المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1173
  • هشام نفاع

أعد معهد الأبحاث والمعلومات في الكنيست وثيقة بناء على بحث معلومات وسياسات حول موضوع "العنف المتصاعد في المجتمع العربي" كما أسمته لجنة برلمانية تعنى بـ"الأمن القومي". وجاء في المقدمة: يتضمن الجزء الأول من الوثيقة بيانات عامة عن الجريمة في المجتمع العربي بناءً على الكتاب السنوي الإحصائي لشرطة إسرائيل للعام 2022، بالإضافة إلى تحليل وتقسيمة جغرافية للجريمة المبلّغ عنها في إسرائيل بناءً على بيانات من الشرطة.

بينما يركز الجزء الثاني من الوثيقة على عدة جوانب من تنفيذ برنامج Data.gov المأخوذ من موقع الخطة الحكومية "المسار الآمن - للقضاء على الجريمة في المجتمع العربي" – وفقاً لتعريف الخطة رسمياً. وهو يضم بيانات عن جرائم القتل التي وقعت في إسرائيل منذ بداية العام 2018 حتى 3 أيار 2023 وتم فك رموزها وكشفها، وتم تقسيمها حسب المجموعات السكانية؛ وبيانات عن القضايا التي فتحت ضد أهداف أعلنت الشرطة أنهم مرتكبو جرائم في المجتمع العربي كجزء من خطة "المسار الآمن" وعن لوائح الاتهام المرفوعة في هذه القضايا؛ وبيانات عن حالات ابتزاز "الخاوة".

من أجل كتابة وثيقة متابعة لتنفيذ خطة "المسار الآمن"، قام مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست بالاتصال بوزارة "الأمن القومي" وطرح مجموعة من الأسئلة عليها. تضمن الرد "إشارة إلى بعض الأسئلة التي قدمناها؛ أسئلة إضافية نالت إجابة جزئية، أو إجابة تتطلب توضيحات لم يكن من الممكن تلقيها ضمن الوقت المتاح لكتابة الوثيقة قبل الجلسة البرلمانية". في ضوء ما سبق، ينوّه البحث إلى أن هذه الوثيقة لا تقدم صورة كاملة عن تنفيذ خطة "المسار الآمن"، ولكنها تركز على بعض القضايا حيث كانت مواضيع توفرت عنها معلومات كافية – مثل: فك رموز قضايا القتل، الأهداف التي أعلنت الشرطة أنها مرتكبو جرائم في المجتمع العربي وجرائم أخذ "الخاوة".

بحسب الشرطة، في السنوات 2017-2021، فتحت شرطة إسرائيل ما مجموعه 876000 ملف تم فيها تسجيل مشتبه به أو مشتكى عليه، وتتراوح نسبة غير اليهود في القضايا المفتوحة خلال هذه الفترة من 39% إلى 43%. ويظهر فحص معطيات القضايا التي تم فيها تقديم لائحة اتهام من بين القضايا في تلك السنوات، كما تزعم الشرطة، أن معدلات القضايا التي تم فيها تقديم لائحة اتهام كانت أعلى قليلاً عندما كان المشتبه به أو المشتكى عليه "من غير اليهود" حسب وصفها، وتراوحت نسبة تقديم لائحة اتهام من 26% إلى 28% في القضايا المفتوحة التي كان فيها المشتبه به أو المشتكى عليه "غير يهودي" مقارنة بنسبة 22% إلى 26% حين كان المشتبه به أو المشتكى عليه يهودياً.

معدلات الجرائم المبلغ عنها في السلطات 

المحلية "المختلطة" كانت أعلى

تنشر شرطة إسرائيل بانتظام البيانات المتعلقة بالجرائم حسب مكان ارتكابها المبلغ عنها، على موقع Data.gov. وفقاً للبيانات المنشورة على الموقع والتي تم معالجتها من قبل مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست، فمن بداية العام 2018 حتى نهاية الربع الأول من العام 2023، تم فتح ما يقرب من 1.5 مليون ملف في شرطة إسرائيل بشأن مخالفات ارتكبت في البلدات في إسرائيل.

وكشف حساب عدد القضايا بالنسبة لحجم السكان أنه، على المستوى القطري، تم في المتوسط ​​سنوياً فتح حوالي 30 ملفاً لكل ألف مواطن في الفترة المعنية التي يغطيها البحث. ويكشف فحص بيانات الحالة وفقاً لنوع السلطة المحلية في البلدة عن وجود تباينات بين أنواع السلطات في معدل الجرائم المبلغ عنها فيما يتعلق بحجم السكان: بينما في السلطات اليهودية والعربية نطاق الجريمة المبلغ عنها فيما يتعلق بحجم عدد السكان كان متشابهاً، ففي السلطات المحلية "المختلطة" كانت معدلات الجرائم المبلغ عنها أعلى.

