كلينتون تقول إن أميركا ستدعم حكومة نتنياهو

قالت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، خلال لقائها الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس، في القدس الغربية، صباح اليوم الثلاثاء – 3.3.2009، إن الولايات المتحدة ستدعم أية حكومة سيتم تشكيلها في إسرائيل، فيما يتوقع أن يبلغها رئيس حزب الليكود المكلف بتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، بنيامين نتنياهو، بأنه سيواصل المفاوضات مع الفلسطينيين لكن "عملية أنابوليس قد ماتت".

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن كلينتون قولها لبيرس، إن "الولايات المتحدة تحترم العملية الديمقراطية في إسرائيل وستقف إلى جانب أية حكومة سيتم تشكيلها في إسرائيل". ويذكر في هذا السياق أن التوقعات في إسرائيل تشير إلى أن نتنياهو لن ينجح في تشكيل حكومة واسعة، تضم حزبي كديما والعمل، وأنه يرجح أن يشكل حكومة ضيقة مؤلفة من أحزاب اليمين واليمين المتطرف المعارض لعملية سلمية في المنطقة.

واستمر لقاء كلينتون مع بيرس 45 دقيقة وشارك فيه المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل. من جانبه قال بيرس إن "المائة يوم الأولى هامة بالنسبة لأية حكومة إسرائيلية". وزعم بيرس أن "الحكومة التي ستؤلف ملتزمة بعملية السلام والاتفاقيات السابقة".

وستلتقي كلينتون في وقت لاحق من اليوم مع عدد من المسؤولين الإسرائيليين بينهم رئيس الحكومة، ايهود أولمرت، ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، ووزير الدفاع، ايهود باراك، ونتنياهو ورئيس بلدية القدس، نير بركات. وستتوجه غدا إلى مدينة رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ورئيس الحكومة، سلام فياض. وستبحث كلينتون مع القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية مستقبل عملية السلام في المنطقة وستتوقف خلال لقاءاتها مع المسؤولين الإسرائيليين عند الموضوع الإيراني.

ونقل موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني، اليوم، عن مقربين من نتنياهو قولهم إن الأخير "سيمرر رسائل إيجابية لكلينتون وبينها أنه يعتزم مواصلة الحوار مع الفلسطينيين وتقديم مساعدات اقتصادية للمعتدلين (في السلطة الفلسطينية)". وقال مسؤول في مكتب نتنياهو إن "الفلسطينيين سيحصلون على جميع الصلاحيات في أي اتفاق دائم سيتم التوصل إليه، باستثناء القدرة على المس بإسرائيل. ورئيس الحكومة المقبل سيوضح لكلينتون أنه يعارض أي نوع من الأحلاف مع إيران وسيعارض إقامة جيش فلسطيني وسيطرة جوية وبحرية فلسطينية".

وقال مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع المستوى سينهي مهامه مع تغيير الحكومة ليديعوت أحرونوت، إنه "مما لا شك فيه أن المواقف السياسية التي يحملها نتنياهو وحكومة اليمين الضيقة التي سيشكلها ستلحق أضرارا بعلاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي كله". وأضاف أنه "إذا كانت كلينتون لم تعرف قبل زيارتها إلى الشرق الأوسط إن عملية أنابوليس (أي المفاوضات حول قضايا الحل الدائم) قد ماتت، فإنها ستعرف ذلك خلال لقاءاتها هنا مع القيادة السياسية ونتنياهو".

وكانت القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي قد أفادت، أمس، بأن نتنياهو سيوضح لكلينتون أنه لن يكون هناك جمود في العملية السياسية والمفاوضات مع الفلسطينيين لكن لن تقوم دولة فلسطينية.

