أميركا ترى أن استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية يستوجب إشراك سورية

تدرس إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، طرح خطة سلام جديدة بين إسرائيل وسورية، تستند إلى انسحاب إسرائيل من هضبة الجولان بصورة تدريجية وتحويلها إلى منطقة منزوعة السلاح، وإقامة محمية طبيعية في الهضبة وفي شريط صغير في غور الأردن، يطلق عليها اسم "متنزه السلام"، يكون مفتوحا أمام المواطنين الإسرائيليين والسوريين في ساعات النهار. وذكرت صحيفة هآرتس، اليوم الخميس – 25.6.2009، أن قرار أوباما بإعادة السفير الأميركي إلى دمشق وزيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، لسورية غايتهما إعداد الأجواء لاستئناف قناة المفاوضات الإسرائيلية – السورية تحت رعاية الولايات المتحدة وبمشاركة تركيا.

ونقلت الصحيفة عن وزارة الخارجية الأميركية "أننا مستعدون للتقدم مع سورية بواسطة حوار مباشر ومتواصل، وإحدى الطرق لتحقيق ذلك تكمن في تعيين سفير". وقال دبلوماسي رفيع المستوى لهآرتس، أمس، ولم تحدد الصحيفة هويته، إن الإدارة الأميركية توصلت إلى استنتاج مفاده أن دمج سورية في العملية السياسية هو المفتاح للمصالحة الفلسطينية الداخلية وبدون ذلك ستكون احتمالات التقدم في المسار الإسرائيلي – فلسطيني ضئيلة. وأضاف الدبلوماسي ذاته أن الأميركيين يعتقدون أن انشغال النظام الإيراني بالأزمة الداخلية أنشأ فرصة نادرة لخطوات تقارب بين سورية والولايات المتحدة ولاستئناف المفاوضات مع إسرائيل.

وتابع الدبلوماسي أن الرئيس المصري، حسني مبارك، شجع أوباما على إشراك الرئيس السوري، بشار الأسد، في الجهود المصرية الرامية إلى تحقيق مصالحة وطنية فلسطينية بين حركتي فتح وحماس، حتى السابع من تموز المقبل، وإقامة لجنة فلسطينية في قطاع غزة تشارك في عضويتها كافة الفصائل الفلسطينية وتكون خاضعة للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مباشرة. وبحسب الصحيفة فإن رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، هو "العقبة الأساسية" أمام اتفاق كهذا.

من جهة ثانية نقلت هآرتس عن اللواء في الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، أوري ساغي، الذي ترأس الوفد الإسرائيلي للمفاوضات مع سورية في فترة ولاية حكومة ايهود باراك (بين الأعوام 1999 و2001)، قوله في محاضرة ألقاها في القدس، قبل عدة أيام، إن الأسد لم يبالغ عندما قال إنه بالإمكان اعتبار 80 بالمائة من القضايا العالقة بين سورية وإسرائيل على أنها محلولة. وأشار ساغي إلى أن الخلاف الأساسي بين الدولتين ليس مسألة الترتيبات الأمنية أو قضية المياه، وإنما الخط الحدودي بينهما. ورأى أن تعامل السوريون مع المفاوضات قد تغير بعدما اكتشفوا أنه في أماكن ذات أهمية أصبح فيها خط الحدود الدولي أهم من خط الرابع من حزيران العام 1967. وعندها أعرب السوريون عن استعدادهم لبحث مقترحات لهدف التغلب على انعدام الوضوح فيما يتعلق بالخط الحدودي، وعلى رأسها إقامة "متنزه السلام" في كلا جانبي الحدود.

وأضافت هآرتس أن نائب ميتشل والمسؤول عن ملف سورية ولبنان، فردريك هوف، طرح مؤخرا ورقة عمل اقترح من خلالها تحويل جزء كبير من الجولان وشريط صغير في غور الأردن إلى محمية طبيعية وتسميتها "متنزه السلام"، تكون مفتوحة في ساعات النهار أمام زوار إسرائيليين وسوريين. وبحسب اقتراح هوف فإنه سيكون بإمكان السوريين وضع أرجلهم في مياه بحيرة طبرية واصطياد الأسماك فيها أيضا، وأن تكون المنطقة المنزوعة السلاح خاضعة لإشراف دولي بقيادة أميركية. ويقضي اقتراح هوف أن يمتد انسحاب إسرائيل من هضبة الجولان وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية فيها على عدة سنوات وفي موازاة خطوات تطبيع علاقات تشمل وقف الدعم السوري لحزب الله وحماس وابتعاد تدريجي عن إيران.

وفي السياق الفلسطيني قالت هآرتس إن الدول العربية تدعم الموقف الفلسطيني القاضي باستئناف العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين بعد تجميد الاستيطان من جانب إسرائيل. وقالت هآرتس أنه تم توضيح الموقف العربي للأميركيين، وأن هذا الموقف في صلب موقف أوباما الرافض للتوصل إلى تسوية مع إسرائيل من خلال استمرار أعمال البناء في المستوطنات بذريعة احتياجات "النمو الطبيعي" وتنفيذ أعمال بناء في تخوم "الكتل الاستيطانية". وخلصت هآرتس إلى أن أوباما يخشى من أن تقديم تنازلات في موضوع الاستيطان سيؤدي إلى إفشال جهوده بتفعيل قنوات المفاوضات الثنائية والمتعددة الأطراف، وفقا لمبادئ مؤتمر مدريد من العام 1991.