نتنياهو يلغي جولة أوروبية وينفي تخوفه من ضغوط وانتقادات

قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلغاء جولة لدول أوروبية تشمل دولا بينها بريطانيا وفرنسا، فيما ذكر مكتبه أن القرار ليس نابعا من تخوفات بتوجيه انتقادات لسياسته المتعلقة بالعملية السياسية مع الفلسطينيين ومواصلة الأنشطة الاستيطانية. وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الأربعاء – 27.5.2009، أن مصادر في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية رفضت تقديرات بأنه تم إرجاء الجولة على خلفية التهرب من ممارسة ضغوط سياسية أميركية وأوروبية على نتنياهو.

وقال مصدر في مكتب نتنياهو إن إرجاء الجولة الأوروبية جاء بسبب قضايا هامة مطروحة على جدول أعمال الحكومة، وبينها إقرار الموازنة العامة وتعيين بديل للمبعوث الإسرائيلي الخاص لمفاوضات تبادل الأسرى مع حماس واستعادة الجندي الأسير في قطاع غزة غلعاد شاليت.

وكان رئيس الوزراء الايطالي، سيلفيو برلوسكوني، قد دعا نتنياهو لزيارة ايطاليا في الثالث من حزيران المقبل. كما كان يفترض أن يزور نتنياهو في الغداة العاصمة الفرنسية، باريس، والتقاء الرئيس نيكولا ساركوزي. وشددت المصادر في مكتب نتنياهو على أن الجولة الأوروبية ستجري بعد بضعة أسابيع.

وبرز في الأيام الأخيرة احتجاج فرنسي على سياسة نتنياهو. وقد نددت فرنسا بتصريح أطلقه نتنياهو وقال فيه إن "القدس الموحدة ستبقى عاصمة إسرائيل إلى الأبد". وفي أعقاب ذلك أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية إنه "بنظر فرنسا فإن القدس يجب أن تكون عاصمة للدولتين وفقا لاتفاق سلام" إسرائيلي – فلسطيني. كما حذرت الخارجية الفرنسية من أن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد العنف ومن أن الأنشطة الاستيطانية "ليست مقبولة وتتعارض مع القانون الدولي" وطالبت بتجميدها.

وفي هذه الأثناء استمر أقطاب في حزب الليكود الحاكم في التعبير عن خط سياسي يميني متطرف. واعتبر وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، موشيه يعلون، في خطاب ألقاه خلال مؤتمر في الكنيست، أمس الثلاثاء، أنه لا يوجد احتمال لقيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. ونقل موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني عن يعلون قوله خلال مؤتمر بعنوان "بدائل لتوجه الدولتين"، بمبادرة عضو الكنيست تسيبي خوطيفيلي، من حزب الليكود، إنه "لا أرى احتمالا لقيام كيان قابل للحياة في يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية) أو في قطاع غزة وتكون قادرة على العيش من الناحية الاقتصادية". وأضاف أن "الفجوة الاقتصادية بين دولة إسرائيل ك’دولة عالم أول’ والكيان الفلسطيني الذي ينتمي للعالم الثالث هي وصفة لانعدام الاستقرار، واحتمالات نمو كيان معاد كبيرة للغاية في هذه الحالة".

وتابع يعلون أنه "من أجل أن يكون هناك تفكير جديد ينبغي علينا أن نتحرر من التوجه الفاشل وفرضياته الأساسية الخاطئة" في إشارة إلى حل الدولتين. ورأى يعلون أنه "من أجل حل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني لا ينبغي التعامل مع مصطلحات مثل ’حل’ في المستقبل المنظور وإنما بمصطلحات مثل ’إدارة أزمة’ أو مواجهة طويلة الأمد. وعلى هذه الإستراتيجية أن تحافظ على المصالح وتعززها خلال فترة إدارة الصراع وتمهيد الأرضية لاستقرار الوضع في المستقبل البعيد".

ورغم أنه لا يرى إمكانية لقيام دولة فلسطينية إلا أن يعلون قال إنه "يجب اشتراط أي تقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين بالاعتراف بحقنا بوطن قومي يهودي وبإثبات قدرة الكيان الفلسطيني على السيطرة الميدانية". وأضاف أن "سياسة الحكومة والمصلحة الإسرائيلية هي عدم السيطرة على الفلسطينيين وإدارة حياتهم لكن مثلما لا يتم بناء البيت من السقف وإنما من الأساسات، فإن عليهم أن يطبقوا إصلاحات من أسفل إلى أعلى".

ويذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس الليكود بنيامين نتنياهو ما زال يرفض حتى الآن الاعتراف بحل الدولتين رغم مطالبته بذلك من جانب الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي، كما رفض مطلب الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بتجميد الاستيطان في القدس الشرقية والضفة الغربية. ويحاول نتنياهو استغلال المعارضة داخل حزبه والتحالف الحكومي لتنفيذ سياسته، بادعاء أنه في حال اعترف بحل الدولتين فإن حكومته ستكون مهددة بالسقوط، وأنه بمجرد أن عبر عن نيته إخلاء بؤر استيطانية عشوائية قامت معارضة له داخل حزبه، مثلما حدث خلال اجتماع كتلة الليكود في الكنيست أمس. فقد طالب الوزير غلعاد أردان، الذي يعتبر من أكثر المقربين من نتنياهو، خلال اجتماع الكتلة "بإلقاء تقرير طاليا ساسون حول البؤر الاستيطانية في سلة النفايات"، فيما اتهم وزير الإعلام، يولي أدلشتاين، وزير الدفاع، ايهود باراك، "بانتهاج خط سياسي متطرف ضد المستوطنين". من جانبه شدد يعلون على أن المؤتمر الذي عقد في الكنيست ليس "تمردا" ضد نتنياهو.

وتحدث في المؤتمر وزير الداخلية ورئيس حزب شاس، إلياهو يشاي، الذي ادعى أن "الفلسطينيين يواصلون أعمالهم الوحشية، فبعد أن انسحبنا من غزة حصلنا على صواريخ القسام". وأضاف أنه "ليس صدفة أن الفلسطينيين لا يتوقفون عن التحريض في المدارس وفي كتبهم التعليمية وليس صدفة أنهم لا يريدون الاعتراف بدولة يهودية، فهم يريدون إبادتنا". لكن يشاي كال المديح لنتنياهو و"صموده" أمام الضغط الأميركي وأن "حقيقة أنه لم يصفقوا لنا يعني أن رئيس الحكومة أصر على المبادئ، وبعد كل زيارة (للولايات المتحدة) يُقابَل رئيس الحكومة فيها بالتصفيق كنا نتنازل عن أملاك". وتابع "أنا مستعد للتنازل عن العناق والحفاظ على الأملاك. ونحن نحاول طوال الوقت نيل إعجاب الأميركيين، لكن يجب الالتصاق بالحقيقة وعدم محاولة نيل الإعجاب طوال الوقت".