نتنياهو سعى لتحسين علاقته بأوباما

ذكر موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني، اليوم الثلاثاء – 10.11.2009، أن التعتيم على مضمون ونتائج لقاء الرئيس الأميركي، باراك أوباما، مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الليلة الماضية سببه غضب أميركي على تصريحات إسرائيلية أعقبت لقاءات سابقة بين الجانبين. ونقلت يديعوت أحرونوت عن مصدر أميركي قوله إن اللقاء كان "حسنا" لكن الأميركيين أرادوا امتحان نتنياهو ومستشاريه هذه المرة بعد تصريحات صدرت عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية في أعقاب لقاءات سابقة وتحدثت عن "انتصار" الموقف الإسرائيلي وفرضه على إدارة أوباما.

واضافت الصحيفة أنه خلال اللقاء، الليلة الماضية، الذي دام أكثر من ساعة ونصف الساعة، بحضور أوباما ونتنياهو ومستشاريهما، تناول الموضوع النووي الإيراني والمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، لكن الجانب الهام كان الاجتماع المنفرد بين أوباما ونتنياهو والذي سعى خلاله الأخير إلى تحسين علاقته مع الرئيس الأميركي ومحاولة "فتح صفحة جديدة". ورغم ذلك فإن تفاصيل نتائج اللقاء ما زالت غير معروفة.

وتبين أن أكثر ما أثار غضب البيت الأبيض كانت التصريحات التي صدرت عن مكتب نتنياهو، في أعقاب اللقاء الثلاثي بين أوباما ونتنياهو والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، على هامش افتتاح دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في نهاية أيلول الماضي، وتحدثت عن أن نتنياهو نجح في "لوي ذراع أوباما" الأمر الذي الحق ضررا بالغا بالثقة بين الجانبين. وبحسب يديعوت أحرونوت فإن هذا كان سبب امتناع البيت الأبيض عن الإعلان عن عقد اللقاء حتى الدقيقة الأخيرة ومنع دخول مصورين، ولا حتى مصور مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، مع نتنياهو إلى الغرفة البيضاوية، كما أن امتناع نتنياهو عن التقاء المراسلين الإسرائيليين بعد اللقاء كان بطلب أميركي. ويذكر أن المتحدث باسم الأبيض أصدر في ختام اللقاء بيانا مقتضبا تم خلاله تكرار التزام أوباما بأمن إسرائيل.

وقالت يديعوت أحرونوت إن الأيام المقبلة ستكون بمثابة امتحان ثقة أميركي لنتنياهو ومستشاريه وأن إدارة أوباما تتابع أداء الإسرائيليين في الوقت الذي يحافظ فيه الأميركيون على سرية المحادثات خلال اللقاء وبرز ذلك من خلال عدم ذكر وسائل الإعلام الأميركية للقاء.

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية إن لقاء أوباما ونتنياهو الليلة الماضية طال أكثر من المتوقع وأن الجانبين يعتمان على المباحثات التي دارت بينهما خلاله. واستمر اللقاء بين الجانبين قرابة الساعة وأربعين دقيقة، بينها ساعة اجتمع خلالها أوباما ونتنياهو على انفراد، وبعد ذلك انضمت إليهما حاشيتهما، علما أن التقارير الصحفية تحدثت أمس عن أن اللقاء سيستمر لمدة نصف ساعة فقط بعد أن فرض نتنياهو اللقاء على البيت الأبيض في ظل أزمة في العلاقة بين نتنياهو وأوباما. وامتنع الجانبان عن تقديم أية معلومات أو تفاصيل عن مضمون اللقاء كما أن حاشية نتنياهو ألغت لقاءين مقررين مسبقا مع المراسلين الإسرائيليين الذين رافقوا نتنياهو إلى واشنطن.

ويتوقع أن يكون الجانبان قد بحثا في العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين وفي الموضوع النووي الإيراني كما أصدر البيت الأبيض بيانا مقتضبا في ختام اللقاء جاء فيه أن "رئيس الولايات المتحدة صرح بالتزامه بأمن إسرائيل وتحدث مع رئيس الحكومة حول مجموعة من المواضيع المتعلقة بالتعاون الأمني".

وشارك في اللقاء عن الجانب الأميركي مستشار الأمن القومي، جيمس جونز، ومدير طاقم موظفي البيت الأبيض، رام عمانوئيل، والمبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، ورئيس دائرة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، دان شبيرو. فيما شارك عن الجانب الإسرائيلي وزير الدفاع، ايهود باراك، ورئيس مجلس الأمن القومي، عوزي أراد، والسفير في واشنطن، مايكل أورن، ومبعوث نتنياهو إلى المحادثات مع ميتشل، يتسحاق مولخو، وسيلتقي باراك في وقت لاحق من اليوم مع ميتشل.

