استفحال ظاهرة رواتب الفقر والفجوات بين المداخيل في إسرائيل

*40% من الأجيرين في إسرائيل يتقاضون رواتب أقل من نصف معدل الأجور، وغالبيتهم في حدود الحد الأدنى من الأجر *اتساع ظاهرة عدم تسديد المخصصات والمدفوعات الاجتماعية أمام اضطرار العاملين إلى السكوت منعا لفصلهم *العاطلون عن العمل ساءت ظروفهم المعيشية على ضوء تراجع المخصصات*

دل تقرير لدائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، ظهر في مطلع الشهر الجاري- أيار، على ان 40% من الأجيرين في إسرائيل يتقاضون رواتب في حدود الحد الأدنى من الأجر البالغ حوالي 770 دولار، في حين أشار تقرير لمركز أدفا المتخصص بالقضايا الاجتماعية الى اتساع الفجوات بين مداخيل الأجيرين، وزيادة رواتب المسؤولين أمام تراجع قيمة رواتب الأجيرين.

فقد أشار تقرير دائرة الإحصاء الى ان معدل الرواتب في إسرائيل في شهر شباط/ فبراير الماضي بلغ 1664 دولارا، وهو ارتفاع بحوالي مئة دولار مقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي، أي ارتفاع بنسبة 6ر6%، إلا أن 40% من الأجيرين في إسرائيل، أي حوالي 940 ألف أجير، يتقاضون نصف معدل الرواتب، أي في حدود 832 دولار، وهو راتب غير صاف، يتراجع في هذه الحالة في حدود 8%، في إطار خصميات مختلفة من الرسوم والتأمينات. ويقول التقرير ان شريحة الذين يتقاضون نصف معدل الرواتب وأقل من ذلك قد اتسعت في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يعني اتساع الفجوات في المداخيل.

كما يشير التقرير الى انه في إسرائيل حاليا حوالي 64 ألف عامل أجنبي مرخصين، معدل راتب كل منهم حوالي 870 دولارا، بينما يتدنى هذا الراتب بشكل جدي لدى العمال الأجانب غير المرخصين.

النمو الاقتصادي لم يصل إلى العاملين

ويؤكد تقرير شامل لمركز "أدفا" أن الأجيرين لم يستفيدوا من النمو الاقتصادي الكبير الحاصل في إسرائيل في العامين الماضيين 2004 و2005، وهو استنتاج توصل اليه، أيضا، بنك إسرائيل المركزي، في عدة تقارير دورية صدرت في العامين الماضيين. ففي حين ان نسبة النمو الاقتصادي في العام 2004 كانت 4ر4%، وبلغت في العام الذي يليه 2ر5%، فإن معدل الناتج للفرد في إسرائيل ارتفع على التوالي بنسبة 8ر2% و3ر3% فقط.

ويقول التقرير: "إن النمو لم يؤد، على الأقل حتى الآن، الى نتائج مثمرة مرجوة للأجيرين، ففي حين ان النمو الاقتصادي حقق ارتفاعا ضخما في مداخيل كبار أصحاب رؤوس المال في إسرائيل، فإن حصة الأجيرين والحرفيين قد تراجعت في المجمل العام رغم الزيادة الحاصلة، فالبطالة تتراجع، ولكن بوتيرة بطيئة جدا، مقارنة مع أولى سنوات التسعين من القرن الماضي، وبنفس الوقت فإن العاطلين عن العمل المزمنين (بشكل دائم ولفترات طويلة) زاد عددهم ونسبتهم بشكل كبير".

ويتابع التقرير: "لقد ازداد الطلب في العام الماضي، 2005، على العاملين، ولكن في نفس الوقت ازدادت بشكل كبير نسبة الوظائف الجزئية، والوظائف برواتب متدنية، في حين ان شريحة ذوي الرواتب المتوسطة تقلصت في السنوات الأخيرة، وازداد عدد ذوي الرواتب المتدنية، واتسع التقاطب بين أصحاب المداخيل الكبيرة والصغيرة، فقد أشار تقرير سابق لنفس المركز إلى أن الفجوة بين أصحاب أعلى المداخيل وأدناها وصلت الى 19 ضعفا".

ويؤكد مركز "أدفا" في تقريره انه الى جانب اتساع الفجوة في الرواتب، فإن الفجوة تتسع أيضا في كل ما يتعلق بالشروط الاجتماعية التي من المفروض ان تدفع للعاملين، مثل رسوم الضمان الاجتماعي والصحة وصناديق التعويضات، والسفريات والنقاهة والغذاء خلال الدوام والملابس، وغيرها، وان الكثير من العاملين يتم حرمانهم من غالبية هذه المدفوعات، دون ان يكون بإمكانهم الاعتراض لئلا يجدوا أنفسهم خارج العمل انتقاما.

ويشير التقرير الى أن نسبة البطالة في الأعوام 2002 وحتى العام 2004 وصلت الى أكثر من 10%، بفعل العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية وقطاع غزة، في حين ان البطالة نفسها تراجعت في العام الماضي الى 9%، إلا أن الظروف المعيشية للعاطلين عن العمل ازدادت سوءا، بسبب التقييدات الكبيرة التي تفرضها الحكومة في الآونة الأخيرة على العاطلين عن العمل، لكي يكون بإمكانهم الحصول على مخصصات البطالة، التي هي أيضا تراجعت بنسب كبيرة بحجة دفع العاطلين عن العمل للخروج الى سوق العمل، رغم قلة العرض، واضطرار العاملين للعمل في مجالات غير مجالات مهنهم.

ويرى التقرير ان الإجراءات البيروقراطية المتزايدة جعلت الكثير من العاطلين عن العمل يحجمون عن التسجيل في مكاتب العمل للحصول على مخصصات البطالة، وحسب التقرير فإن 20% من العاطلين عن العمل لا يتوجهون الى مكاتب العمل للتسجيل، كما ان الذين يحصلون على مخصصات البطالة خلال فترة بقائهم خارج دائرة العمل لا تتجاوز نسبتهم 46%، حسب معطيات العام 2004.

ويؤكد التقرير انه في الأعوام من 2002 وحتى 2004 شددت الحكومة من شروط الحصول على مخصصات البطالة، وقلصت الفترة المسموح بها الحصول على هذه المخصصات، والحد الأقصى لها ستة أشهر، ينتقل العامل بعدها للحصول على مخصصات تأمين الدخل، وهي مخصصات اقل بكثير من مخصصات البطالة، ويكون العامل مجبرا على التوجه الى أي عمل يعرض عليه، مهما كانت كفاءاته العلمية والمهنية.

وحسب المعطيات فإن مجمل رسوم البطالة التي دفعتها مؤسسة الضمان الاجتماعي في كل عام من العامين 2001 و2002 بلغت حوالي 778 مليون دولار، وهبطت حتى العام 2004 الى 470 مليون دولار، رغم ان عدد العاطلين عن العمل بقي على حاله تقريبا في ذلك العام.

ونتيجة لتلك الظروف فإن العاطلين عن العمل اضطروا للتوجه الى أية أنواع من العمل حتى وإن كانت جزئية في محاولة للخروج من مستنقع الفقر المتفشي في إسرائيل. وحسب تقرير مركز "أدفا"، فإنه في العام 2000 كان 19% من العاملين يعملون في أعمال جزئية، وقد ارتفعت هذه النسبة في العام 2005 الى 5ر28%، وحسب تقارير أخرى فإن الارتفاع متزايد حتى في العام الجاري.

المعركة على الحد الأدنى من الأجر

يدور جدل في الأوساط الاقتصادية والسياسية حول حجم الحد الأدنى من الأجر في إسرائيل الذي وصل الى حوالي 770 دولار، وكان أحد شروط حزب "العمل" لدخوله الى الحكومة ان يتم رفع الحد الأدنى من الأجر الى ألف دولار، خاصة وان زعيم حزب "العمل" يحمل هذا المطلب منذ ان كان رئيسا لاتحاد النقابات العامة، "الهستدروت"، إلا ان حزب "كديما" بزعامة رئيس الحكومة ايهود اولمرت، اعترض على هذا المطلب، وجرت مفاوضات حول الأمر وتم التوصل الى حل وسطي، وبموجبه يتم رفع الحد الأدنى من الأجر بحدود 85 دولارا إضافيا ليصل في صيف العام القادم 2007 الى أكثر بقليل من 850 دولارا، وفق سعر صرفه الحالي، وهو 5ر4 شيكل.

ويدعي كبار المشغلين في إسرائيل، يساندهم قادة "كديما" واولمرت، ان رفع الحد الأدنى من الأجر سيعمق البطالة في إسرائيل، إذ ستضطر أماكن العمل إلى الصرف على الرواتب.

كما تدعي المؤسسات الاقتصادية الرسمية ان رفع الحد الأدنى للرواتب سيدفع بالمزيد من أصحاب رؤوس الأموال للخروج من إسرائيل والبحث عن أيد عاملة رخيصة، رغم ان الأشغال التي تسيطر عليها الأيدي العاملة الرخيصة، مثل النسيج وما شابه، خرجت بمعظمها من إسرائيل وهي الآن منتشرة في دول شرق أوسطية وفي الشرق الأقصى.

وأكبر قطاع الآن يدفع رواتب الحد الأدنى، هو مكاتب التشغيل الخاصة، او مكاتب القوى العاملة، التي تحصل على أعمال من خلال الخصخصة في غالبية نواحي الاقتصاد الإسرائيلي، وقد وصل الأمر الى قطاعات البنوك والصحة والتعليم اللامنهجي، وشركات النظافة والصيانة وغيرها. وتؤكد سلسلة من التقارير أن العمل من خلال هذه المكاتب هو أشبه بظروف عبودية القرن الواحد والعشرين، وهناك محاولات من أعضاء كنيست لسن قوانين تحدّ من ظاهرة مكاتب التشغيل.

وفي المقابل فإن الأوساط الاجتماعية تتهم عمير بيرتس وحزب "العمل" بأنهما تراجعا من أول المعركة على رفع الحد الأدنى من الأجر، إذ ان المبلغ الذي تم الاتفاق عليه وخلال عام ونصف العام، كان تحصيل حاصل بفعل القانون الذي يقضي بتعديل الحد الأدنى من الأجر من فترة الى أخرى.

وقد شملت اتفاقية الائتلاف بين حزبي "العمل" و"كديما" على إبقاء مطلب رفع الحد الأدنى من الأجر الى ألف دولار كمطلب نوايا، وان الحكومة ستحاول فعل ذلك خلال ولايتها، ولكن وفق الظروف، وحسب الخطاب السياسي الظاهر فإن هذه الظروف قد لا تتحقق أصلا.

وهناك قانون في إسرائيل يعاقب كل من يدفع أجرا أقل من الحد الأدنى للراتب، إلا أن التقارير الدورية تؤكد أن مئات آلاف العاملين يتم إجبارهم على توقيع اتفاقيات وكأنهم يعملون أقل من وظيفة كاملة، ويتقاضون عمليا رواتب أقل من الحد الأدنى من الأجر بالإضافة الى الكثير من الوسائل التي يتم فيها الالتفاف على هذا القانون.

ازدياد مدخولات 150 شركة صناعية بـ35 مليار شيكل خلال 2005

احتلت شركة مصافي تكرير النفط في إسرائيل المرتبة الأولى من حيث المدخولات، وجاءت بذلك مكان شركة "طيفع"، التي تبوأت المرتبة الأولى في العام الماضي من حيث المدخولات.

وقد استفادت شركة مصافي تكرير النفط، من الارتفاع الكبير على صعيد عالمي، في أسعار النفط والوقود، الأمر الذي ساهم في رفع مدخولات الشركة بنسبة 44 % وبلغت 9ر5 مليار دولار. وجاءت بعد شركة مصافي تكرير النفط من حيث المدخولات، "طيفع" وشركة الكهرباء و"خيميكاليم ليسرائيل" والصناعات الجوية.

ويعكس تدريج الشركات زيادة كبيرة في مدخولاتها. فقد شهد العام الماضي زيادة بمبلغ 35 مليار شيكل في مدخولات 150 شركة صناعية كبرى في البلاد، وبلغت مدخولاتها 257 مليار شيكل وشكل ذلك ارتفاعا بنسبة 16 %، وازدادت مدخولات 150 شركة في مجالات الخدمات والتجارة بنسبة 20 % ووصلت الى 207 مليارات شيكل.

وتبين من المعطيات الرسمية أن المرتبة الثانية من حيث المدخولات كانت من نصيب شركة الأدوية "طيفع" والتي بلغت مدخولاتها في العام الماضي 25ر5 مليار دولار، وزادت بذلك بنسبة 4ر9% عن مدخولات العام 2004، وجاءت في المرتبة الثالثة شركة الكهرباء مع مدخولات بلغت 6ر3 مليار دولار وشكل ذلك ارتفاعا بنسبة 2ر12%، وجاءت في المرتبة الرابعة شركة "خيميكاليم ليسرائيل"، مع مدخولات بقيمة 98ر2 مليار دولار، وفي المرتبة الخامسة، الصناعات الجوية مع مدخولات بلغت 34ر2 مليار دولار.

وبالنسبة للشركات في مجال الخدمات والتجارة، جاءت شركة "ألون ديلك" في المرتبة الأولى، وفي مجال الأغذية، جاءت شركة "تنوفا" في المرتبة الأولى، مع مدخولات بلغت 16ر1 مليار دولار.
وبالنسبة لتشغيل العمال، تبوأت شركة "بيزك" المرتبة الأولى في العدد الأكبر للعمال العاملين فيها وعددهم 16458 عاملا وعاملة، وبعدها الصناعات الجوية مع 14890 عاملا وعاملة، و"طيفع" مع 14700 عامل وعاملة، ومجموعة الحراسة مع 1400 عامل وعاملة، وشركة الكهرباء مع 13042 عاملا وعاملة، و"دلتا جليل" للنسيج مع 13000 عامل وعاملة.