جهاز الأمن الإسرائيلي يقترح منع إجراء انتخابات تشريعية فلسطينية

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

كشفت صحيفة هآرتس، اليوم الأحد – 23.11.2008، عن أن جهاز الأمن الإسرائيلي أعد وثيقة تقترح على أن تمنع إسرائيل إجراء انتخابات تشريعية فلسطينية مهما كلف الأمر والتقدم نحو اتفاق سلام مع سورية، وذلك بهدف التأسيس لبديل عسكري ضد إيران. وجاء في الوثيقة أن إسرائيل قد تجد نفسها في العام 2009 تواجه، وحدها تقريبا، إيران وقد أصبحت تملك قنبلة نووية، فيما السلطة الفلسطينية تكون قد انهارت ولم يعد حل الدولتين قائما على جدول الأعمال، ومن الجهة الثانية، حدوث تقارب بين الولايات المتحدة وبين إيران والدول العربية، بصورة من شأنها أن تقوض التفوق السياسي والعسكري الإسرائيلي في المنطقة. وسيستعرض طاقم الأمن القومي، الذي يعمل في مكتب رئيس الحكومة ويوفر توصيات وتقويمات سياسية وأمنية للحكومة، هذه الوثيقة أمام الحكومة الإسرائيلية بعد شهر في إطار تقويم الوضع السنوي في مجال السياسة الخارجية والأمن.

وأوصت الوثيقة بأنه من أجل أن تواجه إسرائيل التهديدات، ينبغي على جهاز الأمن الاستعداد سرا لهجوم ضد إيران، والدفع نحو التوصل إلى اتفاق مع سورية، يشمل انسحاب إسرائيل من هضبة الجولان، ومنع إجراء انتخابات في السلطة الفلسطينية بكل ثمن، وحتى لو كلف الأمر حدوث صدام مع الولايات المتحدة. وسيوصي طاقم الأمن القومي أمام الحكومة أيضا بخطوط سياسية ينبغي على إسرائيل العمل بموجبها خلال العام 2009 لمواجهة التهديدات المختلفة. وقدمت وزارة الخارجية وجهاز الأمن تقويماتهما لطاقم الأمن القومي، خلال الأسابيع الأخيرة، استعدادا لإعداد الوثيقة وعرضها على الحكومة.

إيران

وقالت هآرتس إن إيران، التي تم وصفها بأنها تشكل "خطرا وجوديا" على إسرائيل، كانت على رأس قائمة التهديدات التي شملها تقرير جهاز الأمن الذي تم تحويله إلى طاقم الأمن القومي. والتهديد الثاني تشكله القذائف الصاروخية والصواريخ طويلة المدى التي بحوزة عدد من دول المنطقة. ووصف جهاز الأمن هذه الصواريخ بأنها تشكر "تهديدا إستراتيجيا". وجاء في أحد استنتاجات الوثيقة أن "إسرائيل تقف اليوم وحدها تقريبا أمام هذه التهديدات، ولذلك ثمة حاجة بإلزام المجتمع الدولي (بمواجهة التهديدات إلى جانب إسرائيل)، والإدارة الجديدة في الولايات المتحدة تشكل فرصة (لتحقيق ذلك)".

وتشدد الوثيقة فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني على أن "الفترة الزمنية لتنفيذ عملية (عسكرية) محدود، قبل أن ينجح المعسكر المتطرف برئاسة إيران في الحصول على سلاح نووي وهيمنة إقليمية". وبحسب جهاز الأمن الإسرائيلي فإنه "على إسرائيل التأسيس لخيار عسكري أمام إيران استعدادا لاحتمال أن تبقى وحدها في المعركة، ولاحتمال أن تكون هناك حاجة في المستقبل أيضا مواجهة مع إيران". وإلى جانب ذلك، توصي الوثيقة أمام القيادة السياسية "بالعمل بصورة سرية على سيناريو مفاده أن تواجه إسرائيل إيران نووية".

السلطة الفلسطينية وحماس

وفيما يتعلق بالناحية الفلسطينية، يحذر جهاز الأمن الإسرائيلي من إمكانية "غياب" الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، عن الخارطة السياسية، بعد انتهاء الفترة القانونية لولايته في التاسع من كانون الثاني العام 2009. وأضافت الوثيقة الإسرائيلي أنه في حالة كهذه ستتسارع وتيرة تفكك السلطة الفلسطينية، وسيتزايد مع هذا التطور خطر زوال حل الدولتين عن جدول العمل. وتابعت الوثيقة أنه على ضوء تعقيدات الوضع السياسي في السلطة الفلسطينية، يوصي جهاز الأمن "بمنع إجراء انتخابات في السلطة الفلسطينية، حتى لو كلف الأمر حدوث صدام مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي"، وذلك تخوفا من فوز حماس في الانتخابات التشريعية.

ويوصي جهاز الأمن الإسرائيلي أيضا بمواصلة الضغط على حركة حماس من أجل عزلها وإضعافها من جهة، ومن أجل تقوية بديل للحركة من الجهة الأخرى، والعمل خلال ذلك على المخاطرة بشكل كبير. وتوقع جهاز الأمن الإسرائيلي انهيار التهدئة بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، وفي هذه الحالة سيتعين "على إسرائيل العمل من أجل التسبب بسقوط حكم حماس" في غزة.

