ليس لدى العاطلين عن العمل ما ينتظرونه

من اجل افتتاح مصنع جديد ومركز تجاري جديد وخط انتاج جديد، نحن بحاجة الى مستثمر ومبادر على امل ان يكون المستقبل افضل وأن يقوم الجمهور بالمشتريات اكثر وأن يأتي السياح. وعندما تزداد العمليات التفجيرية وتتصاعد الحرب في المناطق (الفلسطينية) ولا توجد اي إشارة الى ان الحكومة على استعداد لقبول "خارطة الطريق"، والسياح لا يأتون والمستثمرون لا ينقلون تمويلهم الى هنا ويبقى الجمهور ايضاً في البيت - وهكذا لن ينطلق الاقتصاد ولن تنخفض البطالة، لأن "تأثير العمليات التفجيرية" أقوى من "تحرير اللولب".

بقلم: نحميا شترسلر
قبل ايام معدودة فقط نشرت دائرة الاحصاء المركزية نتائج متفائلة حول نمو بنسبة 2.5% في الربع الأول من السنة. هناك من سارع الى المباركة والترحيب بهذا النمو، لكن تحليل الأمور كشف أن الحديث لا يدور عن نمو حقيقي وثابت. والآن ايضاً تؤكد معطيات البطالة، التي نشرت أمس (20/5) ان الوضع أسوأ مما كان يبدو حتى الان.

كانت البطالة قد بلغت ذروتها في عام 1992 بالمقارنة مع كل الأزمنة، حيث سجلت نسبة 11.2% من قوى العمل، ولكن الحديث آنذاك كان يدور عن بطالة في أوساط المهاجرين من الاتحاد السوفياتي سابقاً، في السنوات التي قدم خلالها 200 الف مهاجر في السنة (وليس 30 ألفاً، اليوم) وقد تطلبت عملية استيعابهم في العمل وقتاً.

البطالة اليوم أخطر من تلك التي كانت في عام 1992: لا يوجد امل في آخر النفق، لا توجد عملية سلام مثل التي بدأت في شهر ايلول 1993، والتي دفعت قدماً وبشكل سريع المرافق الاقتصادية نحو نمو سنوي بنسبة 7% وجعلت البطالة تنخفض الى إنحطاط تاريخي حتى نسبة 6.6% في عام 1996. اما العاطلون عن العمل في هذه الأيام فلا امل يرجونه. ويقدرون في المكاتب الاقتصادية في القدس (الغربية) انه حتى نهاية السنة سيحطم عدد العاطلين عن العمل حاجز الـ 300 ألف، من خلال تحطيم الرقم القياسي المشكوك فيه من عام 1992 – 300 ألف عاطل عن العمل هم اكثر من 11.2% من قوة العمل.

تستدعي هذه المعطيات فحصاً داخلياً في دائرة الاحصاء المركزية. وكانت الدائرة نشرت أنه سجل استقرار في البطالة لشهري كانون الثاني وشباط، استقرت على 10.3% فقط، إذاً كيف قفز المعطى فجأة الى 10.8% للربع كله؟

لم يتطيب وزير المالية، بنيامين نتنياهو، بمعطيات النمو التي نشرتها الدائرة في الاسبوع الماضي: حتى لو كان طرأ حقاً نمو ثابت في الربع الأول من السنة، فكله كان لسيلفان شالوم، سلفه وخصمه السياسي، وهذا هو الشيء الأخير الذي يحتاجه نتنياهو.

يقول نتنياهو في جلسات داخلية في المالية أن هناك نوعين من النمو. الأول "قضيب لولبي" - إذا حررنا لولب الاقتصاد الاسرائيلي، فإنه سيقفز الى الأمام وستنخفض البطالة، "وتحرير اللولب يعني كل الأمور التي قمت بها والتي على وشك ان أقوم بها في إطار الخطة الاقتصادية". والآخر هو نمو "قضيب ارهابي"، ولذلك إذا تم التوصل الى تسوية سياسية، فإن النمو سيكون اسرع. ويقدر نتنياهو في تلك الاحاديث ان نمو "القضيب اللولبي" سيأتي في الربع الأول من عام 2004 وحينها ستهبط نسبة البطالة.

لكنه يرتكب ذنباً بتقديره الناقص لتأثير العمليات المسلحة والحرب في المناطق (الفلسطينية) حول النمو والتشغيل. ومن اجل افتتاح مصنع جديد ومركز تجاري جديد وخط انتاج جديد، نحن بحاجة الى مستثمر ومبادر على امل ان يكون المستقبل افضل وأن يقوم الجمهور بالمشتريات اكثر وأن يأتي السياح. وعندما تزداد العمليات التفجيرية وتتصاعد الحرب في المناطق (الفلسطينية) ولا توجد اي إشارة الى ان الحكومة على استعداد لقبول "خارطة الطريق"، والسياح لا يأتون والمستثمرون لا ينقلون تمويلهم الى هنا ويبقى الجمهور ايضاً في البيت - وهكذا لن ينطلق الاقتصاد ولن تنخفض البطالة، لأن "تأثير العمليات التفجيرية" أقوى من "تحرير اللولب".

وهناك جانب آخر للعلاقة بين عمليات النمو تلك موجود في العمل الذي يقومون به اليوم في المرافق الاقتصادية - في القطاع الخاص والعام - 100 الف حارس امني، 3.8% من قوة العمل. في الحالة التي يتم فيها التوصل الى اتفاقية مع الفلسطينيين وتتوقف العمليات المسلحة، سيبدأ عشرات الآلاف من الذين يعملون في الحراسة الامنية بالانطلاق الى سوق العمل وسيزيدون من عدد العاطلين عن العمل.

وسيشجع وقف العمليات التفجيرية في الواقع النمو ويمكن ان يتم استيعاب رجال الحراسة الأمنية في اماكن عمل اخرى، ولكن على الأقل في بداية العملية سترتفع معطيات البطالة في المرافق الاقتصادية.

(هآرتس 21 أيار 2003)