إسرائيل تنفذ عمليات في قطاع غزة استعدادا لاحتمال تجدد القتال

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

تظهر في الأيام الأخيرة مؤشرات إلى احتمال انهيار التهدئة بين إسرائيل وحماس، مع تصاعد القتال والتوتر بين الجانبين. وبحسب تحليلات إسرائيلية تم نشرها، اليوم الجمعة – 14.11.2008، فإن إسرائيل تتهم حماس بأنها خرقت تفاهمات، تم التوصل إليها من خلال اتفاق التهدئة بين الجانبين وبوساطة مصر، وذلك على الرغم من أن إسرائيل كانت المبادرة للتصعيد من خلال توغل قواتها في القطاع وتنفيذ عمليات عسكرية فيه أسفرت حتى أمس عن مقتل 11 فلسطينيا وإصابة سبعة جنود إسرائيليين.

وكتب المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، ألكس فيشمان، اليوم، أن القيادة السياسية والعسكرية "في إسرائيل صدّقت أن ثمة تفاهما بيننا وبين مصر، وأنه مقبول على حماس، بأن حماس لن تمارس أي نشاط عسكري في شريط بعمق يبعد بضع مئات من الأمتار داخل القطاع عن الشريط الحدودي. وفي الأسابيع الأخيرة قررت حماس كسر هذا التفاهم بواسطة (زرع) عبوات ناسفة وبناء مواقع ونصب كمائن وإطلاق صواريخ وقذائف هاون ضد قوة (إسرائيلية) عملت بمحاذاة الشريط الحدودي" وفي الجانب الإسرائيلي منه. وأشار فيشمان أيضا إلى عملية التوغل الإسرائيلية الأولى، في بداية الأسبوع الماضي، والتي ادعت إسرائيل أن غايتها تفجير نفق اعتزم مسلحون من حماس تنفيذ عملية، خطف جندي إسرائيلي أو تسلل خلية إلى إسرائيل، من خلاله.

واعتبر فيشمان، المقرب من القيادة العسكرية الإسرائيلية، أن "حماس قررت فحص سقف الرد من جانب الجيش الإسرائيلي مع اقتراب 19 كانون الأول" وهو الموعد الذي يكون فيه قد مرت ستة شهور على بدء سريان التهدئة، والذي يعتبر مرحلتها الأولى وينبغي بعدها، بحسب حماس، أن تسري التهدئة على الضفة الغربية أيضا. وتابع فيشمان أن هدف حماس من فحص شكل الرد الإسرائيلي هو أن "تعتاد إسرائيل على مستوى من العمليات اليومية – قسام هنا وهاون هناك – من دون أن ترد. وبالأمس قررت إسرائيل أن ترد. وتم قتل أربعة فلسطينيين مسلحين اقتربوا من الشريط الحدودي. ودخلت قيادة الجبهة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب. وحماس، التي اختزنت الكثير من الثقة بالنفس في النصف سنة الأخيرة، عادت إلى التهديد بعمليات خطيرة، بما في ذلك عن طريق مصر". ورأى فيشمان أن "إسرائيل لا تعتزم توسيع التهدئة لتشمل الضفة. وحماس لا تعتزم التنازل عن الزحف نحو الشريط الحدودي. وهذه هي المعادلة التي تُقرّب الجولة المقبلة" من القتال.

من جهة أخرى رأى المحلل العسكري، عاموس هارئيل، ومحلل الشؤون الفلسطينية، أفي سخاروف، في صحيفة هآرتس، اليوم، أن "استمرار القتال عند الحدود مع القطاع مفاجئ، ليس لأنه يتناقض مع توقعات الاستخبارات الإسرائيلية فحسب، وإنما لأن الأمر يبدو أنه يتناقض مع المصلحة المباشرة للجانبين في الفترة القريبة". واعتبر المحللان أن التصعيد الحاصل بين إسرائيل وحماس سببه "تخوف إسرائيل من أن تستصعب حماس، رغم تأييدها للتهدئة، من ضبط نفسها في حال سنحت لها فرصة بتحقيق نجاح 'استراتيجي' مثل خطف جندي. ومن هنا جاء القرار (الإسرائيلي) بتنفيذ عملية للكشف عن نفق قبالة معبر كيسوفيم... وبموجب ذلك عاد الجيش الإسرائيلي في الأسابيع الأخيرة إلى العمل في شريط داخل القطاع بهدف تفكيك حلبة عبوات ناسفة في إطار الاستعدادات لتجديد المواجهة".

وفي غضون ذلك مررت إسرائيل رسالة إلى حماس قالت فيها إنها لا تريد استمرار التصعيد الحاصل في قطاع غزة بين الجانبين في الفترة الأخيرة. وأفادت هآرتس، اليوم، بأن إسرائيل مررت الرسالة إلى حماس، أمس، بواسطة مسؤولين مصريين لكنها هددت بالرسالة بأنها سترد على كل محاولة من جانب حماس لتنفيذ عملية ضد أهداف إسرائيلية.

وفي هذه الأثناء استمر القتال بين إسرائيل وحماس، الذي بدأ قبل عشرة أيام بعملية عسكرية توغلت خلالها قوات إسرائيلية في قطاع غزة بادعاء وجود نفق ويعتزم مسلحون من حماس تنفيذ هجوم من خلاله أو خطف جندي إسرائيلي. كما تكرر توغل القوات الإسرائيلية في القطاع، أمس، بادعاء أن مسلحين فلسطينيين زرعوا عبوات ناسفة بمحاذاة الشريط الحدودي بين القطاع وإسرائيل. ومن الجانب الفلسطيني استمر مسلحون في إطلاق صواريخ قسام وقذائف هاون باتجاه جنوب إسرائيل. وبحسب مصادر أمنية إسرائيلية فإن مسلحين من حماس شاركوا في هذه العمليات، في الأيام الثلاثة الأخيرة، لكن من دون توجيه هذه الصواريخ نحو التجمعات السكنية الإسرائيلية وإنما نحو مناطق مفتوحة ما يفسر عدم وقوع إصابات أو التسبب بأضرار جراء إطلاق الصواريخ. ويتصاعد التوتر خصوصا في أعقاب قرار إسرائيل إغلاق المعابر ومنع إدخال بضائع ووقود إلى القطاع وانقطاع التيار الكهربائي وغرق القطاع في ظلام خلال ساعات الليل.

ونقلت هآرتس اليوم عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع قوله إن مسؤولين كبار في مكتبي رئيس الحكومة، ايهود أولمرت، ووزير الدفاع، ايهود باراك، أجروا محادثات مع مدير المخابرات المصرية، عمر سليمان، وأبلغوه بأن "إسرائيل لن تكون الأولى التي ستخرق التهدئة، لكن كلما نفذت حماس والفصائل الأخرى عمليات من شأنها خرق التهدئة فإننا لن نتردد في العمل". وأضاف المصدر أن الوضع في القطاع قابل للاشتعال بشكل كبير بسبب وصول تحذيرات إلى إسرائيل تفيد بأن حماس تعمل على الإعداد لعمليات ضد أهداف إسرائيلية. وادعى المصدر الإسرائيلي "أنهم (في حماس) يبحثون عن كل طريقة لتنفيذ عمليات وإذا استمرت هذه المحاولات فإننا لن نتمكن من المرور عنها دون رد". وبحسب المعلومات التي بحوزة إسرائيل فإن حماس تسعى لتنفيذ عملية كبيرة باستخدام نفق أو تسلل خلية كبيرة إلى إسرائيل بما في ذلك بهدف خطف جنود إسرائيليين.

ورفع الجيش الإسرائيلي حالة التأهب في صفوف قواته في جنوب إسرائيل، وألغى كافة الإجازات لجنوده. كما أرجأ استبدال قائد فرقة غزة العسكرية، العميد موشيه تمير، بالعميد أيال آيزنبرغ، الذي كان يفترض أن يجري أمس. وقال الناطق العسكري أن القرار بهذا الخصوص "اتخذ على ضوء حالة التوتر حول القطاع في الأيام الأخيرة".