المحللون الإسرائيليون يشككون في قدرة ليفني على الفوز في انتخابات

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

أسباب عديدة أدت إلى فشل رئيسة حزب كديما ووزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، في تشكيل حكومة. لكن أبرزها هو افتقارها للخبرة والتجربة في إجراء مفاوضات مع الأحزاب الإسرائيلية، وخصوصا أحزاب الحريديم (أي اليهود المتدينين المتشددين)، وعلى رأسهم حزب شاس، هذه المرة. وشكك المحللون الإسرائيليون في مقالاتهم التي نشروها، اليوم الأحد -26.10.2008، في قدرة ليفني على الفوز في الانتخابات العامة المقبلة، بعد ثلاثة شهور، ورجحوا أن يشكل رئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، الحكومة الإسرائيلية المقبلة.

ورأى كبير المحللين في صحيفة يديعوت أحرونوت، ناحوم برنياع، أن "المعنى الفوري لقرار ليفني (وقف المفاوضات الائتلافية والتوجه لانتخابات) هو أن ايهود أولمرت عاد لمزاولة مهامه كرئيس حكومة بشكل كامل. وسوف يستأنف المحادثات مع (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن، وإذا تمكن، مع السوريين أيضا. وسيبحث إمكانية عقد مؤتمر سلام إقليمي. ومن الجائز أن يسافر إلى واشنطن في كانون الأول، للقاء الرئيس الأميركي المنتخب. لديه أجندة سياسية تتلخص بأنه يجب التوصل إلى اتفاقيات سلام فورا، وبثمن فقدان مناطق في الضفة الغربية والجولان. وقد عبر عن ذلك في مقابلة رأس السنة اليهودية مع يديعوت أحرونوت. وما بدا في حينه على أنها مقابلة وداعية تحولت الآن، وحتى لو كان ذلك لثلاثة أو أربعة شهور، إلى عملية سياسية بعيدة المدى... ومن المشكوك فيه ما إذا كانت حكومة أولمرت لتصريف الأعمال ستترجم سياسته لأفعال حقيقية. إذ أنها ستعتمد على أقلية بين أعضاء الكنيست. وثمة شك فيما إذا ستتمكن من تمرير الموازنة".

وفيما يتعلق بالانتخابات العامة المقبلة، توقع برنياع أن "تولد حكومة وحدة اقتصادية، تستند على الأحزاب الثلاثة الكبرى. وسيرأس حكومة كهذه ليفني أو نتنياهو، والعمل سيبقى في الخلف. وستواجه حكومة كهذه صعوبات في العمل في الحلبة السياسية، لكنها ستصد بسهولة مطالب الحريديم بالحصول على المزيد من الميزانيات. وكان هذا التسويغ الأساسي الذي طرحه مؤيدو تشكيل الحكومة في شاس، الوزير أريئيل أتياس وآخرون، مقابل رفض (رئيس شاس) ايلي يشاي. وقال مؤيدو الانضمام للحكومة إنه 'قد نخسر كل المال. لن نحصل على مخصصات الأولاد. معاهد دينية ستغلق. وسينهار عالم التوراة'. وكان هذا تسويغ مؤيدي الانضمام إلى الحكومة في حزب ديغل هتوراة أيضا. وقد وعدهم نتنياهو بإعطائهم كل هذه الميزانيات. لكنهم يعرفون أنه سيخونهم: فقد خانهم (رئيس الحكومة الأسبق يتسحاق) شامير و(رئيس الحكومة السابق أرييل) شارون، ونتنياهو خانهم أيضا عندما تمكن من ذلك. ربما هم مُبتزون لكن لا أحد اتهمهم بأن لديهم ذاكرة قصيرة. لكنهم كانوا مستعدين للمخاطرة".

واعتبر برنياع أن رئيس حزب العمل، ايهود باراك، ورئيس شاس، ايلي يشاي، أفشلا ليفني، لأنها "لم تتمرغ بعد في المستنقع السياسي والوزاري. ولم تجمع خبرة كافية. إنها امرأة. وكان دور هنا للشوفينية الرجولية وربما كان دور للفكرة الدينية المسبقة أيضا، لكن ليس مؤكدا أنه كان لها دورا حاسما".

