صورة تجمع وزيريّ الدفاع (غالنت) والمالية (سموتريتش). (صحف)
تقارير، وثائق، تغطيات خاصة

يتناول التقرير السنوي لمراقب الدولة الإسرائيلية المؤرّخ في شهر أيار 2024 والذي تم تقديمه إلى الكنيست بموجب قانون مراقب الدولة للعام 1958 عدداً من المواضيع مقسّمة إلى جزأين، الجزء الأول يتناول مراقبة جهاز الأمن، والجزء الثاني يتناول الرقابة على وزارات الحكومة ومؤسسات الدولة.

يفتتح المراقب في مقدمة التقرير بأحداث يوم السبت السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ويعدّد فيها مفصّلاً "إطلاق كثيف لآلاف الصواريخ والقذائف على المستوطنات في جنوب البلاد ووسطها" و "اختطاف 256 إسرائيلياً: تم إطلاق سراح أو إنقاذ 124 منهم من الأسر، وبقي 132 في الأسر"، ويشير إلى أنه "تم قتل واغتيال 1542 إسرائيلياً، منهم 604 قتلى من الجيش الإسرائيلي، واصابة 15,140 جريحاً... وإجلاء عشرات الآلاف من سكان المستوطنات المحيطة بغزة من منازلهم، بينما هم يعانون من الصدمات الشديدة التي انتابتهم في ذلك اليوم. في أعقاب اندلاع القتال في الجبهة الشمالية، تم أيضاً إجلاء عشرات الآلاف من سكان المستوطنات في الحدود الشمالية من منازلهم".

وينوّه المراقب في مقدمته إلى أنه: "كما أعلنتُ سابقاً، فإن مكتبنا يجري رقابة شاملة تتناول عدة قضايا تتعلق بمجزرة السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وحرب "السيوف الحديدية". حسب رأيي فإن اجراء رقابة لفحص أداء أصحاب جميع الرتب على كافة المستويات لوظائفهم في يوم ارتكاب المجزرة، في الفترة التي سبقتها والفترة التي تلتها، هي واجب جماهيري وأخلاقي". هذه النقطة ترتبط بالنقد الذي خرج من المؤسسة العسكرية ضد مراقب الدولة لمجرّد إعلانه البدء بالمراجعة والفحص قبل انتهاء الحرب وقبل أن يقدّم الجيش نتائج تحقيقاته الداخلية في الأحداث.

جدل مفتوح بين الجيش والمراقب بسبب إعلانه البدء بالمراجعة

وكان المراقب وجّه رسالة إلى رئيس أركان الجيش أواخر كانون الثاني الماضي قال فيها إنه "كما كنت قد أجبت وصرّحت في الماضي، لا نية لرقابة الدولة في التدخل في مجهود الجيش الاسرائيلي الحربي. بدءا من الأسبوع الأول بعد 7.10 وحتى اليوم، قامت طواقم الرقابة في مكتب مراقب الدولة بعشرات الزيارات الميدانية في المنطقة مع عقد المئات من اللقاءات مع مختلف الجهات.  أدت هذه الزيارات واللقاءات إلى صياغة قائمة مفصلة لأوجه القصور والإخفاقات الكبيرة فيما يتعلق بالمعالجة الحكومية للجبهة الداخلية المدنية. تم تسليم رئيس الحكومة قائمة الإخفاقات في الوقت الحقيقي لغرض التصحيح الفوري".

وتابع: "طوال هذه الفترة، كنت قد وجهت تعليمات لجميع طواقم الرقابة في مكتب مراقب الدولة بعدم القيام بزيارات في معسكرات الجيش ولقاءات مع جهات في الجيش بغرض عدم صرف انتباه الجيش عن الحرب. مع ذلك، بعد أكثر من 100 يوم من الحرب انتقل بها الجيش لمراحل قتالية مختلفة، كما تم التصريح من قبل جهات في الجيش، يجب أن يتم إجراء فحص عميق وثاقب من قبل رقابة الدولة على جميع المستويات- السياسية، العسكرية والمدنية بخصوص الإخفاقات التي أدت إلى أحداث 7.10 (...) وكل ما هو مطلوب من قبل طواقم الرقابة في هذا الوقت هو الوصول إلى مستندات، من أجل الاستعداد لاستمرار عمليات الرقابة". ونوّه إلى أنه "من الواضح للجميع بأنه لا يمكن الاكتفاء بأن يقوم الجيش الاسرائيلي بالتحقيق مع نفسه بخصوص الإخفاقات التي كان متورطا بها". وكذلك: "لا جدل في أهمية ومساهمة إنشاء لجنة تحقيق حكومية للتحقيق في الحرب والأحداث التي أدت إلى الهجوم الإرهابي القاتل يوم 7.10"، كما كتب.

