وزير المالية الإسرائيلية: لا مؤشرات إلى قلق حقيقي في الاقتصاد الإسرائيلي

ويتوقع تباطؤًا في نسبة النمو الاقتصادي ويعترف بخلافات في التقديرات في وزارة المالية * محافظ البنك المركزي: إقرار الخطة الأميركية لا يعني زوال الخطر * مدير عام "بنك هبوعليم": الأزمة المالية ستنتقل إلى الاقتصاد الإسرائيلي مع تقلص الاستهلاك في الولايات المتحدة

ويتوقع تباطؤًا في نسبة النمو الاقتصادي ويعترف بخلافات في التقديرات في وزارة المالية *محافظ البنك المركزي: إقرار الخطة الأميركية لا يعني زوال الخطر *مدير عام "بنك هبوعليم": الأزمة المالية ستنتقل إلى الاقتصاد الإسرائيلي مع تقلص الاستهلاك في الولايات المتحدة

"المشهد الإسرائيلي"- خاص

قال وزير المالية الإسرائيلية، روني بار- أون، أمام جلسة الحكومة الأسبوعية، في مطلع الأسبوع، "إنه حتى الآن لا توجد مؤشرات إلى قلق حقيقي في الاقتصاد الإسرائيلي"، على خلفية الأزمة المالية العالمية، ومركزها الأساسي الولايات المتحدة.

إلا أن بار- أون استغل القلق الحاصل في المؤسسة الإسرائيلية ليدعو إلى عدم خرق إطار ميزانية إسرائيل للعام القادم 2009، وتوسيعها أكثر، حسب ما يطالب به حزب "العمل"، بزعم أن هذا يضعف من قدرة الميزانية على مواجهة تدهور الأوضاع الاقتصادية، إذ يطالب "العمل" بزيادة ميزانية العام القادم عن ميزانية العام الجاري بنسبة 5ر2%، بدلا من 7ر1% كما تريد وزارة المالية.

كما أن بار- أون قال في تصريحات صحافية إنه ما من شك في أنه سيكون هناك تباطؤ في النمو الاقتصادي، وإن الأزمة المالية ستصل لا محالة إلى الاقتصاد الإسرائيلي، إلا أنه اعتبر أن الأزمة قد تكون في نفس الوقت فرصة للاقتصاد الإسرائيلي على خلفية ما حققه الاقتصاد في السنوات الأخيرة من نمو.

واعترف بار- أون بوجود خلافات داخل وزارة المالية بشأن احتمالات النمو الاقتصادي في إسرائيل في العام القادم، فالتوقعات الحالية تشير إلى نسبة نمو مقدارها 5ر3%، لكن هناك توقعات لنسب أقل (طالع خبرا مفصلا في "المشهد الاقتصادي"- ص 4).

وعبر عن أمله بأن لا يكون انهيار، وقال إن وزارته تفحص التطورات لحظة بلحظة وتتخذ إجراءات احتياطية لمواجهة أي طارئ، كما أنه يتبادل المعلومات مع مسؤولي الاقتصاد في الولايات المتحدة. وأضاف قائلا: إن أسواق المال في إسرائيل تختلف عن تلك التي في الولايات المتحدة، كما أن الاقتصاد الإسرائيلي متنوع، وإنجازات الاقتصاد في السنوات الأخيرة في مجال النمو ومجال تراجع البطالة تجعل إسرائيل في وضع أفضل لمواجهة التطورات.

أما محافظ بنك إسرائيل المركزي، ستانلي فيشر، فقد قال خلال بحث في اللجنة البرلمانية للشؤون المالية، إننا تلقينا بشرى في نهاية الأسبوع بإقرار الخطة الاقتصادية الأميركية، لكن من السابق لأوانه القول إن الأزمة قد عبرت، فالجهاز المالي حساس ووضعيته هشة، ويجب الانتظار لرؤية كيف سيتم تطبيق هذه الخطة، ولهذا يجب توخي الحذر في كافة التحركات المالية والاقتصادية، وعدم الإسراع في استخلاص النتائج.

كما دعا فيشر الجمهور إلى التحلي بالمسؤولية قبل أن يحسم أمر توفيراته البنكية، من دون أن يقدم مشورته في هذا المجال.

وقال داني دنكنر، رئيس مجلس إدارة "بنك هبوعليم"، أكبر البنوك الإسرائيلية، خلال الجلسة ذاتها، "إن الجهاز المالي في إسرائيل قوي، ولهذا يجب الحفاظ على الاقتصاد لئلا ينزلق نحو الأزمة" في حين قدر مدير عام "بنك مزراحي طفحوت"، إيلي يونس، أن الأزمة المالية في الخارج ستتواصل لفترة طويلة، وحتى أنها قد تصل إلى الاقتصاد الإسرائيلي، ودعا إلى عدم انتظار وصول الأزمة، بل الإسراع في اتخاذ إجراءات وقائية لمواجهتها قبل وصولها.

وقال مدير عام "بنك هبوعليم"، تسفي زيف، خلال تلك الجلسة، إن الأزمة المالية ستنتقل إلى الاقتصاد الإسرائيلي مع تقلص الاستهلاك في الولايات المتحدة، وانتشار هذه الظاهرة في دول العالم، ويقصد بذلك التراجع التلقائي للصادرات الإسرائيلية إلى الدول الغنية والمتطورة، وخاصة الولايات المتحدة.