ويذكر أن البيت الأبيض أرجأ المصادقة على عقد اللقاء بين أوباما ونتنياهو حتى الدقيقة الأخيرة قبل مغادرة نتنياهو إسرائيل، مساء الأحد الماضي، وعزا محللون إسرائيليون ذلك على توتر العلاقة بين الاثنين على خلفية رفض نتنياهو الاستجابة لمطالب أميركية بينها تجميد الاستيطان وممارسة ضغط على نتنياهو لإظهار خط سياسي أقل تصلبا.

وفي غضون ذلك دعا نتنياهو الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، خلال خطاب ألقاه أمس أمام مؤتمر المنظمات اليهودية في أميركا الشمالية المنعقد في واشنطن إلى استئناف المفاوضات والتوقف عن إجراء محادثات حول إطار المفاوضات لكنه كرر رفضه لمطلب الفلسطينيين بتجميد الاستيطان الذي يعتبره شرط مسبق. وقال نتنياهو في خطابه إنه "لم تكن أية حكومة إسرائيلية مستعدة مثلنا لدفع محادثات السلام وأنا أقول اليوم لمحمود عباس زعيم السلطة الفلسطينية، تعال نبدأ محادثات فورا". وأضاف "ليس لدينا وقتا لنهدره، دعونا نتقدم في هذا ولنتحرك... ومن أجل تحقيق السلام علينا البدء في مفاوضات وحان الوقت لنتوقف عن البحث في المفاوضات". وتابع أنه "ليس هدفي إجراء مفاوضات إلى الأبد وإنما تحقيق سلام ثابت بين إسرائيل والفلسطينيين وفي الوقت القريب" لكنه رفض مطلب تجميد الاستيطان بقوله إنه "يحظر وضع شروط مسبقة للمحادثات بين الجانبين".

وقال النائب الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير التطوير الإقليمي سيلفان شالوم اليوم الثلاثاء إن اللقاء بين أوباما ونتنياهو تناول التنسيق في الموضوع النووي الإيراني والعملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين. ووصف شالوم خلال مقابلة أجرتها معه الإذاعة الإسرائيلية العامة لقاء أوباما – نتنياهو ب"الهام" وأنه "تم تنسيق الصراع ضد البرنامج النووي الإيراني وفي دفع استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين". وتطرق شالوم إلى التوتر بين البيت الأبيض ومكتب نتنياهو الذي ظهر من خلال تنسيق اللقاء بين أوباما وقال إنه "من الجائز أنه كانت هناك إشكالية في الأداء في التحضير للقاء على مستوى الموظفين والمستشارين".

وألمح شالوم، الذي يتولى حاليا منصب القائم بأعمال رئيس الوزراء خلال فترة تواجد نتنياهو خارج إسرائيل، إلى التوجه الإسرائيلي من استئناف المفاوضات وقال إن "الأميركيين أخطئوا عندما جعلوا الفلسطينيين يفهمون أنهم سيحصلون على كل ما يطلبونه على طبق من فضة" في إشارة إلى مطلب تجميد الاستيطان كشرط لاستئناف المفاوضات والذي تراجعت عنه الإدارة الأميركية مؤخرا.

وأضاف شالوم أنه "يجب الاستمرار في مساعدة الفلسطينيين على تطوير اقتصادهم... وهذه السنة سيرتفع النمو الاقتصادي الفلسطيني بسبعة أو ثمانية بالمائة، وهي نسبة مرتفعة على خلفية الأزمة الاقتصادية العالمية".

ورجح مدير مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق أرييل شارون، دوف فايسغلاس، في حديث لموقع يديعوت أحرونوت الالكتروني، أن مدة اللقاء والتعتيم على ما دار فيه لاحقا إضافة على التوتر الحاصل قبل ذلك بين الجانبين يدل على أحد أمرين وهما إما أنهما توصلا إلى تفاهمات بعيدة المدى في الموضوع السياسي أو أن الجانبين وصلا إلى طريق مسدود ولم تكن هناك أية تفاهمات لكن فايسغلاس شدد على أنه "من المؤكد أن شيئا ما قد حدث خلال اللقاء".

من جانبه استبعد مدير مكتب رئيس الوزراء الأسبق ووزير الدفاع الحالي ايهود باراك، أوري شاني، أن يكون هناك أمر دراماتيكي قد حدث في اللقاء واعتبر أن تفاصيل ما دار في اللقاء بين أوباما ونتنياهو سيتم الكشف عنها خلال اليومين المقبلين.