إسرائيل بصدد تشكيل لجنة مستقلة لن تحقق مع الضباط المشاركين في حرب غزة

في أعقاب تفاهم بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، ايهود باراك، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، يتوقع أن تبلغ إسرائيل الأمم المتحدة بنيتها تشكيل لجنة تقصي حقائق حول بعض القضايا المتعلقة بالحرب على غزة. وذكرت صحيفة هآرتس، اليوم الثلاثاء، إن لجنة تقصي الحقائق ستضم خبراء قانون رفيعي المستوى وستستمع لإفادات قياديين سياسيين وعسكريين وستستدعي معدي التحقيقات الداخلية في الجيش الإسرائيلي لكنها لن تحقق مع ضباط وجنود شاركوا في العمليات العسكرية في قطاع غزة خلال الحرب.

ويرجح أن يتضمن رد إسرائيل على تقرير غولدستون القرار بتشكيل لجنة تقصي حقائق، حيث يتعين على إسرائيل والسلطة الفلسطينية إبلاغ الأمم المتحدة بحلول 29 كانون الثاني/يناير الحالي بردهما على تقرير غولدستون وكيفية تعاملهما مع الاتهامات الواردة فيه لعرض الردين على الهيئة العامة للأمم المتحدة خلال اجتماع يعقد في 5 شباط/فبراير المقبل.

ويذكر أن تقرير غولدستون اتهم إسرائيل بانتهاك قوانين الحرب والقانون الدولي وتنفيذ جرائم حرب خلال الحرب على غزة واتهم حماس والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بتنفيذ جرائم ضد الإنسانية بسبب إطلاق الصواريخ باتجاه تجمعات سكانية في جنوب إسرائيل.

وطالب تقرير غولدستون الجانبين بإجراء تحقيق داخلي مستقل، فيما يسود تخوف في إسرائيل من أنه في حال عدم إجراء تحقيق مستقل فإن القيادة السياسية والعسكرية في فترة الحرب ستكون معرضة للملاحقات القضائية.

وقالت هآرتس إن الحكومة والجيش في إسرائيل أجريا مداولات حول احتمالات تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في اتهامات تقرير غولدستون وأن المعارضين الأساسيين لتشكيل لجنة كهذه هما باراك وأشكنازي اللذان تخوفا من تعرض الضباط للتحقيق أمام اللجنة وحتى للمحاكمة.

لكن باراك وأشكنازي تحدثا خلال مداولات جرت في الفترة الأخيرة عن إمكانية التجاوب بشكل جزئي مع مطلب الأمم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة بشكل يقلص الأضرار اللاحقة بإسرائيل جراء نشر تقرير غولدستون ومن خلال عدم المس بالضباط الإسرائيليين.

ووفقا لاقتراح طرحه باراك ووافق عليه نتنياهو وأشكنازي فإن لجنة تقصي الحقائق الإسرائيلية ستتعاطى مع قضيتين أساسيتين هما نوعية التحقيقات التي أجراها الجيش الإسرائيلي مع نفسه في أعقاب الحرب على غزة، ومدى قانونية القرارات التي اتخذتها الحكومة والحكومة الأمنية المصغرة وهيئة الأركان العامة فيما يتعلق بتفعيل القوات في غزة.

وسيتعين على لجنة تقصي الحقائق أن تقرر ما إذا كانت التحقيقات الداخلية في الجيش الإسرائيلية تتناسب مع المستوى الدولي المطلوب في تحقيقات عسكرية من هذا النوع، وفي الناحية السياسية سيتعين على اللجنة النظر فيما إذا كانت اتهامات غولدستون حقيقية بأن الحكومة الإسرائيلية قررت مسبقا بأن تكون الحرب عقابا موجه للمس بالسكان المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.

ويتوقع أن تضم لجنة تقصي الحقائق الإسرائيلية خبراء قانون إسرائيليين ويهود يتمتعون بمكانة دولية ومن الجائز أيضا ضم خبير قانوني أجنبي غير يهودي وبينهم المحامي والأستاذ الجامعي اليهودي الأميركي البروفيسور ألن درشوفيتس.

إسرائيل تطالب أمين عام الأمم المتحدة بالتحدث بالإيجاب عن ردها على تقرير غولدستون

تستعد وزارة الخارجية الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي لجلسة المداولات التي ستجري في الهيئة العامة للأمم المتحدة، في الخامس من شباط المقبل، والتي يتوقع أن يستعرض الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، خلالها الخطوات التي نفذتها إسرائيل والسلطة الفلسطينية لتطبيق تقرير لجنة تقصي الحقائق حول الحرب على غزة برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون.

وقالت صحيفة هآرتس، أمس الاثنين، إن إسرائيل تسعى لدى كي مون من أجل أن يتضمن تقريره تعبيرا عن "جهود إسرائيل" في التحقيق بمقتل مدنيين فلسطينيين خلال الحرب. كذلك تسعى إسرائيل إلى إقناع كي مون بالرد بشكل إيجابي على تقرير تعتزم إسرائيل توزيعه في الأمم المتحدة في الأيام المقبلة وأن يتحدث بصورة إيجابية عن التقرير الإسرائيلي.

وأعلن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل ستقدم "ردا شاملا" للأمم المتحدة على تقرير غولدستون، في نهاية الأسبوع الحالي، وذلك استنادا إلى تحقيقات أجراها الجيش الإسرائيلي في عملياته العسكرية لكن تبين أن هذا الرد لن يكون مقنعا بالنسبة للأمم المتحدة. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، يوم الأحد الماضي، عن مصادر في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية قولها أن نتنياهو عقد مداولات في الفترة الأخيرة امتدت على عشرات الساعات وأن "الهدف هو إعداد رد إسرائيلي شامل وتقديمه في موعد قريب من 29 كانون الثاني 2010، وأي عرض آخر لسير الأمور يجافي الحقيقة".

