ولد العام 1880 في اوديسا - روسيا. مؤسس وزعيم الحركة التصحيحية الصهيونية. درس الحقوق في جامعات سويسرا وايطاليا. بداياته في العمل العام كانت في الكتابة الصحافية لبعض الصحف الروسية، وظهرت عليه علامات التقرب من الصهيونية في أعقاب
بعض الاعمال المضادة لليهود في اوديسا العام 1903، وأخذ ينادي بضرورة محاربة التوجهات اللاسامية في روسيا، خاصة وفي أوروبا عامة. توصل إلى قناعة بأن مصير الصهيونية مرتبط إلى حدّ كبير بمسألة (تحرير فلسطين من أيدي الاتراك)، وأنه من الضروري المساهمة في المجهود الحربي لتحقيق هذه الغاية إلى جانب الحلفاء خلال الحرب العالمية الأولى. تولى قيادة الوحدة رقم 38 في الجيش البريطاني العام 1917 ورُقي إلى رتبة ليفتينانت وكان من أوائل الجنود الذين عبروا الأردن.
ولما وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها دعا إلى الاستمرار في التجند للكتائب العسكرية بحجة حماية المستوطنات في فلسطين، ولهذا اصطدم مع زعامة الحركة الصهيونية وعلى رأسها حاييم وايزمان، واعتبر جابوتنسكي أن توجه الصهيونية لين ومرن أكثر من اللازم. وألقي القبض عليه إثر قيامه بعمليات اعتداء على فلسطينيين في نيسان 1920 في القدس، ضمن سلسلة العمليات الارهابية التي نظمتها (الهاغاناه)، وحُكم عليه بالسجن مدة خمسة عشر عاماً مع الأشغال الشاقة في سجن عكا. أثار الحكم عليه ضجة واسعة في المستوطنات وخارج فلسطين ما دفع بعض القيادات الصهيونية إلى وضعه على رأس قائمة المرشحين لحزب (أحدوت هعفودا) استعداداً لانتخابات جمعية المندوبين الأولى، ولما أُفرج عنه من السجن في صيف 1920 إثر نيله عفواً عاماً تقرب من وايزمان وضُمّ إلى الإدارة الصهيونية العامة، وكان من بين الموافقين على التنازل عن المطالبة بالاردن، وهكذا قبل (الكتاب الابيض) الذي أصدره تشرتشل العام 1922.
ولكن تقاربه مع وايزمان لم يدم فترة طويلة، إذ إنه قام العام 1923 بالانسحاب من الإدارة الصهيونية العامة وأعلن عن تأسيس حركة (بيتار) وأصبح رئيسا لها. تبنى جابوتنسكي خط هرتسل في الفكر الصهيوني الداعي إلى تحضير الظروف السياسية لكل عملية استيطانية، وأخذ ينادي إلى توضيح صريح للهدف الصهيوني، وتبنى أيضاً شعار (ضفتي الأردن) ما أثار غضب حكومة الانتداب البريطانية وما حدا بسلطات الانتداب إلى منعه من دخول فلسطين إلى اجل غير مسمى العام 1930.
واجه جابوتنسكي الحركة العمالية التي اتهمها بأنها حجر عثرة امام تحقيق الفكر الصهيوني، أما الحركة العمالية فوجهت إليه تهماً شديدة بأنه ديماغوغي وفاشي وعدو للعمال، وساءت العلاقات بينه وبين الحركة العمالية في مطلع الثلاثينيات وبالأخص في أعقاب مقتل اورلوزوروف العام 1933.
جرى تقارب بينه وبين بن غوريون تمخض عن اتفاق بينهما العام 1934، ولكن الهستدروت العامة رفضت المصادقة على هذا الاتفاق، ما أدى إلى عودة تأزم العلاقات بينه وبين الحركة العمالية وقيادتها السياسية.
أصدرت اللجنة التنفيذية الصهيونية أمراً قضى بمنع أي عمل مستقل للاحزاب ضمن المنظمة الصهيونية، ما دفع بجابوتنسكي إلى الانسحاب من المنظمة الصهيونية، واقامة المنظمة الصهيونية الجديدة، وتولى رئاستها. وحاول من خلال هذه المنظمة الجديدة العمل ضد فكرة تقسيم فلسطين إلى دولتين، وشرع في اقامة علاقات مع حكومات أوروبية مثل بولندا من أجل تشجيع عمليات التخلص من اليهود فيها بهدف تقوية وتعميق هجرتهم إلى فلسطين. وكان مخططه يشمل عمليات تهجير منظمة من الدول الاوروبية الشرقية إلى فلسطين، ووضع رقماً وهو مليون ونصف مليون يهودي.
كان جابوتنسكي من الداعين والمشجعين لتنفيذ عمليات هجرة غير شرعية لليهود نحو فلسطين ابتداء من العام 1932. ورغم أنه نادى التنظيمات العسكرية الخاضعة له أو المؤيدة لفكره إلى عدم مواجهة القوات البريطانية أثناء اندلاع الثورة الفلسطينية، فإنه عاد ودعا عصابة (الايتسل) إلى تنفيذ عمليات إرهابية وتخريبية ضد مواقع ومؤسسات بريطانية.
نادى جابوتنسكي باقامة جيش عبري داخل الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية، بهدف العمل المشترك في مواجهة النازيين وما يقومون به ضد اليهود في المانيا، ومناطق أخرى في أوروبا.
توفي في شباط 1940 في الولايات المتحدة ونقل رفاته إلى القدس العام 1964 بعد سنوات طويلة من معارضة بن غوريون لذلك.
أجاد جابوتنسكي عدة لغات وقام بترجمة بعض الاعمال الادبية، من بينها بعض أشعار بياليك إلى اللغة الروسية، وترجم أيضاً فصولاً من الكوميديا الالهية لدانتي الاليجيري إلى العبرية.
يعتبر جابوتنسكي الأب الروحي والسياسي لحركة (الحيروت) التي تزعمها مناحيم بيغين، وتركت أفكاره أثراً بالغاً عليه وعلى كثيرين من اتباعه.