تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.

برزت أول من امس، الاثنين، خلافات في المفاوضات حول توسيع الحكومة الإسرائيلية بين رئيس حزب 'يسرائيل بيتينو' (إسرائيل بيتنا)، أفيغدور ليبرمان، ووزير المالية، موشيه كحلون، حول 'إصلاحات التقاعد' للمهاجرين إلى إسرائيل من دول الاتحاد السوفييتي السابق.

وقال ليبرمان خلال اجتماع كتلة 'يسرائيل بيتينو' في الكنيست، إنه 'لأسفي لم نتوصل بعد إلى اتفاقات في موضوع إصلاحات التقاعد، ونحن بانتظار اقتراح آخر'، مضيفا أن هذه الإصلاحات هي 'لصالح الجميع وليس لصالح المهاجرين، مثلما يطرحون الموضوع'، وأنها تأتي من أجل مساعدة الطبقات الضعيفة، وأن الكثيرين من هذه الطبقات هم من المهاجرين الجدد.

لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، سعى إلى طمأنة كتلة حزب الليكود في الكنيست، قائلا إنه 'توجد مفاوضات، ولكن هناك صعود وهبوط فيها. وهذا يتطلب جهدا، وتوجد أزمات في كل مفاوضات. لا شيء ينهار، سيستغرق هذا الأمر وقتا، وغايتي هي حكومة واسعة'.

وأضاف نتنياهو أن 'أمامنا تحديات كبيرة وكذلك توجد فرص غير قليلة. ومن بين أسباب وجود هذه الفرص التغيرات الحاصلة في المنطقة، وأنا أتعامل معها... سنعمل من أجل توسيع الحكومة ونحن نفعل ذلك من أجل الاستمرار في قيادة الأمن والاقتصاد'.

ووضع رئيس حزب 'البيت اليهودي' ووزير التربية والتعليم، نفتالي بينيت، عقبة جديدة أمام توسيع الحكومة، وطالب نتنياهو بتصحيح إخفاقات المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، التي تطرق إليها مراقب الدولة، القاضي المتقاعد يوسف شبيرا، في تقرير نشره مؤخرا حول العدوان على غزة في صيف العام 2014، وذلك كشرط لموافقة 'البيت اليهودي' على ضم 'يسرائيل بيتينو' إلى الحكومة وتعيين ليبرمان وزيرا للدفاع.

وقال بينيت إنه 'على ضوء دروس عملية الجرف الصامد (العدوان على غزة) وحرب لبنان الثانية، اللتين لم يتم فيهما إطلاع الكابينيت على معلومات نوعية، ولم يؤهل الوزراء فيهما لمهمتهم ولم يعملوا بالشكل المناسب في ساعة الامتحان كمسؤولين عن الجيش الإسرائيلي، فإني أطالب رئيس الحكومة بأن ينفذ الخطة لتصحيح عيوب الكابينيت'.

ومن بين الأمور التي تشملها هذه الخطة، تعيين سكرتير عسكري لأعضاء الكابينيت، تكون مهمته الاهتمام بإطلاع أعضاء الكابينيت على المستجدات الأمنية وإعدادهم لتنفيذ مهامهم، وزيادة جولات الوزراء في المواقع الأمنية وتسهيل وصولهم إلى المعلومات.

ويبدو أن نتنياهو لن يستجيب لطلب بينيت، وقال وزير السياحة، ياريف ليفين، المقرب من نتنياهو والذي يجري باسم الأخير المفاوضات مع ليبرمان، 'إننا لا نُجري مفاوضات جديدة حول فتح الاتفاقيات الائتلافية مع أي شريك، بما في ذلك حزب البيت اليهودي. وبيان الحزب يمس بالقدرة على استكمال توسيع الحكومة القومية، وأتوقع من قادة البيت اليهودي التصرف بموجب المسؤولية المطلوبة'.

اختلاف مواقف بين نتنياهو ويعلون
أعلن نتنياهو وليبرمان، الأسبوع الماضي عن التوصل إلى تفاهمات بينهما حول انضمام الأخير إلى الحكومة، وذلك في الوقت نفسه الذي كان يفاوض فيه نتنياهو رئيس كتلة 'المعسكر الصهيوني'، إسحق هرتسوغ، حول الانضمام إلى الحكومة.