في تشرين الأول 2021، تم اعتماد القرار الحكومي رقم 549 الذي تقرر فيه "تنفيذ خطة متعددة السنوات للقضاء على الجريمة والعنف في المجتمع العربي". في غضون ذلك تقرر تفعيل "خطة الطوارئ الوطنية - المسار الآمن" - لمدة ستة أشهر. تم تمديد البرنامج لاحقاً حتى نهاية العام 2022

كجزء من الخطة، تعمل العديد من الجهات التنفيذية والحكومية معاً تحت قيادة الشرطة الإسرائيلية ضد أهداف حددتها الشرطة كأهداف مركزية تولد جرائم خطيرة في المجتمع العربي. يتم تصنيف هذه الأهداف إلى أربع فئات: الأهداف البشرية - الأشخاص الذين تم تصنيفهم كمجرمين ومرتكبي جرائم خطيرة ممن يؤثرون على الجريمة في المجتمع العربي؛ أهداف المنظمات الإجرامية - الأشخاص الذين يعملون داخل المنظمات الإجرامية التي حددتها الشرطة وأعلنتهم مرتكبي جرائم؛ وضع الأهداف - البلدات العربية التي حددتها الشرطة كمناطق فيها نشاط إجرامي مرتفع؛ أهداف الظواهر - ظواهر الجريمة التي تم تحديدها وتمييزها في مناطق مختارة.

إلى جانب ذلك، وكجزء من الخطة متعددة السنوات، صاغت وزارة "الأمن الداخلي" (كما كان اسمها تلك الفترة قبل تحويلها إلى "الأمن القومي") أهدافاً ومؤشرات لفحص نجاحها بينها، من بين أمور أخرى، رفع معدل فك رموز حوادث القتل إلى 36%.

تراجع في النسبة القليلة أصلا 

لحل ملفات جرائم القتل وكشفها 

خلال السنوات 2018- 2022 ارتكبت 690 جريمة قتل سقط فيها 731 ضحية. معظم الضحايا – 70% - كانوا من العرب، 24% يهود وحوالي 6% آخرون (حسب تعريف الشرطة). أجرى المعهد التابع للكنيست مقارنة بين البيانات حول العدد الإجمالي للحوادث وعدد المشتبه بهم وعدد لوائح الاتهام المقدمة في كل واحدة من مجموعات السكان في كل واحدة من السنوات قيد البحث. وكشف الفحص أنه بالنسبة إلى حوادث القتل في المجتمع العربي، فإن النسبة بين عدد المشتبه بهم وبين عدد الحوادث تتراوح بين 69% -56% في هذه السنوات. للمقارنة: بين اليهود النسبة بين عدد المشتبه بهم وبين عدد الحوادث تتراوح بين 92% -71% في هذه السنوات. هناك فجوة ظاهرة بوضوح في مدى كشف الجرائم ومرتكبيها على خلفية الانتماء القومي.

كشف فحص عدد لوائح الاتهام فيما يتعلق بعدد حوادث القتل في الأعوام 2018-2022 أن النسبة بين العرب بلغت تقريباً 29%؛ أما بين اليهود فقد كانت النسبة بين عدد لوائح الاتهام وعدد جرائم القتل في تلك الفترة 69% في المتوسط.

خلال السنوات 2019- 2022 طرأ هناك انخفاض على النسبة بين عدد لوائح الاتهام وعدد حوادث القتل التي تم تسجيلها. وقد وصلت نسبة كشف رموز ومرتكبي الجرائم إلى 23% فقط من الملفات المشار إليها، علماً بأن أحد أهداف وزارة الأمن الداخلي كان زيادة معدل كشف جرائم القتل في المجتمع العربي إلى 36%.

من بداية العام 2023 حتى 3 أيار 2023 (أربعة أشهر) وقعت ما مجموعه 82 جريمة قتل، سقط فيها 86 ضحية. الغالبية المطلقة من الضحايا – 72% - كانوا عربا و 22% يهود وحوالي 6% آخرين (حسب تعريف الشرطة). ويلاحظ البحث: بما أن العام 2023 لم ينته بعد، فمن أجل فهم الاتجاه في عدد القتلى، قمنا بحساب المعدل الشهري للقتلى فيها، مقارنة بالمتوسط ​​الشهري في عامي 2022 و2021. كشف هذا الفحص أن المعدل الشهري للقتلى العام 2023 (حتى 3 أيار 2023) كان أعلى بكثير مما كان عليه في العامين الماضيين: في المجتمع العربي تضاعف المعدل الشهري تقريباً بين عامي 2022 و2023، وزاد في المجتمع اليهودي بمعدل 65%. 

في السنوات 2018-2022 قُتلت 126 امرأة، معظمهن عربيات

في قضية قتل النساء - في السنوات 2018-2022 قُتلت 126 امرأة (13 سنة أو أكثر)، وهو ما يمثل حوالي 17% من جميع ضحايا القتل في نفس الفترة. هنا أيضاً كان عدد ضحايا القتل العرب هو الأكبر من بين كل المجموعات. أما من بداية العام 2023 حتى 3 أيار (بموجب معطيات الشرطة) قُتلت 12 سيدة منهن 7 ​​يهوديات و4 عربيات وواحدة "أخرى" (حسب تعريف الشرطة).

