الشاباك أفشل التبادل

رفضت إسرائيل، في المفاوضات التي أجرتها مع حماس بوساطة مصر، إطلاق سراح أسرى تطالب بهم حماس وطالبت بإبعاد 70 أسيرا إلى قطاع غزة والدول العربية. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء – 17.3.2009، أن إسرائيل رفضت إطلاق عدد من الأسرى الفلسطينيين الواردة أسماءهم في قائمة حماس وطالبت بإبعاد 70 أسيرا من الضفة الغربية إلى قطاع غزة ودول عربية، بينها سورية واليمن، بادعاء أن وجودهم في الضفة سيجعلهم يعودون إلى ممارسة نشاطهم العسكري ضد إسرائيل.

وأصدر مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، بيانا بعد عودة رئيس الشاباك، يوفال ديسكين، ومبعوث أولمرت الخاص لشؤون الجنود الأسرى والمفقودين، عوفر ديكل، من المفاوضات في مصر مساء أمس بيانا قال فيه أن حماس شددت مطالبها. وجاء في بيان مكتب أولمرت أنه "في الوضع الناشئ لا توجد أية صفقة (تبادل أسرى) مطروحة على جدول الأعمال، ولذلك فإنه ليس هناك ما يمكن التصويت عليه في اجتماع الحكومة" الإسرائيلية التي ستنعقد بعد ظهر اليوم. وأضاف البيان أن "الوزراء سيستمعون إلى تقرير مفصل للجهود التي تم بذلها من أجل تحرير (الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة غلعاد) شاليت".

وأشارت صحيفة هآرتس إلى أن الأجواء التي سادت الاجتماع بين أولمرت وبين ديسكين وديكل بعد عودتهما من القاهرة كانت صعبة للغاية، وأن الاثنين قالا إنه في مرحلة معينة من نهار أمس سلما الاقتراح الإسرائيلي النهائي لصفقة التبادل، وعندما عاد الوسطاء المصريون حاملين رد حماس أصيبا بالذهول عندما أدركا أن حماس وضعت شروطا جديدة. وقالا إن حماس "طرحت أمورا كالتي يطرحها من لا يريد التوصل على حل".

من جهة ثانية نقلت هآرتس، التي أرسلت مراسليها السياسي، باراك رافيد، وللشؤون الفلسطينية، أفي سخاروف، إلى القاهرة، عن مصدر مصري قوله إن ادعاءات ديسكين وديكل "لا أساس لها. وحماس لم تتراجع عن مواقفها ولم تطرح مواقف جديدة، والفجوة (بين مواقف إسرائيل وحماس) كانت موجودة خلال الأيام الأخيرة وكان من الصعب أن نصدق أنه بالإمكان جسرها". وأشار مصدر مصري آخر إلى أن الخلاف الأساسي بين الجانبين يتعلق بعدد الأسرى الذين سيطلق سراحهم وسيتم إبعادهم عن الضفة الغربية، ويبدو أن حماس وافقت على إبعاد خمسة أسرى فيما إسرائيل تطالب بإبعاد عشرات الأسرى.

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت في هذا السياق إن "الشاباك يتخوف من أن عودة نشطاء مركزيين في الذراع العسكري لحماس إلى الضفة سيهدم كل ما بنته إسرائيل هناك منذ عملية السور الواقي العسكرية". وأشارت الصحيفة إلى أن ديسكين وضع معادلة وبات يسير بموجبها، وهي أن صفقة تبادل الأسرى في العام 1985 بين إسرائيل والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة برئاسة أحمد جبريل، والتي تم من خلالها إطلاق سراح 1150 أسيرا فلسطينيا، أعطت دفعا للانتفاضة الأولى التي اندلعت في نهاية العام 1987، وأن صفقة شاليت ستعطي دفعة لموجة جديدة من العنف والعمليات الانتحارية داخل الخط الأخضر.

وكتب المحلل العسكري في يديعوت أحرونوت، ألكس فيشمان، أن بيان أولمرت الصادر أمس "يلمح إلى أن أولمرت يوافق على توصية الشاباك وأنه يعتزم تغليف نفسه بحجة 'الجهد المركز' وركل قضية شاليت نحو الحكومة (المقبلة التي سيرأسها زعيم الليكود بنامين) نتنياهو". وأشار فيشمان إلى أنه "إذا أوفد أولمرت ديكل مجددا إلى جولة مفاوضات أخرى فإنه سيضطر إلى تزويده بتفويض لتقديم تنازلات أخرى في قضية الإبعاد. والمشكلة هي أنه من أجل التوصية بتقديم تنازلات مناقضة لرأي الشاباك المهني، فإن ثمة حاجة إلى شجاعة كبيرة".

من جهة أخرى قالت يديعوت أحرونوت إن إسرائيل سمحت لقائد الذراع العسكري في حماس، أحمد الجعبري، بمغادرة القطاع والوصول إلى القاهرة من دون المس به، كان هدفه تقصير مدة المفاوضات وتمكينه من اتخاذ قرارات فورية بدلا من وضعه أمام ضغوط الوسطاء المصريين.

وفي غضون ذلك لا يتوقع أن ينجم أي تطور عن اجتماع الحكومة الإسرائيلية بعد ظهر اليوم كما لا يتوقع مطالبة الوزراء بالتصويت على صفقة تبادل أسرى. وإنما سيستعرض ديكل وديسكين تفاصيل المفاوضات التي أجرياها في القاهرة. وفي هذه الأثناء تواصل عائلة وأصدقاء شاليت التظاهر في خيمة اعتصام قبالة مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية في القدس الغربية، فيما ترددت أنباء عن احتمال التقاء ديكل مع والد الجندي الأسير، نوعام شاليط، لإطلاعه على تفاصيل من المفاوضات مع حماس.

ويشار إلى أن رئيس اركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، الذي يقوم بزيارة عمل رسمية في الولايات المتحدة، بكّر عودته إلى إسرائيل التي سيصلها صباح اليوم من أجل المشاركة في اجتماع الحكومة والإطلاع على تطور الأمور في قضية شاليت. وألغى أشكنازي مشاركته في مؤتمر تعقده جمعية أصدقاء الجيش الإسرائيلي في نيويورك اليوم.