وقد ردّ في حينه رئيس أركان الجيش على مراقب الدولة بطلب تأجيل التحقيق المخطط له في الإخفاقات وقال إن "الجيش في خضم حرب غير مسبوقة. التحقيق سيصرف انتباه القادة عن القتال، وسيضر بقدرة التحقيق العملياتي، ولن يسمح باستخلاص الدروس اللازمة لتحقيق أهداف الحرب". واعتبر أنه: "ليست هناك سابقة لإجراء مثل هذه المراجعة خلال الحرب. وبناء على هذا سأطلب تحديد تاريخ بدء التدقيق بطريقة تمكن الجيش من تكريس الاهتمام والموارد المناسبة".

المراقب: أوجه قصور في التقارير المقدمة إلى لجان وزارية وبرلمانية

الموضوع الأول الذي تم فحصه في هذا السياق هو "ميزانية تفويض التزام وزارة الدفاع" مفسّراً أنه "المبلغ الأقصى الذي يمكن للوزارة الالتزام به في سنة معينة، وهو يسمح لها بعقد تعاقدات لسنوات عديدة بمبالغ تصل إلى عشرات مليارات الشواكل سنويا". ويضيف أنه "في الرقابة حول موضوع تخطيط ميزانية تفويض التزام وزارة الدفاع والرقابة عليه تم الكشف عن أوجه القصور في أنشطة وزارة المالية ووزارة الدفاع في إطار عمليات التخطيط لميزانية التفويض لالتزام الوزارة. وتم الكشف عن أن شعبة الميزانيات في وزارة الدفاع لا تخطط لتخصيص ميزانية تفويض الالتزام للهيئات وتحديثها على مدار العام بالشكل الأمثل".

ويتابع أنه "على الرغم من أن ميزانية تفويض الالتزام لا تغطي غالبا جميع احتياجات الهيئات، ففي حوالي 40% من البرامج التي تم تخصيص ميزانية لها في السنوات 2017 إلى 2022 (باستثناء سنة 2021) سُجلت معدلات تنفيذ تصل إلى 40% من ميزانيتها المحدّثة، وفي حوالي ربع البرامج سُجلت معدلات تنفيذ تصل إلى 20%. كما أنه تم منح زيادات في الميزانية لحوالي 15% من البرامج التي لم يتم تنفيذها على الإطلاق خلال العام، بمبلغ قوامه 58 مليون شيكل إلى 2.2 مليار شيكل".

بالإضافة إلى ذلك، يقول: "تبين من الرقابة أنه لا تُعرض أمام اللجنة الوزارية صورة كاملة للوضع بشأن اقتناء المعدات بما يسمح للجنة بإجراء فحص شامل لتأثيرات الميزانية المتعلقة بتنفيذ مشروع أمني معين على ميزانية الأمن في السنوات التالية. هذا بالرغم من أنه وفقاً لتقدير مكتب مراقب الدولة، بقي لدى المؤسسة الأمنية هامش عمل بشأن الميزانية يصل في المتوسط إلى عدة مليارات من الشواكل سنوياً ما بين السنوات 2023 إلى 2027 (استنادا إلى فرضية موسّعة)، والتي تبلغ في المتوسط حوالي 10% فقط من المصادر المقدرة لهذه السنوات. وكشف التقرير أيضاً عن أوجه قصور في تقرير وزارة الدفاع المقدم إلى اللجنة المشتركة في الكنيست حول التغييرات ربع السنوية في ميزانية تفويض الالتزام، حيث وصل المبلغ التراكمي لها في الفترة من الربع الأول من العام 2017 إلى الربع الثاني من العام 2022 إلى مبلغ 68.5 مليار شيكل".

بيانات الممتلكات الثابتة غير معروضة بمجملها في التقارير المالية

في سياق متّصل بما ذُكر أعلاه، فحص المراقب التقارير المالية لدولة إسرائيل حتى تاريخ 31.12.2022، مع التركيز على الممتلكات الثابتة. إجمالي الممتلكات المعروضة في التقارير المالية للدولة حتى 31.12.22. هو حوالي 2009 مليار شيكل، مقابل حوالي 799 مليار شيكل - إجمالي الممتلكات حتى 21/12/31. وهناك زيادة تبلغ حوالي 151%، وهي ناجمة عن أن التقرير حول الحالة المالية شمل لأول مرة إجمالي مساحة الأراضي التي تملكها الدولة كفائض موازنة. ويبلغ إجمالي الأملاك الثابتة مضافاً إليها إجمالي الأراضي التي تملكها الدولة نحو 85% من إجمالي الممتلكات. الممتلكات الثابتة هي عنصر ملموس، يتم الاحتفاظ به لاستخدامه في إنتاج، أو تزويد السلع أو الخدمات، أو للتأجير للآخرين أو لتلبية احتياجات إدارية، ومن المتوقع استخدامه لأكثر من فترة واحدة.

