عشر سنوات من التقلبات السياسية

نتائج انتخابات البرلمانات الإسرائيلية السابقة القطاعية(حسب المعسكرات: يمين - متدينون، يسار ومركز)

كانت السنوات العشر الأخيرة، والتي تمَّ فيها التوقيع على اتفاقيات سلام مصيرية، وبُدىء بإخلاء المناطق الفلسطينية، وقتل رئيس وزراء، وانهارت عملية السلام واحتلت الأراضي الفلسطينية من جديد، سنوات مليئة بالكثير من الزلازل والتقلبات السياسية. وبينما شهدت الدولة انقلابا سياسيا واحدا، على مدى السنوات الـ 44 الأولى من إقامتها (وكان ذلك في العام 1977 عندما صعد إلى سدة الحكم حزب الليكود بقيادة مناحم بيغين)، شهدت السنوات العشر الأخيرة وحدها، أربعة انقلابات سياسية: اثنان لصالح اليسار (رابين في العام 1992 وبراك في العام 1999) واثنان لصالح اليمين (نتنياهو في العام 1996 وشارون في العام 2001).
عملياً، فقد كان هناك انقلاب سياسي في كل انتخابات جرت في هذا العقد، ولم يستطع، لا الليكود ولا حزب العمل، البقاء في السلطة لدورتين متعاقبتين. فإذا ما ربح شارون الانتخابات القريبة في كانون الثاني القادم، فإنّه سيكون رئيس الحكومة الأول، منذ 14 عاما، الذي يعود الى مكتب رئاسة الوزراء بعد انتخابات (الأخير الذي استطاع عمل ذلك كان شامير في العام 1988)، وسيكون رئيس الحكومة الأول، منذ 21 عاماً، الذي استطاع أن يُنتخب لفترة رئاسيّة إضافية (كان بيغين آخر رئيس وزراء نجح بذلك في العام انتخابات 1981).

استطاع كل من حزب العمل الليكود أن يحكم مدة خمس سنوات في العقد الأخير. لكن تركيبة الكنيست تشير إلى الازدياد التدريجي في قوة معسكر اليمين - المتدينين، بالإضافة إلى بعض أحزاب المركز، والتي تبرز فيها ميول يمينية (حزب يسرائيل بعلياه، والطريق الثالث وحزب المركز).

وإذا ما تميَّزت سنوات الثمانينات بالتعادل السياسي بين المعسكرين، فإنَّ نهاية ذلك العقد، وعلى وجه التحديد سنة 1988، شهدت كسر هذا التعادل لصالح اليمين. عملياً، عدا عن انتخابات سنة 1992 – عندما قاد رابين معسكر اليسار بـ 61 مقعداً في الكنيست – فإنَّ قوة معسكر اليمين قد زادت من دورة انتخابية لأخرى. حتى عندما فاز براك، بأغلبية ساحقة، في انتخابات رئاسة الحكومة في العام 1999، على ممثل اليمين نتنياهو، فإنَّ معسكر اليمين - المركز حصل على أغلبية المقاعد في الكنيست. فمنذ انتخابات 1992 وحتى انتخابات 1999 نجد بأنَّ قوة معسكر اليسار قد انخفضت بنسبة 22٪. في المقابل فقد خسر معسكر اليمين - المتدينين من قوته ما يعادل 8٪، ولكن إذا ما أُضيف لهذا للمعسكر حزب "يسرائيل بعالياه" وحزب "المركز" (الذي يضم خمسة أعضاء محسوبين على اليمين الإسرائيلي) فسنجد بأن قوة هذا المعسكر زادت بنسبة 7٪ .

سجَّلَت الانتخابات الإسرائيلية في العقد الأخير توجُّهاً جديداً، يشير بوضوح إلى انحسار قوة الأحزاب الكبيرة، وإلى الازدياد الواضح في تمثيل أوساط متوسطة وصغيرة في الكنيست. برز هذا التوجّه عندما غُيِّرَت طريقة الانتخابات في العام 1996، وبحسبها تمَّ التصويت لرئاسة الحكومة وللكنيست بورقتين. ويبدو بأَنَّ هذا التوجّه سيُكبَح عندما سيعود الناخبون الإسرائيليون، في الانتخابات المقبلة، للتصويت بورقة واحدة.

من الجدير ذكره بأن معسكرا جديدا في السياسة الإسرائيلية ظهر في انتخابات العام 1996، هو: معسكر المركز (والذي ضمَّ حزبَي: "يسرائيل بعلياه" و "الطريق الثالث")، وقد ازدادت قوة هذا المعسكر في انتخابات العام 1999 بـ 39٪ تقريباً (وذلك بعد ظهور أحزاب جديدة في هذا المعسكر، هي: حزب "شينوي"، حزب "المركز" وحزب "عام إحاد"). وكما ذُكر آنفاً فأن هذه الأحزاب أبدت ميولاً يمينية واضحة في مواقفها.

بعد فحص نتائج انتخابات الكنيست الـ 13، 14 والـ 15 يتبين ان الأحزاب، التي زادت قوّتها في السنوات العشر الأخيرة، هي: الأحزاب الدينية ("شاس" زادت قوّتها بنسبة 183٪ و"يهدوت هتوراه" بنسبة 25٪) والأحزاب العربية (والتي ازدادت قوّتها، مجتمعةً، بنسبة 250٪)، أما بقية الأحزاب فقد فقدت من قوّتها البرلمانية، وعلى وجه الخصوص حزب العمل (الذي فقد نسبة 41٪ من قوّته) وحزب الليكود (الذي فقد نسبة 40.6٪ من حجم قوّته في الكنيست).