وفي سياق متصل مع مواقف نتنياهو، كتب الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، غيورا آيلاند، في مقال نشره في يديعوت أحرونوت، اليوم، أنه "لا يوجد احتمال لقيام دولتين" وأن "هذه فكرة سيئة وثمة شك فيما إذا كان سيتم التوصل إلى تحقيقها". وأضاف آيلاند أن فكرة "الدولتين" تستند إلى مجموعة اعتبارات، أولها أن التطلعات الوطنية الفلسطينية الأساسية هي قيام دولة فلسطينية. لكن آيلاند اعتبر أنه "لا أساس لذلك، لأن الرؤيا الفلسطينية تستند إلى قيم مثل العدل والاعتراف بكونهم الضحية والرغبة في الانتقام وفوق كل ذلك 'حق العودة'. وصحيح أن الفلسطينيين يريدون التخلص من الاحتلال لكن من الخطأ التفكير بأن ترجمة ذلك هو التطلع لقيام دولة مستقلة". وتابع آيلاند أن الفلسطينيين "يفضلون حل أن لا تقام أية دولة، وأن تتوقف دولة إسرائيل عن الوجود وتقسيم المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر المتوسط بين الأردن وسورية ومصر".

ومضى آيلاند أن ثمة فرضية أخرى مفادها أنه في حال قيام دولة فلسطينية فإنه ستحكمها "جهات معتدلة"، لكنه اعتبر هنا أيضا أنه "لا أساس لذلك، وسيكون واقعي أن نفترض بأن الحكم في غزة والضفة الغربية سيكون خلال فترة قصيرة بأيدي حماس". وأضاف أن الفرضية الثالثة تعتبر أنه "بالإمكان قيام دولتين في الرقعة الضيقة الواقعة بين النهر والبحر. ومن السهل إثبات أن هذا غير ممكن، فالدولة الفلسطينية لا يمكن أن تكون مستقلة وإسرائيل لن تستطيع حماية نفسها". وتابع آيلاند أن الفرضية الرابعة تقول إنه بالإمكان تنفيذ اتفاق إسرائيلي – فلسطيني يتم من خلاله إخلاء 100 ألف مستوطن من الضفة، طلكن حتى لو تجاهلنا الصعوبة السياسية – الاجتماعية النابعة من ذلك فإن تكلفة عملية كهذه تفوق 30 مليار دولار وهذا لا يشمل مليارات كثيرة أخرى لانسحاب الجيش، فهل هذا ممكن؟".

ورأى آيلاند أن ثمة حلين، الأول قيام حكم ذاتي فلسطيني في الضفة في إطار كونفدرالية مع الأردن. وقال إنه "ربما يبدو هذا مفاجئا، لكن هناك تزايد في الأصوات التي تتعالى في الأردن والضفة التي تؤيد ذلك". وتابع أن المنطق الذي يوجه الأردن في هذا السياق هو رفضه لقيام دولة فلسطينية تسيطر فيها حماس عند حدوده.

واستطرد آيلاند أن البديل الثاني هو "حل إقليمي، يتم من خلاله إجراء تبادل أراضي بين إسرائيل وكل من السلطة الفلسطينية ومصر. وبهذا الحل سيكون بالإمكان توسيع مساحة قطاع غزة بثلاثة أضعاف على حساب مصر، ومنحه قدرة اقتصادية حقيقية". واعتبر آيلاند أنه "في المقابل يتنازل الفلسطينيون عن منطقة كبيرة في الضفة ما سيتيح تقليص عدد المستوطنين الذين سيتم إخلاؤهم إلى 30 ألفا. ومن جانبها ستعوض إسرائيل مصر بأراض في جنوب البلاد بواسطة فتح ممر بري بين مصر والأردن، إلى الشمال من إيلات".

وخلص آيلاند إلى أن "نتنياهو سيقوم بعمل صائب إذا لم يكتف برفض حل الدولتين وحسب وإنما يقنع الإدارة الأميركية بدراسة حلول أخرى. وقد تحدث أوباما عن التغيير، وهذه فرصة لإجراء تغيير في شكل رؤية الأميركيين للأمور حتى الآن".