الجيش الإسرائيلي يغلق التحقيق في شهادات جنوده حول قتل مدنيين فلسطينيين في غزة

قرر المدعي العسكري العام الإسرائيلي، العميد أفيحاي مندلبليت، إغلاق التحقيق في شهادات جنود إسرائيليين حول أعمال قتل مدنيين فلسطينيين "بدم بارد" خلال الحرب على غزة. وقال بيان صادر عن الناطق العسكري الإسرائيلي، اليوم الاثنين – 30.3.2009، إن المدعي العسكري العام فتح تحقيقا بواسطة الشرطة العسكرية في شهادات الجنود لكنه قرر إغلاق التحقيق بادعاء أن شهادات الجنود "استندت إلى شائعات وكانت وصفا مبالغا فيه".

وكانت صحيفة هآرتس قد كشفت، في 18 آذار الجاري، عن قسم من هذه الشهادات وأشارت إلى أن الجنود أدلوا بشهاداتهم خلال اجتماع عقدته المدرسة التحضيرية العسكرية التي تحمل اسم "رابين" في كلية "أورانيم" في شمال إسرائيل، في 13 شباط الماضي. وشارك في الاجتماع عشرات خريجي المدرسة العسكرية، الذين يخدمون في الوحدات القتالية في الجيش الإسرائيلي، وشاركوا "بصورة فعالة" في عملية "الرصاص المسكوب" العسكرية في قطاع غزة بين 27 كانون الأول/ديسمبر و18 كانون الثاني/يناير الماضي وخلفت أكثر من 1400 قتيل فلسطيني ونحو 5500 جريح ودمارا هائلا.

وجاء في بيان الناطق العسكري الإسرائيلي أن مندلبليت قرر إغلاق ملف التحقيق "بعدما وجد من خلال تحقيقات الشرطة العسكرية أن القسم الأكبر من الأوصاف التي أدلى بها الجنود، وخصوصا القصتين اللتين أثارتا شبهات بإطلاق النار باتجاه غير الضالعين في القتال، كانتا بمثابة شائعات ولم يتم قولها من معرفة شخصية كما أنه لم يتم خلال التحقيق العثور على أي دعم للادعاءات سواء في إطار حديث الخريجين (خلال اجتماع المدرسة العسكرية) أو في إطار التحقيق". وبحسب البيان العسكري فإن "الجنود أوضحوا أنهم بالغوا في سرد الوقائع وبشكل متطرف بهدف تمرير رسالة إلى المشاركين" في اجتماع المدرسة العسكرية.

وقال البيان أن "المقاتل أفيف" الذي وصف في روايته صدور أمر للجنود بقتل امرأة فلسطينية مسنة، "فقد أوضح خلال التحقيق معه إنه عمليا لم يكن أبدا شاهدا على الحدث الذي وصفه وإنما روى شائعات سمعها، ورغم ذلك تم إجراء تحقيق في الحدث وتبين أن الحديث يدور عن حدث تم تنفيذ إطلاق نار خلاله باتجاه امرأة بعد الاشتباه بها أنها مخربة انتحارية اقتربت من الجنود مسافة تصل إلى عشرات الأمتار وأن إطلاق النار باتجاهها تم بعد عمليات كثيرة كانت غايتها إبعادها عن القوات ولم تؤد إلى توقفها".

وأضاف البيان أنه "فيما يتعلق بالحدث الذي وصفه خلال اجتماع المدرسة العسكرية الجندي الذي يدعى رام، حول إطلاق نار على امرأة وولديها بعد إخلاء سبيلهم من أحد البيوت وضلوا طريقهم، فقد اتضح خلال التحقيق ومن أقوال رام نفسه أنه لم يكن شاهدا على الحدث. ورغم ذلك تمت جباية إفادات من جنود شاركوا في الحدث، بحسب ادعاء رام، وتبين أنه في الحدث الجاري الحديث عنه لم يتم تنفيذ إطلاق نار باتجاه المرأة وولديها الذين تم إخلاء سبيلهم من البيت ولم يلحق بهم أي أذى وذلك بعد أن أبلغهم قائد وحدة بالخروج والسير رافعين راية بيضاء، وفي الواقع تم إطلاق النار باتجاه آخر غير الذي سار فيه المواطنون وباتجاه رجلين مشتبهين ولم تكن علاقة بينهما وبين المواطنين".

