يدلين: احتمالات الحرب في العام المقبل ضئيلة لكن احتمالات تدهور الأوضاع أكبر

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، اللواء عاموس يدلين، إن تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية تتحدث عن وجود "احتمال ضئيل" للمبادرة إلى شن حرب شاملة ضد إسرائيل في العام 2009، لكن ثمة احتمال أكبر لحدوث تدهور ليس ناجما عن خطوات تتم المبادرة إليها وإنما على أثر سلسلة عمليات وردود فعل تؤدي إلى تصعيد "حتى لو لم يكن أي من الأطراف يريد حربا شاملة". ونقلت صحيفة هآرتس، اليوم الثلاثاء – 18.11.2008، عن يدلين قوله إن الدول العربية استخلصت عبرا مختلفة من حرب لبنان الثانية عن تلك التي تصفها وسائل الإعلام الإسرائيلية، "فقوة ردعنا موجودة في أفضل نقطة منذ العام 2000، وهم (أي العرب) يدركون جيدا مثلث القوة الإسرائيلية الأمنية الكبير، المؤلف من قوة الجيش الإسرائيلي والعلاقات مع الولايات المتحدة ومن النشر في الخارج عن قدراتنا الإستراتيجية". وأضاف أنه يعي أن كلمتي "احتمال ضئيل" لنشوب حرب "أدتا إلى تقصير فترات ولاية عدد من رؤساء شعبة الاستخبارات قبلي".

من جهة أخرى رأى يدلين أن إيران ستوقف برنامجها النووي بواسطة الحوار في العام المقبل وربط، خلال محاضرة حول الوضع الاستراتيجي لإسرائيل في جامعة تل أبيب، أمس الاثنين، بين انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة والأزمة الاقتصادية العالمية وبين تراجع إيران عن تطوير برنامجها النووي من خلال حوار مع إدارة أوباما. وقال يدلين إنه "بعد انهيار (البنك الأميركي) ليمان براذرز كان الإيرانيون راضين، لكنهم أدركوا بسرعة أن الأزمة الاقتصادية تقرع باب بيتهم وتسبب انخفاضا حادا في أسعار النفط. وستضطر إيران في العام المقبل إلى مواجهة تضخم مالي كبير وبطالة واسعة لكن هذه المرة من دون الصندوق المتخم بأرباح النفط".

وأضاف يدلين أنه بعد سنتين قاسيتين مرتا على الشرق الأوسط، يجد أن هناك عدة أمور إيجابية حدثت في العام الأخير، بينها مؤشرات أولية لنجاح أميركي في الدفع نحو استقرار الوضع في العراق وتراكم صعوبات أمام منظمات الجهاد العالمي، أي تنظيم القاعدة والتنظيمات الإسلامية المتطرفة، وتحفظ "المعسكر السني المعتدل" في العالم العربي من الجهود النووية الإيرانية. ووصف يدلين الفترة الحالية ب"فترة الانتظار" لبدء ولاية الإدارة الأميركية الجديدة ومعارك انتخابية ستجري في العام المقبل في كل من إسرائيل وإيران ولبنان، فيما ستنتهي ولاية الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في شهر كانون الثاني المقبل.