من جانبه، كتب المحلل السياسي في صحيفة هآرتس، ألوف بن، أنه خلال الحملة الانتخابية سيتعين على ليفني أن "تخوض المعركة السياسية على حياتها ضد ايهود باراك. كلاهما يتنافسان على أصوات الناخبين ذاتهم وعلى جيوب المتبرعين ذاتهم. وإذا خاضا الانتخابات منفصلين فإن العمل وكديما سيدمران بعضهما وسيفوز الليكود من دون أن يبذل جهدا. لكن خوض أحزاب الوسط-يسار الانتخابات معا ليس مطروحا الآن، رغم عدم وجود فوارق أيديولوجية بينهم. والاتفاق الائتلافي الذي وقعا عليه باراك وليفني يؤكد عمق الفجوة وانعدام الثقة بين وزيرة الخارجية ووزير الدفاع".

وأشار محلل الشؤون الحزبية في هآرتس، يوسي فيرطر، إلى أن ليفني وباراك لم يستغلا الفرصة، يوم الجمعة الماضي، بعدما أعلن شاس أنه لن ينضم للحكومة، ورأى أنه كان عليهما أن يهاجمان يشاي خلال نشرات الأخبار المركزية في مساء ذلك اليوم. ورأى فيرطر أن "نتنياهو يعرف اللعبة السياسية. وثمة شك فيما إذا كنا سنطلع مرة على النشاط الكامل الذي قام به نتنياهو في الأسابيع الماضية واتصالاته مع جميع الشركاء الائتلافيين لليفني، نعم جميعهم وبمن فيهم العمل، وبالتأكيد شاس ويهدوت هتوراة والمتقاعدين. وحسبما تبدو الأمور الآن، فإن نتنياهو هو الفائز، والرجل المفضل للفوز في الانتخابات". وخلص فيرطر إلى القول إنه "عندما يتم افتتاح الدورة الشتوية للكنيست، غدا، ستجلس ليفني في مقعدها وإلى يمين أولمرت. وستوجه كل الكاميرات نحوها. وسيظهر أولمرت نوعا من الأدب تجاهها بالتأكيد، لكنه سيصرخ في قلبه: هو رئيس الحكومة حتى آذار العام 2009 على الأقل، وليس مؤكدا أن ليفني هي التي ستجري معه محادثة تسلم منصب رئيس الحكومة".

من جهة أخرى أشار المحلل السياسي في صحيفة معاريف، بن كسبيت، إلى أداء نتنياهو طوال الخمسة أسابيع الماضية، التي حاولت ليفني خلالها تشكيل حكومة، ونشاطه، خصوصا، في الأيام الماضية. وكتب كسبيت أن "نتنياهو كان يتحدث ثلاث مرات في اليوم مع رئيس كتلة يهدوت هتوراة، يعقوب ليتسمان. وتوصل إلى اتفاق واضح ودقيق ومفصل مع ايلي يشاي. وهو يقيم علاقات وثيقة مع كثيرين وجيدين ومن جميع الأجناس (في إشارة إلى المتقاعدين أيضا). لقد استخلص نتنياهو النشط والناجع عبر الماضي وعمل بهدوء. وبالنسبة له هذا حقه. إذ لا يوجد سبب يجعله يجلس على الجدار ويرى ليفني تشكل حكومة، أو أن يرى ايهود أولمرت يبيع كل شيء بأرخص الأثمان لأبو مازن والأسد (الرئيس السوري بشار الأسد). ويعتبر نتنياهو أنه ينبغي محاربة كل هذا ومنع حدوثه. وهذا ما فعله وبنجاح".

وتطرق كسبيت إلى اشتراط يشاي على ليفني عدم التفاوض على مستقبل القدس الشرقية. وأشار إلى أن "قانون أساس: القدس عاصمة إسرائيل" الذي يرسم الحدود البلدية للقدس، يمنع تغيير هذه الحدود إلا في حال سن قانون أساس جديد يحظى بتأييد أغلبية 61 عضو كنيست. كذلك فإن الاتفاق الائتلافي نصّ على أنه من أجل تغيير قانون أساس ينبغي الحصول على موافقة جميع الكتل في الائتلاف. وأضاف كسبيت أنه "بناء على ذلك، فإن يشاي لا ينقذ القدس عندما ينسحب من الائتلاف وإنما يضعفها. وبدونه، نظريا على الأقل، من الأسهل تقسيم القدس". واعتبر كسبيت أن فشل ليفني في تشكيل حكومة نابع من خلافات بين القيادة الإسرائيلية، وحتى نتيجة الخلافات داخل كديما. وكتب أنه "إذا كان موفاز يعتبر أن ليفني سرقت منه رئاسة كديما فلماذا لا يسرق منها رئاسة الحكومة" في إشارة على دور موفاز في منع تشكيل حكومة.