نتنياهو يصف تهريب السلاح في سفينة فرانكوب جريمة حرب

في الوقت الذي لم تُخف فيه حكومة إسرائيل نيتها استغلال كشف عملية تهريب أسلحة على متن سفينة "فرانكوب" لشن حملة ضد اتهامها بتنفيذ جرائم حرب في قطاع غزة، اعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أن عملية التهريب هذه تشكل "جريمة حرب"، فيما شكر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، الموساد على دوره في مراقبة حمولة السفينة.

وقال نتنياهو في مؤتمر صحفي عُقد في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، اليوم الخميس – 5.11.2009، إن "الحديث يدور عن جريمة حرب، وكان ينبغي على الهيئة العامة للأمم المتحدة أن تحقق بها وتدينها وحتى أن تعقد جلسة خاصة لبحثها". وأضاف أن "هذه جريمة حرب ونحن نعرف أن النظام الإيراني اعتزم تمكين حزب الله من العودة إلى المس بالمدنيين. وهذا ما كان يجب على المجتمع الدولي أن ينشغل به لكن بدلا عن ذلك هو يعتزم البحث في إسرائيل" في إشارة إلى بحث الهيئة العامة للأمم المتحدة في تقرير لجنة تقصي الحقائق حول الحرب على غزة برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون لتبني التقرير وتحويله إلى مجلس الأمن.

وتابع نتنياهو أن بحث الأمم المتحدة في تقرير غولدستون واحتمال صدور قرار بتبنيه "لن يردعنا ولن يمنعنا من الاستمرار في العمل من أجل مواطني إسرائيل". وحول الاتهامات لإسرائيل بتنفيذ جرائم حرب في قطاع غزة قال إنه "لا يوجد جيش أخلاقي أكثر من الجيش الإسرائيلي، ومن يمنع جرائم الحرب هو الجيش الإسرائيلي. وحان الوقت لأن يعترف المجتمع الدولي وخصوصا الدول المسؤولة بالحقيقة وألا تتعاون مع الكذب".

من جانبه قال أشكنازي إنه "بودي أن أعبر عن تقديري لجنود سلاح البحرية ولأفراد الموساد إذ أنه بدونهم لما كنا سنحصل على معلومات مخابراتية دقيقة كهذه". وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، "إننا فخورون بالذين يرتدون زيّنا العسكري ونعتمد عليهم. وليس لدينا أوهاما، فجهود التهريب ستستمر والجيش الإسرائيلي سيستمر في العمل ضدها، لأن هذا هو واجبنا ومسؤوليتنا".

وقال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، اللواء عاموس يدلين، إن تهريب الأسلحة على متن سفينة "فرانكوب" هي "مثال واحد فقط على أذرع التسليح من جانب إيران. وهناك عدد كبير من الإرهابيين الذين يجرون تدريبات في إيران. وهناك عمليات تهريب تجري في الجو والبحر والبر".

ويذكر أن وحدة الكوماندو التابعة لسلاح البحرية ترافقها بوارج حربية اعترضت سفينة "فرانكوب" في عرض البحر المتوسط، عند منتصف ليلة الثلاثاء – الأربعاء الماضية، واقتادتها إلى ميناء أسدود الإسرائيلي، وأعلن الجيش الإسرائيلي عن أنها تحمل كميات كبيرة من الأسلحة تقول إسرائيل إنها مرسلة من إيران إلى حزب الله في لبنان عبر الأراضي السورية. وأخلت إسرائيل، ظهر اليوم، سبيل أفراد طاقم "فرانكوب"، البالغ عددهم 11 شخصا، وسمحت للسفينة بمغادرة الميناء فيما تعتزم نقل الأسلحة إلى مخازن في إسرائيل.

تقديرات إسرائيلية بتغيير إيران لمسار نقل الأسلحة

وقدر مسؤولون في جهاز الأمن الإسرائيلي أن إيران ستعمل على تغيير مسار نقل الأسلحة إلى حزب الله في لبنان على أثر اعتراض سلاح البحرية الإسرائيلي سفينة "فرانكوب" في عرض البحر المتوسط وضبط أسلحة فيها. ويبدو أن التخوف الأساسي في إسرائيل هو من وصول صواريخ مضادة للطائرات على حزب الله.

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم، عن مصادر في جهاز الأمن الإسرائيلي قولها إن "إيران ستضطر إلى تغيير مسار تهريب الأسلحة إلى حزب الله في أعقاب ضبط سفينة الأسلحة ’فرانكوب’". وأضافت المصادر ذاتها أن "التقديرات هي أن ضبط السفينة لن يؤدي إلى وقف تمرير شحنات الأسلحة إلى المنظمة الإرهابية اللبنانية" في إشارة إلى حزب الله.

وعرضت وسائل الإعلام الإسرائيلية صورا للأسلحة التي قالت إنها كانت داخل حاويات في السفينة وان شحنة الأسلحة شملت 3000 قذيفة صاروخية وقذائف هاون و300 طن من الأسلحة الأخرى بينها القنابل اليدوية وعشرة آلاف رصاصة لبنادق أوتوماتيكية من نوع "كلاشنيكوف" كانت جميعها داخل 36 حاوية.

ويتضح من التقارير الإسرائيلية أن عمليات إيقاف وتفتيش السفن التجارية في عرض البحار هو عمل عادي تقوم به دوريات سلاح البحرية الإسرائيلي. ووفقا لإذاعة الجيش الإسرائيلي فإن قوات البحرية نفذت عمليات عسكرية سرية، في البحر المتوسط والبحر الأحمر، لم يتم الإعلان عنها وما زالت الأطراف الضالعة فيها تتكتم عليها لكن بين أهداف هذه العمليات ترسيخ الردع الإسرائيلي ضد عمليات تهريب الأسلحة. وقال قائد سلاح البحرية الإسرائيلي السابق ،اللواء في الاحتياط يديديا يعاري، لصحيفة هآرتس إن "وحدة الكوماند التابعة لسلاح البحرية قادرة على السيطرة على أي سفينة".


ونقلت الإذاعة عن الضابط ميكي من سلاح البحرية الإسرائيلية قوله إن "هدفنا هو إبراز وجود في كل منطقة خليج إيلات (في البحر الأحمر) وهذا ما يمكّن من عبور سفن هامة بالنسبة لإسرائيل إلى خليج إيلات".

لكن إذاعة الجيش الإسرائيلي شددت على أنه "لا يوجد أحد في إسرائيل قادر على معرفة عدد السفن (المحملة بالسلاح) التي نجحت بالوصول إلى أيدي حزب الله". وأضافت أنه على الرغم من ضبط كمية كبيرة من الأسلحة في سفينة "فرانكوب" إلا أنه حتى الآن على الأقل لا يجري الحديث عن أسلحة جديدة لا يملك حزب الله مثلها. وتابعت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن "السؤال الكبير الآن هو هل نجح الإيرانيون في تمرير أسلحة أكثر تطورا (إلى حزب الله) مثل منظومات مضادة للطائرات، التي من شأنها أن تمس بحرية عمل الجيش الإسرائيلي في المنطقة" في إشارة إلى طلعات الطيران الحربي الإسرائيلي اليومية تقريبا في أجواء لبنان.

ليبرمان يعتبر أن سورية جزء لا يتجزأ من "محور الشر"

واعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أن سورية هي جزء لا يتجزأ من "محور الشر" وذلك في أعقاب اعتراض سلاح البحرية الإسرائيلي سفينة "فرانكوب". وقال ليبرمان في مقابلة أجراها معه موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني، اليوم، إنه "لا شك في أن سورية اختارت أن تكون إلى جانب الإرهاب وهي مرتبطة بمحور الشر سوية مع كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا وهي جزء لا يتجزأ من محور الشر". وأضاف أنه "واضح أن بإمكان السوريين سد الطريق أمام تهريب الأسلحة إلى جنوب لبنان بشكل مطلق لكنهم ينفذون يوميا عكس ذلك، ولهذا فإنه لا يوجد مكان هنا للأوهام".

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن ليبرمان أصدر تعليمات للمسؤولين في وزارته بدعوة جميع السفراء في إسرائيل لزيارة ميناء أسدود ومشاهدة الأسلحة المهربة وتزويدهم بشرح حول مفعول كل نوع من هذه الأسلحة.

وقال ليبرمان ليديعوت أحرونوت إن "استجواب أفراد طاقم السفينة والوثائق والمعلومات المخابراتية المتوفرة لدينا تثبت بدون أدنى شك أن السفينة احتوت على أسلحة غايتها حزب الله". وأضاف أنه "لدينا هنا أكثر من دخان مسدس، بل لدينا مسدسا يطلق النار، وهو يطلق النار في أفغانستان وباكستان والعراق وغزة وجنوب لبنان، وقد شاهدنا في الأسابيع الأخيرة صاروخ الكاتيوشا الذي تم إطلاقه (من جنوب لبنان) باتجاه كريات شمونيه (في شمال إسرائيل) وشاهدنا التجربة على الصاروخ الذي يفترض أن يضرب السكان المدنيين في وسط إسرائيل" في إشارة إلى أقوال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية اللواء عاموس يدلين في الكنيست حول تجربة حماس لصاروخ يصل مداه إلى مدينة تل أبيب.

