشرات السنين خارج البلاد، بدون زيارتها، لكنه يفقد مخصصاته الاجتماعية، إذا كان يستحقها.

وبحسب التعريفات الإسرائيلية، فإن تعريف مهاجر يسري على كل من غادر البلاد، ولم يزرها مدة عام كامل، على الأقل، لكن مكتب الإحصاء المركزي أعلن دون علاقة بالحرب أنه بات في العام الماضي يعتمد طريقة أخرى لاحتساب أعداد المهاجرين أو المغادرين لأمد طويل، فبدلا من غياب عام كامل على الأقل، بات لمن يغيب بشكل متواصل مدة 275 يوما (9 أشهر)، وهذا تعريف كان قائما في ما مضى. ويقول المكتب إن هذا يجعل احتساب المهاجرين بشكل أدق.

وعلى هذا الأساس، فإن حقيقة الهجرة المتزايدة منذ شن الحرب الجارية ستكون أوضح بعد عام من الآن، إلا أن التقارير الإسرائيلية التي تصدر في الأشهر الأخيرة، تشير إلى أن وتيرة مغادرة البلاد لأمد طويل تزايدت جدا في الأشهر الـ 12 الأخيرة.

وتقول احصائيات المكتب المركزي للإحصاء إنه في العام الماضي 2023، غادر البلاد لأمد طويل 55300 شخص، وكان عدد العائدين بعد غياب طويل 27800 شخص، وهذا الفارق جعل ميزان الهجرة سلبيا، بمعنى انتقص من عدد السكان. وتبين أن النسبة الأعلى من المغادرين لأمد طويل كانت لدى الشريحة العمرية من 25 عاما إلى 44 عاما، وهذه شريحة العمل المهنية، بمعنى أن من غادر منهم لغرض العمل في الخارج فإن احتمال عودته تصبح أضعف من غيره.

فقدان 5.2 مليار دولار جراء انهيار السياحة

قال تقرير جديد لوزارة السياحة الإسرائيلية، إنه حسب آخر تقديرات، فإن عدد السياح الوافدين إلى إسرائيل، حتى نهاية العام الجاري سيصل إلى مليون سائح، وغالبيتهم من اليهود، الذين هم عادة في زيارات عائلية أو دينية، وأن هذا أدى إلى نقص مداخيل للاقتصاد الإسرائيلي، تلامس 19 مليار شيكل، أي ما يعادل 5.2 مليار دولار تقريبا.

وحسب التقرير، فإن وتيرة من يدخلون البلاد منذ بدء الحرب، أي في أوائل تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي 2023، تتراوح بين 80 ألفا إلى 100 ألف شخص. وبناء على هذه الوتيرة، التي قد تكون تراجعت في الأسبوعين الأخيرين، فإن عدد السياح المتوقع لهذا العام سيكون مليون شخص.

وبحسب التقرير، فإن 44% من الوافدين، أعلنوا أن هدف دخولهم البلاد زيارة الأقارب، وفقط 28% قالوا إنها سياحة عادية، و13% دخلوا البلاد لأهداف اقتصادية. وتبين أن 73% من الوافدين هذه ليست المرة الأولى التي يدخلون فيها البلاد.

ويشار إلى أن العديد من شركات الطيران العالمية، شرعت منذ مطلع أيلول الماضي، وبالذات في الأسبوعين الأخيرين، في الغاء رحلاتها الجوية إلى إسرائيل، لمدد زمنية مختلفة، وكما يبدو قابلة للتمديد بحسب التطورات العسكرية.

وأدى وقف خطوط جوية بشكل مفاجئ من طرف العديد من الشركات الدولية، إلى تعطيل عودة عشرات آلاف حملة جوازات السفر الإسرائيلية إلى البلاد، فمنهم من اضطر إلى شراء تذاكر من شركة إلعال الإسرائيلية، التي كثرت الشكاوى عليها بأنها تستغل الوضع وترفع الأسعار، في حين أن كثيرين، وخاصة المواطنين العرب، اختاروا مسار العودة عبر الأردن، ومنه برا إلى البلاد.

