تحليل: صعود نتنياهو إلى الحكم يزيد احتمالات الحرب مع إيران

هاجمت وسائل الإعلام الإسرائيلية رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديدة، بنيامين نتنياهو، منذ اليوم الأول لتوليه منصبه، وحذرت من أن صعود نتنياهو إلى الحكم يرفع مخاطر الحرب مع إيران. وكتب المحلل السياسي في صحيفة هآرتس، ألوف بن، اليوم الأربعاء – 1.4.2009، أن "صعود نتنياهو إلى الحكم يزيد احتمالات الحرب مع إيران لكن 'نقطة اللاعودة' لم يتم تجاوزها حتى الآن".

وأشار الكاتب إلى تصريح أطلقه نتنياهو عشية الانتخابات الإسرائيلية، التي جرت في العاشر من شباط الماضي، وقال فيه "إني أتعهد بأنه في حال تم انتخابي فإن إيران لن تتسلح بسلاح نووي، وهذا يشمل كل ما هو مطلوب من أجل تحقيق هذه المقولة بصورة فعلية". وأضاف بن أن نتنياهو وصف البرنامج النووي الإيراني في خطابات أخرى بأنه "خطر وجودي على إسرائيل" وأنه حذر من محرقة ثانية.

وكان نتنياهو قد قال في خطابه خلال طرحه حكومته على الكنيست، أمس، إن "الأزمة الأمنية نابعة بالأساس من صعود وانتشار التطرف الإسلامي في جميع أنحاء العالم، وهذه شهادة فقر للبشرية، التي بعد بضع عشرات السنوات من المحرقة، باتت تتقبل دعوات زعماء إيران لإبادتنا بصوت ضعيف وكأن الأمر يكاد يكون اعتياديا". وأضاف نتنياهو أن "إسرائيل هي الهدف الأول للتطرف الإسلامي... والخطر الأساسي هو تسلح إيران بقنبلة نووية" وأن "الخطر الأكبر على البشرية هو تسلح دولة راديكالية بسلاح نووي".

وقال بن إنه في الحلبة السياسية الإسرائيلية يسود الاعتقاد بأن عودة نتنياهو إلى رئاسة الوزراء "يقرب بالضرورة إسرائيل من حرب مع إيران" وأن "شخصيات سياسية، كانت على اتصال مع نتنياهو، تقول إنه قد قرر تدمير المنشآت النووية الإيرانية". وأضاف بن أن "المقربين يتساءلون كيف سيتقبل الجمهور (الإسرائيلي) قرارا مشتركا يتخذه نتنياهو وايهود باراك (وزير الدفاع القديم – الجديد) بمهاجمة إيران، وما إذا كان من شأن مثل هذا القرار أن يرفع شعبيتهما. والفرضية هي أن الدبلوماسية والعقوبات (على إيران) لن تحقق شيئا والسبيل الوحيد لوقف التسلح النووي الإيراني سيكون بالقوة، ولدى إسرائيل وحدها المحفز للعمل" في هذا الاتجاه. وأشار بن إلى أن "هذه هي أيضا التقديرات في الإعلام الدولي التي تتعامل مع هجوم إسرائيل ضد إيران على أنه حقيقة تكاد تكون نهائية. وحكومات أوروبية تتدرب على إجلاء مواطنيها من إيران في حالة أن 'جهة ثالثة' ستهاجم المنشآت النووية هناك".

وأضاف الكاتب أن تلويح إسرائيل بتهديدات مثل "يحظر إزالة أي خيار عن الطاولة"، التي كانت غايتها حث الأسرة الدولية على زيادة الضغوط والعقوبات على إيران، "حققت نتيجة معاكسة وهي أن العالم بات مقتنعا بأن إسرائيل ستهاجم بنفسها ولذلك فإنه لا حاجة للقيام بشيء". وأشار بن إلى أن الآراء منقسمة لدى المسؤولين الأمنيين والإستراتيجيين في إسرائيل بين مؤيد لهجوم ضد إيران وعدم مهاجمتها، والتخوف من الرد الإيراني، إضافة إلى أن إسرائيل لم تحصل حتى الآن على "ضوء أخضر" من الولايات المتحدة لشن هجوم كهذا. لكن في العام الأخير تحدثت تقارير صحافية أجنبية، أي غير إسرائيلية، عن تدريبات سلاح الجو الإسرائيلي قرب اليونان ومهاجمة قافلة شاحنات في السودان.

وقال بن إن "نتنياهو يعتمد على (الرئيس الأميركي) باراك أوباما. وسيقول له خلال لقائهما الشهر المقبل إن التاريخ سيحكم على رئاسته وفقا لشكل معالجته للبرنامج النووي الإيراني. والسؤال هو ما إذا كانت قدرة الإقناع واللغة الانجليزية الممتازة لدى نتنياهو ستؤديان إلى تغيير سلم الأولويات الذي حدده أوباما، وعلى رأسه إنقاذ باكستان وسلاحها النووي من السقوط بأيدي طالبان والقاعدة، في إطار محاولته شراء الهدوء من إيران".

وأضاف الكاتب أنه "ثمة شكا فيما إذا كان من شأن حتى اقتراح إسرائيل بالانسحاب من الجولان وإخلاء مستوطنات في الضفة الغربية أن تحرك أوباما نحو قصف إيران أو المصادقة لنتنياهو بشن الهجوم. وستضطر إسرائيل إلى بذل جهد من أجل تحقيق تفاهم مع أوباما يكون في مركزه معالجة أمر إيران".

من جهة أخرى وجهت هآرتس انتقادات شديدة إلى نتنياهو في افتتاحية عددها، الصادر اليوم، وشددت فيها على أن "الحكومة الثانية والثلاثين لدولة إسرائيل التي تم تنصيبها أمس مصيرها الفشل". وأضافت الصحيفة أن "إسرائيل حظيت، أمس، بأكبر حكومة في تاريخها وفي الوقت ذاته بواحدة من أفقر الحكومات. وتنذر تركيبتها بالشؤم، حيث كانت الاعتبارات الائتلافية هي المقياس الوحيد لتشكيل الحكومة. والنتيجة هي تعيين وزير مالية (يوفال شطاينيتس) يفتقر لمؤهلات اقتصادية، ووزير خارجية (أفيغدور ليبرمان) قد يجد نفسه منبوذا في العالم، ووزير دفاع فشل في مهامه، ووزير تربية وتعليم لم يمارس التربية والتعليم في حياته، ووزارة الصحة بدون وزير، إضافة إلى سلسلة طويلة من الوزراء والوزارات عديمة الفائدة، وإلى جانبهم وزراء بدون حقيبة وبدون مهام ينفذونها باستثناء المكان الذي سيحتلونه حول طاولة الحكومة".

وتابعت هآرتس أنه "في وجه التحديات الخارجية والداخلية استعرض نتنياهو حكومة شلل ستواجه مصاعب في أداء مهامها واتخاذ قرارات مصيرية. وهذه حكومة بدون رؤيا وبدون حماس للعمل وبدون وزراء بمقدورهم قيادة خطوات لإحداث التغيير، ولم يظهر أمس (لدى عرض نتنياهو الحكومة على الكنيست) أي بصيص أمل. والحكومة التي ولدت بالخطيئة ستقضي أيامها في معارك صراع البقاء وحسب". وخلصت الصحيفة إلى أن حكومة نتنياهو هي "بشرى سيئة لعملية السلام وترميم الاقتصاد، وهي بشرى سيئة لكل إسرائيلي قلق. وقد بثت إسرائيل للعالم، أمس، أن وجهتها ليست نحو السلام والتغيير. وحكومة نتنياهو الثانية ليس أفضل بأي شيء من حكومته الأولى وقد تبددت كافة الآمال بأنه تغير. وكل ما تبقى هو الأمل بأن تخلي مكانها بأسرع وقت ممكن".

من جانبه كتب كبير المعلقين في صحيفة يديعوت أحرونوت، ناحوم برنياع، أن "كل حكومة تولد بخطيئة كهذه أو تلك، لكن هذه الحكومة تختلف عن سابقاتها من الناحية الكمية بالأساس. ففيها وزراء ونواب وزراء أكثر ووعود جوفاء أكثر. وفي حال الإيفاء بها فإنها ستُفشل نتنياهو في أداء مهامه كرئيس للحكومة، وفي حال عدم الإيفاء بها سيظهرونه ككاذب".