الجيش الإسرائيلي أمر جنوده بقتل مسعفين فلسطينيين خلال الحرب على غزة

كشفت صحيفة هآرتس، اليوم الأحد – 22.3.2009، عن وثيقة عسكرية إسرائيلية كُتبت فيها تعليمات للجنود الإسرائيليين في قطاع غزة بإطلاق النار على طواقم الإسعاف في حال اقتربت من بيوت فلسطينية احتلتها القوات الإسرائيلية. وجاء في الوثيقة المكتوبة بالعبرية وبخط اليد وعثر عليها أحد المحققين العاملين في "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" أنه "تعليمات إطلاق النار: نيران باتجاه الإنقاذ أيضا. ليس على النساء والأولاد. وراء تنتشر – تجريم". وأوضحت هآرتس أن "تنتشر" هو الاسم الذي يستخدمه الجيش الإسرائيلي لطريق صلاح الدين، التي تقطع قطاع غزة من شماله إلى جنوبه، فيما نقلت عن جنود في الاحتياط شاركوا في العمليات العسكرية في القطاع قولهم إن مصطلح "تجريم" يعني إطلاق النار بهدف القتل وأن المقصود بالتعليمات هو إطلاق النار بهدف قتل كل من يحاول قطع طريق صلاح الدين من أحد أطرافه إلى الطرف الآخر.

ولفتت الصحيفة إلى أنه خلال الحرب تكررت التقارير التي تحدثت عن إطلاق القوات الإسرائيلية النيران باتجاه طواقم الإسعاف التي حضرت لإخلاء جرحى وجثث مواطنين فلسطينيين أصيبوا بنيران القوات الإسرائيلية. وأضافت مراسلة هآرتس في غزة، عميرا هاس، أنه كان هناك عدد غير معروف من الجرحى الفلسطينيين الذين بقوا ينزفون حتى توفوا أو انتظروا في بيوتهم من دون الحصول على علاج بسبب منع وصول طواقم الإسعاف، وأنه كانت هناك جثثا ملقاة خارج البيوت أو في جوانب الطرق لأيام طويلة. ولذلك فإن "الوثيقة التي تم العثور عليها تشكل دليلا مكتوبا على أن ضباط الجيش الإسرائيلي أصدروا تعليمات بإطلاق النار باتجاه طواقم الإسعاف الفلسطينية أيضا".

واستعرض القسم العلوي من الوثيقة الوضع السياسي وجاء فيه أن "القيادة المحلية (لحماس) تريد (وقف إطلاق نار) بينما (قيادة حماس) الخارجية – منعزلة. العدو يريد تحقيق اختطاف، إسقاط بيوت (على القوات الإسرائيلية التي تحتلها)، (وإطلاق) قذيفة مضادة للمدرعات" باتجاه القوات الإسرائيلية. ونقلت هآرتس عن ضابط في قوات الاحتياط الإسرائيلية، لم يشارك في الحرب على غزة ورأى الوثيقة، تقديره أن الوثيقة كتبها قائد وحدة صغيرة أو سَرية بعد أن تلقى تعليمات وجهها ضباط يحملون رتبا عسكرية أعلى منه خلال اجتماع لضباط يقودون الوحدات المتوغلة في القطاع. وأكد الضابط في الاحتياط على أن تعليمات إطلاق النار لم تكن بمبادرة كاتب الوثيقة وإنما تعليمات وصلت من مستوى أعلى "فهذه ليست أوامر يبادر إليها قائد وحدة صغيرة أو قائد سرية". ولفتت الصحيفة إلى أنه وفقا للكتابات التي تركها الجنود الإسرائيليون على جدران البيوت الفلسطينية ومواقع انتشار القوات فإن الحديث يدور عن قوات تابعة للواء "غولاني".

وعقب الناطق العسكري الإسرائيلي بالقول إن "قوات الجيش الإسرائيلي تلقت تعليمات واضحة بعدم إطلاق النار باتجاه من يتم التعرف عليهم على أنهم غير ضالعين في القتال ومساعدة الجرحى الفلسطينيين قدر الإمكان في ظل القتال المتواصل".

