نتنياهو يؤيد دولة فلسطينية بدون سيادة وعلى نصف أراضي الضفة الغربية

أظهرت المفاوضات الائتلافية التي يجريها رئيس حزب الليكود المكلف بتشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة، بنيامين نتنياهو، أنه يؤيد قيام دولة فلسطينية بدون سيادة وعلى 50% من أراضي الضفة الغربية. ونقلت صحيفة هآرتس، اليوم الأحد – 1.3.2009، عن نتنياهو قوله خلال اجتماعه مع رئيسة حزب كديما، تسيبي ليفني، يوم الجمعة الماضي، إنه "هل توافقين أن تكون لدى الفلسطينيين صلاحيات مثل سيطرة كاملة على المجال الجوي وإنشاء جيش وإبرام أحلاف مع دول أخرى، مثل إيران، أو السيطرة على المعابر، الأمر الذي يسمح بدخول أسلحة؟ أنا لا أوافق على ذلك". وكتب المحلل السياسي في هآرتس، ألوف بن، في مقال تحليل، نشره اليوم، أن "نتنياهو يعتبر أن على إسرائيل الإصرار بأن يبقى بيدها 50% من الضفة، وهي المناطق المفتوحة في غور الأردن وصحراء يهودا (برية الخليل) وهي مناطق تشكل شريطا أمنيا شرقيا هاما".

وقال نتنياهو لليفني إنه "في إطار الحل الدائم سيحصل الفلسطينيون على الصلاحيات التي تمكنهم من إدارة مجرى حياتهم... وأنا لست منغلقا، وإنما أعتزم مواصلة دفع العملية السياسية مع الفلسطينيين. لكن إذا كانت لديهم سيادة كاملة فإن من شأن ذلك أن يشكل خطرا على أمن إسرائيل". وذكرت هآرتس أن نتنياهو قال في محادثات مغلقة إنه لا يعارض أن يكون لدى الفلسطينيين، في إطار الحل الدائم، صلاحيات في مجال العلاقات الخارجية، مثل سفارات وعلاقات دبلوماسية مع أي دولة يريدون إقامة علاقات معها، لكنه يمتنع عن استخدام كلمة "دولة" لأنها تعني "سيادة" وتشمل صلاحيات أمنية.

وأوضح بن في هذا السياق أن "نتنياهو يريد سلب أربع صلاحيات من الفلسطينيين تمتلكها أية دولة ذات سيادة، وهي: السيطرة على المجال الجوي، والسيطرة على المجال الألكترو-مغناطيسي مثل موجات البث، والحق في إنشاء جيش وإقامة أحلاف عسكرية، والأهم السيطرة على المعابر". ويعتبر نتنياهو أن هذه الصلاحيات يجب أن تبقى بأيدي إسرائيل. ولفت بن إلى أنه على الرغم من أن لدى نتنياهو أسباب كثيرة لعرض موقف متشدد تجاه الفلسطينيين لكي لا يبتعد عن تحالفه حزبا المستوطنين، "الوحدة الوطنية" و"البيت اليهودي"، لكنه يتمسك بهذه الأفكار حول حل الصراع منذ سنوات طويلة.

وأشار الكاتب إلى أن نتنياهو بات يتبنى، عمليا، نظرية أستاذ العلوم السياسية في جامعة ستانفورد، البروفيسور ستيفن كرسنر، الذي تولى إدارة التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأميركية خلال ولاية كوندوليزا رايس. فقد طور كرسنر نظرية "السيادة المحدودة" المنتهجة في حالات سياسية ذات إشكالية. كذلك يضع نتنياهو أسبابا أخرى "تكتيكية" لمعارضة قيام دولة فلسطينية، ويعتبر أن دولة فلسطينية يجب أن تكون جزءا من المفاوضات، "وليس تنازلا إسرائيليا مسبقا". وينظر نتنياهو إلى ما يعرف باسم "عملية أنابوليس"، التي أجراها رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، وليفني، على أنه "نكتة". ويرى أنه يحظر على إسرائيل الاقتراح مسبقا تنفيذ انسحاب كامل تقريبا من الضفة الغربية، بادعاء أنها "لن تحقق شيئا من ذلك وإنما تشجع الفلسطينيين على المطالبة بأمور أخرى".

وإزاء هذه المواقف التي يطرحها نتنياهو فإنه يتوقع أن تبرز الخلافات حول العملية السياسية بين إسرائيل والولايات المتحدة، خلال زيارة وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، إلى إسرائيل، مساء غد الاثنين، التي قالت في تصريحات خلال نهاية الأسبوع الماضي إن الإدارة الأميركية "ما زالت ملتزمة بحل الدولتين للشعبين وسأؤكد على ذلك خلال محادثاتي في إسرائيل". وأضافت كلينتون أن الإدارة الأميركية تريد مساعدة إسرائيل والسلطة الفلسطينية للتوصل إلى حل دائم ينهي الصراع "وقيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة في الضفة الغربية وقطاع غزة".

وستجتمع كلينتون خلال زيارتها لإسرائيل مع القيادة الإسرائيلية وبينهم نتنياهو وليفني وأولمرت والرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس. كما ستزور مدينة رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ورئيس الحكومة، سلام فياض. وكانت كلينتون قد قالت إن الولايات المتحدة مهتمة بالمصالحة الفلسطينية الداخلية بين حركتي فتح وحماس لكنها اشترطت تشكيل حكومة وحدة فلسطينية بأن تلبي هذه الحكومة الشروط الثلاثة التي وضعتها الرباعية الدولية قبل ثلاث سنوات تقريبا، والتي تقضي بالاعتراف بإسرائيل وبالاتفاقيات السابقة ونبذ العنف. وأشار بن على إمكانية أن تحاول كلينتون التوسط بين نتنياهو وليفني بهدف تشكيل حكومة أكثر اعتدالا وتضم حزبي الليكود وكديما.

وأعلن نتنياهو وليفني في ختام لقائهما يوم الجمعة الماضي أنهما لم يتفقا على تشكيل حكومة وحدة واسعة. وقالت ليفني في ختام اللقاء إنها ونتنياهو لم يتوصلا إلى "قاسم مشترك يسمح بانضمام كديما إلى حكومة واسعة برئاسة نتنياهو"، فيما قال نتنياهو إنه "اقترح على كديما شراكة كاملة وقوبل برفض".

وأضافت ليفني أن "اللقاء انتهى بدون تفاهمات حول مواضيع أعتبرها جوهرية للانضمام إلى حكومة" وألمحت إلى أن وجهتها نحو البقاء في المعارضة. وقالت إنه "مهما كان المنصب الذي سأؤديه فإني سأمكن الحكومة التي ستتشكل من مواجهة التهديدات الماثلة أمامنا كمعارضة مسؤولة وهذا كان مضمون المحادثة بيننا".

من جانبه قال نتنياهو إنه "واضح أن الوحدة تحتم تقديم تنازلات وكنت مستعدا للذهاب بعيدا جدا من أجل الوحدة، وتوجهت إلى رئيسة كديما واقترحت عليها شراكة كاملة في كتابة الخطوط العريضة وبلورة طريق الحكومة في كافة المجالات المركزية، ومساواة كاملة في تقاسم الحقائب الوزارية بين الليكود وكديما، وحتى أني اقترحت عليها اثنين من بين المناصب الثلاثة الرفيعة في الحكومة". واضاف "لقد أبلغتها أني أعتزم دفع العملية السياسية مع الفلسطينيين وبلورة إصلاحات في طريقة الحكم والتقدم باتجاه حل متفق عليه في موضوع الزواج المدني".

وحمل نتنياهو ليفني مسؤولية فشل الاتصالات وقال "لأسفي، قوبلت برفض مطلق من جانب ليفني للوحدة في هذه الفترة المصيرية من حياة الدولة وحتى برفض تشكيل طواقم مشتركة للمفاوضات ومن أجل التوصل على طريق مشتركة، أنا مقتنع بأنه بالإمكان إيجادها".

وتعهد نتنياهو بتشكيل حكومة بسرعة "فالواقع لا ينتظرنا ودولة إسرائيل بحاجة إلى وحدة بشكل اكبر مع مرور كل يوم ودولة إسرائيل بحاجة إلى حكومة جديدة وحكومة كهذه ستقوم بأقرب وقت". ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن قياديين في الليكود قولهم إن ليفني جاءت إلى اللقاء مع نتنياهو مع قرار بأنها لن تنضم على الحكومة المقبلة. ويسود الاعتقاد في الحلبة السياسية الإسرائيلية أنه لن تعقد لقاءات أخرى بين نتنياهو وليفني وأن نتنياهو سيبدأ بتشكيل حكومة يمين ضيقة.