المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • منوعات
  • 3435

أشار تقرير جديد لـ"معهد سياسة الشعب اليهودي" التابع للوكالة اليهودية (الصهيونية) إلى أن عدد اليهود في العالم ارتفع خلال سبعة عقود بنسبة 29%، بينما عدد سكان العالم تضاعف ثلاث مرات خلال الفترة نفسها.

كما أشار التقرير إلى أن ارتفاع أعداد اليهود تخطى التقديرات التي وضعت قبل ست سنوات، وبات عددهم في العام الجاري حوالي 3ر14 مليون نسمة، بينما كانت التقديرات تتحدث عن 8ر13 مليون في العام 2020.

وحسب تقرير "معهد سياسة الشعب اليهودي"، فإنه مع انتهاء الحرب العالمية الثانية في العام 1945 بلغ عدد اليهود 11 مليون نسمة، وحسب الاحصائيات الصهيونية فإن جرائم النازية كانت قد جبت أرواح 6 ملايين يهودي. وبعد 70 عاما ارتفع عدد اليهود إلى 3ر14 مليون نسمة، أي ارتفاع بنسبة 29%، بينما عدد سكان العالم ارتفع في الفترة ذاتها بثلاثة أضعاف.

وكان الارتفاع الأكبر لعدد اليهود في العقدين التاليين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، ومن ثم بدأت وتيرة الارتفاع تنخفض، علما أن العامل الأبرز لانخفاض وتيرة ارتفاع عدد اليهود، هو الزواج المختلط في كل دول العالم.

وحسب تقارير إسرائيلية وأخرى صادرة عن معاهد صهيونية، فإن عدد اليهود في العالم يتراجع سنويا، باستثناء إسرائيل، التي تعوّض فيها الزيادة السنوية عن التراجع، وتحقق زيادة طفيفة في عدد اليهود في العالم.

ويضيف التقرير أنه منذ العام 2005 إلى العام الجاري 2015، ارتفع عدد اليهود في العالم بنسبة 8%، ما يعني بنسبة نحو 8ر0% سنويا، وهي نسبة أعلى من وتيرة السنوات الستين التي سبقت (21% مجتمعة). وفي العام 2014 ارتفع عدد اليهود في العالم بأكثر بقليل من مئة ألف نسمة، علما أن الزيادة وحدها في إسرائيل كانت بنحو 105 آلاف يهودي، ما يعني أن كل الزيادة تحققت في إسرائيل.

ويقول التقرير إن 90% من يهود العالم يعيشون في خمس دول، ويدعي أن في ثلاث منها شهد عدد اليهود ازديادا، من العام 2010 إلى العام 2014، وهي إسرائيل والولايات المتحدة وكندا، رغم أن كل التقارير التي ظهرت في السنوات الأخيرة دلّت على جمود في أعداد اليهود في الولايات المتحدة الأميركية، وفقط قبل عام ظهر بحث جديد أعاد النظر في عدد اليهود هناك، بعد ضم يهود لا تعترف بيهوديتهم الشريعة اليهودية.

ويقول التقرير إن هذه الاحصائيات تتعلق بمن تعترف بهم الشريعة اليهودية، بمعنى كل من أمه يهودية، في حين يرى التقرير أن هناك مجموعتين أخريين من اليهود الذين لا تعترف بهم الشريعة، ولكنهم يمارسون حياة يهودية تقريبا أو يعيشون بين اليهود. والمجموعة الأولى هم أولئك الذين استفادوا من قانون العودة الإسرائيلي، وهم من عائلات يهودية، أو لهم جذور يهودية، ويبلغ عددهم في إسرائيل حوالي 350 ألفا. والمجموعة الثانية يقدر عددها بنحو مليون نسمة، وغالبيتها الساحقة في الولايات المتحدة الأميركية، وهم ممن يعتبرون أنفسهم يهودا جزئيا، وغالبا تكون والدتهم يهودية، "ويعتزون بهذا الانتماء" حسب تعبير التقرير، ورغم اعتراف الشريعة اليهودية بيهوديتهم، إلا أنهم لا يمارسون الحياة اليهودية بكاملها.

وفي حال تم دمج المجوعتين مع أعداد اليهود في العالم، فإن العدد الإجمالي سيرتفع إلى 5ر15 مليون وحتى 16 مليون نسمة.

أعداد اليهود في العالم

ووفق الإحصائيات المعترف بها إسرائيليا، بلغ عدد اليهود في العالم، مع نهاية العام الماضي- 2014، ما يقارب 2ر14 مليون نسمة، بزيادة بنسبة 10% عما كان عليه عدد اليهود في العام 1970، رغم أن عدد سكان العالم قد ضاعف نفسه تقريبا في هذه الفترة، من 7ر3 مليار نسمة في العام 1970، إلى ما يزيد عن 7 مليارات نسمة حاليا. وتشير التوقعات إلى أنه في العام 2020 قد يراوح عدد اليهود مكانه، أو حتى يتراجع بقليل، على ضوء استمرار تراجع أعداد اليهود في جميع دول العالم، باستثناء إسرائيل، وهذا ناجم عن تراجع معدلات الولادة، ولكن السبب الأكثر تأثيرا هو "الزواج المختلط" بين اليهود وأبناء الديانات الأخرى.

