أقر الكنيست فجر يوم الثلاثاء، 14 كانون الأول الجاري، بالقراءة الأولى، تمديد مفعول قانونين حكوميين، يسمحان بتشغيل جنود الجيش، في قمع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، والثاني في مشاركة الشرطة في قمع المظاهرات لدى فلسطينيين الداخل، إلى جانب قوات "حرس الحدود" المشاركة أصلاً.
كما أقرّ الكنيست بالقراءة الأولى، قانونًا يسمح للشرطة والأجهزة الأمنية الإسرائيلية اقتحام البيوت بحجّة التفتيش عن أسلحة ومشتبه بهم، بكافة الاتجاهات، من دون الحاجة لقرار مُسبق من محكمة، وفق مواصفات محددة، وهذا القانون حاولت الحكومة السابقة إقراره، إلّا أنه واجه اعتراضًا من جهات حقوقية لخرقه حقوق الانسان، ولم يدخل القانون مسار التشريع.
وقد أُقرّت القوانين الثلاثة بالقراءة الأولى، ليُصار إقرارها بالقراءة النهائية قريبًا، بفارق صوت، وصوتين، حيث صوتّت كل أحزاب المعارضة ضد القوانين الثلاثة؛ القائمة المشتركة، التي تمثّل الفلسطينيين في إسرائيل، بقرار مبدئي، أما أحزاب اليمين والمتدينين اليهود فقد عارضت القوانين كجزء من سياسة مناكفة للحكومة، جدير بالذكر أن من رجّح الكفّة لصالح هذه القوانين القمعية، تصويت نواب القائمة العربية الموحدة الأربعة، برئاسة منصور عباس (الذراع البرلماني للحركة الإسلامية- الشق الجنوبي)، ومعهم النائبة من حزب "ميرتس" غيداء ريناوي زعبي.
إن البندان اللذان تم تمديدهما في قانوني سلطة السجون والشرطة، وكذلك القانون الجديد الذي يسمح باقتحام البيوت الفلسطينية دون حاجة لقرار محكمة، تأتي هي في إطار قوانين طوارئ، وتفرض إسرائيل مثل هذه القوانين، كقوانين طوارئ، مثل قانون حرمان لم شمل العائلات الفلسطينية، في محاولة لتجنّب انتقادات دولية، ومنظمات حقوقية عالمية، كونها قوانين تتناقض مع مواثيق دولية لحقوق الانسان، لتدّعي إسرائيل أنها أنظمة طوارئ مؤقتة بسبب أوضاع طارئة، بينما هي في واقع الحال، قوانين دائمة، تمتد على مدى سنين طويلة.
قانون "سلطة السجون"
القانون الأول ضمن القوانين الثلاثة المُشار إليها أعلاه، هو تمديد بند طوارئ في قانون سلطة السجون، الذي أُقرّ لأول مرّة في شهر شباط من العام 2005، وجرى تمديده كغيره من بنود قوانين طوارئ، ذات صلة، من حين إلى آخرـ، وكان التمديد الأخير له، ينتهي في اليوم الأخير من العام 2021 الجاري، وقد أقرّ الكنيست بالقراءة الأولى تمديد سريان هذا البند لثلاث سنوات أخرى، أي حتى اليوم الأخير من سنة 2024.
وينصّ القانون بشكل واضح، وكما جاء في تفسير مشروع تمديد القانون الذي قدّمته الحكومة وأقرّه الكنيست، أن تشغيل جنود الجيش الإسرائيلي في سلطة السجون، يكون فقط في أقسام السجناء الأمنيين والسياسيين، وأن الجندي يحافظ على كل شروط عمله في الجيش النظامي، خلال عمله في سلطة السجون.
قانون الشرطة
القانون الثاني ضمن القوانين الثلاثة، هو أيضًا بمثابة تمديد سريان بند طوارئ في قانون الشرطة، وقد أُقرّ لأول مرّة في العام 1995، ويجري تمديده تباعًا، مرّة كل بضع سنوات، وكان سريان هذا البند ينتهي في اليوم الأخير من العام الجاري 2021، وقد أقرّه الكنيست بطلب من الحكومة، وبالقراءة الأولى، لمدة ثلاث سنوات أخرى، أي حتى اليوم الأخير من العام 2024.
