قيادة الشرطة ووزارة الأمن الداخلي تتحديان قرار المحكمة العليا مضاعفة عقوبة سجن شرطي أدين بقتل مواطن عربي

جلس الشرطي الإسرائيلي شاحر مزراحي مزهوا بنفسه في قاعة المحكمة العليا، في يوم 21 تموز الماضي، رغم أن قضاة المحكمة الثلاثة أصدروا قرارا بمضاعفة عقوبة السجن عليه بعد قتله الشاب محمود غنايم من مدينة باقة الغربية، قبل أربع سنوات. فقد حكمت عليه المحكمة المركزية في حيفا بالسجن 15 شهرا، لكن بعد الاستئناف على هذا القرار حكمت المحكمة العليا عليه بالسجن 30 شهرا. وأكدت المحكمة العليا، بتركيبة ثلاثة قضاة برئاسة رئيسة المحكمة، القاضية دوريت بينيش، أن الشرطي مزراحي أطلق النار عمدا وبشكل غير قانوني على المرحوم من مسافة قصيرة جدا، في الوقت الذي لم يشكل فيه المرحوم خطرا على حياة الشرطي القاتل.

*منظمات حقوقية: يجب وضع هذه الحادثة وتداعياتها في السياق العام لعنف الشرطة وعدائها إزاء المواطنين العرب*

جلس الشرطي الإسرائيلي شاحر مزراحي مزهوا بنفسه في قاعة المحكمة العليا، في يوم 21 تموز الماضي، رغم أن قضاة المحكمة الثلاثة أصدروا قرارا بمضاعفة عقوبة السجن عليه بعد قتله الشاب محمود غنايم من مدينة باقة الغربية، قبل أربع سنوات. فقد حكمت عليه المحكمة المركزية في حيفا بالسجن 15 شهرا، لكن بعد الاستئناف على هذا القرار حكمت المحكمة العليا عليه بالسجن 30 شهرا. وأكدت المحكمة العليا، بتركيبة ثلاثة قضاة برئاسة رئيسة المحكمة، القاضية دوريت بينيش، أن الشرطي مزراحي أطلق النار عمدا وبشكل غير قانوني على المرحوم من مسافة قصيرة جدا، في الوقت الذي لم يشكل فيه المرحوم خطرا على حياة الشرطي القاتل.

لكن القاتل مزراحي جلس في قاعة المحكمة مرفوع الرأس وملامح وجهه لم تدل على أن قلقا يساوره من "تشديد" الحكم عليه. وكان يحيط به شرطيون وأفراد عائلته ومندوبون من نقابة زوجات أفراد الشرطة. جميع هؤلاء كانوا يؤيدونه. كذلك فإن الأجواء في جهاز الشرطة كانت مؤيدة له، والمفتش العام للشرطة، دودي كوهين، ووزير الأمن الداخلي، يتسحاق أهارونوفيتش، يربتان على كتفه ويقولان له "عافاك"، إذ إنه قتل عربيا. وبعد صدور قرار المحكمة العليا، طالب مزراحي بالحصول على عفو من قبل الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريس، ودعمه بذلك كوهين وأهارونوفيتش. وإلى جانب دعم الشرطة فإن وسائل الإعلام المركزية وقفت إلى جانبه. وساعد في حشد الدعم للشرطي اتهام الضحية بأنه كان يسرق سيارة عندما قُتل. وقد اكتفت المحكمة العليا بالحكم 30 شهرا سجنا على منفذ حكم إعدام على شخص يزعم أنه ارتكب جرما لا تزيد عقوبته على بضع سنوات قليلة في السجن، بل ربما يخرج بريئا، كما تؤكد عائلة الضحية.

وفي أعقاب صدور قرار المحكمة العليا تم تنظيم تظاهرة في القدس طالبت بإلغاء الحكم على مزراحي من خلال عفو ومنحه وساما! وحضر مزراحي ووالدته وشقيقته إلى وزارة الأمن الداخلي وكان أهارونوفيتش في استقبالهم. وفي ختام اللقاء قدم الوزير، الذي ينتمي إلى حزب "إسرائيل بيتنا"، طلبا لبيريس لإصدار عفو عن هذا الشرطي.

وقال أهارونوفيتش إنه "لا يوجد خلاف على وجوب القبول بقرار المحكمة، لكن إلى جانب ذلك فإن العفو يأتي للتعبير عن الشعور الصعب الذي تم تمريره [من خلال قرار الحكم] إلى أفراد الشرطة". من جانبه قال مزراحي إن اللقاء مع الوزير "كان جيدا وخرجت منه متشجعا. إنه لأمر جيد أن تشعر بأن الشرطة تدعمك". كذلك عبر المفتش العام للشرطة عن دعمه لمزراحي ودعا إلى إصدار عفو عنه. لكن وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن مصادر قانونية رفيعة المستوى قولها إن "ثمة احتمالا ضئيلا لإصدار عفو عن مزراحي، خصوصا وأنه لم يطرأ تغير دراماتيكي منذ صدور قرار المحكمة العليا".

