هآرتس: أولمرت اقترح على الفلسطينيين اتفاقا لا يشمل القدس

"المشهد الإسرائيلي" – خاص

قالت صحيفة هآرتس، اليوم الثلاثاء – 12.8.2008، إن رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، سلم الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، اقتراحا مفصلا لاتفاق مبادئ بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية حول قضايا حل دائم تتعلق بالحدودة الدائمة واللاجئين وترتيبات أمنية مستقبلية، ولم يشمل الاقتراح قضية القدس. وأضافت الصحيفة أن أولمرت، الذي التقى الأسبوع الماضي مع عباس، يقدر أنه بالإمكان التوصل لاتفاق خلال الفترة المتبقية لولايته كرئيس حكومة، أي خلال شهور قليلة، وهو الآن بانتظار رد السلطة الفلسطينية على الاقتراح. ويذكر أن المفاوضات حول الحل الدائم بين الجانبين انطلقت من خلال مؤتمر أنابوليس الذي عقد في الولايات المتحدة في شهر تشرين الثاني الماضي. وبحسب هآرتس فإن هذه المفاوضات غايتها توصل الجانبين إلى "اتفاق رف" يضع أساسا لدولة فلسطينية وأنه سيتم إرجاء تطبيقه حتى "تكون السلطة الفلسطينية قادرة على ذلك".

واعتبر أولمرت من خلال اقتراحه أن رسم الحدود الدائمة هو أساس الاتفاق، الذي يستند إلى انسحاب إسرائيل من 93% من أراضي الضفة، وأن تضم إسرائيل مساحة تشكل 7% من الضفة، وفي المقابل تعوض الفلسطينيين بأراض توازي 5.5% من مساحة الضفة في منطقة النقب وتكون ملاصقة لقطاع غزة. وسيحصل الفلسطينيون على ممر حر بين الضفة وغزة من دون التعرض لتفتيش أمني إسرائيلي، وستبقى أراضي هذا الممر، التي تصفها إسرائيل بأنها "أراض نوعية"، تحت سيادة إسرائيل. وذكر الاقتراح أنه لم يكن لدى الفلسطينيين تواصلا بين الضفة والقطاع قبل العام 1967. ونقلت هآرتس عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إنه فيما يتعلق بالقدس، فقد تم عرض خارطة أولية للحدود المقترحة فيها.

وتشمل الأراضي في الضفة التي تقترح إسرائيل ضمها إليها، الكتل الاستيطانية الكبرى، وهي معاليه أدوميم وغوش عتصيون والمستوطنات المحيطة بالقدس الشرقية ومستوطنات غرب السامرة، أي غرب مدينة نابلس، وستكون الحدود وفقا لمسار الجدار العازل المعدل.

وأشارت هآرتس إلى أن أولمرت ووزير الدفاع، ايهود باراك، صادقا في الأشهر الأخيرة على أعمال بناء في مستوطنتي أريئيل وعوفرا، في عمق الضفة. ورجحت الصحيفة أن أولمرت يريد شمل منطقتي المستوطنتين ضمن الأراضي التي يقترح ضمها لإسرائيل. وبحسب اقتراح أولمرت، فإنه عندما يتم الاتفاق على خط الحدود سيكون بإمكان إسرائيل البناء بحرية في المستوطنات التي يقترح ضمها لإسرائيل.

وفيما يتعلق بالمستوطنات الواقعة شرقي الجدار العازل، فإن الاقتراح يقضي بإخلائها على مرحلتين. وستبادر إسرائيل في المرحلة الأولى، لدى التوقيع على اتفاق مبادئ، إلى سن قانون "إخلاء وتعويض طواعية" للمستوطنين الذين سيوافقون على الانتقال للسكن في إسرائيل أو الكتل الاستيطانية. وفي هذا السياق صادق أولمرت مؤخرا على أعمال بناء واسعة في الكتل الاستيطانية وخصوصا في المستوطنات في القدس الشرقية وهي معدة بالأساس لاستيعاب المستوطنين الذين يخلون أنفسهم طواعية من مستوطنات شرق الجدار. وفي المرحلة الثانية، وبعد أن ينتهي الفلسطينيون من تنفيذ إصلاحات داخلية، أي إعادة السيطرة على القطاع، ويكونون قادرين على تنفيذ الاتفاق كله، ستخلي إسرائيل المستوطنين الذين بقوا شرق الجدار.

وسيحاول أولمرت تسويق اقتراح الاتفاق لدى الجمهور الإسرائيلي وسيستند في ذلك على أن الاقتراح سينفذ تدريجيا. ولفتت هآرتس إلى أن اقتراح أولمرت بخصوص تبادل الأراضي يُدخل عاملا آخر للاتفاق، وهو أن إسرائيل ستحصل على الكتل الاستيطانية، أي على جزء من الضفة، فور توقيع الاتفاق، لكن تسليم الفلسطينيين الأراضي البديلة وتشغيل الممر الحر بين الضفة والقطاع سيتم إرجاءه حتى تعيد السلطة الفلسطينية سيطرتها على القطاع. وبذلك سيتمكن أولمرت من القول لجمهوره إن إسرائيل ستضم إلى الأراضي التي تحت سيادتها 7% من الضفة ضمن حدود متفق عليها فيما التنازل الإسرائيلي عن أراض في النقب كتعويض للفلسطينيين سيتم إرجاءه حتى يتم القضاء على حكم حماس في القطاع. واعتبر أولمرت أنه سيكون بإمكان عباس القول للفلسطينيين أنه نجح بالحصول من إسرائيل على دولة على 90% من الضفة الغربية ووعد بإخلاء كافة المستوطنات الواقعة شرقي الجدار العازل.

وأفادت هآرتس بأن الجانب الفلسطيني قدم اقتراحا يقضي بأن تضم إسرائيل إليها أراض بمساحة 2% من الضفة مقابل الحصول على أراض بديلة بنفس النسبة.

وأشارت هآرتس إلى أن اقتراح أولمرت هو اقتراح وسط بين اقتراحين عرضتهما إسرائيل خلال المفاوضات مع الفلسطينيين في السنوات الماضية، وقدمهما باراك للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، في في كامب ديفيد في تموز العام 2000 وطابا في كانون الثاني العام 2001. ويذكّر الاقتراح الفلسطيني باقتراحي باراك حيث دار الحديث عندها عن ضم إسرائيل لمستوطنات معدودة إليها وشق طرق إليها، وأنهم رفضوا ضم الكتل الاستيطانية لإسرائيل. ومنذئذ فرضت إسرائيل واقعا جديدا على الأرض الفلسطينية في الضفة من خلال بناء الجدار العازل.

كذلك سلمت إسرائيل الفلسطينيين نموذجا مفصلا لترتيبات أمنية أعده طاقم برئاسة اللواء عيدو نحوشتان، الذي يتولى الآن قيادة سلاح الجو الإسرائيلي. وسلمت إسرائيل هذا النموذج للإدارة الأميركية، بهدف الحصول على دعمها للموقف الإسرائيلي في المفاوضات. وتطالب إسرائيل أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح بالكامل وألا يكون لديها جيش. وبحسب مصدر إسرائيلي فإن الفلسطينيين طالبوا بأن تكون قوتهم الأمنية ذات جهوزية للدفاع عن الدولة الفلسطينية من "تهديدات خارجية".

ويرفض اقتراح أولمرت حق العودة للاجئين الفلسطينيين ويرى أنه بإمكان اللاجئين بالعودة إلى تخوم الدولة الفلسطينية، وذلك باستثناء حالات خاصة من لم شمل عائلات داخل إسرائيل. وقالت هآرتس إن الاقتراح بخصوص قضية اللاجئين معقد أكثر مما تسرب للصحيفة.

وبحسب هآرتس فإن أولمرت اتفق مع عباس على إرجاء المفاوضات حول قضية القدس، بزعم منع سقوط حكومته على خلفية تهديدات حزب شاس بأنه في الوقت الذي ستبدأ فيه مفاوضات حول القدس سينسحب هذا الحزب من الحكومة.


ويولي أولمرت أهمية كبرى للتوصل لاتفاق كهذا، يرسخ "حل الدولتين" في الوعي الدولي. ويعتبر أولمرت أنه بهذه الطريقة ستمنع إسرائيل تقويض شرعيتها والدعوات "لحل الدولة الواحدة" الثنائية القومية، وسيكون بإمكانها أن تظهر أنها لا تسعى للسيطرة على الأراضي الفلسطينية والفلسطينيين لفترة طويل. وقالت هآرتس إن موقف أولمرت يحظى بتأييد واسع في الإدارة الأميركية التي أوشكت ولايتها على الانتهاء.

وستحضر وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، إلى المنطقة الأسبوع المقبل، لمواصلة المحادثات حول دفع المفاوضات. ويرفض أولمرت الاقتراح الأميركي بنشر وثيقة إسرائيلية – فلسطينية – أميركية يتم من خلالها استعراض التقدم الذي تم تحقيقه في المفاوضات منذ مؤتمر أنابوليس. ويبرر أولمرت موقفه هذا بأنه يحظر نشر مواقف جزئية تم طرحها خلال المفاوضات وإنما ينبغي نشر اتفاقا كاملا فقط، في حال تم تحقيقه.