وأثار الإعلان عن نية نتنياهو ضم ليبرمان إلى الحكومة، وتعيينه وزيرا للدفاع مكان موشيه يعلون، عاصفة سياسية في إسرائيل، وصلت ذروتها باستقالة يعلون وإعلانه 'عدم ثقته' بنتنياهو.
وأعلن هرتسوغ أنه لن ينضم إلى حكومة يشارك فيها ليبرمان، علما أنه يشارك في هذه الحكومة حزب يميني أكثر تطرفا، وهو حزب 'البيت اليهودي'.

وأعلن يعلون عن نيته الاستقالة صباح يوم الجمعة الماضي، من خلال تعليق كتبه في صفحته على موقع 'فيسبوك'، وعقد مؤتمرا صحافيا في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، ظهر اليوم نفسه، أعلن فيه الاستقالة بصورة رسمية، والتي أصبحت سارية المفعول الأحد، ليتولى نتنياهو منصب وزير الدفاع إلى حين توقيع اتفاق ائتلافي مع ليبرمان.

وكتب يعلون في صفحته على 'فيسبوك' أنه 'أبلغت رئيس الحكومة هذا الصباح بأنه في أعقاب أدائه في التطورات الأخيرة، وعلى ضوء انعدام الثقة به، فإني أستقيل من الحكومة والكنيست وسأعتزل الحياة السياسية لفترة'.

وقال يعلون خلال المؤتمر الصحافي 'لا نية لدي بمغادرة الحياة السياسية والعامة في الدولة'، مضيافا أنه سيعود إلى التنافس على 'قيادة الدولة'.

وأشار يعلون إلى الخلافات مع نتنياهو وعدد من أعضاء الكنيست في الليكود وأحزاب اليمين. وقال إنه 'لأسفي الشديد وجدت نفسي، مؤخرا، أخوض خلافات شديدة حول قضايا أخلاقية ومهنية مع رئيس الحكومة وعدد من الوزراء وأعضاء الكنيست. وصارعت بكل قوتي ضد مظاهر التطرف والعنف والعنصرية في المجتمع الإسرائيلي، التي تهدد مناعته وتتغلغل إلى الجيش الإسرائيلي أيضا وتلحق ضررا بنا'.

والخلافات التي ذكرها يعلون مرتبطة بقضية الجندي إليئور أزاريا، الذي أعدم الشاب الفلسطيني عبد الفتاح الشريف في مدينة الخليل فيما كان مصابا بجروح خطيرة وممدا على الأرض وعاجزا عن الحركة. وندد يعلون بسلوك هذا الجندي، بينما هاتف نتنياهو والد الجندي وعبر عن التضامن معه.

وتتعلق القضية الثانية التي اختلف الاثنان حولها بتصريحات نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال يائير غولان، وتشبيهه الأجواء في صفوف اليمين المتطرف والمستوطنين بالأجواء التي سادت ألمانيا النازية قبل الحرب العالمية الثانية.

وعبر يعلون عن دعمه لغولان بعد تعرض الأخير لتهجمات من جانب اليمين المتطرف، ومن جانب وزراء وأعضاء كنيست في حزبي الليكود و'البيت اليهودي' خصوصا، كما أن نتنياهو هاجم هذا الجنرال بشدة بسبب أقواله.

ويشار إلى أن يعلون عبر في كلتا الحالتين عن موقف القيادة العليا للجيش الإسرائيلي، التي ترى أن اليمين المتطرف يحاول إملاء تعليمات إطلاق النار واستسهال الضغط على الزناد ضد الفلسطينيين.

وزاد الخلاف بين نتنياهو ويعلون، أقوال الأخير خلال مراسم عسكرية، يوم الأحد من الأسبوع الماضي، حيث طالب ضباط الجيش بعدم الخوف من التعبير عن مواقفهم حتى لو كانت تتعارض مع 'القيادة السياسية العليا'، وهو ما فُسر بأن نتنياهو يُسكت الضباط الذي يعبرون عن مواقف لا تنسجم مع مواقفه.

