نتنياهو يرفض مبادرة السلام العربية وليفني تتحفظ كثيرا منها

"المشهد الإسرائيلي" – خاص

بعد نشر دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية إعلانا كبيرا في الصحف الإسرائيلية تضمن ترجمة بنود من مبادرة السلام العربية، تبين أن المرشحين للفوز في الانتخابات العامة الإسرائيلية وتولي رئاسة الحكومة المقبلة، رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو، ورئيسة حزب كديما تسيبي ليفني، إما يرفض المقابلة وحتى الحديث عنها أو يتحفظ بشكل كبير منها. ويعتبر نتنياهو أن الفلسطينيين ليسوا مؤهلين في الوقت الحالي لمفاوضات سياسية والتوصل إلى اتفاق دائم مع إسرائيل، ويروج لفكرة "سلام اقتصادي". من جهة ثانية، يبدو أن ليفني تخوض مفاوضات مع الفلسطينيين من أجل المفاوضات ولا يوجد في جميع تصريحاتها على الإطلاق ما يشير إلى أن في نيتها التوصل إلى اتفاق.

ونشرت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الجمعة – 21.11.2008، تقريرا حول موقف الإسرائيليين من مبادرة السلام العربية، منذ إقرارها في القمة العربية في بيروت في آذار العام 2002 وحتى اليوم. نتنياهو رفض الحديث حول الموضوع لدى توجه الصحيفة إليه. وقال أحد مقربيه إن نتنياهو يرفض الانسحاب من القدس الشرقية والانسحاب من الجولان "كي لا يتحول إلى قاعدة إيرانية مثلما حدث في قطاع غزة والضفة الغربية". أما ليفني، التي قالت في العام 2002 إنه ينبغي التدقيق في المبادرة، وأثارت ضدها أعضاء الليكود، الذي كانت بين قيادته في حينه، فإنها تقول الآن: "لقد قلت في حينه إن هذه (المبادرة) فكرة إيجابية، لكن شروط الاتفاق هي مسألة خاضعة للمفاوضات بيننا وبين الفلسطينيين. وحقيقة أنه توجد رغبة (لدى العرب) بالتوصل إلى اتفاق هي أمر إيجابي بنظري، شرط ألا يتم إملاء النتيجة بمستوى 'خذوا أو اتركوا'. فإسرائيل لا يمكنها تبنيها كما هي. وهي تمثل المواقف العربية، لكن في المفاوضات هناك مصالح سيتعين على إسرائيل طرحها".

وتناول تقرير يديعوت أحرونوت نظرة رئيسي حكومة إسرائيل، أرييل شارون وايهود أولمرت، للمبادرة. ويذكر أن قمة بيروت أقرت مبادرة السلام العربية بعد ساعات قليلة من قرار شارون باجتياح الضفة الغربية، من خلال حملة "السور الواقي" العسكرية، وفيما كانت الدبابات الإسرائيلية قد بدأت تحاصر الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، في المقاطعة في رام الله.

ونقلت يديعوت أحرونوت عن اللواء عوزي ديان، الذي كان رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي في مكتب رئيس الحكومة، في آذار 2002، إنه "رأينا بالمبادرة أمرا جديدا. كانت هذه المرة الأولى التي أبدت فيها جامعة الدول العربية استعدادا لاتخاذ موقف والمساهمة في جهد لحل الصراع. رغم ذلك، فقد بدت لنا البنود منذ ذلك الحين تنطوي على إشكالية كبيرة. وكان شعوري أن هذا أمر مثير، لكن الخلاص لن يأتي من هناك. وهذا ما قلته أيضا لرئيس الحكومة، أرييل شارون". وأضاف ديان "اعتقد حينها، وأعتقد اليوم أيضا، أن هذه الخطة (أي المبادرة العربية) ليست مقبولة، وأن ما نحن بحاجة له هو طرح بديل يشمل إنشاء حلف مع الدول العربية المجاورة، من خلال مواجهة عدو مشترك هو الإسلام المتطرف. وأساس الاتفاق يجب أن يكون سلام مقابل سلام، لكن العودة إلى حدود 1967 هو أمر غير واقعي". وقال ديان أن الحكومة في حينه لم تبحث المبادرة ورفضها شارون. كذلك طلب شارون، لاحقا، لدى إرساله التحفظات ال14 للرئيس الأميركي جورج بوش على خطة خارطة الطريق، إزالة البند 10 في الخطة والذي تطرق إلى مبادرة السلام العربية.