وشملت الوثيقة العسكرية بندا يتعلق بتحويل البيوت الفلسطينية التي احتلتها القوات الإسرائيلية إلى "مراحيض". وأشارت هآرتس إلى أنه في عدد كبير من البيوت التي تحولت إلى قواعد مؤقتة للجيش الإسرائيلي خلّف الجنود وراءهم حالة تلوث يصعب مشاهدتها وتنظيفها. وأضافت الصحيفة أنه في بيت سامي دردونة مثلا وجد سكان البيت ملابسهم مكومة وملطخة بالبراز والدم. والجدير بالذكر أن الوثيقة العسكرية تمت كتابتها على الجانب الآخر لمنشور تم توزيعه على القوات لتشجيعها وكُتب في رأس الصفحة "إلى جنود جولاني، بالنجاح في الحرب".

ويضاف تقرير هآرتس، اليوم، إلى التقارير التي نشرتها الصحيفة الأسبوع الماضي حول اعترافات جنود إسرائيليين بممارساتهم خلال الحرب على غزة وإطلاق النار وقتل مدنيين فلسطينيين وعدم وجود قيود على إطلاق النار وتدمير متعمد لأملاك الفلسطينيين. ويذكر أن شهادات الجنود جاءت خلال اجتماع في المدرسة العسكرية "يتسحاق رابين" في كلية أورانيم في شمال إسرائيل.

وبثت القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، مساء يوم الجمعة الماضي، شريط فيديو يوثق ضابط إسرائيلي يوجه تعليمات لجنود في سرية شاركت في العمليات العسكرية في قطاع غزة. وقال الضابط "إننا ذاهبون إلى الحرب ونحن لسنا في حالة دوريات أمنية اعتيادية ولسنا في أي شيء آخر. وأنا أريد عدوانية. فإذا كان هناك شيئ ما مشبوها في أحد طوابق بيت (ستحتله القوات) سنقصفه بقذيفة. وإذا اشتبهنا بالمبنى فإننا سننزل المبنى" أي تدمير المبنى بالكامل. وأضاف قائد السرية "لن يكون هناك تردد. وإذا كان الوضع إما نحن أو هم (قتلى) فالخيار سيكون هم. إنسان (فلسطيني) يقترب منا وغير مسلح – إطلاق النار في الهواء. يواصل السير – هذا الإنسان ميت. لا أحد يتردد ولتكلف الأخطاء حياتهم وليس حياتنا".

من جهة ثانية نقلت هآرتس عن عدد من الضباط الإسرائيليين قولهم إن شهادات الجنود لم تكن مفاجئة وأن "كل من لديه عينين في رأسه يدرك أن أمورا كهذه حدثت خلال القتال في القطاع". وقال أحد الضباط إن "خريجي مدرسة رابين وضعوا مرآة غير لطيفة بتاتا أمام وجهنا". وأضاف ضابط آخر أن "هيئة الأركان العامة تحرف البحث الآن بشكل متعمد باتجاه شهادتين للجنود حول قتل أبرياء إذ أنه مريح أكثر البحث عن تفاح فاسد. لكن توجد هنا أسئلة أساسية أكثر وأعمق، فهذه (أي ممارسات الجنود الإسرائيليين) ليست مجرد مسألة أخلاقية وإنما هي مسالة حرفية أيضا. إذ أن أوصاف الجنود تدل أيضا على وجود صعوبة في القتال داخل منطقة معقدة وشائكة كهذه. ونحن بكل بساطة لا ننفذ ذلك بصورة جيدة وهذه ليست مشاكل بالإمكان حلها مع المدعي العام العسكري وضابط التربية الرئيسي في الجيش". وكان المدعي العام العسكري الإسرائيلي، العميد افيحاي مندلبليت، قد أمر الشرطة العسكرية، يوم الخميس الماضي، بإجراء تحقيق في شهادات جنود مدرسة "رابين"، بينما ينتقد الضابط ذلك ويرى أن القضية أوسع من شهادات جنود حول حالتين تم فيهما قتل امرأة فلسطينية وولديها وامرأة مسنة.

Terms used:

هآرتس