وتابع بيان الناطق العسكري أنه "اتضح خلال التحقيق أن المتحدثين في اجتماع المدرسة العسكرية وقالوا إنه خلال العملية العسكرية تم استخدام قذائف فوسفورية، فقد أفادوا بأنهم استندوا في أقوالهم هذه إلى ما سمعوه من وسائل إعلام وليس إلى معرفة شخصية".

وخلص مندلبليت إلى أنه "ينبغي الأسف إذاً على أن أي من المتحدثين لم يتوخى الحذر لدى استعراض ادعاءاته في إطار محادثة خريجين وعلى أن الخريجين اختاروا سرد أوضاع خطيرة من دون معرفة شخصية بها ويبدو أنه سيكون من الصعب تقدير الضرر اللاحق بصورة الجيش الإسرائيلي وأخلاقياته وبمقاتليه خلال عملية الرصاص المسكوب في البلاد وفي أنحاء العالم".

يشار إلى أن هآرتس نقلت عن ضباط شاركوا في اجتماع المدرسة العسكرية وصفهم لأعمال قتل مدنيين فلسطينيين بأيدي جنود إسرائيليين وأن شهاداتهم تم توثيقها في نشرة تصدرها المدرسة العسكرية.

وجاء في النشرة وصفا أدلى به قائد وحدة تابعة للواء في سلاح المشاة حول مقتل سيدة فلسطينية وولديها جراء تعرضها لنيران مدفع رشاش إسرائيلي.

وقال قائد الوحدة في شهادته إنه "كان هناك بيتا وبداخله عائلة... واحتجزناهم في غرفة، وبعد ذلك غادرنا البيت ودخله فصيل آخر، وبعد مرور عدة أيام على دخولنا صدر أمر بإخلاء سبيل العائلة، ونصبوا في أعلى البيت موقعا (عسكريا) لمدفع رشاش، وأخلى قائد الفصيل سبيل العائلة وقال لهم أن يتجهوا لناحية اليمين، ولم تفهم إحدى الأمهات وولديها وساروا لناحية اليسار، وقد نسوا إبلاغ الجندي عند المدفع الرشاش الذي على السطح بأنهم أخلوا سبيلهم وأن الأمر سليم وينبغي وقف إطلاق النيران...

"وبالإمكان القول إنه تصرف كما ينبغي ووفقا للأوامر التي صدرت له، ورأى الجندي عند المدفع الرشاش امرأة وولدين يقتربان منه وتجاوزا الخط الذي قالوا له إنه يحظر على أي كان الاقتراب منه، وهو أطلق النار مباشرة عليهم... وعلى كل حال فإن ما جرى هو أنه ببساطة قتلهم".

وتحدث قائد الوحدة العسكرية عن "كتابة جمل على الجدران مثل 'الموت للعرب' وأخذ صورة لعائلة الفلسطينية والبصق عليها وإحراق كل شيء يذكر بالعائلة الموجودة هناك، وهم يقومون بهذه الأعمال لمجرد أنه بالإمكان فعل ذلك، وأعتقد أن هذا هو الأمر المركزي، أن ندرك أن الجيش الإسرائيلي سقط فيما يتعلق بالمسألة الأخلاقية... هذا حقيقي، ومهما تحدثنا عن أن الجيش الإسرائيلي هو جيش أخلاقي، دعوني أقول إن هذا ليس ما حدث في ميدان القتال وهذا أكثر شيء أتذكره".

ووصف قائد وحدة عسكرية آخر عملية قتل امرأة مسنة كانت بعيدة عن مكان تواجد الجنود الإسرائيليين، وقال "إذا كانت مشبوهة أم لا، لا أعرف، لكن قائد سرية، مسؤول عن مائة جندي، أمر بصعود جنود إلى السطح مع مدافع رشاشة وقتلها، وأنا شعرت أن هذا كان ببساطة قتل بدم بارد".

وسأله مدير المدرسة العسكرية داني زامير: "لم أفهم، لماذا أطلق النار عليها؟"، وأجاب قائد الوحدة قائلا إن "هذا هو الأمر الجميل في غزة، أنت ترى شخصا يمر في طريق معينة، وليس مسلحا بالضرورة، وبإمكانك إطلاق النار عليه بكل بساطة. وفي حالتنا كانت هذه امرأة مسنة، ولم ألحظ أنها تحمل السلاح عندما نظرت نحوها، وصدر الأمر بإنزال (أي قتل) الإنسان، أي هذه المرأة، عندما تراها، ودائما كانت هناك تحذيرات وأقوال، مثل أنه من الجائز أنه مخرب انتحاري، وشعرت بوجود تعطش كبير للدم لأننا لم نصادف مخربين".

Terms used:

هآرتس