أصدر المراقب العام للدولة الإسرائيلية يوسف شابيرا في الأسبوع الماضي، تقريرا واسعا عن مسألة صناديق التقاعد من جهة، ومخصصات الشيخوخة في مؤسسة الضمان الاجتماعية الرسمية (مؤسسة التأمين الوطني) من جهة أخرى، يحذر من أن رواتب التقاعد أو مخصصات الشيخوخة ستتلقى ضربات مستقبلا،
على ضوء ارتفاع معدلات الأعمار، وارتفاع نسبة المسنين بين الجمهور، وأيضا بسبب شكل تعويم صناديق التقاعد في الاسواق المالية. كما خصص المراقب فصلا في تقريره لمسألة رواتب التقاعد في الجيش الإسرائيلي، ليتبين أنه يتم رفع الرواتب من دون رقابة منظمة.
ويقول تقرير المراقب إن توفيرات التقاعد تعاني من سلسلة مشاكل، من شأنها أن تؤدي إلى تقليص رواتب التقاعد مستقبلا، إلى أقل بكثير مما يتوقعه العامل صاحب التوفير. وفي حالات كثيرة فإن بعض صناديق التقاعد تواجه خطر أن لا تصمد أمام المستحقات الواجب عليها تسديدها، ولذا على المؤسسة الرسمية، وأولها الحكومة، أن تسارع إلى اجراءات لنع هذه الأخطار.
والقضية الأولى التي يطرحها المراقب، كما جاء في سلسلة تقارير سابقة، أن ارتفاع معدل الأعمار باستمرار في إسرائيل من شأنه أن يشكل عبئا على خزينة مؤسسة الضمان الاجتماعي، وأيضا على صناديق التقاعد، نظرا لسن التقاعد القائم لدى الرجال 67 عاما، والنساء 62 عاما، إذ أن معدل الأعمار في إسرائيل هو من الأعلى عالميا، أكثر من 84 عاما للنساء، وحوالي 82 عاما للرجال. وهذا الارتفاع من جهة، مع تراجع معدلات الولادات من جهة أخرى، سيقود إلى ارتفاع حاد في نسبة المسنين والمتقاعدين بين الجمهور، مقابل تراجع نسبة من هم في جيل العمل، ما يعني تراجع مداخيل مؤسسة الضمان، مقابل ارتفاع مخصصات الشيخوخة التي تدفعها شهريا.
ويحصل المسنون مع وصولهم إلى جيل التقاعد على مخصص شهري يبلغ 1530 شيكلا، وهو ما يعادل تقريبا 400 دولار، وهو مخصص بخس، إذا لم يكن إلى جانبه راتب تقاعدي. ويرتفع هذا المعدل بنسبة 2% عن كل سنة عمل للمتقاعد، بعد خصم السنوات العشر الأولى لعمله، بمعنى أنه في أفضل الأحوال ترتفع المخصصات الشهرية إلى 2300 شيكل، ما يعادل أكثر بقليل من 600 دولار، وهو أيضا غير كاف لوحده.
أما رواتب التقاعد، التي تدفعها صناديق التقاعد للمؤمّنين لديها، فهي تواجه خطر الانخفاض الحاد بسبب عاملين، الأول هو شكل تعويم توفيرات التقاعد في البورصة، ابتداء من العام 2003. كذلك تم الغاء التقاعد الذي كان يعتمد على طريقة 2% من الراتب الأخير عند التقاعد، عن كل سنة عمل، حتى نسبة اقصاها 70%. وبدلا منها، بات العامل يحصل على ما نجح في توفيره كمدخرات، تضاف اليها الأرباح في حال حصولها. وفي حالات كثيرة، حينما تتلقى البورصات ضربات وخسائر، فإنها تنعكس مباشرة على حجم التوفيرات.
