المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 2339

نشرت صحيفة "هآرتس"، قبل عدة أشهر، تقريرا حول إهمال السلطات الإسرائيلية عنف الشرطة ضد اليهود الأثيوبيين، جاء فيه أن أبناء هذه الطائفة "فقدوا ثقتهم بالسلطات، الشرطة وأجهزة التعليم والرفاه، وقد تجذر هذا الأمر في السلوك اليومي، مثل أن يمد الشاب الأثيوبي يده إلى جيبه بحركة سريعة كي يتأكد من أنه يحمل بطاقة هويته، بمجرد أن يرى سيارة شرطة".

ودقق بحث أعده البروفسور غاي بن بورات والدكتور بيني يوفيل من جامعة بئر السبع، وصدر قبل أقل من عامين، في مواقف أقليات مختلفة تجاه الشرطة.

وتبين من البحث أن 31% من الأثيوبيين لا يثقون بالشرطة، بينما كانت هذه النسبة بين سائر السكان 15%. وقال 41% من الأثيوبيين إن دوريات الشرطة تستوقفهم من دون مبرر في أحيان متقاربة جدا، بينما هذه النسبة كانت 17% بين سائر السكان. واعتبر 27% من الأثيوبيين، و5% فقط بين سائر السكان، أنه في حال قدموا شكوى ضد أفراد الشرطة فإن التعامل معهم سيكون أسوأ من التعامل مع غيرهم. وتبرر الشرطة هذه المعطيات وهذه النظرة إليها بأنه بين السنوات 2006 و2011 ارتفعت نسبة الملفات الجنائية ضد شبان أثيوبيين بـ8%.

وتتالت الشكاوى في الآونة الأخيرة حول تعمد الشرطة عدم إبلاغ ذوي فتية قاصرين بأمر اعتقالهم. وقالت الصحيفة إن الشبان الأثيوبيين يخافون من التحدث حول عدوانية الشرطة تجاههم، ولذلك فإن الكثيرين منهم يتحدثون إلى وسائل الإعلام طالبين عدم الكشف عن هويتهم. وقال أحدهم، ويدعى أفاتا، لـ"هآرتس" إنه "كم سيدوم تأثير تقريركم؟ بعد أسبوع سيمسك أفراد الشرطة بنا في الشارع ويقولون لنا إننا وشينا بهم. ولن يدافع عنا أحد، وسنضطر إلى مواجهة ذلك لوحدنا".

ولا ينحصر التعامل العنصري مع الطائفة الأثيوبية في الشرطة.

وقال تقرير "هآرتس" إن الأثيوبيين يلقون معاملة عنصرية وإهمالا من جانب الوزارات أيضا. وصرح مسؤولون بأن على الحكومة وضع توجه جديد وشامل تجاه المجتمع الأثيوبي يتجاوز البيروقراطية الموجودة. وعُقدت مداولات عديدة حول هذا التوجه بمشاركة منظمات من المجتمع الأثيوبي. وجرت بلورة توصيات وبرامج عمل. لكن جهات شاركت في هذه العملية، قالت إنه بدأ يتعالى نقاش مؤخرا حول الجهة التي ينبغي أن تشرف على تطبيق السياسة الجديدة. وتبين أن مكتب رئيس الحكومة ووزارة استيعاب الهجرة يتصارعان من أجل ألا يتوليا هذه المهمة.

وقال حاخامون أثيوبيون إن الحاخامية الرئيسية في إسرائيل تميز ضدهم وتضطهدهم، وذلك على خلفية لون بشرتهم السوداء فقط، رغم التحديات التي واجهوها من أجل أن يتمكنوا من نقل عشرات الآلاف من اليهود من أثيوبيا إلى إسرائيل و"من أجل الحفاظ على يهوديتهم ومعتقداتهم في أثيوبيا في الماضي".

وجاء في تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن الحاخامية الرئيسية قلصت الغالبية العظمى من صلاحيات الحاخامين الأثيوبيين، ومنعتهم من مزاولة أبسط مهامهم، مثل عقد قران عروسين أثيوبيين، وحتى أنها أرغمت بعضهم على إجراء عملية ختان ثانية، ولم تعترف بالختان الذي أجري في أثيوبيا. ويشار إلى أن ختان الذكور هو أمر إلزامي في الديانة اليهودية.
والتعامل العنصري مع الأثيوبيين في إسرائيل لم يتوقف عند هذا الحد.

العام 1996 أثيرت قضية "إبادة وجبات الدم" التي تبرع بها مواطنون أثيوبيون لبنك الدم.

أن خدمة الإسعاف الأولي الإسرائيلية- "نجمة داوود الحمراء"- أبادت آلاف وجبات الدم بادعاء أنها قد تكون مصابة بجرثومة مرض الإيدز. وقد أثارت هذه القضية غضبا في أوساط الطائفة الأثيوبية وتم تنظيم مظاهرات، خاصة بعد أن أظهرت تحاليل أن نسبة ضئيلة للغاية من هذه الوجبات تحتوي على الجرثومة. رغم ذلك، فإن "نجمة داوود الحمراء" ما زالت تحظر تبرعات بالدم من أشخاص من أصول إفريقية.

وهناك قضية ثانية أثيرت في الأعوام الأخيرة وتتعلق بقيام أطباء وممرضات إسرائيليات بحقن النساء الأثيوبيات، من دون علمهن، بمادة "ديبو بروفيرا" لمنع حملهن، خلال تواجدهن في معسكر بانتظار نقلهن إلى إسرائيل، كما أن هذه الممارسات استمرت لفترة محدودة في إسرائيل أيضا.

إلى جانب ذلك، يرفض رؤساء سلطات محلية إسرائيلية، استيعاب الأولاد الأثيوبيين في مدارس مدينتهم.