وقال رئيس الموساد الأسبق، أفرايم هليفي، الذي تولى رئاسة مجلس الأمن القومي الإسرائيلي في تشرين الثاني العام 2002، إن "المبادرة العربية لم تكن مطروحة على جدول الأعمال... إذ لم يتم طرحها كخطة للمفاوضات، وإنما كصيغة نهائية ينبغي تبنيها. ولم يتحمس لها أحد في المحيط القريب من شارون. وكان التوجه أنه يجب إنهاء كل شيء مع واشنطن وأن كل شيء آخر ينبغي أن يتماشى مع ذلك. لقد كان هذا موضوعا ميتا عندما أشغلت المنصب".

كذلك قال المحاضر في جامعة بن غوريون في بئر السبع والباحث الكبير في معهد القدس للدراسات الإسرائيلية، الدكتور كوبي ميخائيل، إنه "كانت هناك محاولة (في إسرائيل) لكنس المبادرة تحت السجادة. فقد جاءت في أوج الانتفاضة الثانية، وفي أكثر مقاطعها عنفا. وعندما انتهت الانتفاضة، في العام 2004 تقريبا، كانت المبادرة قد اختفت عن الخطاب العام وتم التداول فيها في الهوامش اليسارية والأكاديمية. لم يتعامل شارون معها ولا الذي جاؤوا بعده. وقد عادت ثانية بعد حرب لبنان الثانية. وطرح الملك السعودي المبادرة مجددا في العام 2007 وأعادت القمة العربية إقرارها. لكن هذه المرة أيضا، كان الموقف الإسرائيلي تجاه المبادرة غير واضح. واختارت إسرائيل صياغات ضبابية، كانت مزيجا من التأييد والتحفظ... ولا أستبعد أن التصريحات العلنية (الإسرائيلية) حولها نابعة من اعتبارات ليست موضوعية... اعتبارات انتخابية مثلا".

وكان أولمرت قد تطرق إلى مبادرة السلام العربية، خلال مؤتمر أنابوليس العام الماضي. وقال أولمرت "إنني أقدر هذه المبادرة وأثمن إسهامها. ولا شك لدي أننا سنتعامل معها خلال المفاوضات بيننا وبين القيادة الفلسطينية. والعالم العربي هو عنصر ضروري في إنشاء واقع جديد في الشرق الأوسط". لكن أولمرت أضاف أن "السلام الذي تم توقيعه بين إسرائيل ولاحقا بين إسرائيل والأردن هو أساس للاستقرار والأمل في منطقتنا. وهذا السلام (الانفرادي) هو مثال ونموذج للعلاقات التي بإمكاننا بناؤها مع الدول العربية".

ولخص رئيس حزب العمل ووزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، ما يريده من المبادرة العربية، بعد نقاشات أجراها مع الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس، الذي أحيا الحديث حول المبادرة في إسرائيل مؤخرا. وقال باراك إنه "بعد محادثات أجريتها مع شمعون بيرس في الأشهر الأخيرة، تحدثنا كثيرا عن الحاجة إلى طرح اقتراح إسرائيلي لحل شامل يرى بالخطة السعودية أساسا. وهذه خطة لها رجل اقتصادية قوية، بإمكانها أن تعبر عن المصالح المشتركة للدول العربية الحرة وإسرائيل، وبإمكانها دفع القنوات القائمة لمواصلة المفاوضات مع الفلسطينيين والسوريين. والأمر الإشكالي في هذه المبادرة هو أنه فقط في نهاية الطريق سيمنحوننا الجائزة (الاقتصادية). وأنا أتحدث عن وضع ينبغي أن تسير في الأمور في آن واحد".