ويقول المراقب في تقريره إن نسبة الخدمة الإدارية التي تجبيها شركات التأمين من المؤمّنين لديها، ما تزال عالية، على الرغم من تخفيضها في السنوات الأخيرة، بموجب أنظمة أصدرتها وزارة المالية، إذ أن هذه النسبة، وخاصة في حالات لا توجد فيها أرباح، وبوجود خسائر، تزيد من الخسائر في صناديق التقاعد.
كما يحذر مراقب الدولة العام في تقريره من التأخر في رفع سن التقاعد للنساء من 62 عاما، كما هو اليوم، إلى 64 عاما. ويدعي المراقب أن لهذا الأمر "انعكاسات سلبية جوهرية على الاقتصاد وعلى النساء المتقدمات اللاتي يخرجن إلى التقاعد"
وكانت لجنة فحص خاصة أقامها قبل عدة اشهر وزير المالية موشيه كحلون قد أعلنت في الشهر المنصرم، تشرين الاول، عن قرارها النهائي بتقديم توصية إلى الحكومة، لرفع سن التقاعد لدى النساء إلى 64 عاما، بدلا من 62 عاما اليوم، و60 عاما قبل 13 عاما. إلا أن رفع جيل التقاعد سيتم بشكل تدريجي على مدى عدة سنوات، ليضمن مستقبلا توفير مخصصات شيخوخة في حزينة الضمان الاجتماعي بما يقارب 200 مليون دولار سنويا.
وتقول إسرائيل إن جيل تقاعد النساء لديها هو من بين أقل الدول، على الرغم من أن معدل الأعمار فيها هو من الأعلى في العالم، أكثر من 84 عاما لدى النساء، وحتى 82 عاما بين الرجال. ويتبين من جدول نشرته وسائل إعلام أن جيل سن تقاعد النساء في النرويج هو مثل الرجال- 67 عاما، وفي الولايات المتحدة الأميركية- 66 عاما، واليابان والمانيا- 65 عاما. بينما المعدل في الدول المتطورة 63 عاما، ثم إسرائيل 62 عاما، في حين أن جيل التقاعد في تركيا 58 عاما.
ويقول مراقب الدولة في تقريره "إن عدم رفع سن التقاعد لدى النساء من شأنه أن يُكرّس الفجوات الاقتصادية الاجتماعية، وظاهرة اللا مساواة بين الرجال والنساء، كما أن من شأنه أن يُكرّس نسب الفقر العالية بشكل خاص بين النساء المسنات، مقارنة بالرجال المسنين". ويضيف المراقب "أن إحدى الضربات المتوقعة للاقتصاد من عدم رفع سن التقاعد لدى النساء، هي أيضا ضرب صندوق مخصصات الشيخوخة في مؤسسة الضمان الاجتماعي"، اضافة إلى ارتفاع معدلات الحياة، كما ورد سابقا هنا.
ويحذر المراقب من أن تقديرات الحكومة ووزارة المالية لمخصصات الشيخوخة، وأيضا لرواتب التقاعد التي تدفعها لموظفي القطاع العام المتقاعدين، ليست دقيقة، على الرغم من أن ذات التقديرات تكشف أزمة مستقبلية، وقال إن الالتزامات المستقبلية أعلى بنسبة كبيرة من التوقعات الرسمية.
كما يظهر من تقرير مراقب الدولة العام أن الجيش الإسرائيلي يواصل دفع رواتب تقاعد مفرطة لجنوده وضباطه في الجيش النظامي، على الرغم من المطالبات الدائمة بتخفيض موازنة الجيش، خاصة في مجال الرواتب والتقاعد وامتيازات الضباط والجنود.
ووجد التقرير أن رئيس هيئة الأركان يستغل بندا خاصا في أنظمة الجيش يمنحه الصلاحية ليضيف نسبة 7% على الراتب التقاعدي لمن يخرجون إلى التقاعد، وأنه في السنوات الثلاث الأخيرة تم رفع الرواتب تقريبا لجميع من خرجوا إلى التقاعد، وان النسبة الزائدة هي 11%، ما كلّف خزينة الجيش مبلغ 3 مليارات شيكل، وهو ما يعادل 760 مليون دولار.