وكانت آخر مرّة سجلت فيها إسرائيل ذروة في السياحة الوافدة، في العام 2019، حينما بلغ عدد السياح الإجمالي 4.5 مليون سائح. ثم تلقت السياحة ضربة حادة، أسوة بباقي دول العالم، في العامين التاليين، بفعل جائحة كورونا، لكن بحسب التقارير الإسرائيلية، فإنه حتى في عامي ذروة كورونا، لم تنهر السياحة إلى هذا الحد.

وتراوح أعداد السياح الوافدين في العامين 2020 و2021 بين 1.8 إلى 2 مليون سائح، بمن فيهم ولربما معظمهم، من السياحة اليهودية العائلية والدينية. وارتفعت السياحة في العام 2022، التي في نصفها الأولى كانت هناك بقايا تأثير لجائحة كورونا، إلى 2.7 مليون سائح. 

وكان العالم الماضي 2023 يوحي بأن السياحة ستسجل قفزة جدية، إذ بلغ عدد السياح في النصف الأول من ذلك العام مليوني سائح وافد، وكانت التقديرات تشير إلى أن العام الماضي سيسجل 3.9 مليون سائح، لكن توقف السياحة في الربع الأخير من العام الماضي، بفعل شن الحرب، جعل عدد السياح 3.1 مليون سائح، وغالبية الزيادة بعد النصف الأول، كانت في الربع الثالث من العام، الأشهر الثلاثة التي سبقت شن الحرب، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وهذا ينعكس على قطاعات واسعة، تساهم بشكل مباشر وغير مباشر في قطاع السياحة، الذي يساهم بنسبة تتراوح بين 5% إلى 7% من حجم النمو الإجمالي للاقتصاد الإسرائيلي. وقال أحد التقارير إن نحو 10% من الفنادق الإسرائيلية قد تضطر إلى إغلاق أبوابها كليا في العام المقبل 2025. ووصلت الأزمة إلى حد أن شركات تأمين عالمية، خاصة أوروبية وأميركية، ترفض بيع بوليصات تأمين للمسافرين إلى إسرائيل.

وما ساهم في انقاذ العديد من الفنادق من الإغلاق، هو نقل آلاف النازحين الإسرائيليين من الشمال والجنوب، إلى هذه الفنادق، وحتى نهاية أيلول الماضي، كانت هناك تقديرات بوجود نحو 16 ألف شخص في فنادق بمستويات وأنماط مختلفة، بمعنى فنادق عادية أو شقق في مناطق سياحية. في حين وبحسب التقديرات نفسها، فإن نحو 52 ألف شخص لم يعودوا إلى بيوتهم في الشمال بالذات، وأيضا في الجنوب، حيث قال آخر تقرير إن 83% من أصل 68 ألف شخص من سكان المستوطنات المحاذية لقاع غزة، قد عادوا إلى بيوتهم.

وقالت وزارة السياحةالإسرائيلية إنها خصصت في هذا العام 200 مليون شيكل (54 مليون دولار) لإعادة تأهيل فنادق، إضافة إلى 70 مليون شيكل، لتعويض وكلاء السياحة الوافدة. كما أن الوزارة تعمل على ضمان تعويضات إلى قطاعات اقتصادية ذات صلة ومتضررة من انقطاع السياحة الوافدة.

وأعلن وزير السياحة حاييم كاتس أن وزارته عملت الكثير من أجل الحفاظ على القطاع السياحي، من خلال دعم القطاعات الاقتصادية ذات الصلة بالسياحة الوافدة، وقال إنه سيرفض مقترح وزارة المالية الإسرائيلية بفرض ضريبة مشتريات (17%) على الخدمات السياحية، للسياح الأجانب، لأن هذا من شأنه رفع كلفة السياحة في البلاد، التي هي أصلا ضعيفة في المنافسة مع دول المنطقة بما فيها اليونان.

المصطلحات المستخدمة:

حاييم كاتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات