إنخفاض البطالة في إسرائيل لعبة أرقام

حين يقف وزير المالية بنيامين نتنياهو على منصة الكنيست أو أمام كاميرات الإعلام، فإنه يشرع في نثر ارقام "انجازاته" في الاقتصاد الاسرائيلي، بشكل خطابي شبيه الى درجة المطابقة باساليب الوعظ الأميركية، ولكن أيا من هذه الارقام ليس ملموسا في الشارع الاسرائيلي، لا بل ان بنك اسرائيل يقف له بالمرصاد ليبدد المعطيات ويكشفها على حقيقتها

حين يقف وزير المالية بنيامين نتنياهو على منصة الكنيست أو أمام كاميرات الإعلام، فإنه يشرع في نثر ارقام "انجازاته" في الاقتصاد الاسرائيلي، بشكل خطابي شبيه الى درجة المطابقة باساليب الوعظ الأميركية، ولكن أيا من هذه الارقام ليس ملموسا في الشارع الاسرائيلي، لا بل ان بنك اسرائيل يقف له بالمرصاد ليبدد المعطيات ويكشفها على حقيقتها.

فبعد أن أكد بنك إسرائيل المركزي على ان النمو الاقتصادي الحاصل في اسرائيل في العام الماضي لم يصل اطلاقا الى الجمهور العام، وانما انحصر فقط في رأس الهرم الاقتصادي، بمعنى لدى كبار المتمولين وأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة، جاء الآن دور البطالة، ليقول البنك المركزي إن انخفاض البطالة هو أمر مؤقت وليس توجها ثابتا، وأرضيته ليست صلبة.

وقد بلغت القوة العاملة في اسرائيل في العام 2004 حوالي 2,685 مليون، والإسرائيليون منهم 2,411 مليون، في حين ان عدد العمال الاجانب والفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة بلغ 227 الفا.

ففي مطلع العام 2004، كانت البطالة في اسرائيل أقل بقليل من 11%، اي حوالي 10,9%، وعلى مدى اشهر العام الماضي تراجعت الى مستوى 10%، وان 40% هم عاطلون عن العمل لأكثر من ستة أشهر، وفي نفس الوقت تراجعت العمالة الاجنبية، خاصة غير المرخصة منها. وعلى الرغم من كل هذه المعطيات، التي من المفروض ان تنعكس على الشارع الاسرائيلي وعلى القوة الشرائية، إلا ان معطيات دائرة الفقر في اسرائيل تؤكد على توسعها، وليس على تراجعها.

ويكشف بنك اسرائيل في تقرير عن النشاط الاقتصادي في النصف الثاني من العام 2004، ان 27% من العاملين في العام 2004، تقاضوا اقل من نصف معدل الاجور في اسرائيل الذي بلغ 7 آلاف شيكل، في حين ان راتب الحد الادنى من الاجر في اسرائيل اقل من 3300 شيكل.

ويقول التقرير ان عدد العاملين في اسرائيل ارتفع في النصف الثاني من العام الماضي بنسبة 2,7%، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2003، وهذه نسبة مطابقة نوعا ما لنسبة التكاثر السكاني، خاصة للقوة العاملة (نسبة التكاثر السكاني قبل 18 الى 20 سنة).

ويؤكد التقرير انه في العام 2004 ازداد عدد العاملين في سوق العمل الاسرائيلي بحوالي 80 ألف عامل، ولكن 60 الفا منهم عملوا في وظائف جزئية، وفقط 20 الفا في وظائف كاملة، وان سبب هذا هو طلب اصحاب العمل لوظائف جزئية، وليس بناء على طلب العاملين، بأن يكون عملهم بوظائف جزئية، كما ان اماكن العمل التي عمل فيها العاملون بوظائف جزئية، ليس العمل الجزئي من طبيعتها. ويلخص بنك إسرائيل تقريره في مجال العمل الجزئي بأن اتساع دائرة العمل الجزئي نابعة من عدم المقدرة على ايجاد عمل بوظيفة كاملة.

وحسب التقرير فإن نسبة العاملين بوظائف جزئية في اسرائيل، اي اقل من 35 ساعة اسبوعيا، بلغت في في العام الماضي 29%، (لا تشمل وظائف التعليم والتمريض وغيرها من المجالات، حيث ساعات العمل الاسبوعية الكاملة اقل من 35 ساعة ونسبتهم من مجمل العاملين حوالي 18%)، بينما ان هذه النسبة كانت في السنوات الثلاث الاخيرة 27,5%.

وبلغت نسبة الوظائف الجزئية بين النساء 40%، في حين هذه النسبة بين الرجال هي 17%، بمعنى ان نسبة النساء في الوظائف الجزئية عامة هي 65%.

ويظهر من التقرير انه في السنوات الثلاث الماضية ازداد حجم العاملين في الوظائف الجزئية، بحوالي 12,5%، وبطبيعة الحال فإن عدد العاملين ارتفع بنسبة أكثر، إذا احتسبنا ازدياد حجم القوى العاملة في اسرائيل بفعل التزايد الطبيعي.

نشير في هذا المجال، الى ان معطيات تقرير الفقر الأخير الذي أصدرته مؤسسة التأمين الوطني (مؤسسة الضمان الاجتماعي) دلت على ان هناك 122 الف عائلة في اسرائيل فيها شخص واحد يعمل تعيش تحت خط الفقر، و17 ألف عائلة فقيرة يعمل فيها اثنان، وكل هذه الارقام هي أكبر من الارقام التي كانت في تقرير العام 2002. بمعنى انه حتى الخروج الى سوق العمل لم ينقذ مئات الآلاف من الناس من دائرة الفقر في اسرائيل.

اسرائيل في أسفل سلم التعامل مع العاطلين عن العمل

نشرت، الأحد، عناوين رئيسية لدراسة أعدها قسم الأبحاث في كلية العمل الاجتماعي في الجامعية العبرية في اسرائيل، أجراها الدكتور جوني غال، جاء فيها ان اسرائيل تحتل المرتبة قبل الأخيرة من بين "دول الرفاه الاجتماعي" (الدول المتطورة) في تعاملها مع العاطلين عن العمل، خاصة في ما يتعلق بمخصصات البطالة.

وحسب الدراسة، فإن اسرائيل وبريطانيا تحتلان المرتبتين الاخيرتين في سلم مخصصات البطالة التي تحتلها دول مثل الدنمارك وفرنسا واسبانيا والمانيا والسويد. وتؤكد الدراسة ان القوانين الاسرائيلية كانت من افضل القوانين بشأن مخصصات البطالة في سنوات الثمانين، ثم بدأت في وقت لاحق بالتدهور.

وتقول الدراسة إن 25% فقط من بين العاطلين عن العمل يحصلون على مخصصات بطالة، وذلك لفترة ما بين 50 يوما الى 175 يوما من الفترة التي يكون فيها العاطل عن العمل خارج سوق العمل.

وتفرض اسرائيل في السنوات الاخيرة شروطا رهيبة على العاطلين عن العمل، في الوقت الذي تقل فيه فرص العمل الملائمة.