سورية ولبنان وحزب الله

وتمرر الوثيقة الإسرائيلية رسالة واضحة للغاية إلى سورية، وتشدد على أنه "ينبغي دفع الاتفاق مع سورية إلى الأمام، على الرغم من الثمن الغالي الذي ستدفعه إسرائيل، وذلك من خلال استغلال استبدال الإدارة في الولايات المتحدة من أجل تجنيد دعم لهذه العملية". ويعتبر جهاز الأمن الإسرائيلي أن إخراج سورية من دائرة المواجهة سيؤدي إلى التوصل إلى اتفاق مع لبنان أيضا، وبذلك سيضعف كثيرا "المحور المتطرف" الذي يضم إيران وسورية وحزب الله وحماس.

إذافة إلى ذلك توصي الوثيقة بأن تدعم إسرائيل "المعسكر المعتدل" في لبنان مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية التي ستجري في لبنان في الأشهر القريبة، لكن يجب أن يتم ذلك ليس على حساب مصالح إسرائيلية. وأضافت الوثيقة أن في مقابل ذلك يجب العمل على تقوية الردع الإسرائيلي ضد حزب الله والعمل "بتوقيع منخفض" ضد تهريب الأسلحة وتعاظم قوة حزب الله.

الدول العربية وخصوصا السعودية

وشملت الوثيقة الإسرائيلية مجموعة توصيات تتعلق بتقوية العلاقة مع "المعسكر المعتدل في العالم العربي"، مع التشديد على السعودية. وشدد جهاز الأمن على أنه "ينبغي البحث عن طرق لتوسيع الحوار مع السعودية حول مصالح مشتركة ومتنوعة. ومن الجهة الأخرى سيتعين على إسرائيل العمل من أجل تحييد مخاطر قد تنشأ في السعودية، مثل تطوير قدرة نووية، شراء صواريخ أرض – أرض وسد الفجوة النوعية مع الجيش الإسرائيلي.

من جهة ثانية، شددت الوثيقة على أن الأردن موجود في ضائقة متصاعدة ويواجه أزمة سياسية واقتصادية بالغة. وجاء أن "الأردن يشعر بأنه تم التخلي عنه خلال الصراع الإقليمي وهو مستمر في اعتبار إسرائيل والغرب سندا إستراتيجيا". والتوصية الأساسية في هذا السياق هي "تعزيز العلاقات مع الأردن واستقرار هذه العلاقات هام لأمن إسرائيل. وينبغي تعميق التعاون وتوسيع العلاقات الاقتصادية".

خلافات مع الولايات المتحدة

وتطرقت الوثيقة إلى العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة وأشارت إلى عدة خلافات بين الجانبين وقد تظهر ويتم طرحها للتداول مع بدء إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، باراك أوباما، مزاولة مهامها. ويعتبر جهاز الأمن الإسرائيلي أن "الولايات المتحدة ترغب في إنشاء منظومة إقليمية ودولية ضد إيران، وستكون إسرائيل هي التي ستدفع الثمن":
•إيران. يتوقع فتح حوار بين إيران والولايات المتحدة، وسيتعين على إسرائيل "العمل من أجل منع التوصل إلى ترتيب ينطوي على إشكالية بالنسبة لها".
•سورية. إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش عارضت إجراء إسرائيل محادثات مع سورية، وينبغي إقناع الإدارة الأميركية الجديدة بتأييد مفاوضات إسرائيلية سورية والمشاركة فيها.
•الفلسطينيون. على إسرائيل التيقن من أن تكون نتائج المهام التي نفذها، خلال العام الأخير، الجنرالات الأميركيون الذين ينسقون بين إسرائيل والفلسطينيين في المواضيع الأمنية، متطابقة مع المصالح الإسرائيلية.
•لبنان. الولايات المتحدة ستطلب من إسرائيل المساعدة في تقوية المعسكر المعتدل بواسطة تسوية في مزارع شبعا وقرية الغجر.
•مساعدات عسكرية. يحذر جهاز الأمن الإسرائيلي من أن الولايات المتحدة تسلح دول المعسكر المعتدل، مع التشديد على مصر والسعودية، "بصورة تقوض التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي، وخصوصا في المجال الجوي".

الامتناع عن حرب استنزاف

وتطرق جهاز الأمن الإسرائيلي بصورة عامة إلى سياسة الرد العسكري التي ينبغي على إسرائيل انتهاجها، في حال نفذت حماس أو حزب الله عمليات ضد أهداف إسرائيلية واعتبرت إسرائيل ذلك استفزازا لها. والرسالة الأساسية في الوثيقة هي أن على إسرائيل الامتناع عن خوض حرب استنزاف. وبموجب هذه التوصية يجب تجربة تكتيك "الاحتواء" أولا، لكن إذا استمر التصعيد، فإن على إسرائيل "دراسة إمكانية الدخول في مواجهة واسعة من أجل توجيه ضربات للخصم بصورة شديدة وإنهاء المواجهة خلال وقت قصير ومع تحقيق نتائج واضحة قدر الإمكان".