كذلك أعلن مفوض مصلحة السجون الإسرائيلية السابق وعضو الكنيست عن حزب كاديما المعارض، أرييه بيبي: "إنني مصدوم تماما، ولا أعرف كيف سيرغب أفراد الشرطة بعد اليوم في حماية المواطنين. أنا أشتعل بسبب القرار، لأنه ظلم جهاز الشرطة كله. هذا القرار يعبر عن انعدام ثقة بأفراد الشرطة. والمشكلة هنا هي المحكمة العليا ونحن سنخوض نضالا من أجل إصدار عفو من الرئيس".

"انفلات مسنود"

في إثر هذه التصريحات بعثت المحامية عبير بكر، من مركز "عدالة" لحقوق الأقلية الفلسطينية في إسرائيل، برسالة إلى وزير العدل الإسرائيلي، يعقوب نئمان، والمستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، يهودا فاينشطاين، أشارت فيها إلى تكرار الحوادث التي تقوم بها الشرطة بإطلاق النار تجاه المواطنين العرب بشكل غير قانوني. ولفتت أيضا إلى أنه لم تصدر كلمة واحدة على لسان أفراد الشرطة حول وجوب احترام حياة وسلامة المواطنين بغض النظر عن مكانتهم وانتماءاتهم.

واعتبرت المحامية بكر في رسالتها موقف قيادة الشرطة أنه "بمثابة رسالة إلى رجال الشرطة مفادها أن كل شرطي يستطيع مخالفة القانون وقيادة الشرطة ستقف إلى جانبه في كل حال وستسعى جاهدةً إلى إفلاته من العدالة. وبهذا تصبح الجهة المؤتمنة على تطبيق القانون هي ذاتها الجهة التي تشجع على مخالفته". وأضافت الرسالة أنه "يجب وضع هذه الحادثة وتداعياتها في السياق العام لعنف الشرطة وعدائها إزاء المواطنين العرب الذي وصل ذروته في أكتوبر 2000. وقد ذكرت لجنة أور، التي حققت في أحداث أكتوبر 2000، في تقريرها، أنه يجب أن تجتث من جذورها النظرة العدائية للشرطة تجاه المواطنين العرب والتي تغذيها الآراء السلبية والمسبقة. وبدلا من أن يصبح قرار الحكم ضد الشرطي مزراحي محطة لمحاسبة النفس داخل الشرطة، فإن دعم قيادة الشرطة لمزراحي حوّله إلى محطة إضافية للتشجيع على مخالفة القانون".

وأكدت بكر على أن "منح الشرطي مزراحي العفو وعدم دخوله للسجن سيكون بمثابة الضوء الأخضر أمام كل شرطي لاستخدام القوة والسلاح في عمله بشكل غير قانوني مع علمه بأنه سيحظى بدعم قيادة الشرطة ولن يضطر لدفع أي ثمن جراء ذلك".

ورد فاينشطاين برسالة بعث بها مساعده المحامي راز نيزري إلى "عدالة"، وجاء فيها أنه لزام على الجميع "احترام القرارات القضائية والامتناع عن إصدار تصريحات منفلتة أحيانا، تفتقر إلى أي أساس في الوقائع". وشدد على أن "واجب احترام قرارات الحكم يتزايد لدى الحديث عن جهات تطبيق القانون، وخصوصا في الحالات التي تكون فيها خلافات وفيما يعتقد البعض أن النتائج خاطئة وظالمة".

وأشار مركز "مساواة" لحقوق المواطنين العرب في إسرائيل إلى أن هذا هو الشرطي الثاني الذي يدان ويسجن في ملف قتل مواطن عربي. وكان مركز مساواة بالتعاون مع مؤسسات حقوقية إضافية قد تابع 45 ملف قتل لمواطنين عرب من قبل رجال شرطة ومدنيين يهود. وأكد المركز على أن القرار ما زال خفيفا مقارنة مع قرارات محاكم سابقة بملفات قتل غير متعمد. وطالب مركز مساواة الشرطة بتعويض عائلة المرحوم غنايم على مصابها وعلى حملة التحريض ضد المغدور والتي قادتها الشرطة وجمعيات اليمين الفاشي.

وانتقد وكيل عائلة المرحوم، المحامي عامي هولندر، سلوك الشرطة في الموضوع وعبر عن رضاه من مضاعفة الحكم بالسجن. إلا إنه أكد على أنه في السنوات الأربع الماضية كان يجب أن تحدث 4 أمور وهي: كان على الشرطي الاعتذار لعائلة المرحوم، وكان يجب أن يتم إقصاء مزراحي من العمل في الشرطة، وكان يجب أن يتلقى عقابه بالسجن، وعلى الدولة أن تعوض العائلة على فقدان ابنها والنتائج المأساوية التي سببها القتل.