وينصّ بند الطوارئ هذا، على تعزيز قوات الشرطة بجنود في الخدمة العسكرية الإلزامية، إضافة إلى تعزيز قوات الشرطة بشكل دائم بقوات "حرس الحدود"، حيث أن عمل قوات "حرس الحدود" يتنقل بين الشرطة والجيش، ويتركّز نشاطها في الجيش بشكل خاص في أوقات الحروب، عدا عن أن قوات حرس الحدود تنشط بمهمات الاحتلال في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
وجاء في تفسير بند القانون الذي قدّمته الحكومة: "إن الحاجة الأصلية لتعزيز قوات شرطة إسرائيل بجنود ضمن الخدمة الإلزامية، إضافة إلى جنود "حرس الحدود"، نابع من الوضع الأمني، الذي يتطلّب من شرطة إسرائيل بذل جهودًا خاصة لإحباط "عمليات"، والحفاظ على الأمن الداخلي للدولة، وهو الوضع الذي ما زال قائما". جدير بالذكر أن القصد فيما ورد في تفسير القانون هو قمع مظاهرات فلسطينيي الداخل، التي تندلع من حين إلى آخر.
تفتيش بيوت من دون قرار محكمة
القانون الثالث ضمن القوانين السابقة، هو قانون جديد، ويُقرّ لأول مرّة، وحاليًا بالقراءة الأولى، وهو مطروح على جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة، وقد امتنعت الحكومات السابقة عن تمرير هذا القانون، نظرًا للانتقادات التي واجهها كونه يعتدي على الحريات، وحُرمة البيوت، فقط لمجرّد الظنّ، وقبل الشبهة.
سيتم تضمين هذا القانون في إطار بند قانون طوارئ، يستمر لمدة 18 شهرًا، من يوم إقراره بالقراءة النهائية، ولكن مصيره كباقي القوانين العسكرية والأمنية المشابهة، التي يتم تمديدها بشكل دوري.
وجاء في تعديل القانون، كبنود طوارئ، أنه يحقّ لشرطي وبمصادقة ضابط شرطة، تفتيش بيت أو مكان، دون أمر تفتيش، بقصد صادر عن محكمة، إذا كان عدم التفتيش الفوري سيحبط هدف التفتيش، ولم يكن بالإمكان الحصول على أمر محكمة بالتفتيش مسبقًا، وهذا شرط أن تتوفر الظروف التالية:
- المقيم في البيت أو صاحب المكان، يتوجه للشرطة لتلقي مساعدة بسبب شبهة جدية لاحتمال ارتكاب مخالفة.
- توجد شبهة جدية، بأنه وقت مخالفة من صنف جريمة، أو أن المخالفة انطلقت من ذلك المكان والبيت.
- شبهة جدية بوجود مواد متفجرة في البيت أو المكان، بهدف ارتكاب جرم خطير، وأن التفتيش مطلوب بشكل فوري، من أجل منع إخفاء الدليل، والتفتيش في هذا البند يتم:
1- بعد الحصول على موافقة ضابط شرطة.
2- يتم توثيق التفتيش بموجب تعليمات الشرطة.
- توجد شبهة جدية لارتكاب جرم خطير، إما من ذلك البيت أو المكان، أو أن مرتكب الجرم متهرب من اعتقال أو سجن، أو أنه فلت في قوة أمسكت بك في الميدان.
ويفسر القانون "جرم خطير"، هو الجرم الذي عقوبته من 10 سنوات وأكثر.
استنادا لنهج الشرطة والأجهزة الأمنية، فإن الاعتقاد السائد أن هذا القانون يستهدف العرب في إسرائيل، وأن تعريف "الجرم الخطير" بذلك الذي تصل عقوبته لـ 10 سنوات وأكثر، لا يُقلّل من خطورة القانون، كونه يستند إلى عن مجرّد "الظنّ"، أو "الشبهة" باحتمالية وقوع هذا الجرم، وهو غطاء سيتم استخدامه لتبرير كل عملية اقتحام للبيوت العربية الفلسطينية بسهولة وبقرار من ضابط شرطة فقط.