ويؤكد المراقب أن للممتلكات الثابتة أهمية كبيرة في ما يتعلق بمخزون ممتلكات الدولة ولها تأثير كبير على جميع تقاريرها المالية، ولذلك من المهم أن يكون الاعتراف بالممتلكات الثابتة وتسجيلها وقياسها بشكل صحيح من الناحية الحسابية. تبين في الرقابة أنه في العام 2022 طرأ تقدم فيما يتعلق بالتسجيل المذكور - تم إدراج الأراضي لأول مرة في متن الموازنة، ولكن بيانات الممتلكات الثابتة لا تزال غير معروضة في مجملها في التقارير المالية للدولة، وهي تتضمن العديد من التحفظات وتفتقد لعناصر هامة، لا سيما ممتلكات وزارة الدفاع، بعض الممتلكات في خارج البلاد وبعض الممتلكات غير الملموسة وكذلك البيانات حول الأملاك المتعلقة بالعائدات من الموارد الطبيعية بمبلغ يقارب 34.8 مليار شيكل.

وخلص إلى أنه: يجب على المحاسب العام أن يكمل تخطيط مسح الأملاك الثابتة التي بملكية الدولة بما في ذلك تخطيط مسح الأملاك التي تملكها وزارة الدفاع لغرض تسجيلها الحسابي وعرضها بشكل جيد في التقارير المالية للدولة. بالإضافة إلى ذلك، يجب عليه التأكد من تصحيح النواقص والعيوب التي أثيرت في هذا التقرير فيما يتعلق بطريقة عرض الأملاك الثابتة وإكمال البيانات. كذلك يجب على المحاسب العام الاستمرار في تحسين بيانات الأراضي لعرضها بشكل كامل وتام في التقارير المالية للدولة.

 

توصية لوزارتي المالية والدفاع بتحسين تخطيط ميزانية تفويض الالتزام

يخلص التقرير إلى أنه "نظرا لأهمية ميزانية تفويض الالتزام لعمل جهاز الأمن، ونظرا لضخامة هذه الميزانية وتأثيرها على تصلب ميزانية الأمن، يوصي مكتب مراقب الدولة وزارة المالية ووزارة الدفاع بتحسين عمليات تخطيط ميزانية تفويض الالتزام، وبلورة مقترح الميزانية على ضوء الالتزامات متعددة السنوات بالشواكل وبالعملة الأجنبية المخصصة للمساعدة وتوسيع نطاق المعلومات المقدمة للمجلس الوزاري لاقتناء المعدات عند قيامه بفحص تأثيرات الميزانية على تنفيذ المشاريع الأمنية. كما يوصى التقرير بأن تقوم وزارة الدفاع ووزارة المالية، بالتنسيق مع اللجنة المشتركة في الكنيست، بتحسين جودة التقرير ربع السنوي حول التغييرات في ميزانية الأمن".

ويهتم المراقب بعد تقديم الصورة المتعلقة بالميزانيات وتخطيطها بالإشارة إلى أنه قد "تم إعداد هذه الرقابة قبل اندلاع الحرب. نؤكد على أن أوجه القصور والتوصيات الواردة في تقرير الرقابة تكتسب أهمية بالغة في ضوء الزيادة المتوقعة في ميزانية الأمن، بما في ذلك ميزانية تفويض الالتزام، وكذلك في ضوء الالتزامات في ميزانية الأمن لسنوات متعددة، والتي ستكون مطلوبة أثناء الحرب وبعدها".

وكتبت الصحيفة الاقتصادية "غلوبس" في هذا الشأن بأن مراقب الدولة يشير إلى مشاكل في سلوك جهاز الأمن مع الميزانية المخصصة للتفويض بالالتزام. بداية، هناك غياب للشفافية مع وزارة المالية. وعلى النقيض من النظام الذي يسمح لوزارة المالية بمراقبة إدارة ميزانية جميع الوزارات الحكومية، فإن وزارة الدفاع تمتلك شبكة مستقلة، يتم من خلالها الاتفاق على عدد محدود من التقارير مسبقا مع وزارة المالية التي تم التوقيع عليها مع المزوّدين، حول محتويات الطلبيات وطبيعة الشراء، حول مراحل الدفع، وحول وتيرة تنفيذ الطلبيات والمزيد.

وتابعت الصحيفة أن زارة المالية مهتمة بالوصول إلى مستويات تفصيلية إضافية من المعلومات، لكنها تلقت ردا سلبيا من المؤسسة الأمنية - وهذا على الرغم من أن لجنة خاصة أقيمت لمراجعة ميزانية الأمن، في أيار 2014 من قبل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في أعقاب قرار مجلس الوزراء بمراجعة ميزانية أمن دولة إسرائيل قد ذكرت بالفعل أن "هناك شفافية كاملة لبيانات ميزانية الأمن بين أمور أخرى لوزارة المالية، وأن اللجنة ترى أن الشفافية الكاملة فقط هي التي ستؤدي إلى تحسن كبير في القدرة على إجراء مناقشة حول موازنة وزارة الأمن".