وتقول سلسلة من التقارير إن الزواج المختلط بين اليهود وأبناء الديانات الأخرى في دول العالم، يتراوح ما بين 25% كأقل نسبة، وحتى 80% كما هي الحال في روسيا والجمهوريات المحيطة بها، بينما نسبة الزواج المختلط في إسرائيل تتراوح ما بين 3% إلى 5%، وفي غالب الأحيان يكون أحد الزوجين يهوديا لا تعترف المؤسسة الدينية بيهوديته.

ويتسبب الزواج المختلط بخروج الأجيال التالية من الديانة اليهودية، التي تعترف باليهودي الذي فقط والدته يهودية، حتى لو كان والده ليس يهوديا، ففي حال تزوج اليهودي من غير يهودية، فإن أبناءه لا يُعدون يهودا، بينما أثبتت تقارير أنه في حال تزوجت يهودية من غير يهودي، واعتبر أبناؤها يهودا، فهم غالبا يتبعون والدهم، ولا يعتبرون أنفسهم يهودا.

يضاف إلى كل هذا التوجهات العلمانية المتزايدة لدى الكثير من المجتمعات اليهودية في أوطانها، وخاصة في الولايات المتحدة، كما يؤكد هذا التقرير مجددا.

وأكبر تجمع لليهود في العالم بات في إسرائيل، منذ نحو 8 سنوات، وكان عدد اليهود في إسرائيل في العام الماضي، قرابة 180ر6 ملايين نسمة، مقابل حوالي 425ر5 مليون في الولايات المتحدة، وفق احصائيات الخبير الديمغرافي سيرجيو ديلا فيرغولا، والمعتمدة في إسرائيل، وهذا رغم أن احصائيات العام الماضي كانت تتحدث عن 25ر5 مليون يهودي أميركي، إلا أن التعديل لدى فيرغولا، كما يبدو، جاء في أعقاب تقديرات أكبر بكثير من معاهد أخرى.

ويقول التقرير إن عدد اليهود في أميركا الشمالية 805ر5 مليون، من بينهم 380 ألفا في كندا، والباقي في الولايات المتحدة، وفي أميركا اللاتينية يعيش قرابة 385 ألفا، وأكبر تجمع لهم في الأرجنتين، حيث يوجد أكثر من 181 ألف يهودي، تليها البرازيل- أكثر من 95 ألفا، ثم المكسيك- 40 ألفا، وفي باقي الدول قرابة 40 ألفا.

ويبلغ عدد أبناء الديانة اليهودية في القارة الأوروبية، باستثناء الجمهوريات السوفييتية السابقة، 134ر1 مليون نسمة، وأكبر تجمع لهم في فرنسا- 478 ألف نسمة، ثم المملكة المتحدة- 290 ألفا، وألمانيا- 118 ألفا، وهنغاريا- 48 ألفا، وفي باقي الدول 200 ألف.

وبقي في الجمهوريات السوفييتية السابقة، بعد موجات الهجرة الضخمة إلى إسرائيل والعالم والاندماج المتسارع في الديانات الأخرى، 289 ألفا، من بينهم 190 ألفا في روسيا، و65 ألفا في أوكرانيا، وحوالي 35 ألفا يتوزعون في باقي الجمهوريات.

يشار هنا إلى أن التقرير يُظهر أنه منذ العام 1989، وحتى العام الماضي- 2013، وصل إلى إسرائيل 61% من اليهود الذي غادروا دول الاتحاد السوفييتي، بينما الباقي هاجروا إلى دول أوروبية وأميركية. كما يشار إلى أنه حسب تقديرات سابقة، فإن نحو 130 ألف يهودي من الذين هاجروا إلى إسرائيل، عادوا إلى أوطانهم الأصلية في تلك الدول، وغالبيتهم ما تزال تحمل الجنسية الإسرائيلية.

ويقول التقرير إنه في دول مختلفة من القارة الآسيوية يعيش قرابة 20 ألف يهودي، إضافة إلى ما يقارب 75 ألفا في القارة الأفريقية، غالبيتهم الساحقة في جنوب أفريقيا- 70 ألفا، و2400 يهودي في المملكة المغربية، و2300 يتوزعون في دول أفريقية عدة.

ويعيش في القارة الأسترالية نحو 120 ألف يهودي، من بينهم 112 ألفا في أستراليا ذاتها، والباقي في نيوزيلندا.

ازدواجية الجنسية

ولغرض إعداد هذا التقرير لـ "المشهد الإسرائيلي" توجهنا إلى الخبير الإسرائيلي الأبرز في الشؤون الديمغرافية، البروفسور سيرجيو ديلا فيرغولا، المحاضر في الجامعة العبرية في القدس، بسؤال حول ما إذا كانت هذه الإحصائيات تأخذ بالاعتبار ازدواجية الجنسية.

