الشاباك: السلطة الفلسطينية تحكم سيطرتها على القدس الشرقية

في سياق الأوضاع المتوترة في الأيام الأخيرة في القدس، كرر جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) التحذيرات التي أطلقها خلال الأشهر الأخيرة من نشاط حثيث تمارسه السلطة الفلسطينية "للسيطرة" في القدس الشرقية. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الثلاثاء – 6.10.2009، عن مصادر في الشاباك قولها إن الحديث لا يدور حول نشاط سياسي تمارسه السلطة الفلسطينية في القدس الشرقية وحسب، وإنما تنعكس "سيطرة" السلطة من خلال زيادة ضلوعها في الحياة الاقتصادية في شرقي المدينة وفي "التغلغل الخفي" لأجهزة أمن فلسطينية إلى الشارع المقدسي وإبعاد رموز السلطة الإسرائيلية في كافة النواحي عن القدس الشرقية.

وقال مصدر أمني رفيع المستوى للصحيفة إن حجم تأثير السلطة الفلسطينية في القدس الشرقية بات اليوم أعمق بكثير مما كان عليه في فترة نشاط "بيت المشرق"، الذي كان يديره القيادي الفلسطيني الراحل فيصل الحسيني، والذي أوقفت إسرائيل نشاطه وأغلقته قبل سنوات بادعاء أنه يشكل "خطرا سياسيا".

وجاء في وثائق رسمية قدمها الشاباك إلى الحكومة الإسرائيلية، مؤخرا، أن تعميق تغلغل السلطة الفلسطينية في شرقي القدس يخلق أجواء من انعدام الهدوء في الشارع الفلسطيني وقد يتم التعبير عن ذلك من خلال حدوث مواجهات واسعة النطاق مثلما هو حادث في هذه الأيام. واعتبر الشاباك أن المؤشر الأبرز على تعميق ضلوع السلطة الفلسطينية في ما يجري في القدس الشرقية هو تعيين رئيس الحكومة الفلسطينية، سلام فياض، ليكون وزيرا لشؤون القدس أيضا.

وزعم تقرير يديعوت أحرونوت أن فياض أقال عبد القادر من منصبه الوزاري قبل عدة شهور واحتل مكانه. وتولى عبد القادر منصب رئيس لجنة القدس في حركة فتح، وكانت الشرطة الإسرائيلية قد أوقفته للتحقيق معه، قبل ثلاثة أيام، على خلفية الأحداث الحالية في القدس الشرقية والاشتباه بقيادته للأحداث في الجانب الفلسطيني.

وبحسب تقارير الشاباك فإن فياض تولى ملف القدس في وقت قريب جدا من إعلانه عن خطته لإقامة دولة فلسطينية في غضون عامين، والتي تشمل سيطرة قوية للسلطة الفلسطينية في القدس الشرقية وإقامة مؤسسات حكم منظمة في الضفة الغربية وبنية تحتية اقتصادية ملائمة وجهاز قضائي مستقر إلى جانب قوات أمن مدربة وموالية للسلطة الفلسطينية.

واضاف الشاباك أنه منذ أن تولى فياض ملف القدس بنفسه، أدخل ملايين الدولارات من ميزانية السلطة إلى القدس الشرقية والتي وصلت على شكل تبرعات لتقوية البنية التحتية الاقتصادية للسلطة في القدس الشرقية. وتابع الشاباك أنه تم استثمار هذه الأموال في مجال العقارات بالأساس، أي بشراء عقارات من عائلات فلسطينية كانت تعتزم بيع أملاكها وفي مجال البناء في مناطق مفتوحة.

وقال الشاباك إن أجهزة الأمن الفلسطينية المختلفة تعمل في القدس الشرقية وأن الإشراف الأمني في أجزاء واسعة في القدس الشرقية تمارسه هذه الأجهزة. ويذكر أن رئيس الشاباك يوفال ديسكين كان قد حذر العام الماضي من أن الوضع في الأحياء الفلسطينية الواقعة في أطراف القدس خطير وأنه لا توجد أية جهة تطبق القانون فيها.

الأردن يطالب إسرائيل بمنع دخول اليهود والسياح إلى الحرم

من جهة ثانية ذكرت صحيفة هآرتس، اليوم، أن الأردن طلب من إسرائيل منع دخول اليهود والسياح الأجانب إلى الحرم القدسي في هذه الفترة وإلى حين تهدأ الأوضاع المتوترة في القدس الشرقية وخصوصا في البلدة القديمة المستمرة منذ مطلع الأسبوع الحالي. ونقلت الصحيفة عن مصدر أردني قوله إن على الشرطة الإسرائيلية الامتناع حاليا عن الدخول إلى الحرم القدسي ومنع دخول المجموعات اليهودية الدينية المتطرفة وإبقاء باب المغاربة، المؤدي إلى الحرم من منطقة حائط البراق، مغلقا. وأردف المصدر الأردني أنه "بهذه الطريقة ستهدأ الأجواء ونحترم الدور الأردني في المسجد الأقصى".

