أولمرت: لن نسمح بعبور بضائع ولا حتى مساعدات إنسانية لغزة قبل إطلاق شاليت

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الاثنين – 16.2.2009، أن الحكومة الإسرائيلية المصغرة للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) ستعقد اجتماعا، غدا الثلاثاء، لإقرار اقتراح مفصل لاتفاق حول تبادل أسرى وتهدئة في قطاع غزة وفتح المعابر بين إسرائيل وحماس وبوساطة مصر. ويتوقع قبل ذلك إقرار الاقتراح الإسرائيلي خلال اجتماع ل"الثلاثية" الإسرائيلية، التي تضم رئيس الحكومة، ايهود أولمرت، ووزيري الدفاع، ايهود باراك، والخارجية تسيبي ليفني، يعقد غدا قبل اجتماع الكابينيت.

وغيرت إسرائيل إستراتيجيتها في هذه المفاوضات، في الأيام الأخيرة، وتشترط التوصل على اتفاق تبادل أسرى، تستعيد من خلاله جنديها الأسير في القطاع، غلعاد شاليت، قبل بدء تطبيق التهدئة وفتح المعابر في القطاع. وأعلن أولمرت خلال اجتماع لرؤساء المنظمات اليهودية في أميركا الشمالية عُقد في القدس، مساء أمس، أن إسرائيل لن تسمح بعبور بضائع ولا حتى مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة حتى إطلاق سراح شاليت. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن أولمرت قوله إنه "لن نسمح بفتح المعابر بين إسرائيل وغزة إلا إذا تم تحرير غلعاد شاليت. لن نسمح بعبور البضائع ولا حتى المساعدات الإنسانية حتى يعود غلعاد".

وكان أولمرت قد قال خلال اجتماع "الثلاثية"، أمس، إن إسرائيل لن توافق على اتفاق تهدئة أو فتح معابر في قطاع غزة من دون تحرير شاليط. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن أولمرت قوله إن "تحرير شاليط قبل كل شيء وبعد ذلك بقية المواضيع الأخرى". وعقدت "الثلاثية" اجتماعا خاصا للتداول في تقدم المحادثات التي تجريها مصر مع إسرائيل وحماس حول التهدئة في قطاع غزة وفتح المعابر بصورة منتظمة وصفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس.

وتقرر خلال الاجتماع بلورة مشروع قرار يتضمن مقترحات إسرائيلية حول هذه القضايا ويتم طرحها على الكابينيت. ولفتت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنه خلال اجتماع "الثلاثية" لم يتم طرح جدول زمني، لكن النية تتجه إلى تسريع الخطوات وخصوصا على ضوء اهتمام أولمرت بإنهاء قضية شاليت قبل انتهاء فترة ولايته المتوقعة في نهاية آذار المقبل. وتشير التقديرات في إسرائيل إلى أن فتح المعابر وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين سيكون "الثمن الذي سيتعين على إسرائيل دفعه مقابل تحرير شاليت". وقالت مصادر في مكتب أولمرت في ختام اجتماع "الثلاثية" إنه "يجب أن يكون شاليت في البلاد أولا وبعدها يتم فتح المعابر وهكذا أكد مجددا رئيس الحكومة".

وبحسب بيان صادر عن مكتب أولمرت فإن "الثلاثية" ستبلور موقفها من خلال تبادل أوراق عمل فيما بينها خلال الأيام القريبة المقبلة وأنه إذا دعت الحاجة سيتم عقد اجتماع آخر ل"الثلاثية" قبل التئام الكابينيت.

ونقل موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إن الصفقة المتوقعة تشمل في المرحلة الأولى توسيع فتح المعابر، وليس فتحها بصورة منتظمة، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين من بين قائمة الأسرى الذين تطالب بهم حماس وتشمل 450 اسما والذين يتعين على لجنة وزارية إسرائيلية خاصة، برئاسة النائب الأول لرئيس الحكومة حاييم رامون، أن تقرر بشأن إطلاقهم. وفي المرحلة الثانية سيتم إطلاق 550 أسيرا فلسطينيا في إطار ما وصفته المصادر الأمنية الإسرائيلية على أنها "بادرة نية حسنة" تجاه الرئيس المصري، حسني مبارك. وفي المرحلة الثالثة تستعيد إسرائيل شاليت ويتم فتح المعابر بين إسرائيل والقطاع بصورة كاملة ومنتظمة ويتم إطلاق سراح 400 أسير فلسطيني، غالبيتهم من النساء والمسنين والقاصرين. وسيتم خلال الصفقة كلها إطلاق سراح ما بين 1200 إلى 1400 أسير فلسطيني.

وتشمل الصفقة شروطا أخرى أبرزها تعهد حماس بوقف تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة ووقف إطلاق النار بالكامل. وفي مرحلة لاحقة سيتم فتح معبر رفح بين القطاع ومصر، لكن بعد مفاوضات بين إسرائيل ومصر، وتشمل إشراف أوروبي على المعبر ومراقبة إسرائيلية لحركة الوافدين والمغادرين فيه وتديره السلطة الفلسطينية على غرار الاتفاق الذي تم توقيعه بهذا الخصوص في العام 2005.

وبحسب يديعوت أحرونوت، اليوم، فإن الكابينيت الذي سينعقد غدا سيفوض "الثلاثية" بمواصلة المفاوضات. كذلك فإن الكابينيت لن يبحث في أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم، وليس واضحا بعد ما إذا كان سيبحث في "الثمن" الذي ستدفعه إسرائيل مقابل شاليت. لكن مصدرا سياسيا – أمنيا إسرائيليا قال للصحيفة أن "الثمن الذي تطلبه حماس مقابل تحرير شاليت لن يتغير" في إشارة إلى قائمة الأسرى الأربعمائة وخمسين. وشدد المصدر ذاته على أنه "سيسجل هذا الأسبوع كأسبوع القرارات المصيرية فيما يتعلق باحتمالات تحرير شاليت من أسر حماس".

وعزا المحلل العسكري في يديعوت أحرونوت، ألكس فيشمان، التغير في الموقف الإسرائيلي الداعي إلى "إطلاق سراح شاليت أولا" إلى نتائج الانتخابات العامة الإسرائيلية، التي جرت الأسبوع الماضي. وكتب أن "باراك، الذي أيد التهدئة وفقا لمسارها الأصلي، فقد بين ليلة وضحاها موقعه القوي. وليفني عارضت منذ البداية اتفاق تهدئة مع حماس ورأت أن الردع يكفي من أجل تحقيق التهدئة. وفي موازاة ذلك انضم لاعب جديد هو رئيس المعارضة (وحزب الليكود) بنيامين نتنياهو". واعتبر فيشمان، المقرب من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، أن "تطلع نتنياهو إلى تولي منصب رئيس الحكومة فيما تكون قضية شاليت من ورائه قد تبدد".

ونقل فيشمان تقديرات المؤسسة الأمنية – العسكرية الإسرائيلية، وكتب أن "حماس بحاجة إلى التهدئة الآن. فالحركة موجودة في الحضيض. وأقل من 30% من سكان قطاع غزة يؤيدون استمرار حكمها. وغالبية الجمهور في غزة، وفقا لاستطلاعات داخلية، يريد تسوية مع إسرائيل فورا. وحماس بحاجة إلى هدوء من أجل إعادة بناء نفسها. وهي بحاجة إلى معابر مفتوحة وغلى فتح معبر رفح في المستقبل كونه أكسجين ضروري لوجودها ولتحسين أوضاع السكان ومن أجل استعراض انجازات أيضا".

وأضاف أن "إسرائيل كانت توافق على الفصل بين شاليت والتهدئة حتى يوم السبت الماضي. ومنذ السبت تغيرت قواعد اللعبة. وثمة ثمن لتغيير قواعد اللعبة. لا يوجد فراغ. وإذا تم إرجاء حل موضوع المعابر ستهود حماس إلى نشاطها العنيف. والآن هي تُنقط الصواريخ، بواسطة الفصائل الصغيرة، من أجل أن توضح لإسرائيل أنه من دون اتفاق (على التهدئة) لن يسود الهدوء عندكم".

ولفت فيشمان إلى أن تغيير الموقف الإسرائيلي سيؤدي إلى تراجع في العلاقات الإسرائيلية المصرية. وشدد على أن "العواقب الأخطر تتعلق بالعلاقات بين إسرائيل ومصر. فهناك ثلاثة عوامل مرتبطة ببعضها فيما يتعلق برزمة الاتفاقات التي أعقبت عملية الرصاص المصبوب. فإلى جانب التهدئة وتحرير شاليت يظهر عامل هام لدولة إسرائيل وهو الجهد المصري والدولي لوقف أعمال التهريب. ولا يشكل رفض إسرائيل التهدئة التي بلورتها مصر صفعة على وجنة الهيبة المصرية. ويعتبر المصريون بخفض مستوى التوتر في غزة أنها مسألة تتعلق بأمنهم القومي على ضوء التغلغل الإيراني والصراح مع الأخوان المسلمين داخل مصر وما شابه ذلك".

وبحسب فيشمان فقد "وصلت إسرائيل، أمس، أنباء تتحدث عن أن المصريين ينوون الإعلان بصورة أحادية الجانب عن اتفاق تهدئة". ويبدو أن جهاز الأمن الإسرائيلي أراد تمرير رسالة إلى القيادة السياسية والجمهور الإسرائيلي فيما يتعلق بالحل المطلوب للقضايا المتعلقة بقطاع غزة من خلال فيشمان، الذي خلص إلى القول إنه "لقد اختلفنا مع الأتراك (في أعقاب التوتر الناجم عن الحرب على غزة واتعام قائد سلاح البرية الإسرائيلية تركيا بإبادة الأرمن)، وثمة احتمال الآن لحدوث تراجع في العلاقات الإسرائيلية المصرية أيضا. أما كيف يساعد هذا الوضع غلعاد شاليت؟ فهذا ليس واضحا بتاتا".