إسرائيل تعتبر أن قدرات إيران النووية ما زالت محدودة والعام المقبل سيكون حاسما

تَعتبر تقديرات الجيش الإسرائيلي، وخصوصا شعبة الاستخبارات العسكرية، أن قدرات إيران النووية والصاروخية ما زالت محدودة، لكن العام 2010 سيكون حاسما بالنسبة لبناء القوة الإيرانية، مشيرة إلى أهمية البعد الزمني لوقف تعاظمها.

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي واسع الإطلاع ل"المشهد الإسرائيلي"، طالبا عدم ذكر هويته، إن "القدرات النووية والعسكرية الإيرانية، ومحاولات إيران لبسط هيمنتها في المنطقة، مازالت محدودة في هذه المرحلة. وإيران تعرض صورة مخادعة ومضللة من خلال تعظيم قدراتها من أجل تحقيق ردع تجاه إسرائيل والمجتمع الدولي". وأردف المسؤول ذاته "لكن ينبغي التشديد على أنه إذا استمرت إيران في سياستها الحالية فإن قوتها ستتزايد وكذلك التهديد الذي تشكله ومن هنا تنبع أهمية البعد الزمني لوقف تعاظم قوتها".

وتأتي أقوال المسؤول العسكري الإسرائيلي في وقت لا تزال تلوح فيه إسرائيل بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية وفقا لما عبر عنه نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، دان هارئيل، في مقابلة أجرتها معه صحيفة يديعوت أحرونوت، ونشرتها يوم الأحد من الاسبوع الماضي [27.9.2009] حيث أكد أن "دولة إسرائيل تعمل لكي تضمن ألا تكون لدى إيران قدرة نووية. نقطة".

ورأى المسؤول الإسرائيلي أنه " على الرغم من الغليان الداخلي في أعقاب نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية، يبدو أنه لن تطرأ تغييرات هامة في سياسة إيران الداخلية أو الخارجية وطهران ستستمر في سياستها الراديكالية التي تشكل تهديدا على إسرائيل والشرق الأوسط والعالم كله". وأضاف "رغم حقيقة أنه لا توجد بحوزة إيران سلاح نووي حاليا لكن العام 2010 قد يكون عاما حاسما فيما يتعلق بتقدمها نحو قدرات كهذه".

وكرر المسؤول العسكري الإسرائيلي تحذيره من أن "عواقب وجود سلاح نووي بأيدي دولة إسلامية أصولية وراديكالية قد تكون وخيمة بالنسبة للشرق الأوسط والعالم كله، ويتفق مع هذا التقدير خبراء إستراتيجيون من دول عديدة في أنحاء العالم". ورأى أنه "ما زال بالإمكان في هذه المرحلة وقف المشروع النووي الإيراني لكن هذا الأمر يتطلب اتخاذ إجراءات وتنفيذ خطوات حازمة ومنسقة وسريعة من جانب المجتمع الدولي" في إشارة إلى عقوبات اقتصادية شديدة. لكن تقارير إسرائيلية، تم نشرها أمس الأول، الأحد، شككت في إمكانية تأثير عقوبات مشددة على النظام الإيراني، وحتى أنها قد تكون بمثابة "سهم مرتد" يجعل الإيرانيين، بمن فيهم معارضو النظام، يلتفون حوله، لكون البرنامج النووي يعتبر محل إجماع بين كافة القوى الإيرانية.

وقال المسؤول العسكري الإسرائيلي إن "إيران مستمرة، بعد الانتخابات الرئاسية، بالعمل على التهرب من إجراء مفاوضات وصرف الأنظار عن مواصلتها تطوير برنامجها النووي العسكري كما أنها مستمرة في خرق المعاهدات الدولية التي وقعت عليها". وتتحسب إسرائيل من أن حيازة إيران على سلاح نووي ستجعل منظمات مثل حزب الله في لبنان وحماس في الأراضي الفلسطينية تحظى بحماية "مظلة نووية"، إضافة إلى أن دولا أخرى في الشرق الأوسط ستسعى على امتلاك سلاح نووي ما سيؤدي إلى سباق تسلح نووي في المنطقة".

واعتبر المسؤول الإسرائيلي أن "سلاحا نوويا بأيدي إيران يعني وجود تهديد نووي في كل مكان وكل زمان بأيدي دول ومنظمات إرهابية... وإسرائيل تحتفظ لنفسها بحق الدفاع عن نفسها، لكنها تفضل أن تتم معالجة منع حيازة إيران على قدرة نووية بواسطة المجتمع الدولي".

وذكرت تقارير إسرائيلية ودولية مؤخرا ما وصفته بمخاطر الصواريخ الطويلة المدى التي تطورها إيران، وأن من شأن هذه الصواريخ أن تشكل خطرا على دول أوروبية ايضا في حال حيازة إيران على قدرات نووية. وقال المسؤول العسكري الإسرائيلي في هذا السياق إنه "رغم الأنباء الكثيرة التي يتم نشرها حول تطوير منظومات أسلحة حديثة في إيران، لكنها على ما يبدو غير قادرة وليست جاهزة لإنتاج كافة الأنواع والطرازات التي تنسبها لنفسها وبكميات كبيرة، ويبدو أن هذا التهديد ما زال في طور التبلور وتسعى إيران إلى تصعيده من أجل تعزيز مكانتها وقوة ردعها".

وتطرق المسؤول العسكري الإسرائيلي إلى النشاط الإيراني السياسي في المنطقة ودعمها حزب الله وحماس وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية منذ حرب لبنان الثانية وبعد سيطرة حماس على قطاع غزة، وقال إن "إيران تنظر إلى حماس على أنها وسيلة هامة لعرقلة عملية التهدئة وإضعاف إسرائيل". وأضاف أن "إيران تطور وسائل خاصة لتهريب أسلحة ذات نوعية عالية إلى قطاع غزة وتدرب المئات من ناشطي حماس والجهاد في أراضيها كما تمدهم بالخبرات لصنع صواريخ وعبوات ناسفة وتحسين مفعولها".

وخلص المسؤول العسكري الإسرائيلي إلى أنه "إضافة إلى ذلك فإن إيران تسعى في الآونة الأخيرة إلى تحسين تعاونها الأمني مع ثلاث دول مركزية في الخليج هي قطر والبحرين وعمان وذلك في إطار سعيها إلى تحقيق هيمنتها كدولة عظمى إقليمية في هذه المنطقة الهامة والحساسة". وأضاف أن "إيران تشدد أمام قطر والبحرين، المواليتان للغرب واللتان تستضيفان قواعد أميركية كبيرة في المنطقة، على أن أمن الخليج يجب أن يكون بأيدي دوله وأنه ينبغي إخراج الجهات الأجنبية الغربية منه".

من جانبه أكد نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي المنتهية ولايته، اللواء دان هارئيل، على أن إسرائيل تعمل بشكل يضمن عدم تمكن إيران من حيازة إيران على سلاح نووي، وقال من الجهة الأخرى إن إسرائيل وسورية كانتا قريبتان من اتفاق أمني يستند إلى انسحاب من هضبة الجولان خلال محادثات شيفردزتاون.

وقال هارئيل في لصحيفة يديعوت أحرونوت ونشرتها "إننا نستعد لمواجهة كافة الإمكانيات، لكن كي لا يُفهم من هذا أننا نوافق على العيش تحت تهديد نووي على دولة إسرائيل، سأقول بصورة بسيطة للغاية: دولة إسرائيل تعمل لكي لا تكون لدى إيران قدرة نووية. نقطة". وأردف "نحن نأمل بأن ينجح العالم الغربي في منع الإيرانيين من الوصول إلى قدرة كهذه، وفي حال فشل ذلك فإن لكل دولة الحق في الدفاع عن النفس".

وشدد هارئيل على أن "ما هو صحيح حتى اليوم، أيلول 2009، هو أنه لا يوجد تهديد وجودي على دولة إسرائيل، وفي حال نجحت إيران باقتناء قدرة نووية عسكرية فإنه سيكون هناك احتمال لوجود تهديد وجودي على دولة إسرائيل، لكن إيران لم تصل لذلك بعد وآمل ألا تصل إلى هناك أيضا".

من جهة ثانية هاجم هارئيل تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة حول الحرب على غزة برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون واعتبر أنه "مفبرك" ومليء بالأكاذيب. وفيما يتعلق بالحرب على غزة قال هارئيل إن "تطبيق عبر حرب لبنان الثانية تم التعبير عنها بشكل ناجح خلال عملية الرصاص المسكوب" من خلال الاجتياح البري للقطاع غزة.

وتطرق إلى تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل لاستعادة جنديها الأسير في قطاع غزة، غلعاد شاليت، لكنه رفض إطلاق سراح أسرى فلسطينيين شملتهم قائمة حماس. وقال هارئيل في هذا السياق إنه "لا يمكن إركاع دولة كاملة من أجل إعادة أحد جنودنا... وليس دائما يكون الاعتبار القومي مطابقا للاعتبارات العائلية – الشخصية... وبرأيي الشخصي أنه لا ينبغي علينا إجراء مفاوضات مع منظمة إرهابية ولا ينبغي تبادل أسير مع أكثر من أسير، واحد مقابل واحد وأنا لا أتحدث عن غلعاد شاليت".

على صعيد آخر تطرق هارئيل إلى المحادثات التي جرت بين إسرائيل وسورية في بلدة شيفردزتاون الأميركية واللقاءات التي شارك فيها ضمن الوفد الإسرائيلي مع رئيس أركان الجيش السوري، حكت الشهابي.

ورد هارئيل بحذر على سؤال حول ما إذا كان الملحق العسكري لاتفاق بين الدولتين كان جاهزا وهل تم الاتفاق عليه في شيفردزتاون، وقال إن "الأوراق المطلوبة للمفاوضات في تلك المرحلة كانت جاهزة بصورة جيدة". وأضاف أنه "مما لا شك فيه أنه كان باستطاعتنا التوصل على اتفاق مع السوريين لكن كان لهذا ثمنا" في إشارة إلى انسحاب إسرائيل من هضبة الجولان".

وحذر هارئيل من ان دخول صواريخ مضادة للطيران إلى لبنان قد تؤدي إلى نشوب حرب "فقد أدخل السوريون في حينه بطاريات صواريخ مضادة للطيران إلى لبنان وتمت إبادتها".