ضمن ملاحقة الأهداف التي أعلنت الشرطة أنهم مرتكبو جرائم في المجتمع العربي في إطار برنامج الطريق الآمن تم في العامين 2021-2022 فتح 571 قضية ضد تلك الأهداف.  في العام 2022، كان هناك انخفاض بنحو 6% في عدد القضايا المفتوحة في هذ القضايا مقارنة بالعام 2021. ولاحظ المعهد أنه في ضوء حقيقة أنه بدأ العمل بالخطة فقط في تشرين الأول 2021، يبدو أن البيانات لهذا العام تشير فقط إلى جزء صغير نسبياً منه، مقارنة بالعام 2022 عندما كان البرنامج يعمل على مدار العام. لذلك، يبدو انخفاض عدد القضايا المفتوحة ضد أهداف 2022 أكثر بروزاً. يوضح تقسيم بيانات الحالة حسب المناطق أنه في معظم المناطق الجغرافية أبلغت الشرطة عن انخفاض في عدد القضايا المفتوحة ضد الأهداف بين عامي 2021 و2022. وهنا يجب الانتباه إلى أن الاستثناءات في هذا الاتجاه كانت فيما يسمى "لواء يهودا والسامرة" ولواء المركز في الشرطة. 

ويتبيّن من فحص معطيات هذه القضايا المتعلقة بملاحقة الأهداف التي أعلنت الشرطة أنهم مرتكبو جرائم في المجتمع العربي، والتي قدمت فيها لوائح اتهام، أن نسبتها بلغت العام 2021 نحو 26% من القضايا التي تم فتحها في العام 2021، وفي العام 2022 كانت نسبة لوائح الاتهام المقدّمة من إجمالي عدد الحالات هي 35%.

المسؤول السابق: الحكومة الحالية لا تتعامل بالفعل مع المشكلة

يقول البحث فيما يخص ابتزاز "الخاوة" أنه لا يوجد قسم محدد في قانون العقوبات يحظر هذا! ووفقاً للشرطة، فإن الجرائم التي تم التحقيق فيها ضمن هذه القضايا والجرائم هي: الابتزاز بالقوة، الابتزاز بالتهديد، الاستيلاء على الأموال بغرض الابتزاز. وبحسب بيانات الشرطة، ففي العامين 2021-2022 تم تسجيل 255 حالة؛ وفي العام 2022 كانت هناك زيادة بنحو 7% مقارنة بالعام 2021. والجدير بالملاحظة أنه في العامين 2021-2020 كان حوالي 45% من جرائم ابتزاز "الخاوة" في منطقة الشمال!

ويشدد البحث (للتذكير: في غياب تعريف قانوني لجريمة محددة تتمثل في ابتزاز رسوم "الخاوة") على أنه عادة ما تكون هذه الجرائم مصحوبة بجرائم التسبب بالأذى الجسدي أو التهديدات والأضرار التي تلحق بالممتلكات.

عضو الكنيست يوآف سيغالوفيتش من حزب "يوجد مستقبل"، وهو ضابط شرطة كبير سابق، كان نائباً لوزير "الأمن الداخلي" في الحكومة السابقة، وهو الذي نسق السياسة بشأن مكافحة الجريمة في المجتمع العربي، صرّح لموقع "تايمز أوف إسرائيل" قبل عدّة أيام أنه "حتى الآن في ظل هذه الحكومة، لم يحدث شيء. فرئيس الحكومة ليس في الصورة، ولم يتم تعيين فريق وزاري مسؤول عن القضية، ولا يوجد منسق للسياسات، ولا يوجد مؤشر على أن الحكومة تتعامل بالفعل مع المشكلة". وأضاف: "في الحكومة السابقة كانت مكافحة الجريمة هدفا مركزيا. وكان هناك فريق وزاري مكلف بالتعامل مع هذه القضية، وتم تعيين منسق سياسات للتعامل مع المشكلة. (فهي) لم تبدأ اليوم، لقد كانت على هذا النحو منذ عدة سنوات، ولكن الأمور بدأت تتغير إلى الأفضل، والآن توقف ذلك وهو آخذ بالانهيار (...) كان هناك جهد عام يربط المجتمع العربي والشرطة وجهاز الأمن العام- الشاباك والإدارات الحكومية الأخرى. لم أعمل في وزارة الأمن الداخلي فحسب، بل كان لديّ فريق في وزارة المالية يتعامل مع الجرائم المالية برئاسة مدير عام الوزارة، وكان لدينا أيضاً فريق وزاري ضم وزراء العدل والداخلية والمالية والرفاه وكذلك رئيس الحكومة نفسه. أنت بحاجة إلى التعامل مع النشاط الإجرامي نفسه والعمليات التي تكمن وراءه، ولكن لا يتم التعامل مع أي منهما الآن".

المصطلحات المستخدمة:

الكنيست, رئيس الحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات