أوضاع مزرية يعيشها المرضى النفسانيون في إسرائيل

في داخل المجتمع الاسرائيلي هناك أقلية صامتة لا تحارب غالبا من أجل حقوقها، وهؤلاء هم المرضى النفسانيون. في كثير من الاحيان يقرنون الأمراض النفسانية بأعمال عنف، أو بأن هؤلاء المرضى غير قادرين على الاندماج في المجتمع، لكن في نفس الوقت فإن هناك الكثير من المرضى النفسانيين الذين يناضلون من اجل ممارسة حياة طبيعية على الرغم من مرضهم. غير أن جزءًا كبيرًا من نضال هؤلاء يكون في مواجهة الدولة ومؤسساتها التي من واجبها أن تساعدهم، وضد مرافق العلاج النفساني التي تفرض شروطا قاسية على المرضى، وبيدها صلاحيات لاجبار مريض على البقاء في أحد هذه المراكز بالقوة

في داخل المجتمع الاسرائيلي هناك أقلية صامتة لا تحارب غالبا من أجل حقوقها، وهؤلاء هم المرضى النفسانيون. في كثير من الاحيان يقرنون الأمراض النفسانية بأعمال عنف، أو بأن هؤلاء المرضى غير قادرين على الاندماج في المجتمع، لكن في نفس الوقت فإن هناك الكثير من المرضى النفسانيين الذين يناضلون من اجل ممارسة حياة طبيعية على الرغم من مرضهم. غير أن جزءًا كبيرًا من نضال هؤلاء يكون في مواجهة الدولة ومؤسساتها التي من واجبها أن تساعدهم، وضد مرافق العلاج النفساني التي تفرض شروطا قاسية على المرضى، وبيدها صلاحيات لاجبار مريض على البقاء في أحد هذه المراكز بالقوة.

وتقول ايلاه شنير، رئيسة جمعية "ماغين- درع- لحماية حقوق البشر" التي تدافع عن حقوق المعوقين والمرضى النفسانيين، إن القانون في إسرائيل منح المختصين النفسانيين صلاحيات أقوى من تلك التي في يد الشرطة أو القضاة أو حتى في يد جهاز المخابرات وأجهزة الأمن، فقد سمح القانون للمختصين النفسانيين بإخضاع مرضى نفسانيين للعلاج بالقوة في احد مراكز العلاج. وحسب معطيات وزارة الصحة فإنه يصدر سنويا 5 آلاف أمر لاخضاع مرضى نفسانيين للعلاج بالقوة، وهذا من أصل 17 ألف توصية بالعلاج تصدر سنويا، وفي كثير من الأحيان تكون الأوامر الإجبارية في غير مكانها ولا حاجة لها.

وتؤكد شنير ان الكثير من الاطفال والفتيان يتم اجبارهم على الخضوع للعلاج في المصحات، بهدف اخراجهم من المجتمع، وإن كان هذا بمبادرة الأهل او الجيران الذين يتوجهون لمسؤول الصحة النفساني اللوائي، الذي يأمر بدوره باجراء فحص اجباري قد يستمر لأكثر من نصف سنة.

ويقول نائب رئيسة الجمعية ذاتها، يهودا كورين، إن فرض الفحص الاجباري هو خرق خطير لحقوق الإنسان الأساسية، ومن بينها حق الانسان في رفض الاعتقال من دون أي مبرر. كذلك فإنه بعد فرض الفحص الاجباري في المصح تمارس اساليب ضغط ولجم واستعمال مواد كيماوية من أجل السيطرة على الشخص.

وفاة أكثر من 64 ألف شخص في المصحات النفسانية

تفيد المعطيات الرسمية أن 64754 شخصا توفوا في المصحات النفسانية في إسرائيل خلال 48 عامًا منذ العام 1955 وحتى العام 2003، وفي السنوات الاخيرة تم إدخال 151240 شخصا للمصحات النفسانية، على الأقل مرّة واحدة في حياتهم، وخلال هذه الفترة تم اخضاع قرابة 550 ألف حالة للفحص والعلاج (المقصود بحالة أشخاصًا يعالجون لعدة مرات).

ولا تشمل التقارير السنوات السبع الأولى في اسرائيل من 1948 وحتى العام 1955 حين تم سن القانون، فالكثير من المرضى النفسانيين كانوا من الناجين من الكارثة اليهودية.

