منظمات ومحامون في أوروبا يعدون قوائم مطلوبين من الضباط الإسرائيليين

أعد محامون ومنظمات حقوق إنسان في عدد من الدول الأوروبية وخصوصا في بريطانيا، مؤخرا، "قوائم مطلوبين" من ضباط الجيش الإسرائيلي بهدف ملاحقتهم قضائيا واستصدار أوامر اعتقال بحقهم بتهمة مشاركتهم في ارتكاب جرائم حرب في حال وصولهم إلى هذه الدول. ويأتي هذا النشاط على ضوء توفر إمكانية لدى المحاكم في هذه الدول الأوروبية بمحاكمة مشتبهين بالضلوع في تنفيذ جرائم حرب وفقا للقانون الإنساني الدولي خلال الحرب على غزة أو في عمليات عسكرية سقط فيها مدنيون فلسطينيون.

وذكرت صحيفة هآرتس، اليوم الثلاثاء – 27.10.2009، أن محامين في بريطانيا ودول أوروبية أخرى يجمعون منذ انتهاء الحرب على غزة في شهر كانون الثاني/يناير الماضي إفادات فلسطينيين وأدلة من داخل قطاع غزة التي يرون أنها تثبت تنفيذ الجيش الإسرائيلي جرائم حرب. وتتعلق الأدلة بضباط الجيش الإسرائيلي بمستوى قادة كتائب فما فوق الذين شاركوا في العمليات العسكرية خلال الحرب على غزة ويركز هذه الأدلة والإفادات محامون في دول أوروبية بينها بريطانيا وهولندا واسبانيا وبلجيكا والنرويج التي تسمح قوانينها للمحاكم المحلية بإصدار أوامر اعتقال ضد مواطنين أجانب مشتبهين بتنفيذ جرائم حرب.

وقالت هآرتس إن أحد الموظفين في مكتب المحامي دانيال ماكوفير، الذي يركز النشاط في الموضوع في بريطانيا، زار غزة في الأسابيع الأولى التي أعقبت الحرب على غزة من أجل جمع أدلة وحصل على توكيل من مواطنين فلسطينيين بتقديم دعاوى باسمهم بموجب القانون البريطاني.

ورفض المحامي ماكوفير في حديث مع هآرتس إعطاء تفاصيل حول الضباط الإسرائيليين الذين جمع معلومات حولهم أو عددهم لكنه قال إن "هذا الأمر منوط بكل حالة وحالة والحديث يدور عن كل من شارك في حدث قد ينطوي على اتهامات جنائية" وأوضح أن "هناك مرشحين (من القيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيلية) ضلوعهم واضح لكن هناك مرشحون ضلوعهم واضح أقل وكل شيء متعلق بالحقائق التي جمعها ميدانيا".

وأضاف ماكوفير أن تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة حول الحرب على غزة برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون "عزز الأدلة التي بحوزتنا من خلال إشارته إلى عدد من الحالات التي كانت معروفة لنا".

ووفقا لهآرتس فإن ماكوفير هو جزء من شبكة غير رسمية من المحامين الذين ينشطون في عدد من الدول الأوروبية ويتبادلون فيما بينهم أسماء ضباط إسرائيليين ومعلومات حول أحداث خلال الحرب بهدف التمكن من اعتقال ضباط بمجرد وصولهم على هذه الدول.

وأضافت الصحيفة أن المحامين يحصلون على معلومات من نشطاء سلام الذين يتابعون نشاط منظمات يهودية ومؤيدة لإسرائيل التي تدعو ضباط الجيش الإسرائيلي لإلقاء محاضرات أمامهم، وفي بعض الحالات يتعاون نشطاء السلام مع شرطة الحدود من أجل الحصول على معلومات حول وصول أحد الضباط إلى الدولة التي ينشطون فيها.

ويؤكد نشطاء السلام الأوروبيون على أن أسماء عدد قليل من الضباط الإسرائيليين موجود في سجلات المراقبة لدى الشرطة البريطانية وبمجرد وصول الضباط إلى بريطانيا يعمل المحامون ونشطاء السلام ومنظمات حقوق إنسان على استصدار أمر اعتقال بحقهم.

وقالت هآرتس إن عددا من منظمات حقوق الإنسان تنشط في الأيام الأخيرة من أجل إقامة منظمة دولية تمكن من متابعة قريبة أكثر للمشتبهين بتنفيذ جرائم حرب وأعمال تعذيب من جميع أنحاء العالم واستصدار أوامر اعتقال بحقهم.

ويشار إلى أن ماكوفير كان قد استصدر قبل اربع سنوات أمر اعتقال ضد قائد الجبهة الجنوبية السابق في الجيش الإسرائيلي، اللواء دورون الموغ، بشبهة ضلوعه في جرائم حرب نفذتها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، وقد تمكن الموغ من الإفلات من الاعتقال لدى وصوله مطار هيثرو في لندن بفضل وصول معلومات إلى إسرائيل ولم يغادر الطائرة وإنما عاد على متنها إلى إسرائيل من دون أن تطأ قدماه الأراضي البريطانية.

كذلك هناك دعوى في إحدى المحاكم الهولندية ضد رئيس الشاباك السابق، عامي ايالون، والتي قدمها فلسطيني ضده بعد أن تعرض للتعذيب على أيدي محققي الشاباك وفي حال وصول أيالون إلى هولندا فإنه سيصدر بحقه أمر اعتقال.

وألغى وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي ورئيس أركان الجيش السابق، موشيه يعلون، زيارة إلى بريطانيا الشهر الماضي خوفا من اعتقاله على خلفية ضلوعه في عملية اغتيال القيادي في حماس صلاح شحادة ومقتل 14 مدنيا في عملية الاغتيال.

كذلك أرجأت محكمة بريطانية النظر في طلب استصدار أمر اعتقال بحق وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك على خلفية ضلوعه في الحرب على غزة وأكدت تقارير صحفية إسرائيلية أن باراك أفلت من الاعتقال بفضل مساع دبلوماسية حثيثة، وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد طالبته بالخروج فورا من بريطانيا والتوجه إلى فرنسا.

ويطالب الجيش الإسرائيلي ضباطه بالحصول على استشارة قانونية في وزارة الخارجية قبل السفر إلى الخارج وكيفية تصرفهم في عدد من الدول وحتى أنه في حالات أخرى يتم نصح الضابط بعدم زيارة دولة معينة خشية اعتقاله فيها.

وعقبت وزارة الخارجية الإسرائيلية بالقول إن "الوزارة مطلعة على محاولات منظمات فلسطينية ومؤيديها للتعرض قانونيا لضباط الجيش الإسرائيلي وتشويه صورتهم ونحن نعمل سوية مع جهات أخرى من أجل منع هذه المحاولات".