إسرائيل تُعد "ملف تجريم" لكل بيت قصفته في قطاع غزة

يستعد جهاز الأمن الإسرائيلي لمواجهة موجة دعاوى دولية ستتهمها بارتكاب جرائم حرب خلال العملية العسكرية في قطاع غزة. وفي هذا الإطار يعمل الجيش الإسرائيلي على إعداد "ملف تجريم" لكل بيت تم قصفه والادعاء أنه تم إطلاق النار منه وتخزين أسلحة فيه. وأفادت صحيفة هآرتس، اليوم الاثنين – 19.1.2009، بأن جهاز الأمن الإسرائيلي بدأ بجمع مواد لإعداد "ملفات تجريم" للبيوت التي قصفها الطيران الحربي والمدفعية والدبابات الإسرائيلية خلال العملية العسكرية في غزة لإظهار أن هذه البيوت استخدمتها الفصائل الفلسطينية لأغراض عسكرية.

ويأتي ذلك في إطار تخوف إسرائيل من تقديم منظمات إنسانية في دول أجنبية دعاوى قضائية ضد المسؤولين الإسرائيليين، السياسيين والعسكريين، الضالعين في الحرب على غزة، وتحسبا من اتهامهم بارتكاب جرائم حرب، على خلفية العدد الكبير من القتلى والجرحى الفلسطينيين الذين سقطوا خلال الحرب والدمار الهائل اللاحق بالقطاع. وبلغ عدد القتلى الفلسطينيين جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية نحو 1300 وعدد الجرحى حوالي 5500، فيما تشير التقديرات إلى أن أربعة آلاف بيت تقريبا قد تضررت أو هدمت بالكامل.

ونقلت هآرتس عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها، إن التخوف الأساسي هو من دعاوى قضائية يقدمها أفراد أو منظمات حقوقية، وليس من محاولة دول المطالبة بتشكيل لجان تحقيق. واعتبرت المصادر السياسية أن زيارة الزعماء الأوروبية الستة لإسرائيل، أمس، وتبريرهم "الحرب على الإرهاب"، سيساعد إسرائيل على مواجهة دعاوى أمام محاكم دول أجنبية.

وبحسب هآرتس فإن إسرائيل ستشدد في دفاعها على أن عملياتها العسكرية في القطاع كانت "دفاعا عن النفس"، وأنها "بذلت جهودا كبيرة" لتحذير السكان ومطالبتهم بإخلاء بيوتهم، بواسطة ربع مليون محادثة هاتفية وبلاغات عبر الهواتف الخلوية وإلقاء مناشير من الجو وأيضا من خلال السيطرة على شبكات بث فلسطينية. كذلك ستدعي إسرائيل أن حماس حولت بيوتا ومساجد ومدارسا إلى مخازن أسلحة ومناطق مفخخة بعبوات ناسفة. وسينسق الوزير الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، الذي ينسق حاليا إمداد القطاع بالمساعدات الإنسانية الواردة من الخارج، الحملة الإعلامية الإسرائيلية ضد دعاوى تتهم المسؤولين الإسرائيليين بتنفيذ جرائم حرب.

وقالت هآرتس إن وزراء رفيعي المستوى أعربوا مؤخرا عن قلقهم من إمكانية مطالبة إسرائيل بالموافقة على إجراء تحقيق دولي حول المس الخطير والبالغ الذي ألحقته آلتها العسكرية بالمدنيين في القطاع، أو بتقديم دعاوى قضائية شخصية مثلما حصل مع ضباط الجيش الإسرائيلي الذين اتهموا في محاكم بريطانية بارتكاب جرائم حرب خلال فترة الانتفاضة الثانية وصدر بحقهم أوامر اعتقال. وقال أحد الوزراء الإسرائيليين لهآرتس، ومن دون أن يوضح ما إذا كان جديا أو متهكما، إنه "بعدما يتضح حجم الأضرار في القطاع فإني لن أسافر لقضاء إجازة في (العاصمة الهولندية) أمستردام وإنما فقط في محكمة لاهاي".

وفي سياق متصل ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم، أنه سيتعين على الضباط الإسرائيليين الذين يعتزمون السفر إلى أوروبا، بصفة شخصية أو في إطار العمل، الحصول قبل ذلك على تعليمات من النيابة العامة العسكرية وجائز أن يتم منع بعضهم من مغادرة إسرائيل. وأضافت الصحيفة أن السبب يعود إلى التخوف من صدور أوامر اعتقال دولية ضد وزراء وضباط إسرائيليين كبار بتهمة اقترافهم جرائم حرب في غزة.

وأشارت يديعوت أحرونوت إلى أنه وصلت إسرائيل مؤخرا تقارير تفيد بأن منظمات حقوق إنسان دولية بدأت تعمل على جمع إفادات وصور في غزة بهدف تقديم نوعين من الدعاوى. ويظهر من هذه التقارير أن النوع الأول من الدعاوى سيقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي وستتهم إسرائيل بتنفيذ جرائم حرب. فيما النوع الثاني، والذي يثير قلقا أكبر في إسرائيل، هو تقديم دعاوى ضد سياسيين وضباط إسرائيليين إلى محاكم محلية في دول أوروبية، وأن ينتج عنها صدور أوامر اعتقال دولية بحقهم.

ويقدر مسؤولون سياسيون وخبراء قانون في إسرائيل، أن الوضع سيزداد خطورة عندما يتم السماح لوسائل الإعلام الأجنبية بالدخول إلى قطاع غزة ويطلعون على حجم الدمار فيه. ولفتت يديعوت أحرونوت إلى أن العالم لم يقبل أبدا الادعاء الإسرائيلي بأن حماس تستخدم النساء والأطفال كدروع بشرية. وفي كل مرة طرح فيه مسؤولون إسرائيليون هذا الادعاء، كان الرد دائما أنه "إذا كنتم تعرفون أنه يتواجد نساء وأطفال، فلا تطلقوا النار إذا".