الأمر المهم في هذا السياق، هو أن الخلافات بين يعلون ونتنياهو تعبر عن صدام بين اليمين واليمين المتطرف. إذ إن رموز اليمين 'الليبرالي'، التقليدي، أيدوا يعلون، بينما سعى نتنياهو إلى التعبير عن مواقف اليمين المتطرف والمستوطنين.

وعقب نتنياهو على استقالة يعلون بالقول إن 'قرار يعالون يؤسفني. وأعتقد أنه كان ينبغي عليه الاستمرار في أن يكون شريكا في قيادة الدولة من خلال منصب وزير الخارجية. والتغيير في توزيع الحقائب الوزارية لم ينبع من أزمة ثقة، وإنما نبع من الحاجة إلى توسيع الحكومة، وذلك من أجل استقرار دولة إسرائيل. وأعتقد أنه لو لم يطالب يعلون بترك وزارة الدفاع والانتقال إلى وزارة الخارجية، ما كان سيتطور ما يسميه هو أزمة ثقة بيننا، ولم يكن سيستقيل'.

وتطرق نتنياهو إلى أقوال يعلون حول ظاهرة التطرف في المجتمع الإسرائيلي وتأثيرها على الجيش، وادعى أن 'الجيش الإسرائيلي هو جيش أخلاقي. وهو يحافظ وسيستمر في المحافظة على أعلى القيم الأخلاقية، وفي مقدمتها طهارة السلاح. لا يوجد ولن يكون أي خلاف حول ذلك. ومحاولة إقحام الجيش الإسرائيلي وضباطه في النقاش السياسي هو أمر مرفوض، وهو خطر على الديمقراطية'.

وأضاف نتنياهو أن 'الليكود يؤمن بالديمقراطية. والليكود هو حركة قومية ليبرالية، حركة ملتزمة بالحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. والليكود يعبر عن التيار المركزي في الشعب، وهو ملتزم بأمن الدولة والسعي إلى السلام'.

وأثارت استقالة يعلون ردود فعل وانتقادات، داخل الائتلاف الحكومي وخارجه. وقالت وزيرة المساواة الاجتماعية، غيلا غامليئيل، من حزب الليكود، إنه 'لو كان السلوك تجاهه مختلفا وليس مستخفا، لمنعنا استقالته اليوم'.

من الجهة الأخرى، رحب حزب 'البيت اليهودي' باستقالة يعلون، وكان هذا الحزب قد وصف يعلون بأنه 'كارثة أمنية تسير على قدمين'.

ودعا وزير الداخلية، أرييه درعي، من حزب شاس، يعلون إلى التراجع عن استقالته، ووصفه بأنه 'رجل أخلاقي وأعطى عشرات السنوات من أجل أمن إسرائيل'.

ومن صفوف المعارضة، قال وزير الدفاع الأسبق، عضو الكنيست عمير بيرتس، من كتلة 'المعسكر الصهيوني'، إن 'نتنياهو أوضح للجمهور أنه ليس زعيما للشعب كله، وإنما للجزء المتطرف فقط. ونجح بيبي بتنفيذ عملية تصفية اليوم ضد وزير دفاع دولة إسرائيل بعد أن نصب له كمائن مرة تلو الأخرى. ولو كان ذلك بسبب اعتبارات قومية فلا اعتراض، لكن هذه اعتبارات سياسية ضيقة وسلوك بشع'.

حزب يميني جديد لإسقاط نتنياهو
وجه سياسيون ومسؤولون أمنيون سابقون ومحللون في معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية المركزية انتقادات شديدة إلى نتنياهو في أعقاب ما وصفوه ب'الإطاحة' بيعلون، 'الجنرال ورئيس أركان الجيش الأسبق وأحد أفضل وزراء دفاع إسرائيل'، وتعيين ليبرمان مكانه رغم افتقاره المطلق للخبرة الأمنية والذي لم تمر قرب أذنه سوى كرات تنس، وليس رصاصا.

