بذلت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة جهودًا مكثفة خلال سبعينيات القرن الماضي ومطلع الثمانينيات لتهجير الجالية الاثيوبية (الفلاشة) إلى اسرائيل،
وذلك عبر شبكة معقدة من الاتصالات السياسية المباشرة وغير المباشرة مع السودان بشكل خاص، أثناء حكم جعفر النميري. وقام مناحم بيغين رئيس حكومة اسرائيل بتجنيد خدمات الرئيس المصري الأسبق أنور السادات لتذليل الصعاب أمام تحقيق هذه الغاية.
ولما تذللت الصعاب تم نقل بضعة آلاف من الفلاشة إلى كينيا ومنها إلى اسرائيل في مطلع الثمانينيات. وأثناء عملية النقل هذه تم تجهيز قرية خاصة على الساحل السوداني لتجميع المهاجرين الفلاشة استعدادا لنقلهم إلى اسرائيل. وشاركت سفن سلاح البحرية الاسرائيلي في هذه الحملة، حيث تم نقل زهاء ألفين من الفلاشة في عام 1981 إلى اسرائيل.
وقويت موجة الهجرة من اثيوبيا إلى السودان ومنه إلى اسرائيل، حيث بلغ عدد الفلاشة المقيمين في القرية المشار إليها أعلاه زهاء عشرة آلاف متأهبين للسفر على اسرائيل. وفي نهاية عام 1984 نظمت الحكومة الاسرائيلية بالتعاون والتنسيق مع الوكالة اليهودية "حملة موشي"(موسى) نقلت بواسطة طائرات خاصة قرابة سبعة آلاف من الفلاشة من مطار الخرطوم إلى مطارات في اوروبا ومنها إلى اسرائيل. ولما كشفت وسائل الإعلام العالمية عن هذه الحملة وعن ضلوع الرئيس السوداني فيها، أصدر الرئيس السوداني أمرا بتوقيفها. ولكن تدخل البيت الأبيض بشخص الرئيس الامريكي وكبار موظفيه سمحت حكومة السودان لطائرات هركولس الامريكية بنقل الموجة الأخيرة من اليهود الفلاشة من السودان الى اسرائيل.
واستمرت عمليات جذب اليهود الفلاشة من اثيوبيا للهجرة إلى اسرائيل، حيث وصل غليها في الثمانينيات زهاء 16 ألف اثيوبي، وخلال التسعينات الرقم ذاته. وما زال اليهود الفلاشة المهاجرين إلى اسرائيل يتعرضون إلى سياسات تمييزية ضدهم، خاصة من قبل المؤسسة الدينية الربانية اليهودية التي وضعت شروطًا لتعريفهم كيهود، إذ أنها تطالبهم باجتياز سلسلة من الطقوس الدينية غير المألوفة لديهم، ليصبحوا يهودًا حقيقيين. وأُثيرت في الآونة الأخيرة عدة قضايا مسّت بكرامة ومكانة الفلاشة، أبرزها تصريحات بعض الأوساط الدينية الاسرائيلية بمنع الفلاشة من التبرع بالدم لكونه نجسا وغير طاهر. وواجه الفلاشة عقبات في تأقلمهم في المجتمع الاسرائيلي بسبب الفجوات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والمهنية بينهم وبين المجتمع الاسرائيلي. أضف إلى ذلك صعوبة تأهيلهم للاندماج في المجتمع الاسرائيلي، وأيضا لكونهم يُفضلون العيش في أطر خاصة بهم.
وأحدثت هجرة الفلاشة ضجة عالمية، إذ نشرت وسائل الإعلام أخبارا ومعلومات تفيد أن مجموعات كبيرة منهم ليسوا يهودا إنما مسيحيين ومسلمين، فضلوا الهجرة على اسرائيل لتحسين ظروف معيشتهم وضمان حياتهم ومستقبلهم، إلا أن الحكومة الاسرائيلية تجاوزت هذه الأخبار واعتبرتهم مواطنين، وذلك بهدف زيادة عدد اليهود في اسرائيل، لكون اسرائيل تعاني دوما من أزمة وعقدة الديموغرافيا، مقارنة مع التزايد السكاني الطبيعي للفلسطينيين في فلسطين التاريخية.
أما البقية الباقية من الفلاشة في اثيوبيا فتعيش في اديس ابابا العاصمة أو في ضواحيها، محافظين على عاداتهم وتقاليدهم المتوارثة.