وقدر زيف أن يتقلص رأس مال البنوك الإسرائيلية بنسبة 30% في أعقاب الأزمة المالية، ولهذا سيكون على البنوك الإسرائيلية أن تتعايش مع وضعية جديدة قائمة على الأرباح من التوفيرات والقروض، بمعنى تراجع أرباحها في التجارة والقطاع الاقتصادي.

هذا وتعددت المعطيات في إسرائيل بشان حجم خسائر البنوك، وكبار أصحاب رأس المال في إسرائيل، من جراء الأزمة المالية في الولايات المتحدة. وقال أحد التقديرات إن خسائر البنوك الإسرائيلية قد تصل إلى ملياري دولار، ولكن هذا مرهون بشكل حركة البورصات الأميركية في الفترة القادمة بعد إقرار الخطة الاقتصادية الأميركية.

إسرائيل على عتبة عام ركود اقتصادي

وأكد المعلق الاقتصادي في صحيفة يديعوت أحرونوت، سيفر بلوتسكر، أن الرسالة الوحيدة التي دأبت الجهات الإسرائيلية المسؤولة على بثها، عقب الأزمة الحادّة في وول ستريت، فحواها أن الأوضاع الاقتصادية في إسرائيل مستقرة. وأضاف: في غمرة ذلك فإننا لا نصادف أي جهة تهاجم البنوك الإسرائيلية. كما أن سوق المال في تل أبيب لم يواجه حالة جمود، على غرار ما حدث في سوقي المال في لندن ونيويورك. وهناك محادثات مستمرة بين وزير المالية ومحافظ البنك المركزي.

وتابع: قال موظف حكومي إسرائيلي رفيع المستوى لي مؤخرًا إن "الأمر الأكثر خطورة، في الوقت الحالي، هو أن تؤدي شائعات بشأن وضع حرج لأحد البنوك أو لإحدى المؤسسات المالية إلى فزع عبثي في صفوف الجمهور العريض. ومن شأن فزع كهذا أن يتدهور إلى انهيار لا يوجد أساس اقتصادي أو مالي له على الإطلاق".

أضاف هذا الموظف أنه حتى لو اضطرت البنوك الإسرائيلية إلى خسارة مليارات الشيكلات، فإن قوتها المالية لن تتعرّض للمسّ الشديد. كما أن احتمالات تعويض الخسائر في صناديق التوفير والتقاعد في المستقبل كبيرة للغاية.

أمّا بالنسبة لتداعيات الأزمة [في وول ستريت] على الاقتصاد الإسرائيلي نفسه فقد بات من الواضح أن العام المقبل سيكون عام ركود اقتصادي في إسرائيل. وستنخفض نسبة نمو الاقتصاد الإسرائيلي في سنة 2009 إلى أدنى من 3%، وسيزداد العجز الحكومي من 5ر1% إلى 2%من مجمل الناتج القومي. لكن يبدو أن انخفاض أسعار النفط والمواد الخام، التي تستوردها إسرائيل، سيعوّض المصاعب التي قد تواجهها في مجال التصدير.

أمّا المعلق الاقتصادي في صحيفة معاريف، يهودا شاروني، فقال إن العثور على موظف رفيع المستوى في وزارة المالية أو في بنك إسرائيل يوافق على أن يتطرّق، في الوقت الحالي، إلى الأزمة المالية الراهنة، تعتبر واحدة من أصعب المهمات. وأضاف: إن ما بلغ مسامعنا إلى الآن هو تصريح أدلى به وزير المالية الإسرائيلية، روني بار- أون، وفحواه أن هناك مناعة لدى البنوك والاقتصاد في إسرائيل، ولا يتعين القلق بتاتًا. كما أن محافظ البنك المركزي، ستانلي فيشر، أدلى بمقابلة لقناة التلفزة الإسرائيلية الثانية بهذا المعنى.

غير أن الجمهور الإسرائيلي العريض يعاني من البلبلة جراء ما يحدث. ويحاول هذا الجمهور أن يفهم ما الذي يحدث، لكن من دون جدوى. إن المسؤولية عن تقديم شرح لما يحدث تقع على عاتق أصحاب القرار في إسرائيل، غير أن وزارة المالية وبنك إسرائيل لا ينبسان ببنت شفة. ولعل الأسوأ من ذلك أنهما لا يفعلان شيئًا، إذ لا توجد، على حدّ علمنا، أي خطة لديهما لمواجهة احتمال تفاقم الأوضاع الاقتصادية في إسرائيل [بسبب الأزمة العالمية].

إن السؤال الذي يُطرح، إزاء ذلك، هو: هل يعود التزام وزارة المالية وبنك إسرائيل جانب الصمت إلى خوفهما من تشكيل لجنة تحقيق تتقصى الوقائع بشأن أدائهما في إبان الأزمة؟. بطبيعة الحال هناك بضعة نماذج في إمكان لجنة تحقيق كهذه أن تتقصى الوقائع بشأنها. ومنها، مثلاً، رفض البنك المركزي طلب البنوك التجارية أن يحتفظ بإيداعات الدولارات المتسربة من الخارج، ورفض تأمين إيداعات الزبائن الذين يخافون من انهيار بنك إسرائيل.

وختم بالقول: إزاء ذلك كله لا يبقى لنا سوى أن نغبط الولايات المتحدة على الأداء الذي تميزت به في مواجهة الأزمة، حيث مارست الإدارة الأميركية ومحافظ البنك الأميركي المركزي كل ضغوطهما على مجلسي النواب والكونغرس من أجل إقرار خطة إنقاذ للقطاع الماليّ.