وفي رده على سؤال حول مدى تأكد إسرائيل من أن الأسلحة مرسلة إلى حزب الله قال ليبرمان "بدون أدنى شك، فقد تعقبنا هذه السفينة وشاهدنا المحاولات التي نفذها الإيرانيون والسوريون وحزب الله من أجل إخفاء ذلك، فقد غيروا المسار ونقلوا (حاويات الأسلحة) من سفينة إلى أخرى وعناك أكثر من مجرد إثباتات قاطعة على أنها مرسلة إلى حزب الله، كل شيء بما في ذلك وثائق".

وأضاف "أنا واثق من أنه لا يمكننا أن نمنع بشكل مطلق ومائة بالمائة محاولات التهريب، كما أنه فقط قسم من هذه الأمور يتم النشر عنها ونحن نبذل كل ما بوسعنا وكل ما هو ملقى علينا لكن هذا ليس كاملا والإيرانيون مستمرون في جهودهم لمساعدة الإرهاب ويستمرون أيضا في تهريب السلاح وتمويل المنظمات الإرهابية أيضا وتطوير أسلحة لمنظوماتهم الصاروخية ومنظومتهم النووية".

وحول دعوة السفراء في إسرائيل إلى مشاهدة الأسلحة التي كانت في السفينة واستولت عليها إسرائيل قال ليبرمان أن الهدف هو أن "يروا الأسلحة الفتاكة المخصصة كلها لتكون موجهة ضد السكان المدنيين ونحن نركز في محادثات كثيرة مع وزراء خارجية ورؤساء دول حول هذا الموضوع".

وأضاف "أعتقد أن دول العالم الحر تدرك المعضلات وقسم كبير من جنود الناتو (حلف شمال الأطلسي) موجود في دول مثل أفغانستان وهم يدركون الوضع الموجودة إسرائيل فيه ويواجهون المشاكل نفسها وقد شاهدت المؤتمر الصحفي الذي عقدته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في باكستان وهي تواجه المشاكل نفسها تماما والاتهامات نفسها التي يوجهونها ضد جنود الولايات المتحدة".

وتطرق ليبرمان إلى تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة حول الحرب على غزة برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون الذي يتهم إسرائيل بتنفيذ جرائم حرب ويتوقع أن تصوت الهيئة العامة للأمم المتحدة على مشروع قرار عربي يدعو إلى تبنيه وتحويله إلى مجلس الأمن. وقال إنه "ينبغي أن ندرك أن الحاصل اليوم في المنظومة الدولية هو أنه من جهة توجد أغلبية أوتوماتيكية تضم دولا مثل بنغلاديش وكوبا والسعودية ونيكاراغوا وهي التي تفرض التوجه في مجلس حقوق الإنسان ... وفي مقابلها هناك الأغلبية الأخلاقية التي تحاول فعلا العناية والحفاظ على القيم الإنسانية والديمقراطية".

واستطرد "نحن ملزمون بأن نشرح أنفسنا والتركيز على الأغلبية الأخلاقية، ويبدو أن العمل مع الأغلبية الأوتوماتيكية صعب والطريق طويلة (للتفاهم معها) لكن بين الأغلبية الأخلاقية هناك دول تتفهم فعلا معضلات محاربة الإرهاب وبالإمكان أن نشرح أنفسنا ومواقفنا أمامها". وتابع أن "تقرير غولدستون لا يستأثر بانتباه الرأي العام في أوروبا والولايات المتحدة ومن الواضح أن لدى هذه الدول والمنظومة الدولية مشاكل معقدة أكثر مثل أفغانستان وباكستان والعراق وكوريا الشمالية".

وخلص ليبرمان إلى أنه "ينبغي أن نفهم أنه يوجد هنا نفاق بالغ لم نر مثله. إذ أن ما فعلته الكويت للفلسطينيين الذين كانوا لديها هو أمر بالإمكان وصفه بجريمة حرب وهناك يدور الحديث عن جريمة ضد الإنسانية وعلى الكويتيين أن يبحثوا في أعمالهم وكيف تعاملوا مع الفلسطينيين" بعد حرب الخليج الأولى واحتلال العراق للكويت.