ويذكر أن تقرير غولدستون الذي تم تقديمه في شهر أيلول الماضي طالب إسرائيل بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في اتهامات تضمنها تقرير لجنة غولدستون وتتعلق بانتهاك الجيش الإسرائيلي لقوانين الحرب والقانون الدولي وتنفيذ جرائم حرب ضد الفلسطينيين خلال الحرب على غزة.

وقالت يديعوت أحرونوت إن نتنياهو يمتنع في هذه الأثناء عن حسم الموضوع على اثر ضغوط كبيرة يمارسها عليه وزير الدفاع ايهود باراك الذي يعارض تشكيل لجنة تحقيق مستقلة. ويسود تخوف في إسرائيل من أنه في حال عدم تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في اتهامات تقرير غولدستون فإن المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي سيبادر إلى إجراءات ضد قياديين سياسيين وضباط إسرائيليين بشبهة ضلوعهم في تنفيذ جرائم حرب.

وتعتزم النيابة العسكرية الإسرائيلية أن تسلم الأمم المتحدة في نهاية الأسبوع الحالي ردا على جميع ال136 شكوى التي قدمتها الأمم المتحدة وتقرير غولدستون ومنظمات حقوق إنسان ضد القرارات والعمليات العسكرية الإسرائيلية خلال الحرب على غزة.

ونشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، السبت الماضي، تفاصيل أولية حول مضمون الرد الإسرائيلي وتبين منها أن النيابة العامة العسكرية الإسرائيلية تنوي دحض اتهامات وردت في تقرير غولدستون ويظهر منها أنها تتناقض مع الاتهامات الواردة في التقرير.

وأوردت الصحيفة الأميركية أمثلة على الرد الإسرائيلي تبين منها أن النيابة العسكرية سترد على اتهام تقرير غولدستون بأن الجيش الإسرائيلي "قصف من الجو وعلى ما يبدو بطائرة ’أف – 16’" مطحنة القمح في غزة، بالقول إن الأضرار التي تعرضت لها المطحنة نجمت عن نيران المدفعية خلال تبادل إطلاق نار مع مقاتلي حماس. واتهم تقرير غولدستون أن "تدمير مطحنة القمح كان يهدف بشكل واضح إلى منع تزويد (الطحين) للسكان المدنيين" فيما سيرد الجيش الإسرائيلي على ذلك بأن بحوزته إثباتات مصورة على أن قصف المطحنة لم يكن متعمدا.

ويتعلق مثال آخر بتدمير منشأة لمياه الصرف الصحي في قطاع غزة بشكل متعمد من أجل إغراق المنطقة التي تقع فيها المنشأة بالمياه الآسنة فيما سيرد الجيش الإسرائيلي على ذلك بالقول إن المنشأة انهارت نتيجة انفجار أسلحة تابعة لحماس.

وفيما تبدو هذه الردود الإسرائيلية غير مقنعة فإن إسرائيل تسعى إلى إرجاء اتخاذ بخصوص تشكيل لجنة تحقيق مستقلة. إذ أفادت يديعوت أحرونوت بأن خبراء في وزارتي الخارجية والعدل الإسرائيليتين يعتقدون بأن هذه الأجوبة لن ترضي الأمم المتحدة خصوصا وأن النيابة العسكرية تعتبر جزءا لا يتجزأ من الجيش الإسرائيلي.

ووفقا للصحيفة الإسرائيلية فإن وزيرا الخارجية، افيغدور ليبرمان، والعدل، يعقوب نئمان، والمستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، مناحيم مزوز، يؤيدون تشكيل لجنة تدقيق مستقلة مع صلاحيات تحقيق واستدعاء شهود على غرار لجنة التدقيق التي تشكلت في أعقاب حرب لبنان الثانية برئاسة القاضي إلياهو فينوغراد.

وأوضح مزوز في مداولات عقدت في الفترة الأخيرة أن لإسرائيل مصلحة كبيرة في إجراء تدقيق مهني ومستقل. كذلك أوضح مزوز وليبرمان ونئمان لنتنياهو وباراك أنه في حال عدم تشكيل لجنة تدقيق مستقلة فإنه سيكون من الصعب إقناع رجال قانون بارزين مثل رئيس المحكمة العليا الاسبق مائير شمغار أو الوزير السابق وأستاذ القانون البروفيسور أمنون روبنشطاين.

لكن باراك ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، يرفضان تشكيل لجنة مع صلاحيات استعداء شهود وأعربا عن استعدادهما للموافقة على تشكيل طاقم للتدقيق في الاتهامات الموجهة لإسرائيل بشكل عام وعدم التحقيق في أحداث تنطوي على إشكالية قانونية وتتعارض مع القانون الدولي.

ونقلت يديعوت أحرونوت عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن "ليبرمان ونئمان يدركان أن تقرير غولدستون أنشأ تسونامي سياسي واقتصادي ومشاكل تتعلق بسفر سياسيين وضباط كبار إلى خارج البلاد خشية تقديم دعاوى قضائية ضدهم وتنظيم مظاهرات ضدهم خلال زياراتهم في الخارج" مثلما حدث خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود أولمرت للولايات المتحدة الشهر الماضي. كذلك حذر ليبرمان ونئمان من "مقاطعة البضائع الإسرائيلية في أوروبا".