نتنياهو يأمر وزراءه بعدم التحدث عن سورية ويدعو إلى مفاوضات بدون شروط مسبقة

حاول رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تهدئة الأجواء وتخفيف حدة التلاسن بين إسرائيل وسوريا، فالتقى مع وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان بعد تهديد الأخير لدمشق، وأعلنا بعد ذلك أن وجهة إسرائيل نحو السلام وإجراء مفاوضات سياسية مع سوريا من دون شروط مسبقة.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن نير حيفتس، المستشار الإعلامي لنتنياهو، قوله اليوم، الخميس – 4.2.2010، إن الأخير وليبرمان يؤكدان على أن سياسة الحكومة واضحة وهي أن "وجهة إسرائيل نحو السلام وإجراء مفاوضات سياسية مع سوريا من دون شروط مسبقة". لكن حيفتس أضاف "إلى جانب ذلك ستستمر إسرائيل بالرد بحزم وبصرامة على أي تهديد تجاهها". وذكرت الإذاعة الإسرائيلية العامة أن نتنياهو أمر الوزراء في حكومته بعدم التحدث في الموضوع السوري.

من جهة ثانية دعا وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى وقف التلاسن والتهديدات المتبادلة بين الجانبين والشروع في مفاوضات سلام لينضم بذلك إلى نتنياهو في محاولته تهدئة الأجواء. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن باراك قوله خلال اجتماع لمجلس حزب العمل، مساء اليوم، "إننا نسعى إلى مفاوضات مع سورية" وأن "التوصل إلى تسوية مع سورية هي غاية إستراتيجية إسرائيلية".

وأضاف باراك "أني أقول للأسد إنه بدلا من تبادلا الضربات الكلامية، تعال نجلس حول طاولة المفاوضات، وأنا لست متحمسا للتصريحات التي أطلقت في اليومين الأخيرين". ورأى باراك أن "إسرائيل قوية ورادعة اليوم بفضل حرب لبنان الثانية وعملية ’الرصاص المصبوب’ لكننا لا نوهم أنفسنا والتحديات لم تختف وعلينا أن نعمل بحزم من أجل التوصل إلى تسويات".

وصعّد ليبرمان التلاسن بين إسرائيل وسورية حول احتمالات اندلاع حرب بين الجانبين، وهدد أمام المنتدى التجاري في جامعة بار إيلان اليوم إن "على الأسد أن يعرف بأنه إذا استفز إسرائيل فإنه سيفقد الحكم وآمل أن يتم استيعاب هذه الرسالة جيدا في دمشق".
وتصاعد التلاسن بشأن احتمالات الحرب بين إسرائيل وسورية قد بدأ بعد تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك أمس الأول بأن احتمالات الحرب ستتزايد في حال عد استئناف المحادثات بين إسرائيل وسورية وأن حربا بين الدولتين قد تتطور إلى حرب إقليمية.

ورد على ذلك أمس وزير الخارجية السوري وليد المعلم خلال لقائه نظيره الاسباني ميغيل موراتينوس بدعوته إسرائيل إلى اختيار طريق السلام وأنه في حال نشوب حرب فإن الحرب ستصل إلى مدن إسرائيل ملوحا بذلك إلى استهدافها بالصواريخ.

كذلك قال الأسد، خلال لقائه موراتينوس أمس، إن إسرائيل ليست جدية في نيتها بالتوصل إلى سلام وجميع المؤشرات تدل على أنها تدفع المنطقة باتجاه حرب.

وأصدر مكتب نتنياهو في ساعة متأخرة من مساء أمس بيانا قال فيه أن "تصريحات القيادة السورية مؤسفة للغاية والواقع معاكس تماما، فقد صرح رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) مرات عديدة بأنه سيكون مستعدا في أي مكان في العالم وفي أية ساعة أن يفتح محادثات سلام مع سورية من دون شروط مسبقة"، في إشارة إلى رفض إسرائيل التعهد بالانسحاب من هضبة الجولان في نهاية مفاوضات.

واضاف بيان نتنياهو أن "إسرائيل لا ترفض أيضا الاستعانة بأي جهة ثالثة ونزيهة بإمكانها التوسط ودفع عملية سياسية مع سورية شريطة أن يتم ذلك من دون شروط مسبقة".

وخلص البيان إلى أنه "لأسفنا الشديد فإن سورية هي التي تضع مصاعب وتمنع إجراء مفاوضات وبلورة تسويات تقود إلى إلى سلام وأمن وازدهار لجميع الأطراف".

وذكرت صحيفة هآرتس اليوم أن نتنياهو قال خلال لقائه موراتينوس أمس الأول "لقد فهمت جيدا الأسد الأب (أي الرئيس السوري السابق حافظ الأسد) الذي أجريت معه مفاوضات (خلال ولاية نتنياهو الأولى) لكن لأسفي فإني بكل بساطة لا أفهم الأسد الابن وأنا لا أعرف ما الذي يريده".

واعتبر ليبرمان خلال خطابه في بار إيلان أنه "استمعنا إلى الدعوات المؤثرة التي أطلقها باراك نحو سورية حول السلام وتلقينا الآن ردا سوريا" في إشارة إلى تصريحي الأسد والمعلم.

وأضاف ليبرمان أن "من يعتقد بأن التنازلات الإقليمية ستعزل سورية عن محور الشر فإنه مخطئ، ويجب جلب سورية إلى الإدراك أن عليها التنازل عن مطلب (الانسحاب من) هضبة الجولان".

ومضى ليبرمان موجها كلامه للرئيس السوري "ليس فقط أنكم ستخسرون وإنما ستخسرون الحرب والحكم، أنت وعائلتك" وأردف "لأن هذه هي القيمة الوحيدة التي يفهمها وهو ملزم بأن يعرف بأنه إذا استفز فإنه الأمر ستنتهي ليس بجرد الخسارة فقط".

وقال ليبرمان للسوريين إنه "إذا أردتم تطبيع علاقات فهذا حسن، ويجب جلبهم إلى الوضع ذاته الذي وصلوا إليه فيما يتعلق بسورية الكبرى" الذي لم يتحقق "والمعلم هدد إسرائيل بشكل مباشر وقد تجاوزا بذلك خطا ولا يمكن المرور على ذلك مر الكرام".

وتطرق ليبرمان إلى إيران قائلا إنه "يحظر الخوف من قول الحقيقة وإيران هي لب المشكلة وسلاح نووي إيراني هو سباق تسلح نووي جنوني، وحتى أني لا أريد أن أفكر في أسعار النفط عندما تكون هناك قنبلة إيرانية".

وأضاف أن "يوجد تخوف من تسرب السلاح إلى جهات متطرفة ويجب على العالم أن تخذ قرارات واضحة ولم تعد هناك ذرائع وفيما يتعلق بالعقوبات (على إيران) فإن الموقف الروسي هام جدا وهي تظهر مسؤولية ويجب تشجيعهم على الاستمرار في سياسة متوازنة ومسؤولة".

وفي أعقاب ذلك تسارعت ردود الفعل في صفوف المعارضة الإسرائيلية المنددة بتهديدات ليبرمان، ودعا حزب كديما المعارض رئيس الوزراء إلى كبح ولجم ليبرمان وأن "حكومة نتنياهو تلعب بالنار".

كذلك أعلن المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية الإسرائيلي، ألون ليئيل، عن أنه قرر التنازل عن جواز سفره الدبلوماسي وإعادته إلى وزارة الخارجية في أعقاب تهديدات ليبرمان لسوريا وإهانة نائب وزير الخارجية، داني أيالون، للسفير التركي في تل أبيب، أحمد أوغوز تشليكول.