موسوعة المصطلحات

مدار - بيديا موسوعة مصطلحات تحوي أكثر من 5000 مصطلح اسرائيلي

يطلق اسم"حوفيفي تسيون"  - "مُحبّو صهيون" (ويطلق عليها البعض اسم "أحباء صهيون") على مجموعة من الجمعيات الصهيونية التي نشأت في التجمعات اليهودية في روسيا ابتداءً من العام 1881، وكذلك بعد صدور قيود (تعليمات) أيار، التي فرضت قيوداً على اليهود في بعض مجالات الحياة اليومية. ووضعت الجمعيات المنضوية تحت هذا العنوان عدة شعارات لها من أبرزها:  "العودة إلى صهيون"، إلى "أرض إسرائيل". وعملت الجمعيات في التحضير لعمليات هجرة يهود إلى فلسطين والسعي إلى إقامة مستوطنات لهم فيها.

 

وكانت الخلفية التي أدت إلى إنشاء هذه الجمعيات، الكتابات والمؤلفات التي وضعها عدد من اليهود في القرن التاسع عشر، والتي طرحوا فيها فكرة أن لا حل لمسألة اليهود في أوروبا والعالم إلاّ "بالعودة" إلى أرض "صهيون" والعيش فيها.

وحظيت هذه الجمعيات بالانتشار الواسع في عدة تجمعات للجاليات اليهودية، سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية. واتفقت هذه الحركات على انه يجب محاربة كل طرق ومظاهر  الاندماج في المجتمعات الغربية والسعي إلى الحفاظ على استقلالية المجتمعات اليهودية أينما عاشت وأقامت.

وكان من بين المؤسسين لهذه الجمعيات ليون بينسكر الذي دعا من خلال كراسته بعنوان "التحرر الذاتي" (أوتو إمَنسيباتسيا) إلى ضرورة إيجاد حل للمسألة اليهودية، وبمبادرته عقد مؤتمر كاتوفيتش العام 1884 والذي جمع فيه ممثلي جمعيات "أحباء صهيون" في أنحاء أوروبا، وجرى تشكيل لجنة مركزية مؤلفة من 19 عضواً لتنسيق العمل والنشاط الذي يجمع هذه الجمعيات. واتخذ المؤتمر قراراً بالبحث عن أفضل الطرق التي تضمن دعم الاستيطان والمستوطنات داخل فلسطين، والبحث عن الطرق التي توفر الدعم المالي لها، والسعي السياسي إلى إقامة علاقات جيدة مع السلطات التركية الحاكمة في فلسطين. ولتحقيق هذه الغايات السياسية في أساسها قام المؤتمر بتأسيس "جمعية موشي مونتفيوري" في ذكرى ميلاده المئة ظناً من المؤتمر أن مونتفيوري سيدعم النشاطات الاستيطانية ويلعب دوراً فاعلاً في التأثير على الحكومة التركية في اسطنبول لما له من دور فيها.
وتمكنت اللجنة المركزية من توحيد الجمعيات التي تحمل اسم "محبو صهيون" وبلغ عددها 55 جمعية. وبلغ عدد المنتسبين إلى هذه الجمعيات حوالي 14,000 عضو. ولكن الخلافات الداخلية التي وقعت في صفوف هذه الجمعيات، وخاصة بين المتدينين والعلمانيين، أفسحت المجال أمام البارون روتشيلد إلى بسط نفوذه وسيطرته على النشاط الاستيطاني في فلسطين. وأثناء انعقاد المؤتمر الثاني لجمعيات "محبو صهيون"، في العام 1887، نشب الخلاف من جديد بين العلمانيين والمتدينين، إذ نجح المتدينون في ضم ثلاثة أعضاء منهم إلى اللجنة المركزية. وبواسطة هؤلاء الأعضاء تم اتخاذ قرار بتجميد إقامة المستوطنات في فلسطين إلى حين التثبت من المستوطنات القائمة والتأكد من أنها تستطيع الاعتماد على نفسها. وأعلن المؤتمر عن رغبته في إقامة مكتب له في فلسطين لشراء الأراضي وتوفير الخدمات اللازمة للمستوطنين اليهود. وبسط المتدينون من أعضاء جمعيات "محبو صهيون" سيطرتهم ونفوذهم على المؤتمر الثالث الذي انعقد العام 1889 في فيينا، وكان الحاخام موهيلبر الشخصية السائدة في المؤتمر، خاصة وأنه كان من دعاة الصهيونية الدينية. ونتيجة لهذا التغيير الذي حدث على اللجنة المركزية قام بعض زعماء وقياديي العلمانيين بتوجيه انتقادات إلى زعماء "أحباء صهيون"، وكان من البارزين في هذا المضمار أحاد هَعام الذي نادى بضرورة العمل الجاد في "بلاد الآباء والأجداد"، ولتحقيق ذلك يجب تحضير اليهود قبل تنفيذ هجرتهم إلى فلسطين. ولتحقيق هذه التوجهات سعى أحاد هعام إلى إقامة جمعية "أبناء موشي" في 1889 "لدعم الروح القومية في أوساط اليهود". واهتم أعضاء "محبو صهيون"، بكافة تياراتهم، بإحياء اللغة العبرية بواسطة تأسيس دور نشر وإصدار الكتب والمجلات المتنوعة.

كان العام 1890 عاماً مميزاً بالنسبة لجمعيات "أحباء صهيون"، إذ  منحتها الحكومة الروسية ترخيصا رسميا لممارسة جميع النشاطات داخل روسيا. واتخذت اللجنة المركزية قراراً بإطلاق اسم جديد عليها وهو "اللجنة الأوديسية"، نسبة إلى مدينة أوديسا الواقعة في روسيا والتي جعلتها اللجنة مقراً لها. وخلال انعقاد المؤتمر الرابع لـ"أحباء صهيون"، أُعيد انتخاب بينسكر رئيساً للجنة التنفيذية، وانسحب المتدينون من هذه اللجنة لأسباب عديدة من أهمها عدم احترام المستوطنين في فلسطين للشريعة اليهودية القاضية بالامتناع عن العمل في الأرض في سنة التبوير التي تحل مرة كل سبع سنوات. وإثر ظهور هرتسل وإعلانه إقامة المنظمة الصهيونية العالمية انضمت معظم جمعيات "أحباء صهيون" إلى الحركة الصهيونية وتابع أعضاؤها عملهم ونشاطهم من خلالها سواء في إقامة المستوطنات أو دعم المؤسسات التربوية والتعليمية اليهودية في فلسطين. وتوجهت وفود خاصة إلى فلسطين للضغط على البارون روتشيلد لإلغاء وصاية موظفيه على المستوطنات وإدخال تغييرات على طريقة إدارتها.

وكان لأعضاء "أحباء صهيون" دور بارز في تشجيع المشروع الاستيطاني في فلسطين، وهم بأنفسهم هاجروا إليها وقاموا بدور أساسي في بناء المستوطنات الأولى. وقامت الحكومة البلشفية بإلغاء "اللجنة الاوديسية" في العام 1919. اما المستوطنات التي أقاموها في فلسطين آنذاك فهي: ريشون لتسيون، روش بينا، زمارين (عُرفت فيما بعد بزخرون يعقوب)، يسود همعلا، فضلا عن تجديد الاستيطان في بيتاح تيكفا.