تحوّلت مدينة حيفا منذُ ثلاثينيّات القرن الماضي – في فترة الانتداب البريطانيّ - إلى مركزٍ صناعيّ وصارت صاحبة الميناء الأضخم في فلسطين. تخلّل ذلك تطوير شبكة الطرق والقطارات في المنطقة ومصانع أخرى في مجالات النفط، الأمر الذي ساهم بشكلٍ مباشر في ازدياد انبعاثات العديد من الملوّثات في الهواء.
نستعرض في هذا الحوار مع الباحثة سميّة فلاح الإشكاليّات المتعلقة بتلوّث منطقة خليج حيفا ومآلاتها، والمتراكمة منذُ بدايات القرن الماضي، وسنحاول أن نعطي تمهيداً لفهمِ تلوّث الهواء في منطقةِ حيفا خاصّة وفلسطين عموماً، وما هي العوامل المختلفة التي تؤثر على تركيزات ملوثات الهواء في خليج حيفا؛ مع العلم أن مستويات تلوّث الهواء المُقاسة في منطقة خليج حيفا اليوم منخفضة نسبياً مقارنة بالتركيزات التي تم قياسها في مناطق أخرى من البلاد، وكانت كذلك على الأقل خلال العقد الماضي، خصوصاً مع صدور العديد من التقارير الصحافيّة والأبحاث التي تشدّد على تلّوث خليج حيفا بمستوياتٍ عالية. سنحاول من خلال الحوار استيعاب التحوّلات الجارية وأثرها على صحّة السكّان في حيفا، وأيضاً إلقاء الضوء على مسؤولية المستوى السياسيّ والمهنيّ فيما يتعلق بالحدّ من الظاهرة أو عدمِ الاكتراث.
لم تفشل جولة الانتخابات الإسرائيلية التي تكررت للمرة الرابعة خلال نحو عامين، في إحداث التغيير المطلوب، وكسر الدائرة المفرغة وأزمة الحكم التي تعيشها المنظومة السياسية في إسرائيل، وتمنعها من تشكيل حكومة مستقرة فقط، بل إنها قضت أيضاً على ما سمي بـ"الأمل الجديد" الذي خرج من صفوف الليكود، وبشّر بإنهاء عهد نتنياهو.
حصل جدعون ساعر السياسي اليميني الذي انشق عن الليكود، وأسس حزبا أطلق عليه اسم "أمل جديد"، من أجل تحقيق هدف واحد، بات يشكل قاسما مشتركا لمعسكر عابر للأيديولوجيات وبديلا عن البرامج السياسية، ألا وهو إسقاط نتنياهو، في هذه الجولة على ستة مقاعد فقط، وهو ما جعله خيبة الأمل الأكثر مرارة لكل من طمح بإخراج نتنياهو من مكتب رئاسة الوزراء.
بين محطة انتخابية وأخرى، تصعد أسهم الأحزاب أو تهبط، تتباين النتائج عن الاستطلاعات والتوقعات أو تتفق معها، وتنشأ أحزاب وحركات جديدة وتندثر أخرى. ولكن في انتخابات الكنيست الرابع والعشرين التي جرت يوم الثلاثاء الماضي، ثمة حقيقة عارية لا يتكرر وقوعها كثيرا في حياة الأحزاب والأمم، ولا حتى في إسرائيل التي تجنح أكثر فأكثر ومع كل دورة انتخابية نحو اليمين والتطرف، فقد نجحت الكهانية المتجددة ممثلة بحزب "قوة يهودية" ("عوتسما يهوديت") برئاسة إيتمار بن غفير في الانتقال من الشارع ومن ميادين المواجهات الصاخبة والعنيفة مع الفلسطينيين أو مع الشرطة، إلى الكنيست من خلال حصول حزب "الصهيونية الدينية"، بمركباته الثلاثة وهي الاتحاد الوطني وحركتي "نوعم" و"قوة يهودية"، على ستة مقاعد.
أبقت الانتخابات البرلمانية الرابعة التي جرت يوم 23 آذار الجاري إسرائيل في دوامتها السياسية، القائمة منذ 23 شهرا، بحيث لم يحصل الليكود وحلفاؤه الفوريون على الأغلبية المطلقة، وإنما على 59 مقعدا من أصل 120 مقعدا، فيما حصلت باقي الكتل، على مختلف توجهاتها، على 61 مقعدا، وهذا لا يعني أنها كتل متماسكة في الموقف ضد استمرار حُكم بنيامين نتنياهو، لذا من السابق لأوانه الحديث عن انتخابات خامسة تجري في الصيف المقبل، على الرغم من أنها احتمال قائم حتى الآن.
بالرغم من الادعاء، الذي يتكرر في إسرائيل في الأشهر الأخيرة، بأنّ معركة الانتخابات الحالية للكنيست الإسرائيلي الـ 24 تنحصر بين معسكرين اثنين، هما معسكرا إمّا "نعم لبيبي" وإما "لا لبيبي" ـ أي، بين مؤيدي رئيس الحكومة الحالية ورئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، من جهة، وبين معارضيه من جهة أخرى، إلا أن الجمهور الإسرائيلي عموماً يؤكد أنه سيصوّت حسب المواقف والبرامج التي تطرحها الأحزاب السياسية والقوائم الانتخابية المختلفة المشاركة في الانتخابات، وليس حسب اعتبارات شخصية. هذا أحد الاستنتاجين المركزيين اللذين الذي يمكن استخلاصهما بوضوح من نتائج استطلاعيّ الرأي الأخيرين اللذين أجراهما "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" خلال الأسابيع الأخيرة، عشية الانتخابات التي ستجرى يوم غد الثلاثاء 23 آذار ـ استطلاع "الصوت الإسرائيلي لشهر شباط 2021"، الذي نُشرت نتائجه في مطلع آذار الجاري، ثم استطلاع رأي ثانٍ، استثنائيّ، نشرت نتائجه يوم 14 الجاري. أما الاستنتاج الثاني فهو أن ثمة مسافة غير قصيرة تفصل بين مواقف الأحزاب في القضايا المركزية وبين مواقف المصوتين لهذه الأحزاب، ما يعني أن لا تجانس ولا انسجام دائماً بين موقف الحزب في قضية معينة وموقف المصوتين له، أو بعضهم على الأقل.
تجري يوم غد الثلاثاء 23 آذار الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية للكنيست الـ 24، وهي جولة الانتخابات الرابعة التي تجري في غضون 23 شهرا، بعد أن تعثر تشكيل حكومة ثابتة، بعد كل واحدة من الجولات الثلاث، إذ أن الحكومة التي تشكلت بعد الانتخابات الأخيرة، كانت حكومة قلاقل منذ يومها الأول ولم تصمد سوى 8 أشهر. وتتنافس في الانتخابات 37 قائمة، من بينها 13 قائمة مرشحة لتجاوز نسبة الحسم، والفوز بتمثيل برلماني، في حين تشير الاستطلاعات إلى تعزز قوة الليكود وحلفائه الفوريين، ما يتيح لبنيامين نتنياهو إمكانية تشكيل حكومة ثابتة، ولو بأغلبية هشة.
الصفحة 121 من 324