ورد نتنياهو على ذلك بالقول إن رئيس الحكومة هو الذي يقرر السياسة الأمنية ويتحمل المسؤولية عن أمن إسرائيل ومواطنيها.
لكن وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، موشيه أرنس، وهو من حزب الليكود ويعتبر 'عراب نتنياهو'، هاجم في مقاله الأسبوعي في صحيفة 'هآرتس'، أمس، استبدال يعلون بليبرمان، واعتبر أن الوزيرين ياريف ليفين وزئيف إلكين، اللذين أقنعا ليبرمان بالانضمام إلى الحكومة وفاوضاه، 'يعانيان من قصر نظر في كل ما يتعلق بالسياسة الإسرائيلية'.

وأضاف أرنس أن 'وزير الدفاع ليس وزيرا متساوي القيمة مع الوزراء الآخرين في الحكومة، وإنما هو أهم وزير في الحكومة. فهو الوزير الذي يتحمل المسؤولية المباشرة عن أمن إسرائيل، الأمن الشخصي لمواطنيها وحياة أولادهم الذين يخدمون في الجيش'.

ورفض أرنس الأقوال عن أن هناك جهات عديدة وأشخاصا كثيرين ضالعون في القرارات الأمنية ،وأن هوية الشخص الذي يشغل منصب وزير الدفاع 'تدل على جهل مدقع بكل ما يتعلق بطبيعة عمل جهاز الأمن'.

واعتبر أرنس أنه 'من الجائز أن الإطاحة بيعلون ستكون نقطة تحول في التاريخ السياسي لدولة إسرائيل. وهذا لم يتوقعه ليفين وإلكين. يتوقع حدوث زلزال سياسي، ربما سيستغرق وقتا، لكنه قادم، لأن من يزرع ريحا يحصد عاصفة'.

ويتفق محللون مع أرنس فيما يتعلق باحتمال تأسيس حزب جديد، على غرار حزب 'كديما' الذي أسسه رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، أريئيل شارون، في أعقاب تنفيذ خطة الانفصال عن قطاع غزة، عام 2005، بسبب معارضة شديدة لهذه الخطوة داخل حزب الليكود الذي كان شارون يتزعمه.

ورأى المحلل السياسي في القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، أمنون أبراموفيتش، أن هرتسوغ مصاب 'بمرض عضال سياسي، وتبقى له سنة أو سنتين في الحياة السياسية'، وأن حزب العمل الإسرائيلي، الذي يرأسه هرتسوغ، هو حزب 'بدون أفق' و 'لا يوجد أي احتمال لأن يفوز بالحكم' كبديل لحزب الليكود، وأن مصير العمل هو الانشقاق.

واعتبر أبراموفيتش، ومحللون آخرون أيضا، أن 'الحكم الحالي بالإمكان تغييره بواسطة حزب وسط له نكهة يمينية ولون قومي، ومساومة سياسية تعيد إسرائيل إلى مسار التاريخ وتحيّد الدولة الثنائية القومية. حزب كديما 2'.

وأضاف أن حزبا كهذا يمكن أن يتشكل من تكاتف كل من رئيس حزب 'ييش عتيد'، يائير لبيد، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، غابي أشكنازي، والوزير السابق من الليكود، غدعون ساعر، ويعلون.

من جانبه، اعتبر محلل الشؤون الحزبية في 'هآرتس'، يوسي فيرتر، أن يعلون 'سيستغل فترة اعتزال الحياة السياسية التي فُرضت عليه من أجل الاستعداد مجددا لتنظيم القوى ونشر البشرى'، لافتا إلى أسماء محتملة في حزب جديد، مثل ساعر والوزير بيني بيغن، ورئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، والوزير السابق، دان مريدور، ورئيس حزب 'كولانو' المنشق عن الليكود ووزير المالية الحالي، موشيه كحلون.

ورأى فيرتر أن 'حزبا يمينيا فقط تكون قيادته مقبولة على ناخبي الليكود ويشعر هؤلاء بالارتياح في التصويت له، بإمكانه صنع التغيير'.