وبحسب تقديرات، فإن أكثر من 40% من اليهود الإسرائيليين بحوزتهم جنسية ثانية من أوطانهم الاصلية، أو أوطان أهاليهم، وهناك من يعتقد أن النسبة أعلى وقد تصل إلى 50%، خاصة بعد موجة الهجرة في سنوات التسعين والألفين. إلى ذلك فحسب التقديرات هناك 800 ألف من حملة الجنسية الإسرائيلية مقيمون في الخارج، غالبيتهم الساحقة في إطار مهاجرين.

ويقول ديلا فيرغولا إن الإحصائيات المعتمدة هي تلك الصادرة عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، التي تتعامل مع من هم مقيمون في إسرائيل، وليس المهاجرين، بعكس إحصائيات وزارة الداخلية الإسرائيلية، التي تحصي من بحوزتهم جنسية، بمن فيهم المهاجرون.

وأشار إلى أن أعدادا يصعب تحديدها من هؤلاء قد يكونون في عداد الموتى، ولم يتم تبليغ الداخلية الإسرائيلية عنهم. واعتمادا على هذا، وبحسب فيرغولا، فإن هذه الإحصائيات لا تشمل المهاجرين الإسرائيليين، الذين نحو 550 ألفا منهم مقيمون بشكل دائم في الولايات المتحدة الأميركية.

وبموجب تقارير سابقة، فإن إحصاء اليهود في دول العالم عدا إسرائيل يتم من خلال عدة قنوات، إما من خلال المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية اليهودية في تلك الأوطان، أو من خلال استطلاعات، كما هي حال الولايات المتحدة الأميركية، لأن غالبية دول العالم المتطور لا تشير إلى الديانة في سجلات سكانها.

الهجرة بين الدول والأعداد المستقبلية

ويقول تقرير "معهد سياسة الشعب اليهودي"، إنه في العام 1945 كان في فلسطين 5% من عدد اليهود في العالم، وارتفعت النسبة إلى 43% في هذه المرحلة. ويضيف أنه في العقود السبعة الأخيرة، هاجر خمسة مليون يهودي من قارة إلى أخرى، وإذا أخذنا بعين الاعتبار عدد اليهود في هذه الفترة، ما بين 11 مليونا إلى 14 مليونا، فإن هذه نسبة هائلة. ويؤكد أن ثلثي هؤلاء اختاروا الهجرة إلى إسرائيل، والثلث الأخير هاجر إلى دول أخرى، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية.

ويشير التقرير إلى أن وتيرة الهجرة لم تكن واحدة على مر السنين، وأن هجرة العقد الأخير من القرن العشرين الماضي، خاصة إلى إسرائيل (تحرك أكثر من مليون يهودي بغالبيتهم إلى إسرائيل) قد رفع من معدلات الهجرة اليهودية في العالم.

ويشير التقرير إلى أن التقديرات التي وضعها مختصون كبار، أبرزهم ديلا فيرغولا في العام 2009، بارتفاع عدد اليهود من 3ر13 مليون في ذلك العام إلى 8ر13 مليون في العام 2020، لم تأخذ بعين الاعتبار التطورات الديمغرافية بين اليهود، فعدد اليهود وفق التقديرات الجديدة في العام الجاري، حوالي 3ر14 مليون نسمة، أي بزيادة نصف مليون عما كان متوقعا لبعد خمس سنوات من الآن.

ويعزو التقرير هذا التغير لعدة أسباب منها ارتفاع معدلات الولادات خاصة في إسرائيل، وأيضا توجه اليهود ليتركزوا في تجمعات كبيرة متطورة، تساعدهم على التمسك بهويتهم، ومثل هذه التوجهات موجودة في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، ولكن التقرير لا يذكر التجمع الثالث لأبناء الديانة اليهودية، فرنسا، التي فيها نحو 478 ألف يهودي.

نشير هنا إلى أمرين، وهما أولا، أن إحصائيات اليهود التي تصدر سنويا، شهدت تغيرا واضحا في العامين الأخيرين، من خلال تغير الإحصائيات في الولايات المتحدة الأميركية، برفع العدد من 25ر5 مليون نسمة، كإحصاء ثابت لسنوات عديدة، إلى 45ر5 مليون نسمة منذ عامين، وهذا كما ذكر سابقا هنا بحسب تغير في احتساب تقدير أعداد اليهود.

وثانيا، ارتفاع معدلات مواليد اليهود في إسرائيل في العقد الأخير بشكل ملحوظ، بسبب تزايد المواليد لدى جمهور المتدينين المتزمتين "الحريديم"، الذين تبلغ نسبة التكاثر بينهم ما بين 5ر3% إلى 8ر3% سنويا، وهي من أعلى النسب العالمية، إن لم تكن أعلاها، إذ يبلغ معدل الولادات للأم الواحد في حدود 7 ولادات. ويليهم جمهور المتدينين من التيار الديني الصهيوني، إذ تقدر نسبة التكاثر السكاني بينهم بنحو 8ر2%، ومعدل الولادات للأم الواحدة في حدود 5ر4 ولادة.

المصطلحات المستخدمة:

الصهيونية

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات