المستوطنون يرفضون الانصياع لقرار المحكمة الإسرائيلية بإخلاء بناية فلسطينية في الخليل

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

ذكرت الصحف الإسرائيلية اليوم، الاثنين – 17.11.2008، إن جهاز الأمن الإسرائيلي يستعد لإمكانية استخدام القوة من أجل إخلاء مستوطنين متطرفين من بناية تملكها عائلة فلسطينية في مدينة الخليل، بعد أن أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية، أمس، قرارا يقضي بإخلاء المستوطنين من البناية خلال ثلاثة أيام. من جهة ثانية قررت جميع التنظيمات اليمينية المتطرفة وأعضاء كنيست من أحزاب اليمين المتطرف وحاخامات المستوطنات رفض قرار المحكمة والعمل على منع تنفيذ إخلاء البناية. وقرر هؤلاء في اجتماع عقدوه، أمس، في مستوطنة كريات أربع، أن لا يخلي المستوطنون أنفسهم من البناية، بعد غد الأربعاء، وأن تكون معارضتهم الإخلاء "عنيدة لكن ليست عنيفة".

وتقع البناية التي احتلها المستوطنون على الطريق المؤدية من مستوطنة كريات أربع إلى الحرم الإبراهيمي في الخليل. ويدعي المستوطنون أنهم اشتروا البناية من مالكها الفلسطيني في العام 2004. لكن الفلسطيني الذي يملك البناية، وبقي ساكنا فيها حتى شهر آذار من العام 2007، قال إنه لم يتلق كل المبلغ ولذلك فإن صفقة البيع لاغية. وبعد أيام احتل المستوطنون البناية بالقوة ومنذئذ وحتى اليوم تجري إجراءات قضائية حول الموضوع. وأصدرت المحكمة العليا أمس قرارا يقضي بأن يخلي المستوطنون أنفسهم طواعية.

ودعا حاخامات المستوطنات الجنود وأفراد الشرطة، الذين سيشاركون في عملية إخلاء البناية، إلى رفض الأوامر الأمنية. ونشر أحد الحاخامات بيانا قال فيه إن كل جندي أو شرطي سيرفض تنفيذ أمر الإخلاء سيحصل على تعويض مالي أيضا. ويهدد المستوطنون بأن تتحول منطقة البناية، في حال تم تنفيذ القرار بإخلائها، إلى ساحة حرب.

واعتبر المحلل القانوني في صحيفة هآرتس، زئيف سيغال، قرار المحكمة العليا بإخلاء البناية بأنه يشكل "تحذيرا واسعا من أخذ القانون لليدين". وشدد سيغال على أن قرار المحكمة لم يحسم ملكية البناية، فالقرار بهذا الخصوص ستصدره المحكمة المركزية في القدس. ويعني قرار المحكمة العليا أنه حتى يتم اتخاذ قرار في المحكمة المركزية ستستولي السلطات الإسرائيلية على العقار، بموافقة مالكه الفلسطيني.

من جانبه لفت المحلل العسكري في هآرتس، عاموس هارئيل، إلى أن إخلاء البيت يمكن أن لا يكون فوريا، "ورغم أن المحكمة العليا أمهلت المستوطنين ثلاثة أيام لإخلاء البيت، لكن هذا ليس الموعد المحدد. ويقدر جهاز الأمن أن المستوطنين سيرفضون إخلاؤه وعندها ستنتقل المهمة إلى الجيش الإسرائيلي والشرطة. وبموجب تفسير الخبراء القانونيين العسكريين فإن أمام الجيش 30 يوما من الموعد الذي حددته المحكمة العليا لإنهاء الإخلاء".

من جهة أخرى ذكر هارئيل أن "توقيت صدور تعليمات المحكمة العليا، إضافة إلى موقع البيت، ينشآن مزيجا متفجرا بشكل خاص. إذ يتوقع تنفيذ الإخلاء في أوج فترة الانتخابات (العامة في إسرائيل)، وفيما لجميع الضالعين في القضية، اليمين المتطرف ومجلس المستوطنات والسياسيين من اليمين وحكومة حزب كديما ووزير الدفاع من حزب العمل، مصلحة في خوض صراع ترافقه تغطية إعلامية واسعة. ويصعب في ظروف كهذه التوصل إلى تسويات هادئة. وسيحاول كل سياسي إظهار إصرار من أجل أن يلمح إلى جمهور ناخبيه. واليمين سيرفض الإخلاء بينما أحزاب الوسط واليسار ستحث قوات الأمن على تنفيذ قرار المحكمة العليا بصرامة، وهذه وصفة أكيدة لاستخدام العنف. ويشير تحليل الدائرة اليهودية في الشاباك إلى أن المستوطنين المتطرفين يرون بما حدث في عمونا (وهي البؤرة الاستيطانية التي تم إخلاؤها في بداية العام 2006 ووقع خلال الإخلاء مواجهة عنيفة بين المستوطنين والجيش) خطا أحمر بحيث أن أية عملية إخلاء أخرى ينبغي أن تواجه بعنف بالغ من جانب المستوطنين... وفي حال لم ينجح أحد في حل هذه القضية فإنه قد تقع مواجهات دامية، لن تؤثر بشكل عميق على علاقات الدولة مع المستوطنين فحسب، وإنما على القضايا التي ستنشغل بها المعركة الانتخابية أيضا".