ولفتت هآرتس إلى أنه منذ العام 2003 تسمح السلطات الإسرائيلية بفتح باب المغاربة في أوقات محددة من دون التنسيق مع الوقف الإسلامي الخاضع للأردن وتسمح بدخول اليهود والسياح إلى باحات مسجدي الأقصى وقبة الصخرة في الحرم، علما أنه حتى اندلاع الانتفاضة الثانية في أيلول من العام 2000 كان يتم دخول مجموعات كهذه فقط من خلال التنسيق مع الوقف.

كذلك نقلت الصحيفة عن القيادي في حركة فتح في القدس، حاتم عبد القادر، قوله إن السلطة الفلسطينية والأردن مهتمان بإجراء مفاوضات مع إسرائيل بعد أن تهدأ الأجواء في القدس الشرقية حول ترتيب زيارات للسياح الأجانب في الحرم لكن فقط من خلال التنسيق مع الوقف الإسلامي. وشدد عبد القادر على أن ترتيبات من هذا القبيل ستؤدي إلى تهدئة الخواطر، مشيرا إلى أن سماح السلطات الإسرائيلية بدخول غير المسلمين إلى الحرم تمس بمشاعر الكثيرين من المصلين المسلمين.

من جهة أخرى طالب دبلوماسيون أميركيون إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالعمل على تهدئة الأجواء وحتى أن بعض الدبلوماسيين تحدثوا مع عبد القادر وشددوا على أنه يتعين على كلا الجانبين العمل على منع تدهور الأوضاع في القدس. وأكد عبد القادر على "أننا لسنا معنيون بالتصعيد" وامتدح وفقا لهآرتس قرار الشرطة الإسرائيلية بإبقاء باب المغاربة مغلقا أمس.

وكانت قد تواصلت المواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الشرطة وحرس الحدود الإسرائيلية في أنحاء متفرقة في القدس الشرقية، وأقدم فتى فلسطيني على طعن جندي إسرائيلي في عنقه، عند الحاجز العسكري في مدخل مخيم شعفاط بشمال القدس وأصابه بجروح طفيفة.

وتتهم السلطات الإسرائيلية الحركة الإسلامية – الجناح الشمالي داخل الخط الأخضر وزعيميها الشيخ رائد صلاح والشيخ كمال الخطيب، ب"التحريض" وتوتير الأجواء في القدس على اثر دعوتهما للجمهور الفلسطيني في القدس وداخل الخط الأخضر إلى الحضور لمنطقة الحرم القدسي "لحماية الأقصى". وأصدرت الشرطة الإسرائيلية أمرا يمنع الخطيب من دخول القدس وكانت قد أصدرت في الماضي أمرا يمنع صلاح من الاقتراب من البلدة القديمة.

وفي غضون ذلك دعا وزير التطوير الإقليمي والنائب الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي، سيلفان شالوم، خلال مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم، إلى إخراج الحركة الإسلامية – الجناح الشمالي عن القانون وتحويلها إلى حركة غير قانونية. وقدر شالوم أن المواجهات الحاصلة في القدس، والتي تذكر بانتفاضة الحجارة التي اندلعت في نهاية العام 1987، لن تتطور إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة.

كذلك رأى وزير الدفاع الأسبق وعضو الكنيست، شاؤل موفاز، من حزب كديما المعارض، في حديث لموقع يديعوت أحرونوت الالكتروني أن المواجهات في القدس لن تتطور إلى انتفاضة ثالثة. ويذكر أن موفاز كان رئيسا لأركان الجيش الإسرائيلي عندما اندلعت الانتفاضة الثانية في أيلول العام 2000. وقال موفاز "إنني لا أرى مؤشرات على احتمال حدوث تطور باتجاه انتفاضة شاملة، لأن سيطرة قوات الأمن الفلسطينية والجيش والشرطة الإسرائيليين في الضفة الغربية واسعة نسبيا ومقارنة مع الماضي".

وأبقت أجهزة الأمن الإسرائيلية القيود المفروضة على دخول المصلين إلى الحرم، اليوم، وتمنع دخول من هم دون سن الخمسين عاما من سكان القدس والعرب من إسرائيل إلى الحرم، كما لا تزال تنتشر قوات إسرائيلية كبيرة في جميع أنحاء القدس الشرقية وخصوصا في منطقة البلدة القديمة.

وتتواصل في هذه الأثناء الاحتفالات اليهودية بعيد العرش والتي تتركز بالقدس. وأعلنت الشرطة عن إغلاق العديد من الشوارع في القدس الشرقية والموصلة إلى البلدة القديمة لتمكين إجراء مسيرة في إطار هذه الاحتفالات.