وأشار يدلين إلى أن انتهاء عهد الرئيس الأميركي الحالي، جورج بوش، "قوبل بارتياح في الشرق الأوسط وبأمل حذر بالتغيير" وأنه ليس صدفة أن سورية كانت بين أوائل المهنئين بانتخاب أوباما. وقال إن إيران تواصل سعيها بمثابرة للحصول على قنبلة نووية من خلال استغلال "الخمول الدولي" وإن الإيرانيين يتقدمون "بحذر بالغ، خطوة بعد خطوة، من أجل عدم إثارة غضب العالم قبل أن يستقروا على بعد يتمكنون فيه من الانقضاض على إنجاز القنبلة". رغم ذلك رأى يدلين أن التطورات الدولية الأخيرة تتضمن جانبا إيجابيا وهو أن أوباما سيعتبر بنظر العالم أنه وسيط عادل فيما الأزمة الاقتصادية ستلجم سلوك إيران. من هنا اعتبر يدلين أن "هذا وقت مناسب لممارسة ضغط على إيران، فهي حساسة للضغوط الدولية وستبذل كل جهد لكي لا يتم دفعها إلى موقع العراق وكوريا الشمالية". وأضاف "أنا لست قلقا من حوار أميركي مع إيران، فإذا نجح الحوار سيوقف البرنامج النووي وإذا فشل سيتزايد التفهم لضرورة تشديد العقوبات، والحوار لا يعني المصالحة".

وكرر يدلين تقديرات قالها خلال اجتماع سابق للحكومة الإسرائيلية حول المفاوضات مع سورية وقال "أقدر أن الرئيس (السوري بشار) الأسد جاهز لسلام مع إسرائيل، إذا أعطيناه مطلبه، وهو يريد انسحابا إسرائيليا إلى حدود الرابع من حزيران 1967 ورزمة مساعدات أميركية تكفل استقرار نظامه". وتوقع يدلين أن سورية ستحاول الحفاظ على علاقاتها مع إيران وذلك حتى لو حدث فتور في هذه العلاقات في حال وقعت سورية على اتفاق سلام مع إسرائيل.

من جهة أخرى يعرب موظفون كبار في الإدارة الأميركية عن تخوفهم من أن يؤدي فتح مكتب مصالح أميركية في طهران إلى تعزيز شعبية الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، في انتخابات الرئاسة الإيرانية التي ستجري في حزيران المقبل وإعادة انتخابه. ولا يزال النقاش حول فتح مكتب المصالح الأميركية مستمرا بين المسؤولين الأميركيين ولن يتخذ قرار في هذا الصدد قبل بدء إدارة الرئيس الأميركي المنتخب أوباما بمزاولة عملها.

وأفادت هآرتس، اليوم، أن نائب وزيرة الخارجية الأميركية، بيل بيرنس، أطلع دبلوماسيين إسرائيليين على هذا النقاش داخل الإدارة الأميركية خلال لقاء عقد الأسبوع الماضي. وشرح بيرنس الإستراتيجية الأميركية من وراء فتح مكتب مصالح في العاصمة الإيرانية، ووصف هذه الإستراتيجية ب"الجزرة المسممة". وأوضح أنه على الرغم من أن خطوة كهذه ستكون إيجابية تجاه النظام الإيراني، إلا أنه سيكون بإمكان الولايات المتحدة إجراء اتصال مباشر مع الشعب الإيراني وإجراء حوار مع المعسكر المعتدل والإصلاحي.

من جهة أخرى يخشى موظفون كبار في الإدارة الأميركية من أن يشكل فتح مكتب مصالح مؤشرا على ضعف من جانب الولايات المتحدة تجاه إيران، وأن تخدم خطوة كهذه أحمدي نجاد وتساعده على الفوز في الانتخابات، وأن يعلن أنه على الرغم من العقوبات على إيران فإنه لم يستسلم فيما الولايات المتحدة تراجعت.

وأشار بيرنس خلال لقائه الدبلوماسيين الإسرائيليين إلى "توقعات متشائمة" فيما يتعلق باحتمالات فرض عقوبات مكثفة على إيران. وأضاف أنه في أعقاب الأزمة في جورجيا والتوتر الذي أعقبها بين الولايات المتحدة وروسيا، فإنه سيكون من الصعب الاتفاق في مجلس الأمن الدولي على فرض عقوبات ذات قيمة على إيران. وشدد بيرنس على أنه إذا أرادت الإدارة الأميركية المقبلة تحقيق انجازات بخصوص إيران فإنه هذا يحتم تعاونا مع موسكو.

Terms used:

هآرتس, باراك