لكن مع ذلك بقيت هناك فروق في الوتيرة، فعلى الرغم من انه خلال 48 سنة توفي أكثر من 64 الف شخص في المصحات، فإن عدد الذين توفوا في السنوات العشر الأخيرة كان 2211 شخصا، إلا أن وزارة الصحة لا تقدم تفاصيل حول ظروف وفاة هؤلاء، فقد صدر تقرير في العام 2004 حول حالات التعذيب والتنكيل وخرق القانون في المصحات، إلا ان هذا التقرير لا يزال قيد السرية ويحظر نشره.

في العام الأخير استقبلت المصحات وعيادات الطب النفساني حوالي 744 ألف حالة تطلب المساعدة النفسانية، وحاليا يرقد في المصحات حوالي 17 ألف شخص، وكلهم معروفون كمرضى نفسانيين، وتصرف وزارة الصحة على هذا الفرع من الأمراض حوالي 220 مليون دولار (مليار شاقل).

من هو المريض النفساني في إسرائيل؟

يعيش في اسرائيل 45 ألف شخص معروف أنهم يعانون من امراض نفسانية مختلفة ويحصلون على مخصصات إعاقة من مؤسسة الضمان الاجتماعي، وحسب وزارة الصحة فإن المريض النفساني هو كل من يرقد في مصح نفساني أو يتناول أدوية للأمراض النفسانية.

وحسب إحصائيات وزارة الصحة ففي العام 2003 تم ادخال 4602 حالة للمصحات النفسانية، 59% منهم من الرجال، كما ان 65% من مجمل الذين رقدوا في المصحات تتراوح أعمارهم بين 25 عاما الى 30 عاما.

وبدأت الاحصائيات حول المرضى النفسانيين في إسرائيل لأول مرة في العام 1955 بموجب القانون الذي أمر بذلك في ذلك العام، وحسب القانون يجب الابلاغ عن حالة اخضاع للعلاج النفساني في أي من المستشفيات. ثم تم تعديل القانون في العام 1991 ليصبح واجب الابلاغ ينطبق على كل حالة في احد مراكز الطب النفساني وليس فقط في المستشفيات. وتشمل الاحصائيات تصنيفات حول الاوضاع الاجتماعية والديمغرافية للمرضى، وتفاصيل طبية اخرى غير المرض النفساني.

أوضاع مزرية

يروي مسؤولو جمعية "ماغين" عن حالات مزرية يعيشها المرضى النفسانيون في المصحات النفسانية في إسرائيل، ومن بينها حالات تعذيب وتنكيل، بما في ذلك الضرب الجسدي، وربط المرضى لساعات طويلة حتى يكون المريض قد غرق في افرازاته وأصبح في حالة مزرية، أو أن يتم تخديرهم بمخدرات خاصة بالطب النفساني تفقدهم الوعي.

وتطالب جمعية "ماغين" بالكشف عن التقرير الذي فرضت عليه وزارة الصحة السرية والذي يكشف عن معطيات خطيرة ومذهلة عما يجري في المصحات النفسانية. ووجهت الجمعية طلبا كهذا الى جميع اعضاء الكنيست الـ 120، وعلى الرغم من هذا فإن الوزارة ترفض الكشف عن التقرير، كما تطالب الجمعية بتعديل القانون الذي يلزم الوزارة بكشف تقارير مشابهة.

ويضم جهاز الطب النفساني في إسرائيل 20 مستشفى نفسانيًا من بينها عشرة مستشفيات بملكية الحكومة، وستة مستشفيات بملكية خاصة ومستشفيان بملكية جمعيات، ومستشفيان بملكية صندوق المرضى العام. كذلك هناك 12 قسما للأمراض النفسانية في المستشفيات المختلفة في انحاء مختلفة من البلاد، وهناك قسم للامراض النفسانية في أحد السجون، وهناك اقسام مخصصة حسب الاجيال فمثلا هناك اقسام مخصصة للفتيان والأحداث، وهناك اقسام مخصصة للمسنين وكبار السن.

وعلى الرغم من هذه الأوضاع فإن وزارة الصحة قلصت في السنوات الاخيرة عدد الأسرة في المستشفيات والمراكز الصحية. وحسب معطيات وزارة الصحة فإنه حتى نهاية العام 2002 كان في إسرائيل 5439 سريرا تعترف بها وزارة الصحة، 95% في مستشفيات الطب النفساني و5% في اقسام الطب النفساني في المستشفيات المختلفة.

وهناك تخوف من أن تُقدم وزارة الصحة في الفترة المقبلة على تقليص عدد الأسرة في ضوء التقليص المستمر في ميزانية وزارة الصحة أسوة بباقي الوزارات، خاصة الخدماتية.

(بتصرف عن موقع "نعنع" الإخباري الالكتروني الإسرائيلي)