تصاعد الأزمة بين نتنياهو وأوباما

تصاعدت حدة الأزمة في العلاقات بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، والرئيس الأميركي، باراك أوباما، على خلفية إقامة بؤرة استيطانية في القدس الشرقية، فيما أوضحت الولايات المتحدة بأنه لا يوجد فرق بين أعمال بناء في مستوطنات الضفة الغربية أو في القدس الشرقية. وذكرت صحيفة هآرتس، اليوم الاثنين – 20.7.2009، أن الأزمة في العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة أخذت تتسع في أعقاب طلب الإدارة الأميركية وقف بناء 20 وحدة سكنية، لإسكان مستوطنين يهود، في فندق "شيفارد" في ضاحية الشيخ جراح المحاذية للبلدة القديمة في القدس. ونقلت الصحيفة عن مصادر أميركية قولها إن الولايات المتحدة أوضحت لإسرائيل وللسلطة الفلسطينية أنه لا فرق بالنسبة لها بين أعمال البناء في البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية والقدس، بكل ما يتعلق بمطلب تجميد الاستيطان.

وبادرت إسرائيل، أمس، إلى الكشف، من خلال وسائل إعلامها، عن المعارضة الأميركية لإقامة البؤرة الاستيطانية في الشيخ جراح وعن استدعاء السفير الإسرائيلي في واشنطن، مايكل أورن، إلى وزارة الخارجية الأميركية لتبليغه بالموقف الأميركي. وقال نتنياهو لدى افتتاحه اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأسبوعي، أمس، إن "القدس الموحدة هي عاصمة الشعب اليهودي في دولة إسرائيل وسيادتنا على المدينة ليست قابلة للتقويض". وأضاف أن "سياستنا هي أنه بإمكان سكان القدس شراء شقق في جميع أنحاء المدينة، وهذه كانت سياسات جميع حكومات إسرائيل. ولا يوحد منع للعرب بشراء بيوت في غرب المدينة ولا يوجد منع لليهود من بناء أو شراء شقق في شرق المدينة. فهذه سياسة المدينة المفتوحة".

وأضاف نتنياهو أن "إسرائيل لا يمكنها أن توافق على فكرة أنه لا حق لليهود بالشراء أو البناء في كل مكان في شرق القدس. ولا يمكننا الموافقة على حكم كهذا في شرق المدينة". واستطرد "بإمكاني أن أتخيل ماذا كان سيحدث لو أن أحدا ما اقترح أنه ليس بإمكان اليهود العيش أو الشراء في ضاحية معينة في لندن أو نيويورك أو باريس أو روما، وبالتأكيد كانت ستطلق صرخة دولية في هذه الحالة، ولذلك فإنه لا يمكن الموافقة على حكم كهذا في شرقي القدس".

وشدد نتنياهو على أنه "في ولايتي السابقة بنيت آلاف الوحدات السكنية في حي هار حوماة (الاستيطاني في جبل أبو غنيم) في القدس وواجهت العالم كله. ولذلك فإنه من الواضح أنني لن أتراجع في هذه الحالة أيضا، خصوصا أن الحديث عن بناء 20 وحدة سكنية فقط".

من جهة ثانية نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن نتنياهو عرف أن أعمال البناء في الأحياء الاستيطانية في القدس الشرقية هي محل إجماع في إسرائيل وليست مثل أعمال البناء في مستوطنات الضفة. وقالت مصادر في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية للصحيفة إن نتنياهو قرر أن يرسم للأميركيين ما يصفه ب"الخطوط التي يعتبر تجاوزها انتحارا وتنازلا عن الحقوق التاريخية في القدس". واعتبرت المصادر ذاتها أن "الرئيس الأميركي صعد إلى شجرة عالية جدا لأنه يوجد إجماع في إسرائيل حول موضوع القدس".

ورأت المصادر في مكتب نتنياهو أن الإدارة الأميركية فقدت خلال الأسابيع الأخيرة الرافعة التي استعانت بها لحل مشاكل العالم والقضايا المعقدة في الشرق الأوسط، وأن خطاب أوباما في القاهرة لن يقود إلى واقع مختلف في المنطقة. كذلك اعتبرت المصادر ذاتها أنه "فيما يتعلق بالقدس، فإنه على ما يبدو أن أيا من مستشاري أوباما لم يشرح له أن الواقع الناشئ في القدس منذ العام 1967 يقلل جدا احتمال التوصل إلى تقسيم القدس ويحتم تفكيرا مختلفا للحل في المستقبل".

من جانبه كتب كبير المعلقين في يديعوت أحرونوت، ناحوم برنياع، أن نتنياهو "يتمزق بين الضغوط من واشنطن والضغوط من الجناح اليميني في حزبه (الليكود) والتحالف الحكومي (الذي يطالب بتوسيع الاستيطان). وقد اختار نتنياهو الحل الأسهل وهو القدس". واضاف أنه "مثلما حدث في قضية النفق (أي فتح إسرائيل نفق تحت المسجد الأقصى خلال ولاية نتنياهو الأولى) فإنه يعتقد أن الكلمة السحرية ’القدس’ ستؤدي على دعمه، ليس من جانب اليمين وحده، وإنما الوسط السياسي أيضا وغالبية يهود الولايات المتحدة ومعظم أعضاء الكونغرس".

وأضاف برنياع أنه "بكلمات أخرى فإن نتنياهو يسعى إلى حرف المواجهة مع الإدارة الأميركية من مسالة البناء في المستوطنات التي لا يحظى فيها بدعم كبير إلى ملعب مريح أكثر، وكان بالإمكان أن تكون خطوته هذه لامعة لو أنها لم تكن شفافة للغاية". وخلص برنياع إلى أن "نتنياهو اصدر الأمر، أمس، بتصعيد المواجهة، لكن بعد أسبوعين - ثلاثة عندما سيبدأ بالتخوف (من حجم الأزمة في العلاقات مع أميركا) ويطلب النزول عن الشجرة، سيكتشف أن المتطرفين في الليكود بانتظاره تحتها" في إشارة إلى أن نتنياهو أوقع نفسه في فخ سيواجه صعوبة كبيرة في الخروج منه.