إسرائيل تصعد التصريحات ضد إيران في موازاة الحديث عن إخلاء البؤر الاستيطانية

أعرب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في عدة مناسبات في الأيام الأخيرة، عن نيته إخلاء بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية، في موازاة تصعيد التصريحات ضد إيران على خلفية تطويرها للبرنامج النووي. ورافق ذلك مواصلة مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى إطلاق تصريحات تهدد إيران، كان أبرزها ما قاله رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، خلال اجتماع للجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، اليوم الثلاثاء – 26.5.2009، بأنه يعد الجيش لأي خيار تقرره إسرائيل ضد إيران.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن أشكنازي قوله خلال اجتماع لجنة الخارجية والأمن إن "مهمتي كرئيس لأركان الجيش أن أعد كافة الخيارات، وهذا ما نفعله". وأضاف أن "إيران مستمرة في هذه الأثناء في تطوير برنامجها. ووجود سلاح نووي بأيدي إيران بإمكانه أن يزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط برمته". وقال أشكنازي إنه "يجري الآن حوار بين الولايات المتحدة وإيران ونحن لا نعرف في هذه المرحلة ما إذا كان سينجح، وخيار الحوار إلى جانب العقوبات مفضل بالنسبة لنا".

من جهة ثانية تطرق أشكنازي إلى الانتخابات النيابية اللبنانية، التي ستجري في السابع من حزيران المقبل، وعبر عن تخوفه من فوز حزب الله في هذه الانتخابات. وقال إنه "يوجد صراع على مستقبل الدولة وثمة تخوف من سقوطها بأيدي المحور الراديكالي". وحول عمليات تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة قال أشكنازي إنه "يوجد تعاظم في فاعلية النشاط المصري ضد عمليات التهريب لكن ثمة المزيد مما ينبغي عمله". وأضاف في هذا السياق أن "هذا النشاط (المصري) يعرقل عمليات التهريب لكنها لا يمنعها بشكل كامل، والسلام مع مصر هو ذخر إستراتيجي هام والجيش الإسرائيلي يجري حوارا جيدا مع مصر".

وكان نتنياهو قد قال خلال اجتماع لكتلة حزب الليكود في الكنيست، أمس، بحسب بيان رسمي صادر عن مكتبه، إنه "إذا لم نقد نحن الدفاع أمام الخطر (الإيراني) ونجند الولايات المتحدة والعالم فإن لا أحد سيفعل ذلك". وأشار محللون إسرائيليون إلى أن لهجة أقوال نتنياهو جاءت مخففة في البيان الرسمي، إذ أن وسائل إعلام نقلت عنه قوله إنه "إذا لم نوقف نحن إيران، فلن يكون هناك أحد يوقفها". لكن نتنياهو أضاف أنه اتفق مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أثناء لقائهما في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، على أن الملف الإيراني موضوع على رأس سلم أولويات الدولتين، وأن "الرئيس أوباما يعتزم تحديد مدة الحوار مع إيران. وأنا أوضحت حقنا في الدفاع عن النفس".

وجاءت أقوال نتنياهو هذه بعدما وجه أعضاء كنيست من الليكود له انتقادات بسبب إعلانه عن نيته إخلاء بؤر استيطانية. لكن نتنياهو دعا أعضاء كتلته إلى "الاتحاد" وضرورة إخلاء بؤر استيطانية من أجل "مواجهة التحديات الماثلة أمام إسرائيل وأولها الخطر النووي الإيراني". ويذكر أن نتنياهو كان قد حاول إقناع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بإنهاء الملف الإيراني قبل استئناف العملية السياسية في المنطقة، وخصوصا بين إسرائيل والفلسطينيين، وتحديد مدة الحوار الأميركي – الإيراني بثلاثة شهور، لكن أوباما رفض المدة الزمنية التي حددتها إسرائيل وطالب نتنياهو بتجميد كافة الأنشطة الاستيطانية في القدس الشرقية والضفة الغربية.

ورفض نتنياهو خلال تجميد الاستيطان وبرر ذلك، أمس، بأن "إسرائيل ليست مثل بقية الدول. فنحن نواجه تحديات أمنية لا تواجهها أية دولة أخرى وحاجتنا لتوفير رد عليها بالغة الأهمية وأولية ونحن نصر عليها". وأضاف أنه خلال لقاءه مع أوباما تم تحقيق تفاهمات بينهما تتعلق بأن "الغاية الأهم للدولتين هي منع إيران من الحصول على قدرات نووية عسكرية" وأن جهاز الأمن الإسرائيلي حصل على مساعدات أميركية لعدة احتياجات.

من جانبها قالت رئيس حزب كديما ورئيسة المعارضة الإسرائيلية، تسيبي ليفني، خلال اجتماع كتلة حزبها "إننا نشهد في هذه الأثناء مؤشرات على انهيار سياسي ويتعين على الحكومة أن توقف ذلك". وأضافت "إننا نرى اليوم أصوات ليست بالعربية وإنما بالانجليزية والفرنسية تتحدث بشكل آخر. وعلى نتنياهو أن يتبنى السياسة الصحيحة بدلا من الانشغال في صراع البقاء السياسي" في إشارة إلى التحالف الحكومي المؤلف من أحزاب اليمين ويمنع تنفيذ خطوات سياسية مع الفلسطينيين خصوصا. وقالت ليفني إنه "فقط عندما قدنا عملية الدولتين القوميتين، رأينا العالم كله لا يمنح الشرعية لحماس لأنه يعرف أن إسرائيل جدية في المفاوضات". وكانت تشير ليفني بذلك إلى لقاء وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، مع رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، في دمشق يوم السبت الماضي.

وهاجمت ليفني وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، وقالت إن "باراك رفض طوال سنتين (خلال فترة ولاية حكومة ايهود أولمرت) إخلاء بؤر استيطانية عشوائية وهو يدعي أن ينبغي إجراء حوار مع المستوطنين وظل يتكلم طوال سنتين". وتابعت أن "تلميح الحكومة (وعدم تنفيذها) لإخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية يلحق ضررا بقدرة الحكومة على الحفاظ على الأمور الهامة فعلا، بما فيها المستوطنات".