معطيات عامة حول اليهود الأثيوبيين

بلغ عدد السكان من أصل أثيوبي في إسرائيل 5ر135 ألف في نهاية العام 2013، وفقا لمعطيات نشرها مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي في نهاية العام 2015. وولد 9ر85 ألف بينهم في أثيوبيا و6ر49 ألف ولدوا في إسرائيل. وتسكن غالبية الأثيوبيين في منطقتي وسط إسرائيل (38%) وجنوبها (24%).

88% من الأثيوبيين متزوجون من أثيوبيات، ومعدل سن الزواج في هذا المجتمع 3ر29 سنة بين الرجال و4ر26 سنة بين النساء، وهو أعلى من معدل الزواج بين اليهود في إسرائيل. وتنجب المرأة الأثيوبية 8ر2 طفل بينما هذه النسبة ترتفع إلى 3 أطفال بين اليهود عموما في إسرائيل.

ويتعلم 3ر51% من التلاميذ الأثيوبيين في مدارس تابعة لجهاز التعليم الحكومي – الديني، و3ر45% في جهاز التعليم الحكومي. وتقدم 88% من التلاميذ الذي أنهوا الصف الثاني عشر إلى امتحانات البجروت (التوجيهي)، بينما هذه النسبة هي 82% في مجمل جهاز التعليم العبري. لكن نصف الأثيوبيين الذين تقدموا لامتحانات البجروت استحقوا الحصول على شهادة البجروت، فيما النسبة العامة في جهاز التعليم العبري هي 62%. ويشار إلى أن نسبة التلاميذ الأثيوبيين الذين يتسربون من المدارس الرسمية هي 5ر5% بينما النسبة العامة في جهاز التعليم العبري هي 5ر4%. ومعطيات التسرب هذه لا تشمل المدارس الدينية الخاصة.

ومعدل الفقر في المجتمع الأثيوبي أعلى منه في المجتمع الإسرائيلي بشكل عام، وتشير المعطيات إلى أن قرابة 70% من الأولاد، دون سن 18 عاما، هم من عائلات تعيش تحت خط الفقر. كذلك فإن نسبة الطلاق مرتفعة في المجتمع الأثيوبي، و18% من الأولاد يعيشون في عائلات أحادية الوالدين، وربع الأولاد يعيشون في عائلات مكونة من أكثر من ستة أنفار. كما أن نصف أبناء الشبيبة الأثيوبيين يعيشون في عائلات سن الوالدين فيها أعلى من 55 عاما.

وأظهر بحث نُشر في العام 2011 أن 53% من المُشغلين الإسرائيليين يرفضون تشغيل أثيوبيين، وذلك من دون علاقة بمؤهلاتهم. كذلك تبين أن 70% من المشغلين يمتنعون عن ترقية الأثيوبيين الذين يعملون لديهم.

كذلك أظهر بحث أجري في العام 2012 أن العاملين الأثيوبيين يربحون ما بين 30% إلى 40% أقل من العاملين العرب، لأن الكثيرين منهم يعملون داخل مجتمعهم الصغير.

وتشير أحدث المعطيات إلى أن حوالي 50% من الجنود الأثيوبيين دخلوا إلى السجن أثناء فترة خدمتهم العسكرية.

ونسبة الانتحار بين الأثيوبيين أعلى بعشر مرات من النسبة العامة في إسرائيل، وفقا لتقرير جرى تقديمه للكنيست في نهاية العام 2011.

وتتماثل الغالبية العظمى من الأثيوبيين مع اليمين الإسرائيلي، وبضمن ذلك حزب الليكود. وهم يمتنعون عن التصويت لحزب العمل، الذي انبثق من حزب "مباي" الذي حكم إسرائيل حتى العام 1977، وذلك بسبب رفضه تهجيرهم إلى إسرائيل. ورغم ذلك فإن أول عضو كنيست من أصول أثيوبية، وهو أديسو مسالا، انتخب ضمن قائمة حزب العمل. وجرى عشية انتخابات العام 2006 تأسيس حزب أثيوبي، لكنه حصل على 14 ألف صوت فقط ولم يتجاوز نسبة الحسم.

ودخل الكنيست عدد قليل جدا من الأثيوبيين، وهم شلومو مولا من حزب كديما، وأبراهام نغوسا من حزب الليكود، وشمعون سولومون وبنينا تمنو - شاتا من حزب "يش عتيد" (يوجد مستقبل). كذلك ضمت قوائم مرشحي معظم الأحزاب الإسرائيلية مرشحين أثيوبيين لكنهم لم ينتخبوا.

وهناك عدد من المنظمات في المجتمع الأثيوبي في إسرائيل وتنشط في عدة مجالات، وأبرزها المنظمات التالية:
الرابطة الإسرائيلية من أجل يهود أثيوبيا: وهي منظمة اجتماعية تنشط في مواضيع متنوعة، وانبثقت عن الرابطة الأميركية من أجل يهود أثيوبيا، التي نشطت منذ العام 1969 وحتى العام 1993.

منظمة "فيدل": تأسست في العام 1996 وتنشط في مجال التربية والتعليم والاندماج الاجتماعي لأبناء الشبيبة الأثيوبيين بواسطة المدارس. وتقوم المنظمة بتفعيل مراكز للشبيبة في أنحاء البلاد وبرامج جماهيرية للأهالي.

منظمة "نصعد معا": تأسست في العام 2006 وتنشط في مجال التقدم في المجالين القيادي والعمل.

منظمة "تبكا": تأسست في العام 1999 وهي منظمة قانونية تعمل في المجال الحقوقي لصالح المجتمع الأثيوبي.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات