قياديون في حزب كديما يطالبون أولمرت بالتنحي وتولي ليفني رئاسة الحكومة

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

طالب قياديون في حزب كديما رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، بالتنحي عن منصبة والخروج إلى إجازة لكي تتولى القائمة بأعماله ورئيسة كديما ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، منصب رئيس الحكومة حتى تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات العامة التي ستجري في 10 شباط المقبل. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن ليفني ستعقد اجتماعا لكتلة كديما في الكنيست، اليوم الخميس – 27.11.2008، على أثر إبلاغ المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، مناحيم مزوز، أمس، محامي أولمرت عزمه تقديم لائحة اتهام ضد أولمرت على خلفية شبهات بارتكابه أعمال فساد في القضية المعروفة باسم "ريشون تورز" أو "الفواتير المزدوجة".

ورفض أولمرت، أمس، دعوات أطلقها أعضاء كنيست طالبوه بالتنحي عن منصبه في أعقاب قرار مزوز. وأعلن مقربون منه أنه سيبقى يزاول مهامه في هذه الأثناء. ورد محامو أولمرت على بلاغ مزوز الذي وصفوه بأنه "مستهجن وحتى أنه غير معقول". وقال محامو أولمرت إن "رئيس الحكومة ذُهل لدى قراءته في رسالة المستشار القانوني للحكومة تفاصيل وادعاءات لم يجر التحقيق معه بتاتا حولها ولم يتم عرضها أمامه في أية جلسة تحقيق". وأضاف المحامون أنه "خلافا لما جاء في بلاغ المستشار القانوني للحكومة فإنه لم يتم استعراض أي دليل أمام رئيس الوزراء من شأنه أن يشكل أساسا بأن رئيس الحكومة كان يعرف ويعي تنفيذ الأعمال المزعومة".

ونقلت صحيفة هآرتس، اليوم، عن مقربين من أولمرت قولهم "لماذا عليه أن يعلن عجزه عن القيام بمهامه. هذا ليس واقعيا، فهو قد استقال وأي حديث عن تعذره القيام بمهامه يأتي في إطار محاولات سياسيين استغلال الوضع لمصالحهم الشخصية. وهذا ليس واردا بتاتا". وقال مستشار أولمرت الإعلامي، أمير دان، إن الإعلان عن قرار مزوز تقديم لائحة اتهام ضد أولمرت هو "كمين مخطط له تحت إشراف جهاز تطبيق القانون. وليس هكذا ينبغي التعامل مع أي شخص وبالتأكيد ليس مع رئيس حكومة".

واقترح قياديون في كديما على ليفني دعوة أولمرت إلى الخروج إلى إجازة، لكي يتسنى لها خوض الانتخابات العامة من موقع رئيس الحكومة. ويرى هؤلاء القياديون أنه في حال تحقق ذلك فإن مكانتها ستتحسن، إذ تُظهر استطلاعات الرأي الأخيرة انخفاض قوة كديما وتزايد قوة حزب الليكود. ولذلك يرى القياديون في كديما أن الفرصة التي سنحت الآن من شأنها أن تكون في صالح ليفني وكديما، خصوصا أنها تشدد في حملتها الانتخابية على طهارتها السياسية.

لكن محلل الشؤون الحزبية في هآرتس، يوسي فيرطر، اعتبر أن أولمرت لن يتعاون مع ليفني ولن يتنحى عن منصبه. وكتب أن "أولمرت يرغب بمساعدة ليفني، تماما مثلما يرغب المحكوم بالإعدام مساعدة من سينفذ الإعدام بحقه. وبالنسبة لأولمرت فليسقط هو وليفني معا. ويدل بيان محاموه أنه باق، حتى تشكيل الحكومة الجديدة، في أواسط آذار العام 2009. وحتى عندها، ليس مؤكدا أنه في خفايا قلبه لا يفضل أن يسلم المفاتيح بصورة منتظمة إلى (رئيس الليكود) بنيامين نتنياهو".

وستمرر النيابة العامة مواد التحقيق إلى محامي أولمرت الذين قالوا إنه "حدثت أمور كهذه في الماضي وتم اتخاذ قرارات أولية بتوجيه لوائح اتهام وتم إلغاؤها في أعقاب تحقيق أجراه المستشار القانوني". وتنسب النيابة العامة والشرطة في إسرائيل لأولمرت شبهات تتعلق بالحصول على امتيازات بالغش وفي ظروف خطرة وخيانة الأمانة وتسجيل كاذب في سجلات مؤسسة وإخفاء دخل مالي بالغش. ويذكر أن أولمرت مشتبه في قضية "ريشون تورز" بان الشركة التي كان يسافر أولمرت إلى الخارج من خلالها، وهي شركة "ريشون تورز"، إلى مؤتمرات وجمع تبرعات لصالح مؤسسات إسرائيلية كانت ترسل فواتير إلى عدة مؤسسات من أجل تمويل سفرة واحدة لأولمرت. وعلى اثر ذلك تجمع في حساب بنكي فتحته شركة السفريات باسم أولمرت فائض من الأموال بلغ أكثر 85 ألف دولار، استخدمت لتمويل سفريات خاصة لأفراد عائلة أولمرت.

وفور إعلان مزوز عن نيته تقديم لائحة اتهام ضد أولمرت تعالت دعوات من جانب أعضاء في الكنيست تطالب أولمرت بالإعلان عن تعذره مواصلة مهام منصبه. ودعا عضو الكنيست زبولون أورليف، من كتلة "الوحدة الوطنية – المفدال" اليميني المتطرف، أولمرت إلى التنحي عن منصبه حالا واعتبر أنه "في الأشهر المتبقية حتى الانتخابات قد يتخذ أولمرت قرارات مصيرية لأسباب غير موضوعية ولذلك عليه إنهاء ولايته حالا". كذلك دعت عضو الكنيست زهافا غلئون، من حزب ميرتس اليساري، أولمرت إلى الإعلان عن تعذره القيام بمهامه والتنحي وقالت إن "كل يوم يمر وهو (أي أولمرت) لا يزال في المنصب هو يوم زائد عن الحد لأنه لا يملك صلاحية أخلاقية وشعبية لدفع عمليات سياسية".

وطالب عضو الكنيست أوفير بينيس من حزب العمل أولمرت بالتنحي عن منصبه بعد قرار مزوز وقال إن "هذا يوم مأساوي بالنسبة لدولة إسرائيل وعلى أولمرت التنحي حالا مثلما كان قد تعهد علنا وبصورة واضحة ويحظر على شخص تتهمه الدولة بأعمال جنائية الجلوس على كرسي رئيس الوزراء". لكن عضو الكنيست عن حزب الليكود ورئيس لجنة مراقبة الدولة التابعة للكنيست، ميخائيل ايتان، امتنع عن مطالبة أولمرت بالتنحي عن منصبه وقال إن "حكومة انتقالية يترأسها شخص سيتم تقديم لائحة اتهام ضده هي حكومة فاقدة للشرعية قانونيا وأخلاقيا لقيادة شعب بأكمله نحو خطوات سياسية بعيدة المدى". وأضاف ايتان أن "أولمرت سيحسن التصرف إذا أعلن عن تجميد كافة الخطوات السياسية حتى انتخاب حكومة جديدة تكون قادرة ومخولة على اتخاذ قرارات مصيرية من أجل مصلحة شعب إسرائيل".

وكان أولمرت قد أعلن في شهر أيار الماضي، لدى الكشف عن التحقيقات ضده، أنه سيتنحى عن منصبه في حال تم تقديم لائحة اتهام ضده. وقدم أولمرت استقالته من منصبه بعد انتخاب ليفني رئيسة لحزب كديما في أواسط شهر ايلول الماضي وأصبح رئيس حكومة انتقالية. وقبل ثلاثة شهور أوصت الشرطة أمام النيابة العامة بتقديم لائحة اتهام ضد أولمرت في قضيتي "ريشون تورز" و"المغلفات المالية" التي يشتبه فيها أولمرت بتلقي رشاوى من المليونير الأميركي اليهودي موريس تالانسكي.

وحققت الشرطة الإسرائيلية، أمس، مع مدير عام مكتب رئيس الحكومة، رعنان دينور، بشبهة ضلوعه في تعيينات سياسية عندما كان مديرا عاما لوزارة الصناعة والتجارة والتشغيل بين الأعوام 2003-2006 وكان أولمرت الوزير حينها. كذلك حققت الشرطة مؤخرا، لكن ليس للمرة الأولى، مع سكرتير الحكومة، عوفيد يحزقيل، حول القضية نفسها، حيث كان يحزقيل في تلك السنوات مساعد كبير لأولمرت.